التشهد الأول والأخير صفته وما يقال فيه

أرحنا بها يا بلال … جملة قالها الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه، يستعجل بها خلوته مع رب العزة والجلال، لبلوغ ذاك الصفاء الروحي، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى هذه الحال، ولن نستطيع بلوغها إلا بالصلاة.

فكيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولماذا نجد اليوم اختلافًا في أداء الصلاة بين المصلين، وخصوصًا بالتشهد، فنجد من المصلين من يرفع السبابة ويحركها، ومنهم من يكتفي برفعها، وآخر يرفعها ولا يخفضها إلى أن يقوم، فأي هذه الطرق هي الأصوب؟

لذا لا بد من توضيح التشهد الأول والأخير، والفرق بينهما، وما يقال في كل منهما، والإجابة على أسئلة قد تكون محيرة للبعض …

طريقة التشهد الأول

بعد القيام من السجود في الركعة الثانية، من الصلاة الثلاثية والرباعية، يقعد المصلي لأداء ركن التشهد.

أولًا: كيفية القعود

يسن للمصلي أن (يجلس مفترشًا) بين السجدتين وفي سائر جلسات الصلاة إلا في جلسة التشهد الأخير فيجلس متوركًا.

والافتراش: هو أن يجلس المصلي على رجله اليسرى، وينصب اليمنى.

ثانيًا: صيغة الدعاء

لابد للمصلي بعد القعود من أن يدعو بدعاء التشهد، وقد وردت صيغ عدة لهذا الدعاء، ولكن أفضل الصيغ هي صيغة حديث ابن مسعود: (التحيات لله، والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله).

دليل فرضيته

حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: “كنا إذا صلينا خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان، فالتفت إلينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: (إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، – فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض – أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله). (1)

ثالثًا: شروط التشهد

  • أن يسمع المصلي نفسه دون أن يشوش على غيره.
  • الموالاة، فإن تخلله غيره لم يعتد به.
  • قراءته قاعدًا إلا لعذر.
  • أن يكون باللغة العربية عند القدرة عليها.
  • نطق الحروف والكلمات بالشكل السليم.

رابعًا: رفع السبابة أثناء التشهد

 أجمع الفقهاء على وجوب رفع السبابة أثناء التشهد، ولكن اختلفوا في زمن الرفع، وتحريك السبابة مع الرفع.

أما القول الأقرب للصواب فهو:

أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قعد للتشهد أشار بسبابته، ورمى ببصره نحوها، وبدأ بالدعاء -أي دعاء التشهد- دون تكرير تحريك الإصبع، وهذا مفاد قول البيهقي.

خامسًا: هيئة اليدين في جلسة التشهد

اليد اليسرى

إما أن يضع المصلي يده اليسرى على طرف فخذه الأيسر مما يلي الركبة، وتكون الأصابع ممدودة باتجاه القبلة. أو يقبض بيده اليسرى على ركبته اليسرى.

اليد اليمنى

أن يضع المصلي يده اليمنى على طرف فخذه الأيمن مما يلي ركبته، ويرفع السبابة عند التشهد. ولرفع السبابة عدة هيئات:

الهيئة الأولى:

يقبض الخنصر والبنصر، ويقرن طرف الإبهام بطرف الوسطى، فيجعلهما كالحلقة، ويرفع السبابة. [حديثُ قبضِ الخنصرِ والبنصرِ وتحليقِ الإبهامِ مع الوسطى والإشارةِ بالسبابةِ حالَ التشهدِ]. (2)

الهيئة الثانية:

يقبض الخنصر والبنصر والوسطى، ويضع الإبهام فوق الوسطى، ويرفع السبابة.

وظاهر السنة أنه على المصلي أن يُبقي يده اليمنى على هذه الصفة إذا جلس في التشهد الأول حتى ينهض إلى الركعة الثالثة، وإذا جلس في التشهد الأخير حتى يُسلّم.

ولكن ينبغي الإشارة إلى أن هذه الكيفية في وضع اليد أثناء التشهد مستحبة وليست واجبة، فمن تركها فصلاته صحيحة.

ففي مذهب أبي حنيفة: رفع السبابة يكون عند قول (لا إله) للدلالة على النفي، وخفضها عند قول (إلا الله) للدلالة على الإثبات.

والحنابلة قالوا: برفع السبابة عند ذكر لفظ (الله) في دعاء التشهد، وخفضها فيما سوى ذلك.

والمالكية قالوا برفع السبابة مع التحريك يمنة ويسرى.

طريقة التشهد الأخير

أولًا: كيفية القعود

على المصلي في التشهد الأخير أن يجلس متوركًا. والتورك هو أن يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويخرجها من تحته عن يمينه، ويجعل الإلية على الأرض.

بدليل حديث أبي حميد الساعدي قال:

“كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم … إلى أن قال: “فإذا كان في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة، قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته” رواه البخاري. (3)

ولكن أود التنبيه إلى أن تخصيص هذه الجلسات هو سنة، وبالتالي يجزئ الجلوس للتشهد بأي كيفية كانت. (فتوى عن موقع إسلام ويب).

ثانيًا: صيغة الدعاء

بعد قعود المصلي متوركًا، يبدأ بدعاء التشهد -المذكور سابقًا- يضاف إليه الصلاة على رسول الله (الصلوات الإبراهيمية)، وقد وردت عدة صيغ للصلاة على النبي منها:

(اللهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد).

ثالثًا: الدعاء قبل التسليم

بعد فراغ المصلي من التشهد الأخير والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يفضل الدعاء بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال) رواه مسلم. (4)

ويستحب الدعاء قبل السلام بأي شيء من خيري الدنيا والآخرة.

أحكام تتعلق بالتشهد

من نسي التشهد الأول وقام للركعة الثالثة

هناك عدة حالات:

إذا تذكر حين القيام: يرجع ويجلس ويأتي بالتشهد ويتم صلاته ويسجد للسهو.

إذا تذكر بعد أن أصبح قائمًا: يكمل الصلاة، ثم يسجد السهو سجدتين قبل أن يسلم.

إذا تذكر وهو قائم وعاد وجلس جهلًا منه، فصلاته صحيحة، ويسجد للسهو.

إذا كان مترددًا ولم يكن متأكدًا من أنه نسي التشهد، فلا يسجد سجود السهو.

اللحن في لفظ الشهادتين

إذا لم يُخِل اللحن بالمعنى فلا بأس، ولكن إن أخلّ بالمعنى فيجب إعادة نطق الشهادتين بلفظ صحيح إلا في حال واحدة، وهي عدم قدرة الشخص على النطق بالصورة الصحيحة لعلة ما، كأن يكون أعجميًا، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

حكم من ترك الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير

اختلف الفقهاء في حكمها:

فالحنفية والمالكية قالوا لا تبطل الصلاة بتركها لأنها سنة.

أما الشافعية والحنابلة فقالوا أن قول (اللهم صلّ على محمد) واجب، وتبطل الصلاة بتركه، وما بعده سنة. وينبغي الإشارة إلى أنه إن قالها الإمام أجزأ عن المأموم.

فيديو يوضح لنا صفة التشهد الأول والأخير لتصل لك المعلومة أخي المسلم بشكل سهل وبسيط للشيخ المغامسي:

حكم من قال الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول

لا تبطل الصلاة بذكرها، لأنها من أذكار الصلاة، وانقسم الفقهاء في هذه الحالة لقسمين: منهم من قال: لا يشرع سجود السهو. ومنهم من قال: يشرع سجود السهو، ولكنه مستحب وليس واجب.

حكم إضافة ألفاظ لأدعية التشهد الأول والأخير

مثل قول: (في العالمين إنك حميد مجيد) في الجزء الأول من الصلاة على النبي، أو قول (يا) قبل (أيها) في صيغة التشهد، أو قول (وأن محمدًا رسول الله) في التشهد أيضًا بدلًا من وأن (محمدًا عبده ورسوله).

هذه الإضافات لا بأس بها لأن هناك صيغ للتشهد والصلاة الإبراهيمية بهذا الشكل.

أما إضافة لفظة (الكريم) بعد (السلام عليك أيها النبي)، أو إضافة لفظة (سيدنا) بعد قول (اللهم صلّ على … فهذه من الإضافات التي لم ترد في السنة، والأفضل والأولى هو الإتيان بأذكار الصلاة كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

هذه أهم الأحكام التي تتعلق بالتشهد الأول والأخير، وبعض الإجابات على تساؤلات قد تخطر لك، فاسأل أخي المسلم، وإياك أن تتوقف عن البحث والسؤال، وتذكر قول رب العزة والجلال في محكم التنزيل: [هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ].

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله