مدينة واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية

من المعروف أن القارة الأمريكية التي اطلق عليها اسم العالم الجديد لم تكن معروفةً من قبل الأنسان في الماضي البعيد، فهي أرضٌ جديدةٌ تم اكتشافها من خلال الاكتشافات الكبرى التي دشنها كريستوفر كولومبس وكانت موطنًا للهنود الحمر عندما تدفق البيض إلى هذه الأرض الجديد من القارة الأوربية على شكل مجموعات كبيرة وبنوا على طول الساحل الأطلسي  مستعمرات استيطانية لهم على شكل مدن صغيرة وسموها بأسماء أوربية وفي المنطقة المعروفة حاليًا بواشنطن، قدم إليها المهاجرون البيض في نهاية القرن السابع عشر  وأقاموا فيها بعض المزارع والحقول، وفي عام 1749 أسس المهاجرون البيض مدينة الإسكندرية كأول مدينة في المنطقة التي كانت معروفة آنذاك بمستعمرة فرجينيا.

مدينة واشنطن

تأسيس مدينة واشنطن

خلال السنوات الأولى للدولة الأمريكية استخدمت عدة مدن كعاصمة لها، بيد أن الكونغرس الأمريكي في عام 1783 قرر أن يكون للبلاد عاصمةٌ دائمة لتكون مركزًا رئيسيًا للحكومة المركزية إلا أن الولايات المتحدة لم تستطع لفترة من الزمن أن تختار مكانًا مناسبًا بسبب الخلافات بين الجنوب والشمال، وكذلك بين الولايات حيث أن كل هذه المناطق كانت تطالب بأن تكون العاصمة الجديدة ضمن حدود ولايتها نظرًا للمردود الاقتصادي التذي ستجلبه هذه المدينة الكبيرة في المجال الصناعي والتجاري.

كاد هذا الخلاف أن يقضي على فكرة إنشاء العاصمة برمتها إلا أنه في عام 1790 قدم وزير المالية الأمريكي في ذلك الحين الكسندر هاملتون اقتراحًا بان نبنى العاصمة على أراض من أملاك الحكومة الفيديرالية ولا تملكها ولاية من الولايات، وبعد العديد من المساومات أقر الكونغرس في 16 من تموز عام 1790 وبموجب الدستور الأمريكي أن تبنى العاصمة على أرضٍ بالقرب من نهر بوتماك التي تبرعت بها ولايتا ميريلاند وفرجينيا وحولتها إلي ملكية الحكومة للفيديرالية، وبعد ذلك طلب من الرئيس جورج واشنطن أن يحدد موقع وحدود العاصمة كونه من أبناء المنطقة ويعرفها جيدًا من الناحية الجغرافية.

اختار الرئيس جورج واشنطن المهندس الفرنسي بيير شارل لانفان بوضع خريطة المدينة ووضع موقع الكابيتول في وسط المدينة وتم إنشاء عاصمة جديدة باسم جورج واشنطن تيمنا بأول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1791 في شرقي ميناء جورج تاون وفي عام 1871 تم توحيد جورج تاون مع واشنطن وبالتالي أخذت واشنطن شكلها الجغرافي الحالي المعروف.

في عام 1800 قررت الحكومة الفيديرالية الانتقال من مقرها المؤقت في فيلاديلفيا الى العاصمة الجديدة واشنطن، وكانت مدينة صغيرة، وقدر عدد سكانها في ذلك الحين بحوالي 8000 نسمة، وفي عام 1814 احتلت القوات الإنكليزية للعاصمة واشنطن فاحرقوا جميع المباني الحكومية بما فيها الكابيتول والمبنى الرئاسي الذي أصبح لونه اسودًا قاتمًا، وبعد التحرير تم إعادة بناء هذه المباني وبعد إزالة اللون الأسود وأثار الحريق أطلق الأمريكيون على المقر الرئاسي اسم البيت الأبيض.

تطور مدينة واشنطن

بعد أن أصبحت واشنطن العاصمة الفيديرالية للولايات المتحدة نمت وتوسعت عمرانيًا وسكانيًا وفي أكثر الأوقات كانت سيرورة النمو و التوسع فيها ترتبط بأيام الأزمات كالحروب والأزمات الاقتصادية، حيث كان الكثير من الناس يلجئون الى العاصمة طلبًا للأمان والحماية وللتوظيف والعمل، وعندما وقعت الحرب الأهلية ما بين عام 1861 وعام 1865 زاد عدد سكان واشنطن من 60000 نسمة إلى 120000 نسمة فقام الاتحاد بأرسال ألاف الجنود للدفاع عن المدينة  ضد هجمات القوات الجنوبية وقدم إلى العاصمة واشنطن ألاف من الناس للمشاركة في المجهود الحربي ولإقامة مشاريع تجارية، وشكل هذا النزوح الكبير ضغطًا هائلًا على المدينة ومرافقها من شوارع ومياه ومرافق صحية، الأمر الذي جعل الحكومة لم تستطع أن تقوم بمهامها تجاه تأمين حاجات الناس الضرورية بالشكل المطلوب، وجرت أزمةٌ سكنية حادة عجزت الحكومة من تأمين السكن لكافة هؤلاء الناس.

في عام 1917 عندما دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الأولى جرت موجة أخرى في ازدياد عدد سكان واشنطن فالحكومة أصبحت بحاجة الى الأيدي العاملة للمساعدة في المجهود الحربي وتشكلت حاجات ملحة للقيام بأعمال تجارية ومساعدة الحكومة كما أن للأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الأمريكي ما بين عام 1929 وعام 1933 وكان لمشاركة أمريكا في الحرب العالمية الثانية أثر هائل لتوسيع واشنطن من حيث السكان والتوسع العمراني.

جغرافية واشنطن

تقع العاصمة الأمريكية واشنطن على نهر بوتوماك وتقدر مساحتها بحوالي 177 كم مربع وتجاورها ولايتا ميريلاند وفرجينيا، ويقدر حاليًا عدد سكانها بـ 606900 نسمة ويقع مبنى الكابيتول في وسط واشنطن وتتفرع من الكابيتول أربعة الشوارع باتجاه أطراف المدينة وتقسمها الى أربعة أقسام رئيسية وهي:

القسم الشمالي الغربي

وفيه النشاطات الثقافية والاقتصادية والحكومية ويعتبر أكبر أقسام واشنطن ويقع فيه البيت الأبيض.

القسم الشمالي الشرقي

وهي المنطقة التي تعيش فيها الطبقة الوسطى ويقع فيها متحف بثيون والجامعة الكاثوليكية الأمريكية.

القسم الجنوبي الشرقي

وتعتبر هذه المنطقة أرقي وأغنى مناطق العاصمة الأمريكية واشنطن، مبانيها جميلة وشققها فاخرة وفي هذه المنطقة سوقٌ كبير لبيع الخصار والفواكه يسمى بالسوق الشرقي.

القسم الجنوبي الغربي

في هذه المنطقة وضمن برنامج حضري للمدينة تم في الخمسينيات من القرن العشرين إعادة بناء كل المباني القديمة في هذا القسم.

المناخ في واشنطن

تتميز مدينة واشطن بمناخ رطب شبه مداري بسبب موقعها على المحيط الأطلسي، يتميز الربيع والخريف بالدفء والصيف رطبًا وحارًا ويصل متوسط درجة الحرارة في حزيران 26.2 وبمستوى رطوبة 66 بالمئة الأمر الذي يشعر الناس بالانزعاج، أما الشتاء في واشنطن فهو بارد وتصل متوسط درجة الحرارة الى حوالي 3.3 اعتبارًا من منتصف ديسمبر وحتى منتصف فبراير وتسقط الثلوج في المنطقة وتصل الى سماكة حوالي 40 سنتيمترا من السنة وتضرب منطقة واشنطن كل أربع سنوات رياح عاتية يرافقها أمطار غزيرة وعواصف ثلجية كبيرة.

التركيب السكاني لمدينة واشنطن

في واشنطن يعيش خليط كبير وغريب حيث تبلغ نسبة سكات السود من مجموع سكان واشنطن جوالي 75 بالمئة ويقدر عددهم 450,000 ويشكلون الأغلبىة في الأقسام الأربعة للمدينة، فيما يقدر عدد البيض بنحو 172,000 وهم ينحدرون من أعراق أوربية متعددة من إيرلندا وإيطاليا وبولونيا وهناك الأسيويون والإسبان، ويسكن في المدينة اكثر من 40,000 من الأجانب يعملون في السفارات والهيئات الدبلوماسية والمنظمات العالمية الموجودة في العاصمة الأمريكية.

الشكل التصميمي والفن المعماري لواشنطن

تعتبر مدينة واشنطن مدينة حديثة تم بنائها على أساس تصاميم المهندس العسكري المعماري الفرنسي بيير شارل لافان الذي كلفه جورج واشنطن في عام 1791 بوضع مخطط العاصمة الجديدة، وبناءً على طلب لافان أمر توماس جيفرسون بجلب مخططات لمجموعة من المدن الأوربية القديمة كباريس وأمستردام وميلانو وفرانكفورت وتم تخطيط للبناء على الطراز الباروكي مع الأخذ بالاعتبار ترك مساحات خضراء كبيرة يمكن أن تصل أليها الطرقات.

في عام 1792 أصدر جورج واشنطن أمرًا بإقالة لافون من الأشراف على تخطيط العاصمة بسبب إصرار لافان بتقليص اللجان التي شكلها جورج واشنطن للصلاحيات الإدارية حيث طلب لافان العمل بإدارة مصغرة، وكلف بإدارة التخطيط اندرو أليكوت الذي كان مساعدًا للافان في مسح المدينة، وعلى الرغم من قيام أليكوت بوضع بعض التنقيحات على الخطط وبعض التغيرات في تصاميم الشوارع إلا أن المخطط الكامل للمدينة يرجع الى المعماري لافان.

ومع مرور السنوات وتوسع المدينة لم يبق تصميم لافان كافيًا أو ملزمًا فطرأت تغيرات أخرى على المخطط وترتيب المدينة، وفي عام 2007 صنفت الجمعية المعمارية الأمريكية 6 مبانٍ في واشنطن من أصل 10 مبانٍ في الولايات المتحدة الأمريكية كأفضل طراز معماري وهي البيت الأبيض وكاتدرائية واشنطن الوطنية ونصب جيفرسون التذكاري ومبنى الكابيتول ونصب ابرهام لنكولن التذكاري والنصب التذكاري لفرانكلين روزفلت والنصب التذكاري لمحاربي فيتنام القدامى.

أهم معالم العاصمة واشنطن

من أهم معالم العاصمة الأمريكية واشنطن البيت الأبيض ومبنى الكونغرس ومبنى طباعة وصك الأوراق المالية ومكتبة الكونغرس، أما أهم المعالم الثقافية فهي جامعة جورج تاون وتوجد في المدينة اهم مكاتب للاتصالات والمراسلات لأهم الصحف والمجلات ولشبكات الإذاعة والتلفاز في العالم، وتصدر في واشنطن يوميًا صحيفتان شهيرتان وهما واشنطن بوست وواشنطن تايمز، وفي منطقة العاصمة واشنطن تعمل 40 محطة إذاعية و14 محطة تلفزيونية، كما أن واشنطن تلعب دورًا كبيرًا في المجال الاقتصادي والتجاري والمالي والسياسي في حياة البلاد، ويتكون مجلس المدينة من 13 عضوًا ولا توجد لمقاطعة واشنطن تمثيل في الكونغرس الفيديرالي وهي تتمتع بثلاثة أصوات من الناخبين الكبار لانتخاب الرئيس.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله