أسباب الحرب العالمية الأولى واندلاعها

في العقد الذي سبق اندلاع الحرب العالمية الأولى، واجهت مجموعة القوى التي تشكلت في أوروبا في بداية القرن بعضهما البعض في سياق دولي، حيث أضيفت توترات جديدة للأسباب القديمة.

الصراعات التي اندلعت قبل نشوب الحرب العالمية الأولى

عاد الصراع بين ألمانيا وفرنسا من جديد على منطقتي الألزاس واللورين (الحرب الفرنسية – البروسية في 1870/1871).

برز الصراع بين ألمانيا وإنجلترا على المناطة الاستعمارية، حيث أدركت ألمانيا، التي كانت بحاجة إلى تجارة وبحارًا جديدة، أن أفريقيا كانت مقسمة فقط بين فرنسا وإنجلترا. في هذه الفترة، كانت إنجلترا هي الدولة التي جعلت التوازن الأوروبي ممكنًا، فقد كانت مبنية على تقاليد اقتصادية سمحت لها بالسيطرة على الدول الأوروبية الأخرى.

انهيار قطب الجذب الإنجليزي هذا أدى إلى تباطؤ العلاقات (وسوف يتم استبدال الهيمنة الإنجليزية بالهيمنة الأمريكية، التي كانت تعتبر قوة صاعدة).

الخلاف بين إيطاليا والنمسا على البحر الأدرياتيكي.

الأزمات المغربية: فلمرتين، في عامي 1905 و 1911، بدا أن الخلاف والصراع بين فرنسا وألمانيا حول المغرب سيجعل أوروبا على شفا الحرب. في النهاية، تمكنت فرنسا من الحصول عليها، بفضل تضامن حلفائها وبالتالي أصبحت المغرب محمية فرنسية رسمية معترف بها في المنطقة المتنازع عليها. فيما حصلت ألمانيا على شريط من الكونغو الفرنسية في المقابل.

أزمة الإمبراطورية العثمانية: في عام 1908، اندلع اضطراب داخلي في الإمبراطورية العثمانية، وهو ما يسمى ثورة الشباب الأتراك. استفادت الإمبراطورية المجرية الهنغارية من هذه الأزمة الداخلية، وفي عام 1908، قامت بضم البوسنة والهرسك. تسبب هذه الخطوة بتصعيد فوري للتوتر مع صربيا، التي كانت في ذلك الوقت تسعى إلى توحيد شعوب سلاف الجنوب تحت حكمها، بالتعاون والدعم من الإمبراطورية الروسية، التي كانت حامية لصربيا.

حرب البلقان الأولى (1912): شكلت صربيا والجبل الأسود واليونان وبلغاريا تحالفًا وشنت حربًا ضد الإمبراطورية العثمانية وهزمتها في غضون بضعة أشهر.

حرب البلقان الثانية (1913): من أجل تقسيم المناطق التي انتزعها التحالف بين صربيا والجبل الأسود واليونان وبلغاريا، نشأت خلافات بين دول البلقان هذه وتحاربت بشكلٍ رئيسي على أراضي مقدونيا.

اندلاع شرارة الحرب العالمية الأولى

في 28 يونيو 1914، تم اغتيال وريث عرش الإمبراطورية المجرية النمساوية فرانشيسكو فرديناندو مع زوجته صوفيا في مدينة سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك حيث كان في زيارة رسمية. الشاب الذي قام بعملية الاغتيال غافريلو برينسيب، وهو طالب ينتمي إلى مجموعة إسلامية بوسنية. بالنسبة للحكومة النمساوية المجرية، تقع مسؤولية عملية الاغتيال هذه إلى حد كبير على صربيا، التي كانت في ذلك الوقت دولة شابة تنمو بسرعة، وكانت أيضًا نقطة مرجعية للقومية السلافية (وبالتالي فإنها تعادي القوية النمساوية) في البلقان.

بدعم من ألمانيا، وجهت النمسا إنذارًا استفزازيًا على صربيا في 23 يوليو مطالبة بإجراء تحقيق في الهجوم من قبل ممثلين عن النمسا. وبحجة الحفاظ على سيادتها الوطنية، ترفض صربيا إجراء التحقيق، على الرغم من وجود علاقات وطيدة. تم اتخاذ قرار المقاطعة النهائية، وفي 28 يوليو، أعلنت الإمبراطورية الهنغارية النمساوية الحرب على صربيا. وكانت هذه بداية الحرب العالمية الأولى.

التحالفات التي تلت إعلان الحرب

لعبت القوى دورًا في رقعة شطرنج الحرب العالمية الأولى، فقد كانت هناك صراعات عديدة في البلقان قبل ذلك، ولكن هذه المرة سيؤدي وجود النمسا إلى سلسلة معقدة من التحالفات على نطاق عالمي، فكانت النتيجة كالتالي:

  • نقلت روسيا على الفور قواتها لدعم صربيا، وذلك نتيجةً لسببين، الأول هو الإيمان الأرثوذكسي المشترك، والثاني هو المصلحة في وجود دور قيادي في منطقة البلقان.
  • طلبت ألمانيا التي كانت حليف للإمبراطورية النمساوية – الهنغارية من روسيا وفرنسا البقاء على الحياد، لكن كلا القوتين رفضتا ذلك. فأعلنت ألمانيا الحرب على روسيا وفرنسا في بداية شهر أب / أغسطس. وقامت بغزو بلجيكا التي كانت محايدة لأنها رفضت السماح للجنود الألمان بالمرور والالتفاف على القوات الفرنسية.
  • دخلت بريطانيا العظمى الحرب لدعم فرنسا وبلجيكا، وقامت بإنزال قواتها هناك لمحاربة ألمانيا.
  • إيطاليا، التي كانت متحالفة رسميًا إلى ألمانيا والنمسا، أعلنت بأنه ستبقى محايدة بحجة أن معادة الحلف الثلاثي الألماني النمساوي الإيطالي ينص على الدفاع المشترك في حال تعرضت إحدى الدول الثلاثة للاعتداء. وفي هذه الحالة، النمسا هي من بدأت الحرب ولم تتعرض للهجوم.
  • في 23 أب / أغسطس، أعلنت اليابان الحرب على ألمانيا، وذلك لأن الأسطول الألماني كان يهددها في منطقة الشرق الأقصى.
  • في شهر نوفمبر، أعلنت الإمبراطورية العثمانية التي كانت متحالفة مع النمسا وألمانيا الحرب على روسيا.

في وقت لاحق من الحرب، تدخلت بلدان أخرى لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك إيطاليا والولايات المتحدة ورومانيا واليونان على الجبهة الروسية – الفرنسية، وبلغاريا على الجبهة الألمانية النمساوية. ولكن الحرب العالمية الأولى امتدت أيضًا إلى أماكن أخرى شملت أمريكا اللاتينية والصين والشرق الأوسط والبرتغال.

هل كان من الممكن تجنب الحرب العالمية الأولى؟

هل كان حرب يمكن تجنبها؟ نحن حقًا لا نعرف ما إذا كان من الممكن تجنب الحرب العالمية الأولى. من المؤكد أن المواقف المتطرفة للقوى العظمى لم تترك مجالًا للحلول الدبلوماسية، والتي كانت تتبعها بريطانيا العظمى لفترة قصيرة فقط. اعتمدت الدول الأوروبية في استراتيجياتها على الحرب الهجومية، وواصلت كل دولة في سعيها لتحقيق أهدافها الخاصة بها، والتي لم تتطابق في كثير من الأحيان مع أهداف الآخرين.

بالإضافة إلى ذلك، عانى كل بلد من مشكلات داخلية بدا أن القوى السياسية القومية والسلطوية فيها يمكن أن تقدم الحل لها. لكن، لو عرف الجميع أن هذا سيؤدي إلى الحرب، فلا أحد يستطيع أن يعرف كيف كان مصير الحرب العالمية الأولى.

وريث عرش الإمبراطورية المجرية النمساوية فرانشيسكو فرديناندو
وريث عرش الإمبراطورية المجرية النمساوية فرانشيسكو فرديناندو الذي أدى اغتياله مع زوجته صوفيا إلى اطلاق شرارة الحرب العالمية الأولى.
غافريلو برينسيب
غافريلو برينسيب – الشاب الذي اغتال ويث العرش النمساوي وزوجدته في سراييفو ما أدى لاندلاع الحرب العالمية الأولى.
الأرشيدوق فرانشيسكو فرديناندو وزوجته صوفيا قبل وقت قصير من الهجوم عليهم في سراييفو
الأرشيدوق فرانشيسكو فرديناندو وزوجته صوفيا قبل وقت قصير من الهجوم عليهم في سراييفو
السيارات التي اغتيل فيها الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته صوفي في يونيو 1914. متحف فيينا للتاريخ العسكري في النمسا
السيارة التي اغتيل فيها وريث عرش الإمبراطورية المجرية النمساوية فرانشيسكو فرديناندو مع زوجته صوفيا في مدينة سراييفو في يونيو 1914. متحف فيينا للتاريخ العسكري في النمسا
وريث عرش الإمبراطورية المجرية النمساوية فرانشيسكو فرديناندو مع زوجته
وريث عرش الإمبراطورية المجرية النمساوية فرانشيسكو فرديناندو مع زوجته صوفيا بعد اغتيالهما
إحدى الصحف القديمة التي نشرت خبر اغتيال وريث عرش الإمبراطورية المجرية النمساوية فرانشيسكو فرديناندو مع زوجتهصوفيا في إحدى شوارع مدينة سراييفو
صورة لعائلة فرانشيسكو فرديناندو
صورة حقيقية لعائلة فرانشيسكو فرديناندو مع زوجته صوفيا وأبنه وابنته
سراييفو - موقع الهجوم على الدوق فرانشيسكو فرديناندو
العاصمة البوسنية سراييفو – صورة حديثة لموقع الهجوم على الدوق فرانشيسكو فرديناندو وزوجته صوفيا
شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله