انتبه، كيف تربي طفلك لغويًا … متى يبدأ الطفل بالكلام؟

الأبناء أمانة ونعمة كبيرة لا يقدرها سوى من حرم منها، ومجرد فكرة أنك تبحث عزيزي القارئ عن مقالة بخصوص موضوع متى يبدأ الطفل بالكلام يطمئنك في المقام الأول، ويطمئنني أنا أيضًا ككاتب، أنك أيها الأب أو أيتها الأم نعم من يحافظ على هذه الأمانة.

والطفولة عمومًا من أهم فترات نمو الإنسان ففيها تتكون شخصيته بالكامل بجميع نواحيها المختلفة، جسديًا، اجتماعيًا، عقليًا، لغويًا، وأخلاقيًا أيضًا، والأسرة هي المؤسسة الأهم بين المؤسسات الأخرى كالمدرسة، الإعلام والمسجد.. إلخ.

وهنا في هذا المقال سوف نتناول بالبحث الدقيق النمو اللغوي لدى الطفل، أما باقي نواحي النمو فسوف نتناولها تباعًا في مقالات أخرى بإذن الله.

الطفل واللغة “متى يبدأ الطفل بالكلام”

تعد اللغة أهم وأرقى شيئًا لدى الإنسان وهي مصدر تفرده عن بقية الكائنات، فاللغة بمفهومها المتطور والمركب والمكتوب والمسموع شيئا موجود لدى الإنسان فقط، واللغة لها دورًا ملموسًا في الحياة الإنسانية، فهي الوسيلة الرئيسية للتعرف والتعامل مع جميع الناس من حولنا.

والعمل على تعزيز اكتساب اللغة لدى الطفل أمر يبدأ منذ ولادة الطفل في أيامه الأولى واكتساب اللغة لدى الطفل من العوامل الحيوية للتواصل مع الآخرين واكتسابها يحرز تغيير كبير في حياته بالإضافة إلى أن اللغة وسيلة للتعبير عن مشاعرنا وأفكارنا وذواتنا.

ومن الموضوعات التي أهتم بها علم النفس المعاصر النمو اللغوي لدى الطفل، والكيفية التي يكتسب بها اللغة، من قبل الآباء والمربين والمعلمين ورجال الإعلام والأدب وغيرهم وهنا سوف نركز فقط على الأب والأم “الأسرة”.

والطفولة مرحلة تفتح ونمو لقدرات الطفل ومواهبة، كما يتعلم فيها القراءة والكتابة والاستماع والتكيف مع المجتمع الذي يوجد فيه الطفل ويبدأ الطفل همهماته الأولى وفق الدراسات في عمر الثمانية شهور تقريبًا، لكن لا يعتبرها علماء النمو لغة مكتملة ولكنها إرهاصات لغة.

وعرف آخرون النمو اللغوي language development على أنه قدرة الطفل على تتبع المخطط والتسلسل الطبيعي لمراحل اكتساب اللغة، وأن تنمو لغة الطفل – كما كان متوقعًا لها حسب المخطط الطبيعي لنضوج اللغة.

العوامل التي تحدد متى يبدأ الطفل بالكلام

يختلف الأطفال في معدل اكتسابهم للغة من حيث السرعة ومن العوامل التي تحدد النمو اللغوي لدى الطفل وتجعلنا نعرف متى يبدأ الطفل بالكلام هي جملة العوامل الآتية:

العوامل التكوينية “الوراثية”

عامل الجنس

تشير الدراسات إلى أن القدرة اللغوية عند البنات أعلى من الأولاد في مرحلتي الرضاعة ومرحلة الطفولة المبكرة، فالبنات يتكلمن في مرحلة أسبق ولديهن ثراء لغوى بشكل كبير أما في سن الخامسة فيتساوى مستواهم اللغوي، لذلك فلا مقارنة بين بنات وبنين ولا بين طفل وطفل آخر بالطبع.

عامل الذكاء

الملاحظ أن الأطفال الذين يجيدون حل المشكلات الذي هو مرتبط بالذكاء كثيرًا، يمتلكون حصيلة لغوية رائعة فالأطفال ذو الذكاء الرفيع يبكرون في النطق وتكون حصيلتهم اللغوية أكثر من الأطفال ذوي الذكاء الرفيع والمتوسط أم الأغبياء فيتأخرون في النطق طبعًا.

لذلك لو وجدت تأخرًا في النطق لدى ابنك فسارع بالفحص النفسي والعصبي، لأنه لا قدر الله قد يكون هناك احتمال إصابة بمتلازمة داون، التوحد أو المنغوليا أو ما شابه ذلك.

النضج والعمر الزمنى والوضع الصحي والحسى للطفل

إنتاج الكلام يتطلب تناسقًا معقدًا إلى حد كبير جدًا بين التنفس وحركات الشفاه واللسان والفم والأحبال الصوتية ومراكز اللغة في الدماغ وكل هذا مرتبط بالنمو البيولوجي للطفل، واللغة أيضًا ترتبط بسلامة الأجهزة السمعية والبصرية والنطقية لدى الطفل.

مجموعة العوامل البيئية

المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأسرة الطفل

فالمستوى الاقتصادي يترجم لدى الأسرة بالطعام والشراب والقدرة على التنزه وهذه كلها عوامل تحدد المستوى اللغوي للطفل، وبالمثل المستوى الاجتماعي ففي الغالب الطبقات الاجتماعية المتوسطة هي الأكثر رحابة والتي لديها وقت للتحدث لأبنائها والذي ينمى المستوى اللغوي لديهم على عكس الطبقات الفقيرة أو الثرية جدًا.

مستوى الأسرة الثقافي والتعليمي

وهنا نقصد البيئة الغنية بالمثيرات الثقافية المختلفة فمثلًا الوالدان المتعلمان والمثقفان يمثلان بيئة غنية بالنسبة لطفلهما أثناء حوارهما معه، على عكس المستويات الثقافية المتدنية التي تشكل حرمانًا للطفل والذي ينعكس على لغته.

وهنا أمر هام جدًا، وهو أنه هناك فرق شاسع بين المستوى التعليمي والتحضر، فكثير من الناس ذهبوا للجامعة وتعلموا لكن قليل منهم متحضر، الفكرة هنا ألا نظلم من لم يتعلموا في الجامعات، فالفرصة أمامهم كبيرة لاكتساب المزيد من العلم فيما يخص نمو أطفالهم بشكل عام ونموهم اللغوي بشكل خاص.

حجم الأسرة

وهنا ليست الأسرة الكبيرة الحجم أفضل ولا الصغيرة، الفكرة في الوقت الممنوح لكل طفل بغض النظر عن عدد أقرانه في الأسرة، فمثلًا هناك من لديهم أبناء عدة ولكن يمنحون كل طفل حقه في النمو الشامل والكامل ويبذلون مجهودًا مضاعفًا ابتغاء لمرضاة الله.

وقد يوجد مثلًا أسرة بسيطة مكونة من أم وأب وطفل ولكنهم مقصرون في حق طفلهم، مما يجعله محرومًا على المستوى العاطفي وعلى مستوى الاهتمام به.

الحرمان العاطفي

فاحتضان الابن يؤثر كثيرًا على كل جوانب شخصيته، يمنحه الثقة بالنفس، يجعله مقبلًا على الحياة، بشوشًا، قويًا، قادرًا على التواصل بشكل جيد، على عكس الأسر التي لا تحتضن أبنائها، أو من يظنون أن الاحتضان للابن يورثه الضعف وهذا طبعًا من صميم الجهل التربوي، فاحتضنوا أبنائكم أكرمكم الله.

انتبه، كيف تربي طفلك لغويًا "متى يبدأ الطفل بالكلام"

وسائل الإعلام

لن القى لها اهتماما كبيرًا لأنه من الطبيعي أن وسائل الإعلام مهما عظمت ومهما بلغ تعقيدها فهي في المقام الأول ينبغي أن تكون تحت سيطرة الأهل، بالإضافة إلى أننا لو ربينا أبنائنا بشخصية قوية متكاملة الجوانب لن يضرهم شيئًا من الإعلام وغيره.

وبالطبع الإعلام منه الجيد ومنه السيئ، لكن لا تنسوا أن كثيرًا من الثقافات الأخرى تبث لأبنائنا عبر هذا الإعلام سمًا زعافًا داخل العسل المكرر، فكن رقيبًا أيها الأب وكوني رقيبة أيتها الأم ولكن دون منع ودون جزر، أقصد بشكل غير مباشر.

الالتحاق بالروضة

فعلًا يسهم كثيرًا في زيادة الثروة اللغوية ولكن هذا لا يغنى عن دور الأب والأم بل هو مساعد ومعين فقط.

تطور اللغة “متى يبدأ الطفل بالكلام”

  1. في عمر “ثلاث شهور”: يبدأ الطفل في إصدار أصوات عالية وهمهمات ويهدأ لو سمع أصواتًا لطيفة حانية.
  2. في عمر “ستة أشهر”: يحاول الطفل الحديث مع والديه ويحاول لفت انتباههم بصوته، ويشاهد وجه أبيه وهو يتحدث.
  3. في عمر “عام”: يقول كلمة “بابا”، وكلمة، “ماما” و “باي”، ويدرك معنى بعض الكلمات المتداولة من حوله.
  4. في عمر “عام ونصف”: يبدأ في استخدام بعض الكلمات المفردة ويستطيع فهم الأسئلة بسيطة التركيب، مثل أين أنفك، أعطيني كذا.
  5. في عمر “العامين”: يدرك في هذه الفترة حوالي ثلاثمئة كلمة تقريبًا، ويدرك الجمل المكونة من كلمتين إلى ثلاثة.
  6. في العام “الثالث”: يبدأ في اتباع التوجيهات البسيطة مثل حان وقت الطعام، ويدرك حوالي تسعمائة كلمة ويتكلم حوالي مئتين كلمة بوضوح.
  7. في العام “الرابع”: يستطيع الطفل في هذه المرحلة إتباع توجيهين مختلفين مثل أحضر المعطف لي، وأجلس لتأكل مثلًا، ويمكنه أن يحكي قصة بسيطة المبنى.
  8. في العام “الخامس”: وهنا يستطيع إتباع ثلاثة توجيهات مختلفة ومركبة، وتبلغ ثروته اللغوية من ألف وخمسمائة كلمة إلى ألفين، ويحكى قصة طويلة ومركبة.
  9. في العام “السادس”: يدرك حوالي ثلاثة عشر ألف كلمة ويصنف الأشياء وفق الطول، العمر، اللون، الشكل والحجم.
  10. في العام “السابع”: يعرف جيدًا أخطاء النطق ويعرف الساعة ويدرك حوالي عشرين ألف كلمة مختلفة ومركبة.

بعد أن عرفت تدرج متى يبدأ الطفل بالكلام إليك نصائح ذهبية لنمو لغوي رائع لطفلك

لا تحكى لطفلك قصة ولكن دعه هو من يحكى القصة

كثير من الكتابات توصى بأن تقرأ الأم أو يقرأ الأب للطفل قصة قبل النوم، ولكن وفق آخر الأبحاث ثبت أن الأفضل أن أعين طفلي على أن يحكى لي كأب أو لأمه قصة، فهذا يزيد كثيرًا حصيلته اللغوية.

استمع لطفلك ومرنه على آداب الحديث من صغره

فاستماعك لطفلك بشكل جيد يجعل منه مستمعًا جيدًا لك وللآخرين عندما يكبر، والذي يمكنه من التواصل اللفظي وغير اللفظي والذي هو أمرًا أساسيًا للنمو المعرفي واللغوي لدى الطفل.

انتبه، كيف تربي طفلك لغويًا "متى يبدأ الطفل بالكلام"

تحاور مع ابنك أثناء اللعب

فثبت أن تحاورك مع ابنك على قدر لغته وعلى قدر حصيلته اللغوية، يؤثر كثيرًا بالإيجاب وينبت منه طفلًا واثقًا متحدثًا جيدًا، قادر على التعبير عن ذاته بشكل جيد.

شاوره في الأمر مهما كانت لغته ومهما كانت خبراته

عامل ابنك على أنه كبير، شاوره في أهم مشكلاتك، وأفهمه أنه ذو رأى جيد وصائب، هذا يعينه كثيرًا على تنمية ثقته بنفسه، وعلى تنمية حصيلته اللغوية، ولا تنسى تقبل رأيه مهما كان بسيطًا وساذجًا بالنسبة لك.

انتبه، كيف تربي طفلك لغويًا "متى يبدأ الطفل بالكلام"

تعامل مع سلوك ابنك على أنه مهم على طول الخط

لا تخوف طفلك ولا تستغل مخاوفه في السيطرة عليه وفى ضبط سلوكه ولا تحقره ولا تأنبه ولا تهينه لأن هذا للأسف يضعف من ثقته بنفسه ويجعله يشعر بالتهديد المستمر والخوف المستمر من كل شيء تقريبًا، والذي ينعكس بالسلب على نمو لغته بشكل سليم.

وأتذكر صديقي المقرب إلى أحمد بكر قطب عندما دخل عليه ابنه – محمد – مهللًا وقائلًا (بابا خالي أتى تصور)، وهنا جاء الدور الرائع للأب والمربى في تقبل ابنه فأجاب بكل قوة وبنفس درجة التهليل والحماس (مش معقوله أنا مش مصدق).

دعه يتفاعل مع غيره بحرية مع توجيهه ومتابعته من بعيد

حاول أن تشجع طفلك على ممارسة هواياته المفضلة لقلبة واهتم ببرامج الأنشطة الترفيهية ولا تحرمه من التفاعل مع البيئة الاجتماعية من حوله، كما ينبغي أن تنظم له ميعادًا للألعاب الرياضية الجماعية والهادفة، كلما أمكن والتي تنمى مهارات الاتصال لدى الطفل وتتيح له فرصة التعبير عن نفسه بحرية.

انتبه، كيف تربي طفلك لغويًا "متى يبدأ الطفل بالكلام"

أجب عن أسئلته وفق عمره ومستواه الفكري واللغوي

فلا يوجد سؤال ليس له رد ولكن الأمر والفكرة هنا في طريقة الرد حتى في حالة أصعب الأسئلة وأشدها إحراجًا فلا بد أن تتعلم أن تجيب على ابنك وهذه مهارة حاول أن تنميها لديك كأب أو لديكي كأم.

فمثلا لو سألني ابني أي سؤال مهما كان السؤال محرجًا المهم وأنا أجيب عليه ألا أنهره وألا أقول له مثلًا – لا تتحدث في هذا الموضوع – فهذا يجعل الطفل يحرم من السؤال الذي هو من أهم الأمور التي تعينه على نموه اللغوي.

كما يجعله يعلم أن هناك مناطق مظلمة ومجهولة ينبغي ألا يدخلها وهذا يقلل من ثقته بنفسه، ويجعله يظن دائمًا أنه غير مؤهل لفعل أشياء معينة، ثم للأسف يعمم تلك الاستجابة على بقية الأشياء.

اقرأ كتابًا في فن التعامل مع الطفل لغويًا

على الأم والأب أن يستعدا لتربية أبنائهم فكما أن الشاب والشابة يلزمهم التأهل العضوي ببلوغهم سن الزواج، ويلزمهم الأهلية المادية والاقتصادية لبناء بيت جيد، لا بد أن يلزمهم أيضًا تأهيلًا علميا، إما باجتياز دورة في الإرشاد الأسرى والتربية أو أن يستعينوا بالتعلم الذاتي بقراءة بعض الكتب الموجودة بوفرة في السوق.

لا تقارن بين طفلك وأطفال الناس الآخرين

فالمقارنة عامة مهلكة لابنك على كل المستويات فلا تقارن بين مستوى ابنك اللغوي وبين مستوى ابن زميلك أو ابن جارك مثلًا، لذلك لا تقارن أبدًا فكل منهم له ظروفه وكل منهم له ما يميزه، وهذا يظهر جليًا في كتابات علماء النفس فيما يسمى الفروق الفردية فكن رفيقًا أيها المربي.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله