أسباب قلة النوم والأرق ونصائح أخرى هامة

يقول الله في كتابه العزيز: “وجعلنا اللّيل لباسًا * وجعلنا النّهار معاشًا”؛ فالسنّة الكونيّة تقتضي أن يكون الليل للراحة، والنهار للعمل.

ولكن كثيرًا ما تجد أناسًا يخالفون هذه السنّة بملء إرادتهم، فيجعلون من ليلهم نهار، ومن نهارهم ليل، وهذا ما يؤثر عليهم سلبًا مع الأيام فيعجل من أعراض الشيخوخة، واضطرابات الجهاز المناعي.

وهناك أناس آخرون يخالفون هذه السنة رغمًا عنهم، فيعانون من قلة النوم في الليل، مما يدفعهم لتعويض ساعات النوم في النهار، فإن كنت أخي القارئ ممن يعانون من اضطرابات النوم، فتابع معنا تعريف الأرق وأسباب قلة النوم، وسبل الوقاية منها.

أسباب قلة النوم

الأرق

إن عدد ساعات النوم الطبيعي (6-8) ساعات عند الإنسان البالغ، ويختلف عدد ساعات النوم باختلاف العمر، فيزيد عدد ساعات النوم عند الأطفال والمراهقين، ويقل عند كبار السن، كما أنه يختلف من شخص لآخر.

ولكن أيًا كان عدد الساعات، فعندما يعاني الإنسان من صعوبة أو تقطع أو انخفاض في جودة النوم، نسمي ذلك أرقًا، والأرق ليس بمرض بل هو عرض لمشكلة طبية، وله أثره السلبي على صحة الإنسان النفسية والجسدية، ونشاطه خلال ساعات النهار.

أسباب قلة النوم

تختلف درجات قلة النوم، فهناك اضطراب للنوم مؤقت، وحاد، ومزمن، كما تختلف أسباب قلة النوم باختلاف العمر والجنس وسأتناولها ابتداء بأبسط الأسباب:

1 – الانشغال الذهني

كثيرًا ما تؤثر ظروف الحياة اليومية على نوم الإنسان، سواء على ساعات النوم أو النوم المريح غير المتقطع، فعندما يكون تفكير الإنسان مشغول بأمر إيجابي أو سلبي سينعكس ذلك على نومه.

2 – نمط حياة غير صحي

  • عادات النوم السيئة: فلكل إنسان ساعة بيولوجية تحدد له أوقات نومه واستيقاظه وطعامه، وعندما لا يلتزم الإنسان بهذه الساعة البيولوجية سيتعرض لاضطرابات النوم.
  • تناول الطعام قبل النوم: وهذا ما يؤدي إلى حصول اضطرابات هضمية.
  • الإفراط في التدخين: فالنيكوتين مادة مثيرة للدماغ، وتناول المنبهات والكحول بشكل كبير أيضًا يؤثر على جودة النوم.
  • وسائل التكنولوجية: هناك دراسات علمية تبين أن استعمال الهواتف الذكية على المدى الطويل له أثر على مخطط كهربائية الدماغ وتدفق الدم المحلي في الدماغ، بسبب الموجات التي يتعرض لها الإنسان أثناء استخدامه لهذه الوسائل.

3 – الأرق السيكوفيزيولوجي

أو الأرق المكتسب، يخلق الخوف من الأرق حالة عند الإنسان تشبه الوسواس، فخوفه من الأرق يؤدي إلى الأرق.

4 – الأمراض الجسدية

إن الأمراض الجسدية التي تسبب الآلام، أو أعراض بعض الأمراض مثل حاجة مريض السكري للتبول بشكل متكرر أثناء الليل، أو اضطرابات الجهاز التنفسي، كلها أسباب تؤدي إلى صعوبة النوم.

5 – الأمراض النفسية

عندما يعاني الإنسان من بعض الأمراض النفسية كمرض الاكتئاب، فالأرق أو النوم غير المريح، أو النوم المتقطع، تكون أبرز أعراض هذا المرض.

6 – نوم الألفا دلتا

هناك أشخاص يعانون من (نوم الألفا دلتا)، وهو خلل تدخل فيه موجات اليقظة على موجات النوم العميق، مما يؤدي إلى الاستيقاظ من نوم غير مريح، ولو كانت ساعات النوم كافية.

7 – متلازمة الساقين غير المستقرة

وهي إحدى اضطرابات النوم، حيث يشعر المريض بأحاسيس غريبة وغير مريحة في الساقين، ينتج عنها رغبة شديدة في تحريك الأرجل أو المشي، ولذلك يصاب بالأرق.

8 – التغيرات الهرمونية

ونقصد هنا السيدة في فترة ما قبل الدورة الشهرية، فهي تعاني من الأرق، وصعوبة في النوم.

9 – كبار السن

يقل إفراز الميلاتونين عند كبار السن، مما يزيد من صعوبة النوم عندهم

ما هو الميلاتونين؟

الميلاتونين: هو هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية الموجودة في المخ، عندما يكون الإنسان في مكان مظلم مما يسبب له الشعور بالنعاس أثناء الليل ويساعده على النوم، وبالتالي يتوقف إفرازه بوجود الضوء.


سبل التغلب على قلة النوم غير المرضي

خمسة أشياء يجب أن تتجنبها:

  1. لا تحاول إجبار نفسك على النوم، فإذا لم تتمكن من النوم خلال (15-20) دقيقة، افعل شيئًا تشعر معه بالراحة والاسترخاء، كأن تأخذ حمامًا دافئًا أو تستمع للقرآن أو تقرأ كتابًا تشتت فيه تركيزك على مشاكل الحياة اليومية لمدة (15) دقيقة، ثمّ عُد إلى فراشك، وحاول أن تنام مجددًا.
  2. الامتناع عن تناول الطعام قبل 4-5 ساعات من النوم، وإذا ما شعرت بالجوع، فالأفضل هو تناول الأطعمة الخفيفة كالفواكه، والابتعاد قدر الإمكان عن الأطعمة الدسمة، والتي تسبب عسر هضم.
  3. تجنب النوم في ساعات المساء، أو النوم لساعات طويلة أثناء النهار، فالقيلولة مهمة شريطة ألا تزيد عن (30) دقيقة.
  4. تجنب المنبهات ما أمكن، وخصوصًا في فترة ما بعد الظهيرة أو المساء، فهي تؤثر على النوم وبالأخص مراحل النوم العميق، مما يؤدي إلى الحصول على نوم غير مريح، فتأثير الكافيين يبقى مفعوله في الجسم مدة (24) ساعة، بالإضافة إلى المشاكل مثل ارتفاع معدل ضربات القلب وزيادة مستوى التوتر.
  5. تجنب استخدام الهواتف الذكية في الفراش أو استخدام الشاشات الالكترونية، فهي تصدر الضوء الأزرق الذي يؤثر على العين أولًا، ويعطل إفراز الميلاتونين ثانيًا، بل يجب التوقف عن استخدامها قبل ساعات النوم.

9 خطوات يجب أن تتبعها

1 – أول خطوة: افعل أشياء روتينية تشعرك باقتراب موعد النوم

  • التخفيف التدريجي للإنارة.
  • ارتداء ملابس النوم، تنظيف الأسنان بموعد محدد.
  • أخذ حمام دافئ وليس ساخن.
  • تناول شيء ساخن يساعدك على الاسترخاء.
  • ممارسة تمارين الاسترخاء، وتقنيات التنفس بعمق.
  • تهيئة المكان الهادئ البعيد عن الصخب والضوضاء، والفراش المريح.
  • والحفاظ على حرارة الغرفة معتدلة بين (18-24) درجة مئوية.
  • ولا تدخل إلى غرفة النوم إلا للنوم، وإياك أداء أي أعمال أخرى فالسرير ليس مكتب للعمل، فكل هذه الأمور البسيطة تساعد على الوصول للنوم المريح والتغلب على قلة النوم.

2 – إتباع أسلوب الاسترخاء

وله طرق عديدة، منها اليوغا، فاسترخاء العضلات ضروري جدًا للحصول على النوم المريح.

وهذه بعض تمارين اليوغا، بإمكانك أن تطبقها قبل النوم، فهي تساعدك على الاسترخاء، والنوم بعمق، ولاحظ أن هذه الحركات تشبه حركات الصلاة بشكل كبير (لاحظ الصورة)، فبإمكانك إذن القيام والصلاة أثناء الليل، والعودة للنوم بشكل مريح.

3 – إتباع تمرينات التنفس العميق وطريقتها على الشكل التالي:

  1. أغمض عينيك.
  2. احصر تركيزك فقط بالتنفس، وتناسى أي شيء آخر.
  3. خذ نفسًا عميقًا عن طريق الأنف.
  4. عد خمس عدات.
  5. أخرج النفس من فمك ببطء.
  6. اجعل هذا التمرين نشاطًا يوميًا تمارسه قبل النوم.

4 – الالتزام بوقت معين للنوم والاستيقاظ

الالتزام بوقت معين للنوم، ووقت معين للاستيقاظ حتى في أيام العطل، تماشيًا مع الساعة البيولوجية لجسمك، فإن عدم انتظام ساعات النوم يؤدي إلى الأرق.

حاول عدم استعمال زر الغفوة فهو يؤدي أيضًا إلى النوم غير المريح، وفقدان النشاط الصباحي.

 5 – أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعيشون حياة خاملة يعانون من اضطرابات بالنوم ليلًا، ولذلك ينصح بممارسة نشاط بدني خلال النهار لمدة (20-30) دقيقة يوميًا كالسباحة أو الجري أو غير ذلك، فذلك يساعد الجسم على الاسترخاء أثناء النوم.

في حين ينبغي تجب هذه الأنشطة في ساعات المساء أو بعد الظهيرة فهي تساعد على تنشيط الدورة الدموية وبالتالي نشاط الجسم.

6 – تناول المشروبات المهدئة كالبابونج واليانسون قبل النوم؛ يساعدك على الاسترخاء، ويفيدك في التغلب على الأرق.

7 – استخدام الخيال

تخيل نفسك في مكان محبب إليك ومريح؛ كي تشتت تركيزك بضغوطك ومشاكل الحياة اليومية، وبإمكانك مشاركة كافة حواسك كتخيل البحر مع رائحة الزهور، وصوت السنونو، فهذا علاج سلوكي يساعد على الاسترخاء والنوم المريح.

8 – ورقة وقلم

وسيلة علاجية لقلة النوم، ضع ورقة وقلم أمام سريرك، وكرس مدة (15-20) دقيقة قبل النوم لكتابة برنامجك لليوم التالي، أو الأفكار الإبداعية التي قد تخطر ببالك في فترة ما قبل النوم وتنساها عندما تستيقظ، وهي وسيلة لتفريغ الأفكار التي تقلقك وتشغل بالك.

9 – أما في حالات الأرق المزمنة فلابد من استخدام الأدوية التي تساعد على النوم المريح بعد استشارة الطبيب، ولكن لا ينبغي تناولها لفترات طويلة لكيلا يتعوّد عليها الإنسان.

وأخيرًا أحيلك أخي القارئ إلى الدواء الرباني، الذي به تتنزل السكينة والطمأنينة، يقول الله في كتابه العزيز: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فبإمكانك أن تحقق الذكر بتلاوة أذكار المساء وأذكار النوم، أو قراءة القرآن، أو الصلاة، ففي كل ذلك ستجد السكينة والطمأنينة بإذن الله تعالى.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله