علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

تخيل معي عزيزي القارئ أن العمر السحري لتعلم مهارات التعامل مع الناس هو ثلاثة أعوام، وللأسف طالما أن الأب والأم في تلك الفترة في الغالب يكونا منشغلين بمشكلاتهما، فتجدهم ينتجون لنا أبناء يستحقون أخذ دروة تدريبية في علاج الخوف من الناس.

وتلك الإشارة النبوية المُباركة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال “الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ” تعطيك فرصة لأن تتعلم كيف تتعامل مع الخوف من الناس، طالما أنك في كل الأحوال ستتأذى.

علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

قبل الحديث عن علاج الخوف من الناس

ما هو الخوف من الناس أولًا

الخوف من الناس هو ذلك الشعور العارم بالوحشة من الناس والذي يأتيك في كل مرة تحاول أن تخرج من منزلك لكي تتعامل مع الناس أو لكي تشتري سلعة معينة من السوبر ماركت الذي بجانب منزلك، والبعض يسميه الرهاب الاجتماعي، والبعض يسميه قلق مواجهة الغرباء.

ومن يعاني من الخوف من الناس يُفضل العزلة على كل شيء، والسبب في هذا واضح جدًا فهو للأسف مهزوم في أغلب علاقاته الاجتماعية، ويرى أنه ضعيف الثقة بالنفس ويرى أنه من المُفضل أن يستمر في رحلة العزلة والبعد عن الناس.

علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

ولعل المشكلة الأكبر التي تقابل من يعاني من الخوف من الناس أنه حين يحاول التغيير من نفسه فيجد أن الناس تغيرت جدًا من حوله وطباعهم ساءت للغاية وهو محق في هذا، فهو من فرط إغلاقه لغرفته على نفسه نسي كيف يتعامل مع الناس، وللأمانة الناس فعلًا تغيرت وأصبحت أكثر حدة.

ولن نتحدث عن علاج الخوف من الناس لدى الأطفال بل سنركز على تلك الفئة من الناس التي مازالت تغلق على نفسها الباب، ولكن الميزة الوحيدة أنهم في الغالب لديهم هاتف جوال متصل بالإنترنت فهو الوحيد الذي يُسلي وحدتهم وسوف يقرأون تلك المقالة وسوف يتغيرون للأفضل بإذن الله.

علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

أسباب الخوف من الناس

في الغالب يتم زرع بذرة الخوف من الناس لدينا في الطفولة تلك المرحلة الحساسة للغاية والتي إما أن نخرج منها عباقرة أو متخلفين عقليًا واجتماعيًا، تلك المرحلة التي في الغالب يكون معدل الأنانية لدى كل من الأب والأم في أعلى درجاته، لذلك تجدهم مستهترون فيما يخص أبنائهم.

ولان التربية ليست مجرد مشاعر بل هي علم ودراسة لذلك تجد الآباء في الغالب يصبون غبائهم على أبنائهم ويتسببون في مشكلات كثيرة أقلها خطرًا ضعف الثقة بالنفس والرهاب الاجتماعي، والخوف من الناس، وإليكم ثلاثة اخطاء تربوية تؤدي لزرع الخوف من الناس في أبناءنا.

أول تلك الصور التربوية التي تؤدي لزرع الخوف من الناس تلك التربية القاسية القائمة على التخويف والمنع والقهر والحرمان والعقاب، وبالطبع ذلك الطفل على أقل تقدير سيصبح ليس خائفًا من الناس بل خائفًا من كل شيء حتى الأمور المعنوية، فتجده خائف أن يُجرب الجديد وخائف أن يخوض علاقة زوجية.

علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

والصورة الثانية هي التربية الرخوة القائمة على الحماية الزائدة والتي تصنع من الطفل شخصًا ضعيفًا غير قادر على مواجهة أي شيء حتى لو كان التعامل مع الناس حتى لو كانوا أقرباءه، وبالطبع هو لم يُحَصِّل أي خبرة فأبيه وأمه خائفين عليه لدرجة قاتلة، كالدب الذي قتل صاحبه بحبه له.

والصورة الثالثة ألا تعود ابنك على تحمل المسؤولية وهذا يأخذ صور عدة إما أنك للأسف كأب لا تُشركه في تحمل تلك المسؤولية وحل المعضلات معك مهما كانت خبراته أو أنك كأب مع أمه تظهران خلافاتكم دومًا أمامه فينشأ مزعزع الرأي لا يقدر على حسم الخلافات فيقرر ألا يدخل فيها.

لماذا علينا علاج الخوف من الناس

لأنه في الغالب يُترجم من قبل الناس على أنه ضعف

للأسف الناس لا تترجم خوفك من المعاملة معهم إلا ترجمة واحدة وهي أنك خائف منهم، وبالطبع سيستغلون تلك الفرصة كي يستعرضوا قدراتهم الاجتماعية واللغوية عليك مع أنهم قد يكونوا أقل منك علمًا، ولكنك مع علمك الوفير إلا أنك غير قادر على أبسط أبجديات الحياة وهي المعاملة مع الناس.

يجعلك غريب وسط الناس وتشعر بوحشة

وذلك الشعور مُدمر جدًا، تلك اللحظة التي تشعر فيها بقبضة في صدرك حينما تخرج للشارع لكي تشتري شيئًا أو لكي تركب سيارة الأجرة فتجد الناس من حولك يتعاملون معك وكأنك غريب عنهم وبالطبع هذا يزيدك بعد وعزلة عنهم.

يُدمر موهبتك

لو كانت لديك موهبة في الخطابة أو في الإلقاء ستذهب موهبتك أدراج الرياح لأنك لن تستطيع أن تقدم تلك الموهبة أمام ناس تهابهم فهم سيحاولون إيقاعك في فخاخهم وسيسألونك أسئلة يصعب عليك إجابتها، ليس لأنك لا تمتلك ردود عليها ولكن لأنك لا تعرف كيف تتعامل مع الناس أصلًا.

علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

لأن خوفك من الناس يُقلل فرصك في كل شيء

خوفك من الناس سيحرمك من فرص كثيرة جدًا، مثلًا لو ذهبت لمقابلة شخصية في إحدى الشركات الكبيرة ستجد الشخص المسئول عن الموارد البشرية يصب عليك المواقف المربكة كي يكتشف مدى مرونتك في المعاملة مع الناس وبالطبع لن تَعبُر تلك المواقف وأنت خائف من الناس.

سُبُل علاج الخوف من الناس

لعل الفكرة الاساسية المبني عليها علاج الخوف من الناس هي فن الردود، فالذي تخشاه حينما تتعامل مع الناس هو أن تنهزم منهم خلال حوارك معهم، وبالطبع منهم من يريد أن يوقعك بقصد ونية، لذلك ستجد طريقتنا أغلبها مبني على مهارات الحديث مع الناس.

اعترف بأنك في مشكلة تستدعي العلاج

لكي تبدأ في علاج الخوف من الناس تحتاج لأن تعترف أولًا أنك تعاني منه ولا بد وأن تُقَدِّر حجم المتاعب التي يسببها لك الخوف من الناس، لأنه ببساطة مهارة حياتية أساسية لا غنى عنها، لذلك لو ترى أنك لا تعاني من الخوف من الناس من الأساس فلن ينفعك أي علاج.

وإذا اردت أن تقوي لديك الرغبة في أن تعترف بتلك المشكلة لديك، عليك أن تُعَدِد أضرارها عليك، فمثلًا أحضر ورقة وقم وأسرد تلك الفرص التي ضاعت منك بسبب الخوف من الناس، وتلك المواقف التي هُزمت فيها من أقرب الناس فقط لأنك لم تتعلم كيف تتعامل معهم.

خالط الناس بالتدريج

المعاملة مع الناس في الأساس تحتاج لأن تصبر على أذاهم، فما بالك وأنت تعاني من الخوف من الناس أصلًا لذلك عليك أن تتدرج في معاملتك معهم، مثلًا ابدا بمخالطة أقاربك ثم أصدقائك المقربين، ثم الغير مقربين منهم، ثم احضر بعض المحاضرات العامة والمجانية والتزم الصمت فيها إلى أن تتعلم.

وفكرة التدريج لن تنهكك كثيرًا وقد تستعين بجدول كي يعينك على التدرج، والمهم في التدريج ألا تستعجل والا تحاول أن تُغامر وتتعامل مع مجموعة من الناس أنت تعلم أنك لن تستطيع المعاملة معهم.

تحمل الفترة الأولى في التعامل مع الناس

عندما تبدأ في علاج الخوف من الناس لديك في الغالب ستقابل بعض الأذى من الناس، لذلك عليك أن تُكمل المشوار أيًا كان السبب فهي بضاعتهم التي لا يمتلكون إلا إياها، وفي يوم ستنتصر وستنجح في التعامل مع جميع صنوف البشر من حولك، ومع الوقت ستنشأ لديك مناعة تجاه الأذى.

تفوق تفوق تفوق في مجال تخصصك

ليس غريبًا أن يكون من ضمن سُبُل التخلص من أو علاج الخوف من الناس أن تتفوق في تخصصك، والحقيقة أن من يتعامل معك ويترجم خوفك من التعامل مع الناس على أنه ضعف ففي الغالب هو يرى أنك حتى في تخصصك لست جيد.

علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

ولكنك حينما تتفوق في عملك وتحقق أهدافك ستتفاجأ أن ذلك سيلقي بظلاله عليك وسيعينك على علاج الخوف من الناس لديك، لذلك عليك السير بالتوازي بين هدفين الأول علاج الخوف من الناس بالتدريج والثاني التفوق في تخصصك أو جامعتك أو عملك قدر المُستطاع.

جهز ردود لو لزم الأمر

عندما تُقابل شخص بعينه يهزمك في الحوار بكل بساطة مع أنه يحدثك كل مرة تقريبًا في نفس الموضوعات التافهة، فعليك أن تجهز له ردًا وهذا أمر بسيط جدًا، فقط جهز ورقة وقلم وأكتب فيها سؤاله أو كلامه الذي تعجز عن الرد عليه وجرب في مخيلتك حتى تصل للرد الأفضل.

علاج الخوف من الناس مهما كانت أسبابه

تعلم الردود ذات النهاية المُغلقة

في كثير من الأحيان تحتاج لردود جاهزة من النوع المُغلق النهاية، تلك الردود توفر عليك الكثير، وستعينك على علاج الخوف من الناس لأنك ببساطة ستُسكِت من حولك بها، ومن أفضل تلك الردود “ربنا يُصلح الحال” فقط حينما يحدثك شخص عن جولاته في البورصة عليك أن تقول له “ربنا يُصلح الحال”.

تعلم التعامل مع المتنمرين من حولك

في بعض الأحيان نصادف المتنمرين والذين ليس لهم دور في الحياة إلا أن يوقعونا في فخاخهم، لذلك تعلم كيف تتعامل معهم، مثلًا حاول ألا تفتح حوارًا معهم وإذا أردت أن ترد عليهم فليكن ردك مختصرًا وسريعًا، ودومًا لو سألوك عن رأيك فالقي الكرة في ملعبهم الفارغ وأسألهم ببساطة عن رأيهم.

مارس الرياضة

الرياضة ستزيد من ثقتك بنفسك وتعينك على مقابلة الناس والتعامل معهم، وليس معنى ممارسة الرياضة أن تنفق الأموال الطائلة في صالات الجيم التي لن تفيد أحدًا مثلك ولكن فلتبدأ بالمشي لساعة يوميًا ثم الجري أو ركوب الدراجة لساعة أيضًا وهذا يكفي جدًا لكي تصل إلى الجسد الرشيق والمثالي.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله