الفرق بين المسلم والمؤمن بحسب المفاهيم الإسلامية

يتبادر لنا عند تلاوة آيات القرآن الكريم أو قراءة الأحاديث الشريفة أو كتب الدين العديد من الأسئلة التي ننتظر من يوضح لنا معناها وتفسيرها ويزيل الالتباس المتشكل لدينا حولها. وأحد هذه الأسئلة الذي أثار لدي الفضول لمعرفة الجواب عنه، هو ورود كلمة مسلم في بعض الآيات الكريمة وكلمة مؤمن في بعضها فرحت أسأل نفسي، ما الفرق بين المسلم والمؤمن في المفاهيم الإسلامية؟ هل يختلف معنى أحدهما عن الآخر؟ أم أنهما يمتلكان معنى واحد لكن التسمية فقط هي التي تختلف؟

الفرق بين المسلم والمؤمن

هذا ما دفعني للبحث الطويل وسؤال المختصين وأهل العلم بهذا الشأن فجمعت بعض المعلومات عن هذا الموضوع التي سوف أعرضها في المقال التالي.

سوف نبدأ بالحديث عن الفرق بين المسلم والمؤمن بالحقيقة التالية المعروفة: ” كل مؤمن مسلم، لكن ليس كل مسلم مؤمنًا ” المستدل عليها من قول الله تعالى في كتابه العزيز: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فالإسلام شرط سابق وأكيد للإيمان. يمكننا الفهم من هذه الآية الكريمة أن الإيمان أعمق من الإسلام وأشمل، ذلك أن الإسلام معناه الخضوع والاستسلام، وهو عبادة البدن واللسان إن صح التعبير، أي أداء أركانه على أكمل وجه، وهذه الأركان هي التي وردت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ” بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا “.

الفرق بين المسلم والمؤمن

صفات المسلم

وهناك مجموعة من الصفات الواجب على المسلم التحلي بها كالصدق والأمانة والتواضع وحب الخير للآخرين والأخلاق الرفيعة والكرم والعدل وغيرها من الصفات الحسنة.

أما الإيمان فمقره القلب بالاعتقاد بوجود الله تعالى وبأركان الإيمان واليقين بكل ما ورد في الدين الإسلامي، وترافقه عبادة الجسد والطاعة والامتثال لأوامر الله تعالى وأداء الفرائض والشعائر المفروضة، ويكون على درجات ترتفع كلما ازداد قرب الإنسان من ربه وازدادت طاعته وعبادته. وقد ورد الحديث عن أركان الإيمان في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهي: (الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره).

صفات المؤمن

ويتحدث الله تعالى عن صفات المؤمنين، بأنهم هم الذين يثابرون على طاعته وعبادته وعلى أداء الفرائض ويخشونه في السر والعلن، أولئك هم الذين رضي الله عنهم وأعد الله لهم المراتب العليا في الجنة، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقًا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم). فالمؤمن الحق يتصف بالخلق الحسن ويبتعد عن مساوئ الأخلاق كالغيبة والنميمة وسوء الكلام، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء “. وقوله صلى الله عليه وسلم: ” إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم “.

كما يُعرف المؤمن بين الناس بحسن المعاملة وطيب المعشر والتعاون ومساعدة الغير وتمني الخير لهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا أن يخطب على خطبة أخيه حتى يذر”، وقوله عليه الصلاة والسلام: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “علو الهمة من الإيمان”.

وجهة نظر أخرى

وهناك وجهة نظر أخرى تقول بأن الإسلام هو الفطرة التي يولد بها الإنسان والتي تعني الاعتقاد بوجود الله تعالى وبوجود يوم للحساب والتحلي بالأخلاق والمثل العليا والصفات الحسنة، وبذلك يكون جميع البشر مسلمين، ونبي الله إبراهيم أبو الأنبياء هو أبو المسلمين، وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي أتم الإسلام برسالته بما فيها من معتقدات وفرائض وأركان فكان هذا هو الإيمان (أي الفطرة التي يخلق بها الإنسان مكتملة بأداء الفرائض والأركان). وعلى الرغم من الفرق بين المسلم والمؤمن والواضح في كتاب الله تعالى، إلا أنه يتفق العلماء أنه في حال تم ذكر المسلم أو المؤمن دون الآخر فيقصد هنا الدين الإسلامي بشكل عام بما فيه من فرائض ومعتقدات وشعائر، أما إذا تم ذكر المسلم والمؤمن في نفس المكان ونفس السياق عندها يتم التفريق والتمييز بين المعنيين.

وسواء كانت وجهة النظر الأولى أو الثانية صحيحة فمن الممكن الأخذ بالاثنتين وإيجاد تكامل بينهما مع السعي دائمًا للوصول إلى درجة الإيمان التي هي أرقى وأعلى وأقرب إلى الله تعالى.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله