كتابة المذكرات الشخصية … ما الذي تضيفه هذه العادة لحياتك؟

تُعتبر كتابة المذكرات الشخصية لها تأثيرًا كبيرًا علي زيادة القدرات المعرفية والإبداعية لمَن يملك الوقت لكتابتها والمداومة عليها؛ لأنها تساعد على زيادة الثقة بالنفس وتعطي القدرة على حل المشكلات الصعبة بشكل أسهل.

فإذ لم تفكر من قبل في كتابة مذكّراتك اليومية فهناك خمسة أسباب تدفعك لكتابتها، فهي نافعة جدًا لخططك المستقبلية في العمل وللمحافظة على حالتك النفسية وعلى صحتك بشكل عام. ولعلك تتساءل عزيزي القارئ كيف تستطيع كتابة المذكرات الشخصية فعل كل ذلك؟! وسوف نخبرك بكل التفاصيل التي تتعلق بكتابة مذكرات يومية وفوائدها التي تعود على الصحة من خلال هذا المقال.

كتابة المذكرات الشخصية وفوائدها لصحتك النفسية

كتابة المذكرات الشخصية ...ما الذي تضيفه هذه العادة لحياتك؟

لكتابة المذكرات فوائد مذهلة للصحة النفسية؛ فهي تمثل المهرب الوحيد من الضغوط والتوترات التي نتعرض لها يوميًا، كما تُتيح لك أن تكتب كل ما لا يمكنك قوله للبشر ممَن حول وكأنك تتحدث بصوت عالٍ في الواقع مع نفسك، وتخرج ما بداخلك من مشاعر الغضب، المخاوف، القلق على الأوراق الهامة في حياتك أو على أي شيء أيًا كن بسيط.

وهذا بدوره يقلل من حدة نشاط أحد أجزاء الدماغ المسئولة عن المشاعر والعاطفة لدينا وبالتالي نستطيع أن نتحكم فيها بشكل أكبر، ينصح معظم الأطباء والمعالجين النفسيين مرضاهم بتخصيص عشرون دقيقة يوميًا لكتابة المواقف التي يتعرضون لها يوميًا، وقد ساعدت كتابة المذكرات اليومية الكثيرين في حل مشاكلهم الصعبة، وساعدت أيضًا على شفاء بعض مرضى السرطان.

كما أن كتابة المذكرات قد تساعدك أيضًا على زيادة الشعور بالثقة بالنفس، وتسمح لك بإعادة التفكير في مواقف كثيرة دون ضغوط أو خوف حتى تجد حلولًا أفضل لمشاكلك بذهن صافٍ، وإتباع نمط معين في كتابة مذكراتك يجعلك تحافظ على معلوماتك الشخصية؛ لأنه أثناء الكتابة تتلاقي أفكارك مع ذكرياتك وتجد أنك تذكرت أشياءً هامة لم تكن تتذكرها من قبل.

وتساعدك كتابة مذكراتك اليومية على التوصل لأفكارًا جديدة؛ فحينما تُرتب أفكارك في دفترك أو ملفك يمكنك تحويلها بسهولة إلى خطط ومشاريع مستقبلية، فهناك الكثير من الناس لا يستطيعون تحقيق أهدافهم وأحلامهم لأنهم لا يعرفوا بوضوح ما يريدون وقتها، فتمنحهم الكتابة كل يوم وقتًا للتفكير فيما يريدون تحقيقه بالفعل بحيث تكون الأمور أمامهم واضحة.

وتساعد كتابة المذكرات أيضًا على أن تقترب من أهدافك وتحول أحلامك إلى حقيقة، ولكن انتبه أن تكتب بعض الذكريات أو التفاصيل المؤلمة والتي قد تزعجك حتى لا تعود إليها من جديد، لذلك يجب أن تضعها جانبًا بحيث لا تفتح جراحًا لا تريد فتحها فأنت لا تقوم بكتابة المذكرات لإزعاج نفسك بل لتستريح نفسيًا.

كتابة المذكرات الشخصية هي معالجك النفسي وصديقكَ العزيز

كتابة المذكرات الشخصية ...ما الذي تضيفه هذه العادة لحياتك؟

مذكراتك الشخصية لها القدرة على أن تكون معالِجًا نفسيًا وصديقًا عزيزًا لك في نفس الوقت، يستمع إليك بصدر رحب دون أن يتسرع في الحكم عليك أو يقاطعَك، وهو موجود معك طوال الأربع وعشرون ساعة في اليوم، كما يمكنك أن تبوح لمذكراتك بأسرارك التي لا تجرؤ على البوح بها لأي أحد كما أنها لا تفشي الأسرار.

يمكنك أيضًا كتابة مشاعرك وعواطفك السلبية التي تصيبك وهي أيضًا تجعلك تنفس عما تكتمه بداخلك من مشاعر وتحررك من الضغوط، فتؤمن لك نقاء الذهن الذي يساعدك في اتخاذ قراراتك.

كتابة المذكرات الشخصية وتأثيرها على حياتك

كتابة المذكرات الشخصية ...ما الذي تضيفه هذه العادة لحياتك؟

بالإضافة إلى أهمية كتابة المذكرات الشخصية وفوائدها المتعددة فيمكنك أيضًا أن تستعين بها في جميع تفصيلات حياتك المستقبلية، فعندما تعتاد على كتابة المذكرات عندها فقط يمكنك العودة إلى الوراء، ومراقبة تطوّر أفكارك ومشاعرك والتعديل من نفسك ومن شخصيتك وتقييمها.

 لأن كلماتك التي تكتبها هي التي تعبر عن أهدافك وطموحاتك، وستلاحظ مدى تفوقك على نفسك وكيفية تغييّر نمط حياتك للأفضل، وبعودتك إلى الوراء عند قراءة ذكرياتك تتمكن من تحديد الأمور التي تقف حاجزًا أمامك أو الأمور التي لا تزال تضايقك في حياتك مما يثبت لك ضرورة أن تتخلص منها.

يمكنك أن تُطلق الزمام من خلال كتابة المذكرات اليومية لخيالك ولقدراتك على التعبير، لأنك تتحاور فيها مع ذاتك وتصير محلّلًا نفسيًا وناقدًا لأمور حياتك، وسوف تنبهر من إبداعك الشخصي في التحدث عن نفسك، وهذا ما حدث بالفعل مع أهم الكتّاب والشّعراء في العالم.

على سبيل المثال: عند الكاتبة الإنجليزية “فيرجينيا وولف” والشاعرة الأميركية “سيلفيا باث” والكتّابان الأميركيان “مايا أجيلوا ورالف وولد يمرسون” كانت المذكرات الشخصية بالنسبة لهم هي الأساس الذي استندوا عليه في كتاباتهم.

وتخلد كتابة المذكرات الشخصية قصص الكثير من الناس بعد موتهم؛ لأنك إذا كنت تكتب مذكراتك فاعلم أنك دخلت مكتبة التاريخ وسوف تمنح المذكّرات لك طريقة لإبقاء أفكارك حيّة حتى من بعد وفاتك، ويمكن لغيرك أن يقرأها حتى بعد مرور السنوات.

شاهد أيضًا: أهمية كتابة المذكرات اليومية

https://youtu.be/gFcEv5dVJ0Y

كيفية كتابة المذكرات الشخصية

لا توجد قاعدة ثابتة أو أفكار مرتبة لكتابة المذكرات؛ لأنها عبارة عن تفكير عفوي يأتي فجأة، ولكن هناك آراء قد تساعدك على البداية في كتابة المذكرات والاستمرار فيها دون توقف، وبالأخص عند الأشخاص الذينَ يريدون عمل دفتر مذكرات لهم لكنّهم يشعرون بالملل سريعًا فيتوقفوا عن الكتابة، لذلك سوف نعرض لكم بعض هذه الاقتراحات لكتبة المذكرات بشكل صحيح:

أولًا: قم بشراء دفتر لكتابة مذكرات يومية

إن كتابة المذكرات تعد هواية مميزة وتدل على صاحبها وشخصيته بدايةً من الخط وتصنيف الدفتر وشكله والتنسيق المتدرج في سرد الأحداث، ولذلك عندما تريد كتابة مذكراتك قم بشراء الدفتر الذي يناسبك على أن ويكون مميزًا بشيء يدل على شخصيّتك أو يُعبّر عن هواياتك أو حبك لشيء مُحدّد حتى وإن كان لونًا معين تفضله، ويمكنك أن تستعمل الصفحة الأولى لكتابة أي نص أو بيت شعر تحبه ويعبر عنما بداخلك، وسيكون هذا بمثابة المفتاح لشخصيتك والعنوان الخاص بك.

ثانيًا: قم بكتابة التاريخ والعنوان

من الأشياء المهمة في كتابة المذكرات أن تضع التاريخ اليومي لكل ذكرى لديك مع وضع عنوان للذكريات التي تكتبها، فهي تُمثل كتاب لتاريخ حياتك، ولا يمكن لأي شخص معرفة تاريخ أي حدث من دون تحديد اليوم، ومن الممكن كتابة التاريخ في أول الصفحة أو في آخرها كما يحلو لك.

من المهم أيضًا وضع العنوان المناسب لما تكتبه؛ لأن عناوين مذكراتك ستكون بمثابة الكلمات المفتاحية التي تدل على كل ذكرى لديك مثل: “اليوم كان أجمل أيام حياتي” أو “ميلاد ابني” أو “أسوأ يوم مررت به” أو “يوم النجاح” أو “فرحة عمري” أو “أسوأ يوم في حياتي” الخ………… وعندما تقرأ هذه الذكريات في المستقبل ستكون في منتهى السعادة أنك سجلت كل أفراحك وأحزانك.وهذا فيديو يوضح أهمية الكتابة كأحد انواع العلاج النفسي

ثالثًا: قم بالكتابة وأطلق الزمام لمشاعرك

كل ما تحتاجه لكتابة مذكراتك هو أن تترك مشاعرك التي تستحوذ عليك في هذه اللحظة وتعبر عنها من خلال تلك المذكرات، فعليك أن تكتب كل ما تشعر به؛ لأن الكتابة هي البديل الوحيد للتخفيف عن النفس، لذا تكون أغلب الموضوعات في المذكرات الشخصية تتحدث عن المشاعر، الأحلام، الندم، الألم… وما إلى ذلك.

رابعًا: قم بقراءة ما كتبت مرة أخرى

عند قراءة ما كتبت سابقًا من ذكريات يجعلك تفكر في اختلاف مشاعرك وأفكارك في مراحل حياتك المتعددة، ويساعد ذلك على الرقي الفكري والروحي والتعرف على نفسك من جديد وما كانت عليه في الماضي، فتستطيع تقييم نفسك من خلال ذلك وتسعى أن تكون للأفضل.

خامسًا: قم بوضع بصمتك المميزة لمذكراتك

المذكرات اليومية تعتبر من الأشياء الخاصة؛ لأنها تعبر عما بداخلك من مشاعر وما يقلقك وأفكارك الخاصة، لذلك فمن المهم أن تكون لك لمستك الشخصية وبصمتك المميزة عن الآخرين، فقد تكون لمستك الشخصية في مذكراتك عبارة عن رسومات بين السطور أو مقولة تحبّها أو اسم شخص مقرب إليك وما إلى ذلك.

سادسًا: اصطحب معك مذكراتك أينما ذهبت

إذا كنت تريد ألا تفوت أي حدث في حياتك فعليك اصطحاب مذكراتك أينما ذهبت، وخاصّة في السفر؛ لأنها بالنسبة إليك سوف تكون مثل صديقك الذي لا يتركك، فمن الأفضل استغلال وقت الانتظار في الكتابة على أن يكون وقتها الذهن في أنقى حالاته، كما أن السفر يعطي الشخص أداة حديثة للكتابة وهي لحظات للتأمل. فمن غير العقلاني أن تؤجل الكتابة حتى الرجوع من السفر؛ فالانتظار لفترة طويلة قد يبدد الأفكار ويحول المشاعر بتغيّر الفرد وتحسنه.

في الختام عزيزي القارئ يمكننا القول إنه في نهاية يومٍ شاق وعصيب وطويل، قد تلجأ إلى الجلوس بمفردك في غرفتك في زاويةً خاصة بك بعيدًا عن الضوضاء والصخب؛ محتضنًا مفكرتك الخاصةً الصغيرة وقلمك النحيل، لتبدأ في تدوين ما حدث من تفاصيل خلال يومك، وقتها فقط ستكون صريح أمام نفسك، أيضًا ستكون شغوفًا لقراءة ما كتبته يديك من قبل. لتقوم بتجربة ذلك الآن؛ فقد تضيف هذه العادة أشياء جديدة لحياتك.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله