ما هو الحب وكيف تجري علاقة عاطفية ناجحة ومتزنة

الحب من أرقى المشاعر الإنسانية ولكن للأسف كعادة البشر لا يتركون مفهومًا على فطرته التي خلقه الله عليها، فقديمًا كان السالكين إلى الله عز وجل يتخذون مركب الحب، أما الآن فللأسف صارت معاني الحب تؤخذ من الأغاني لذلك سنعرف سويًا ما هو الحب تحديدًا.

كما أن تجربة الحب الأولى في الغالب تحدث في سن صغير، هذا السن في الغالب يكون سن تسرع وعدم خبرة وعدم ضبط للمشاعر فتخرج التجربة هوجاء رعناء مملوءة بالمشاعر المركزة وفي الغالب تنتهي بالفشل لأننا في الغالب لا نكون مهيئين للحب في تلك الفترة، أقصد الحب بمفهومة الشامل.

ما هو الحب أولًا

الحب هي تلك الحالة الغير عاقلة بالمرة والتي تتلبسك فور لقاءك بفرد آخر من غير جنسك فتجد نفسك للوهلة الأولى أنك تحبه وتريد رؤيته باستمرار وتحب الحديث معه، وقولي أن الحب في الغالب شعور غير عاقل معناه أنه في الغالب عاطفي محض وهذا ليس جيدًا دومًا بل يقود للمعاناة كثيرًا.

ولكي تعرف ما هو الحب عليك أن تعلم أن الحب ليس فقط شعورًا من رجل تجاه امرأة بل هناك الحب في الله بمعنى أنك تحب فلانًا لأنه يفعل سلوكيات تقربه أو تقربك إلى الله، ساعتها ستقول له من القلب “إني أحبك في الله”.

والحب الحقيقي له فوائد كثيرة أبسطها أنه يجعلك تٌقبل على الحياة بمنتهى القوة والحيوية والنشاط، لتحقق أهدافك أما ذلك الحب المٌسمى “حب من طرف واحد” أو ذلك الاشتهاء الجسدي لهو في الغالب يجذبك للأسفل أو يبعدك عن أهدافك تمامًا.

كما أنه هناك فروق كبيرة بين كلًا من الحب والعشق والهيام، فالحب كما قلنا انجذاب لطرف آخر أما العشق هو الحب المُفرط المُبالَغ فيه والذي يكون فيه العاشق هو ومن يحب في جسد واحد، أما الهيام فهو حالة يُرثى لها من الجنون بالحب مثل قيس في حبه لليلى.

ما هو الحب عند كل من الرجل والمرأة

كثير من النساء تطلب من أزواجها كلمات الحب، وتريد أن تقول له أن يقول لها “أحبك” للأسف في الغالب يكون هو محب لها بالفعل ولكنه قد لا يجيد التعبير عن حبه لها وقد يكون من الذين يرون أن الحب والتعبير عنه يتنافى مع رجولتهم وفحولتهم.

لذلك تجدهم يعبرون عن الحب بأن يأتي لها يوميًا بما تشتهي نفسها من الطعام والملابس ولكن المشكلة للأسف لا تزال قائمة، الفكرة أن النساء يختلفن عن الرجال في طبيعة فكرتهم عن الحب وطرق تعبيرهم عنه.

فالمرأة عاطفية في الغالب تعطي قلبها لمن يفصح لها دومًا عن حبه لها ويقول لها دومًا كلام حب، هي كما قال المتخصصون مثل آلة الكمان لا يتم ضبط أوتارها إلا من رأسها، أما الرجال فالأمر بالنسبة لهم مُختلف.

فالحب بالنسبة لأغلب الرجال أمر يتنافى مع مسؤوليات الحياة ومتاعبها وقليل منهم من يُفَرِّغ بعض الوقت ليجلس إلى جوار زوجته ليتغزل في جمالها ويقول مقولات عن الحب فهو يعبر عن الحب كما قلنا بطريقته الخاصة، مثلًا بتوفير احتياجات البيت من الطعام والمال والأمان.

ما هو الحب من طرف واحد

هو حالة من الاستنزاف العاطفي لصالح طرف واحد في العلاقة وأنا أعتقد أنه في الغالب يكون بسبب قلة خبرة أحد الطرفين، الفكرة أنك في أي علاقة حتى ولو كانت علاقة مادية بحتة لا بد أن يكون هناك فعل ورد فعل لا أن تعطي أنت على طول الخط.

هنا أعتقد أن الحب يتحول لذُل ومهانة ستنتهي عما قريب لكن البطولة في سرعة إدراك حقيقة تلك التجربة المريرة المُسماة الحب من طرف واحد، وبالمناسبة البعض يعتقد أن الحب من طرف واحد ممتع وهم أحرار ولكن عليهم أن يعيدوا حساباتهم، وإليكم تلك الحلقة الماتعة عن الحب من طرف واحد.

https://youtu.be/EtlbyXV4HG0

ما هو الحب من وجهة نظر شعراء الأغاني

للأسف كما قلنا سلفًا نحن اختزلنا الكلام في الحب في تلك الدائرة الضيقة للأغاني، فتجد المُحب أو المُقبل على تجربة حب يتجرع من تلك الأغاني ليعرف ما هو الحب، وأنا والله غير مُتحامل ولا على المغنيين ولا على كتاب الأغاني فقط سأذكر لكم ماذا يعني الحب في الأغاني.

الحب والاشتهاء

للأسف أغلب الأغاني تخلط بشكل واضح بين الحب والاشتهاء، فتجد الشاعر في الكليب الفلاني أو في الأغنية الفلانية يتفنن في تفصيص محاسن الفتاة الموجودة في الكليب، هو يدعي أن هذا حب ولكنه في الحقيقة لا يتحدث سوى عن الاشتهاء الجسدي والذي ليس له علاقة بالحب الطاهر العفيف.

هذا انتقل من الأغاني إلى الشوارع وإلى أدمغة الشباب فتجد الشباب يتهافتون على اللعب بقلوب البنات أو العكس بالنسبة للبنات واللائي في بعض الأحيان يتلاعبن بقلوب الشباب، فقط من أجل النظر لجسدها أو لينال منها بعض ما يريد من المتعة، للأسف هم بعيدين كل البعد عن معرفة ما هو الحب.

الحب والسلبية

لكي تعرف ما هو الحب في الأغاني عليك فقط أن تسمع أغنية لعبد الحليم حافظ، بالرغم من صوته الجميل جدًا إلا أنه وبفعل كلمات أغانيه بث تلك المعاني السلبية ومنها أغنية “قولولو” هو يدعوا الناس لأن يتبرعوا ويقوموا عنه بذلك الدور وهو أن يوصلوا لحبيبته رسالة أو كلمات الحب.

وهذا له آثاره في بعض التجارب التي يقول عليها بعض الشباب أنها حب وهي بعيدة عن الحب تمامًا، تجده ينتظر حتى ترد محبوبته في وجهه كل الأبواب وكان عليه بكل بساطة أن يقرأ في عينيها منذ البداية أنها لا تريده ساعتها عليه أن ينصرف في صمت لا أن يولول.

الحب والخضوع والانكسار والضعف

لو أردت أن تعرف ما هو الحب عند شعراء العامية فعليك فقط أن تسمع لأغنية جبار لعبد الحليم حافظ، تلك الأغنية تحديدًا بها من الألم والضعف والخنوع ما يكفي شباب محافظة في أي دولة، ولا أعلم ما الذي يدفع المُحب لأن يولول هكذا، أعتقد أن الحب قوة وليس ضعف.

الحب والمبالغة الشديدة

والأغاني أصلًا مبنية على المبالغة الشديدة، فأغلب أغاني عمرو دياب مبنية على فكرة أنه إما أن يأخذ ذلك الحبيب أو قد ينتحر أو تصبح حياته ظلام، والواقع يُثبت أنه في بعض الأحيان تعطي لمحبوبك مشاعرك فتجده لا يستحقها، لذلك هنا عليك أن تتوقف لا أن تُبالغ.

كيف تجري علاقة حب ناجحة ومتزنة

من خلال حديثنا السابق عن الحب أعتقد أن مرورك بتجربة حب لا ينبغي أن يكون بشكل عفوي أو غير مرتب له، فقط يمكنك أن تضيف بعض التعقل كما قلنا لتجعل من تجربة الحب ممتعة ولكن أهم من ذلك أن تكون مفيدة لك وتظهر إيجابياتها عليك لذلك عليك أن تقوم بالآتي.

حدد الهدف من العلاقة بوضوح

والحقيقة أن الحب لا أجد له هدفًا أو تصريفًا واضحا أو إطارًا منطقيًا سوى الزواج، وهذا أمر ليس فيه جدال لدى العقلاء، هو محض مقدمات منطقة أولها أنني أحب فلانة الفلانية فطبيعي جدًا أن أحب رويتها وطبيعي أيضًا أنني طالما أحبها فبكل تأكيد لا أريد أن أخدشها أو ألوث سمعتها.

لذلك من عرفوا ما هو الحب الحقيقي عرفوا أن التصريف الطبيعي والإطار المنطقي له هو الزواج الشرعي هو فقط الذي سيعطيك فرصة يومية كي ترى من تحب إلى جوارك وأن تسعدها حقًا وأن تتحمل مسؤولياتها ساعتها سيظهر حبك لها هل هو حب حقيقي أم محض اشتهاء سينقضي لا محالة.

ابحث عن التكافؤ

قبل أن تحب عليك أن تبحث عن التكافؤ في كل شيء فلا تكن مغرورًا أو محدود التفكير وتعتقد أن الحب هو من يُقنع تلك الفتاة الثرية بالزواج منك أو أن تبقى إلى جوارك، أعتقد أن هذا سيدوم لساعات قليلة وستفاجئ بعد يوم واحد من الزواج بالآتي.

ستنقلب حياتك إلى جحيم وهي باعتبار أنها تحبك لن تفصح عن شيء بالكلام بل سترسل إليك الجمل الصامتة عبر نظراتها وهناتها وتمتماتها ومصمصة شفاهها وبكل السبل هي ستفوق لا محالة من هذا الوهم الذي اسمه الحب الغير متكافئ.

كن أكثر واقعية

إذا أردت أن تعرف ما هو الحب فعليك أن تغلق أذنيك عن تلك المعاني الهابطة التي ترسلها لك الأغاني بأنواعها، فالأغاني حالمة للغاية ليس فيها من معاني الحب الحقيقي أو من الأشياء التي تلي الحب مثل المسئولية.

والمسئولية هي ببساطة ماذا بعد الحب، بعد الحب ستجد لك ابنًا وستجد بعض ضيق العيش وستجد أنه مطلوب منك أن تظهر قوي وأنت ضعيف للغاية وستجد متاعب الحياة تكاد أن توقع كاهلك وتقسم ظهرك كلها تبعات الحب المسئول يا أخي.

كن أهلًا للحب

قبل أن تسال ما هو الحب أو قبل أن تدخل في تجربة حب عليك أن تعلم هل أنت مؤهل لهذا أم أنك ما زلت طفلًا، وكلمة طفلًا هنا لا أقصد بها سن معين لأنه للأسف ومع الفساد التربوي الواضح فينا نجد أن هناك شباب في عمر العشرينيات وما زالوا أطفال.

لذلك أعتقد أن المقياس الوحيد للأهلية هو أيضًا تحمل نفقات الزواج أو حتى جزء منها والقدرة على إقامة بيت بسيط متناسب معك ومع ظروفك ومع شريكة حياتك، أيضًا ستكون هادئ ومتزن العواطف ولن تكون عفويًا أو بكاءً ولكن ستفوح منك رائحة الرجولة.

التضحيات المتبادلة

باعتبار أن للحب طرفان لا ثالث لهما فعليك أن تستشف أو تستشرف في الطرف الآخر حبه لك واستعداده لأن يبادلك نفس قدر الحب ولو بصورة مختلفة، لا أن تكون منسكبًا عليه تمامًا وهو يقطر عليك الحب بقطارة أو يعاملك معاملة الري بالتنقيط، فهذا منهك جدًا.

خلاصة القول أنك حينما تحب فتاة ما أو عندما تحبين شاب ما فتأكدي من كونه على أتم الاستعداد لأن يبذل كما تبذلين لا أن يكون من النوع الذي يريد دومًا أن يأخذ لا يعطي وأن يمتص لا يفيض، وهذا أمر هام لكي تعلم ما هو الحب حقًا.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله