البركان هو أحد الظواهر الجيولوجية الطبيعية والدائمة التي بقيت دون تغيير نسبيًا عبر تاريخ الجيولوجيا ولعبت دورًا رئيسيًا في تكوين وتطور قشرة الأرض.
كل ما تريد معرفته عن البراكين وكيف تتشكل وماهي أجزائها وفوائدها وأضرارها ستتعرف عليه من خلال تسليط الضوء على هذا الموضوع الهام في مقالنا التالي.
البراكين
التعريف المقبول عمومًا للبركان المنفجر هو عندما تنبعث منه الحمم البركانية ومع ذلك فإن بعض ظواهر البراكين لا تنبعث منها الحمم البركانية ولكن توصف بأنها ثوران وهذه عبارة عن ثورات بركانية حيث يشكل فيها الانبعاث المؤقت لكميات كبيرة من بخار الماء عموديًا وعادةً ما يكون تمهيدًا لثوران صخري، أو تكون ظاهرة ثورات بركانية تتوافق مع الإطلاق المفاجئ والسريع لكمية كبيرة من الغازات البركانية الذائبة في الحفرة البركانية.
عادة ما يكون البركان جبلًا (على شكل قبة أو مخروط) يصدر أو ينبعث منه مادة منصهرة (حمم بركانية) أو مواد صلبة (رماد) وهذا الانبعاث يحدث بسبب فتحة على سطح الأرض والتي تسمح بمرور هذه المواد بين المناطق الداخلية من الكرة الأرضية وسطحه.
أجزاء البركان
يتكون البركان من ثلاثة أجزاء:
المخروط البركاني:
وهو خزان الصهارة (المنطقة التي تنصهر فيها المواد) وهو عميق كما أن هناك الصهارة التي تنساب على جانبي البركان ثم تتصلب وتسمى اللابة.
فوهة البركان:
وهي التي تسمح للصهارة بالخروج من الخزان باتجاه سطح الأرض وتكون على شكل القمع وقد يصل حجم الفوهة البركانية إلى كيلومترين.
المدخنة:
وهي أنبوب يصل بين خزان الصهارة الموجود تحت الأرض وبين الفوهة التي يصعد منها الصهارة بحيث تندفع المواد البركانية من خلال المدخنة إلى الفوهة.
المواد التي تخرج من البركان حين ثورانه
حطام صخري:
نتيجة للانفجارات البركانية ينبثق الحطام الصخري وهو صلب وله عدة أحجام وأنواع، ثم ينتج عن هذ الحطام ظهور كتل صخرية وجمرات ورمل وغبار وهي:
مواد صلبة: وهي تتكون من الاجزاء التي تتكون منها الصخور البركانية نفسها.
مقذوفات بركانية: والتي تخرج من البركان نتيجة تجمد الحمم البركانية والصهارة التي تُقذف من البركان إلى السطح.
صخور الخفاف: وهي رغوة سيليكاتية يتخللها الغازات ولونها أبيض وتتشكل في أثناء الانفجار القوي للبركان.
الرماد البركاني: وهو الذي ينتج عن تناثر وتفتت الصهارة المتجمدة في مدخنة البركان من تأثير الضغط والبخار وسرعان ما تتصلب.
غازات:
حيث يخرج من البركان أثناء نشاطه غازات من بخار الماء بكميات كبيرة ويتكون منها سحب عظيمة تختلط مع الغازات الأخرى والغبار حيث يؤدي تكاثفها إلى سقوط أمطار غزيرة حول البركان ويصاحبها أضواء كهربائية نتيجة الاضطرابات الجوية التي تحدث ونتيجة احتكاك حبيبات الرماد البركاني ببعضها أيضًا.
ونعتبر أهم الغازات المنبعثة من البراكين هي ثاني أكسيد الكبريت، وبخار الماء والنتروجين والهيدروجين والكلورين والأوكسجين ومركبات الكربون.
حمم:
وهي عبارة عن كتل سائلة تتدفق من فوهة البركان أو من الشقوق والكسور التي تظهر على جانبي البركان وتتكون من:
المواد السائلة كالصهارة واللابة (الحمم): وهذه المواد التي تسيل وهي مشتعلة من فوهة البركان لمسافات بعيدة بحسب انحدار الأرض أو طبيعة هذه المواد السائلة (فيما لو كانت مائعة أو لزجة) وحسب قوة البركان نفسه، وهذه الحمم تختلف حسب طبيعتها وتركيبها الكيميائي ولها نوعان:
حمم فاتحة اللون وخفيفة: تكون لزوجتها كبيرة وتتدفق من البركان ببطء.
حمم لونها داكن وثقيلة: وهي بازلتية وتكون سائلة ومتحركة بشكل كبير جدًا وعلى طول منحدرات البركان تنساب هذه الحمم وقد تتشكل منها مساحات كبيرة يتكون منها هضاب كهضبة الحبشة، وهضبة كولومبيا بأمريكا الشمالية.
أنواع البراكين على الأرض
هناك الآلاف من البراكين على الأرض بعضها منقرض (مثل حالة البراكين الفرنسية في وسط ماسيف)، والبعض الآخر نشط إما بشكل دائم أو بشكل متقطع، أو البراكين الخامدة والتي توقفت عن إطلاق الحمم منها.
هناك حوالي 1500 توع من البراكين تنشط على كوكبنا وموقعها يتوافق بشكل وثيق مع المناطق التي تكون فيها طبقات الأرضية السفلية على استعداد لتشكلها واطلاقها:
البراكين النشطة:
يمكن اعتبار البركان نشطًا إذا كانت آثار الانفجار الزلزالي أو النشاط الزلزالي أو الغازي ما زال سهل الحدوث حيث يهدد البركان في هذه الظاهرة بمعاودة نشاطه مرة أخرى حتى لو بقي على هذه الحالة مدة من الزمن.
براكين خامدة:
يعتبر البركان أحيانًا هادئًا أو في حالة راحة وقد تكون هذه البراكين هي التي انفجرت آخر مرة قبل الأزمنة التاريخية ما بين 10000 سنة وحتى بضع مئات من السنين.
البراكين المنقرضة:
البركان المنقرض هو بركان آخر ثورانه قديم جدًا لدرجة أنه لم يعد ممكنًا، وتعتمد هذه المدة على تواتر ثوران البركان:
- فإذا كان البركان أحادي المنشأ قد انقرض بعد بضع سنوات من اندلاعه، فإنه سيشهد فترات راحة تصل إلى عشرات الآلاف من السنين بين ثورتي الثوران.
- أو لا يعتبر منقرضًا في بعض الأحيان وتكشف الدراسة الجيوفيزيائية للبركان المنقرض عن استمرار نشاط حجرة الصهارة القادرة على تغذية ثورات جديدة للبركان (على سبيل المثال حالة بركان Ciomadul في رومانيا الذي ظل غير نشط منذ 30 عامًا ولكنه ما بات وأخذ يتدفق كمية من المواد المنصهرة الغنية بالمياه إلى حجرة الصهارة والتي مساحتها من 20 إلى 58 كم 3 وهي كمية أكبر من الحجم الكلي للحمم المنبعثة طوال تاريخ هذا البركان).
- والبراكين التي لم تعد تنبعث منها المواد لفترة طويلة سواء كانت منقرضة أم لا تتأثر بالتآكل بدرجات متفاوتة وينتهي تفكيكها بالكامل إذا تم إخمادها بالفعل.
أنواع الانفجارات البركانية
تحدث الانفجارات البركانية عندما يتدفق الصخر الأحمر الحار من جوف الأرض ثم ينسـكب في قاع المحيط أو على السـطح بحيث يخرج حارًا جدًا لدرجة السـيولة ونسميه بالصخر المذاب، وهذا الصخر المذاب إذا تدفق تحت سطح الأرض سمي صهارة، أما إذا تدفق خارج البركان سمي حممًا (اللافـا).
وفد حدد العلماء الانفجارات البركانية إلى ثلاثة أنواع مختلفة رئيسـية هي:
هاواي
في هذه الانفجارات تكون الحمم والصهارة رقيقة وسائلة للغاية وتتدفق دون انفجارات وتبرد ببطء وتسبب تسرب بعض الغازات منها.
سترومبولي
تكون الصهارة في هذه الانفجارات أرق من انفجارات هاواي بحيث تكون الغازات مرتبطة بها كثيرًا مما يسبب انفجارات عنيفة.
تحرج من هذه الانفجارات الحمم كالنافورة الضخمة وتبدأ بقدف الكتل الصخرية وتتجمع هذه الكتل لتأخذ شكل مخروطي حيث يتم تكديس طبقات من الحمم والرماد فوق بعضها البعض.
بيليني
في هذا الانفجار تخرج منها الحمم اللزجة جدًا والصهارة غليظة القوام والتي تتصلب بسرعة كبيرة بحيث يبدأ الاندفاع غالبًا بـ “غيوم ملتهبة” (غيوم من الرماد وأحجار وبخار الماء) على سفوح المخروط المدبب، ويؤدي الضغط في هذا الانفجار إلى دفع الصخور لأعلى وقذفها ثم تنفجر الغازات مما يؤدي إلى تكون غازات على شكل عمود وعندما تبرد هذه المواد تتحول إلى حجر لونه أبيض يسمى الخفاف.
الثوران البركاني
نشاط البركان هو تصنيف التردد البركاني للبركان وفقًا لتاريخ ثورانه الأخير وأحيانًا طبيعته البركانية.
ويمكن اعتبار الثوران البركاني كارثة طبيعية عند حدوثها، فهو فترة نشاط للبركان حيث تنبعث منه مواد مختلفة مثل الحمم البركانية أو قطع الصخور أو الغازات أو الرماد وتسمى هذ الظاهرة الانفجارات البركانية.
كما أنها ظاهرة جيولوجية يمكن أن تسبب أضرارًا مادية كبيرة وفقدًا في الأرواح عند البشر وأيضًا في الأنواع الحيوانية أو النباتية الأخرى.
وتتمثل عواقب الانفجار البركاني في تحركات السكان حيث يُجبر عدد كبير من الناس على الفرار من تدفقات الحمم البركانية، وغالبًا ما تتسبب الانفجارات البركانية في نقص مؤقت في الغذاء والانهيارات الأرضية.
وأخطر أنواع الانفجارات البركانية حين تشكل الصهارة سحابة نارية مع درجة حرارة تصل إلى 1200 درجة وهذه السحابة الملتهبة التي تشكلت على جانبي البركان سرعتها تصل إلى مائة كيلومتر في الساعة.
وأهم ثوران بركاني في القرن العشرين كان له عواقب عالمية هو ثوران (بركان بيناتوبو) في الفلبين والذي حدث في أبريل عام 1991، حيث كان هذا البركان هادئًا وبعد 600 عام من الهدوء يُظهر البركان أولى علامات نشاطه حيث تسبب هذا الثوران الكبير على تشرد ما يقرب من 1.8 مليون شخص وقتل حوالي 1000 شخص، وأكثر من 86000 هكتار من الأراضي المحيطة به مغطاة بالرماد.
النشاط البركاني:
عندما يثور البركان ثم يهدأ تتشكل حوله:
منافذ بركانية صغيرة:
تخرج الغـازات التي تشكلت من البركان من خلال عدة ثقوب نسميها منافذ بركانية صغيرة والتي تتواجد في الأماكن القريبة من البركان، وهي مهمة جدًا وخاصة للعلماء الذين يقومون بدراستها والتنبؤ بموعد الانفجار التالي للبركان نفسه كما تفيدهم في معرفة ما يجري في البركان.
وفي هذه المنافذ البركانية الصغيرة يوجد غاز ثاني اوكسيد الكربون وبخار الماء وأملاح متكونة من عدة معادن تساهم في تلوين الأرض، فالكبريت مثلًا يلون الأرض بلون أصفر واندماج الزنك مع المنغنيز يلون الأرض بلون القرنفل.
الينابيع وفوهات المياه الساخنة:
في المناطق التي تحيط بالبركان تنفجر بعض الينابيع من أعماق الأرض ويخرج منها الماء الحار الذي أصبح حارًا نتيجة تسخينه أثناء تدفقه بين الصخور تحت الأرض والذي يفور إلى سطح الأرض نتيجة ضغط الغاز الكثير الذي يحتويه.
أو ينطلق الماء على شكل نوافير وينابيع تسمى فوارات وتكون المياه فيها ساخنة.
فوائد البراكين
على الرغم من أن الأمثلة السلبية تتبادر إلى الذهن عندما نتحدث عن البراكين، فإن الاستفادة من البراكين كثيرة ولكن بعد حدوث ثوران بركاني:
- تصبح التربة غنية بسبب العناصر الغذائية التي نجمت من البركان.
- تظهر العديد من الرواسب المعدنية المهمة بسبب البراكين ولذلك نرى أن بعض المناطق الزراعية الأكثر خصوبة في العالم تقع في المناطق البركانية.
- يتم جلب الأحجار الكريمة التي كانت موجودة تحت الأرض إلى سطحها والمساهمة بشكل كبير في اقتصاد البلاد.
- بالإضافة إلى الطاقة الحرارية الأرضية العالية التي تتكون من البراكين الفتية تؤدي إلى خروج بعض الانبعاثات القيّمة من البراكين وتظهر المناجم المعدنية مثل النحاس والزئبق والذهب والفضة والرصاص والزنك والتي يرتبط معظمها بالجزء الأساسي من البراكين وهي من المنتجات القيمة التي يستخدمها الإنسان.
- كما أنها تطلق مواد كيميائية جيدة في الجو ومن الأمثلة على المواد الكيميائية التي يطلقها البركان ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين التي تسهم في دورة المياه.
- تساهم البراكين في السياحة الجغرافية: حيث تشكل الأراضي البركانية أماكن مهمة للسياحة مثلًا تعتبر الجبال البركانية في تركيا أهم المناطق السياحية في البلاد.
- كما أنها تؤثر على الهيكل الاجتماعي والاقتصادي للمناطق التي تقع فيها (على سبيل المثال عندما يطفئ بركان (إتنا) في إيطاليا يتم فتحه على الفور للسياحة لأن التماثيل المصنوعة من حمم البازلت تجلب منظورًا مختلفًا للحياة الفنية.
مخاطر البراكين
- في حالة حدوث ثوران بركاني يتعرض البشر والحيوانات في المنطقة للتهديد ويجب إجلائهم عن المنطقة المحيطة بالبركان.
- وسيتطلب إخلاء هؤلاء الأفراد بذل جهود من جانب الحكومة والجماعات الاجتماعية للبحث عن ملجأ آمن للأفراد.
- ويؤدي ثوران البركان إلى إطلاق كمية كبيرة من الدخان والغبار والرماد البركاني التي يمكن أن تشكل سحبًا وغبارًا بحيث تحجب الغيوم والغبار مقدار الضوء المتاح للنباتات والحيوانات مما يؤدي إلى تقليل الطعام ومزيد من الخسائر في الأرواح.
- في بعض الأحيان تغطي الغازات والغبار والرماد البركاني الغلاف الجوي وتسبب تغيرات في المناخ.
- كما يمكن للمواد المنبعثة من البركان أن تقلل من بعض أشعة الشمس وتخفض درجة الحرارة.
- بالإضافة إلى ذلك تتسبب البراكين أيضًا في خسائر كبيرة للبشر وواحدة من أكبر الخسائر في التاريخ وقعت في عام 79 م حيث في غضون ساعات قليلة من اندلاع بركان جبل فيزوف تحولت مدينة مومباي الايطالية إلى مقبرة في وقت قصير واختفى أكثر من 20،000 شخص حيث تم حرق البشر في الحمم واندفنوا تحت الرماد علمًا أن ثوران بركان فيزوف استمر يومين.
أشهر البراكين في العالم
من أكثر البراكين المشهورة في العالم اخترنا هذه البراكين:
بركان سانتا ماريا في غواتيمالا
يقع بركان Santa Maria النشط في الجزء الغربي من غواتيمالا، ووفقًا للعلماء حدث أول ثوران بركان سانتا ماريا منذ حوالي 30،000 عام.
وكان أول انفجار مسجل منذ أكثر من مائة عام حيث في عام 1902 قضى على حياة ستة آلاف شخص.
بركان مايون في الفلبين
يقع بركان Mayon النشط في جزيرة لوزون التي تعد جزءًا من أرخبيل الفلبين، فسرعته متزايدة من النشاط وله شكل مخروطي غير عادي.
وخلال فترة 400 عام كان هناك أكثر من 50 انفجارًا كبيرًا.
ارتفاع البركان حوالي 2460 متر ولكن حالة البركان بعد كل ثوران تتغير، وطول قاع البركان حوالي 130 كيلومتر.
بركان جبل فيزوف في إيطاليا
جبل فيزوف هو عبارة عن جبل بركاني، وهو الجبل الثائر الوحيد في أوروبا، ويقع بجوار مدينة مومباي وأول مرة ثار فيها هذا البركان كان في عام 79 م حيث دمر مدينة مومباي وهركولانيوم وقد حاول سكان هذه المدن الهرب بالقوارب لكن الرماد البركاني والغازات والحمم غطتهم وماتوا اختناقًا تحت الرماد مع مدينتهم.
ويعتبر هذا البركان من أهم المعالم الطبيعية ذات الأهمية العالمية حيث يبلغ ارتفاعه 1،281 متر وهيكل البركان مثير جدًا للاهتمام لأن له ثلاثة مخاريط متشابكة.