كوكب الزهرة … توأم الأرض خالي من الحياة

شمسه تشرق من الغرب، يومه أطول من عامه، ابتلع قمره، حرارته قاتلة.

أطلق عليه لقب توأم الأرض على الرغم من انعدام الحياة هناك. قالوا عنه آلهة الحب عشتار آلهة الجمال فينوس، بالمقابل سمي كوكب الجحيم والكوكب الشرير. الكثير من التفاصيل الغريبة تحوم حول حقيقة كوكب الزهرة، الأمر الذي جعل منه مادة غنية بالتساؤلات تم وضعها تحت عدسة التحليل والبحث.

ما هو كوكب الزهرة؟

كوكب الزهرة ثاني كواكب المجموعة الشمسية وأكثرها لمعانًا، يبعد عن الشمس حوالي 108 مليون كيلومتر، يدور حولها وفق مدار ليس دائري بشكل تام.

يصنف من الكواكب الترابية ذات الصخور البركانية حديثة النشأة، لا يمتلك صفائح تكتونية ولا غلاف مغناطيسي، لكن غلافه الجوي كثيف، تصل درجة حرارته إلى 460ْم الأمر الذي يجعل من المستحيل زيارته والعيش عليه.

أطلق عليه الكثير من الألقاب أهمها فينوس، نجم الصباح، نجم المساء… ليكون من أكثر الكواكب التي استحوذت اهتمام العلماء ليتعرفوا على كافة تفاصيله بدقة.

لماذا سمي بالزهرة (فينوس) نجم الصباح نجم المساء؟

سمي هذا الكوكب المميز بالزهرة وفق ما ذكر في لسان العرب: الزُّهْرَة هي الحسن والبياض، زَهرَ زَهْراً والأَزْهَر أي الأبيض المستنير، البياض النير، والزُّهَرَة، بفتح الهاء: الكوكب الأَبيض. فعند مشاهدته من الأرض يظهر ساطع لانعكاس كمية كبيرة من ضوء الشمس عليه بسبب كثافة غلافه الجوي الكبير.

كما نسب لآلهة الجمال فسمي فينوس لشدة جماله بين كواكب المجموعة الشمسية، حلقاته الرئيسة تدور بعرض كلي يقدر تقريبًا  74000كيلو متر فوق غلافه الجوي، الأمر الذي يجعل من صوره المأخوذة عبر السفن الفضائية تبدو في غاية الجمال.

يعتبر الزهرة أقرب إلى الشمس من الأرض، تتم رؤيته من نفس الناحية التي تبدو منها الشمس، لذا يظهر لنا ونحن على الأرض فقط قبل الشروق وبعد الغروب بمدة قصيرة فسمي نجم الصبح أو نجم المساء ليكون أسطع جسم مضيء في السماء.

لماذا الزهرة أخت الأرض؟

تعتبر الزهرة والأرض كوكبان متشابهان في الكثير من التفاصيل منها الحجم والكتلة. فعندما يكون وزنك على الأرض 70 نيوتن سيكون على سطح الزهرة 63 نيوتن.

لديه تركيب صخري مشابه لتركيب الأرض براكين زلازل جبال ووديان. لكن الاختلاف الرئيسي هو أن جوه حار لا يمكن العيش عليه، كما أنه لا يملك قمرًا كالأرض، ولا يملك غلاف مغناطيسي مما يجعله معرض للرياح الشمسية بشكل مباشر.

كيف يبدو سطح كوكب الزهرة؟

يبدو سطح فينوس مليء بالجبال المعدنية المغطاة بالرصاص تذوب عند ارتفاع الحرارة، الأمر الذي جعل منه موضع اهتمام الكثير من العلماء لمعرفة حقيقته بدقة.

ففي أوائل القرن العشرين استطاع العلماء رسم الخريطة الخاصة بهذا الكوكب عندما أرسلوا المركبة الفضائية «ماجلان» والتي من خلالها تم التقاط صور دقيقه لسطحه، تبين من خلالها وجود براكين نشطة ونسبة عالية جدًا من الكبريت أي أن هذه البراكين تنفجر من وقت لآخر.

ما هو لون كوكب الزهرة؟

حرارته المرتفعة تذيب رصاصه فيغلب على غلافه الجوي ثاني أكسيد الكربون، وتتشرب سحبه حمض الكبريت الذي يعكس أشعة الشمس، الأمر الذي يجعله يبدو أبيض مائل للصفرة.

البراكين على سطح كوكب الزهرة

يعتبر الزهرة من أكثر الكواكب احتواء على الفوهات البركانية ضمن المجموعة الشمسية، فمعظم تضاريسه عبارة عن حمم بركانية دليل وجود تدفقات بركانية قديمة على سطحه، نتيجة هذا النشاط البركاني تتكون تربته من 90% بازلت وسطحه يشمل 80% من سهوله بركانية التركيب.

مما يتكون الغلاف الجوي للزهرة؟

لفينوس غلاف جوي سميك جدًا وكثيف، الأمر الذي يجعل الرؤية على سطحه صعبة جدًا. يتكون هذا الغلاف من أكسيد الكربون وحمض الكبريتيك والنتروجين، الأمر الذي يجعل كتلته تعادل 93 ضعف كتلة الغلاف الجوي للأرض، درجة حرارته 449 درجة مئوية الناتجة عن حالة الاحتباس الحراري التي تحدث هناك الأمر الذي يجعل منه جحيمًا لا يطاق.

كيف هو مناخ كوكب الزهرة؟

المناخ لدى فينوس عاصف ورياحه قوية حرارته مرتفعة، تكسوه سحابة كثيفة من الغاز السام تحجب الرؤية هناك وتحبس كميات كبيرة من حرارة الشمس، لتجعله أكثر الكواكب الشمسية سخونة وحرارة.

أمطار فينوس الكبريتية

لا تتساقط الأمطار على كوكب الزهرة، ولكن هناك أمطار حمضية كبريتية تتساقط في أعالي غلافه الجوي وتتبخر فورًا نتيجة الحرارة المرتفعة.

درجة حرارة كوكب الزهرة

الغلاف الجوي المحيط بفينوس غني بثاني أكسيد الكربون والقليل من النتروجين. يخلق هذا الجو سحب سميكة ينتج عنها احتباس حراري شديد يؤدي لارتفاع الحرارة إلى أكثر من 460ْم ، الأمر الذي يجعل من سطحه ساخن لدرجة كثيرة تجعل منه سطح الجحيم.

كما أن الرياح الموجودة على هذا الكوكب تنقل الحرارة في الجو السفلي، الأمر الذي يعمل على تساوي درجات الحرارة بين الليل والنهار.

الرياح على سطح كوكب الزهرة

تعتبر الرياح على سطح نجم الصباح بطيئة الحركة فلا تتجاوز سرعتها البضع كيلومترات بالساعة، لكن الكثافة المرتفعة للغلاف الجوي هناك تجعل منها تبذل الجهد الكبير لمقاومة العوائق، فتنقل معها الكثير من الغبار والحجارة، الأمر الذي يجعل الحركة والمشي على سطح هذا الكوكب صعبًا جدًا بالنسبة لنا.

هل لكوكب الزهرة نواة وحقل مغناطيسي؟

إن الحقل المغناطيسي المحيط بهذا الكوكب أقل بكثير من شدة الحقل المغناطيسي المحيط بكوكب الأرض على الرغم من تشابه حجمهما، الأمر الذي يوفر حماية ليست بالكافية لفينوس من الأشعة الكونية، وبالتالي ارتفاع درجة الحرارة عليه لدرجة تمنع الحياة هناك.

بالنسبة للنواة فالزهرة لا تمتلك نواة صلبة أو في الحقيقة لها نواة ولكن لم تبرد بعد والأمر يعتمد على تركيز الكبريت هناك.

كيف يدور كوكب الزهرة حول نفسه وحول الشمس؟

بالنسبة للدوران فهذا الكوكب يدور حول نفسه مع اتجاه عقارب الساعة بعكس اتجاه دوران باقي الكواكب في النظام الشمسي حول نفسها عكس اتجاه عقارب الساعة.

بينما يدور حول الشمس على بعد 108 مليون كم، ويكمل الدورة مرة واحدة كل 224.65 يوم في مدار أقرب إلى الدائري، ليكون صاحب أبطأ مدة دوران بين الكواكب الأخرى. وعندما يقع بين الأرض والشمس يسمى موقعه في ذلك الوقت الاقتران الأدنى.

من أين تشرق شمسه وأين تغرب؟

كما ذكرنا سابقًا فهو الكوكب الوحيد الذي يدور حول نفسه مع اتجاه عقارب الساعة وبالتالي الشمس تشرق عليه من الغرب وتغرب لديه من الشرق عكس ما يحدث في باقي كواكب المجموعة الشمسية.

ما هي ظاهرة عبور الزهرة؟

هناك ظاهرة فلكية تميز هذا الكوكب عن غيره وهي ظاهرة العبور التي تحدث عندما يعبر بين الشمس والأرض، فيبدو كنقطة سوداء صغيرة عابرة لقرص الشمس، حيث تستمر هذه الظاهرة عدة ساعات. تشبه هذه الظاهر كسوف الشمس عندما يعبر القمر بين الأرض والشمس.

تم رصد آخر حالة عبور للزهرة عام 2012 والتي استمرت حوالي 6 ساعات، والتي تم رصدها بنفس الوسائل المستخدمة لرصد كسوف الشمس. وعلى الرغم من أن الزهرة أكبر من القمر إلا أن الزهرة يبدو أصغر لأن بعده عن الأرض أكبر بكثير من بعد القمر عن الأرض.

كيف يومه أطول من عامه؟

يدور كوكب الزهرة ببطء حول محوره، فاليوم عليه يستمر 243 يوماً على الأرض.

بينما يدور حول الشمس بسرعة أكبر من الأرض، فعام كامل على الزهرة تأخذ 225 يوم من أيام الأرض. الأمر الذي يجعل من يومه أطول من عامه.

كم مرة تشرق شمس الزهرة؟

على كوكب الأرض تشرق الشمس مرة وتغيب مرة كل يوم، بينما على كوكب الزهرة تشرق الشمس كل 117 يوم من أيام الأرض أي أن شمسه تشرق مرتين في عامه.

كوكب بلا قمر

الزهرة وعطارد يشتركان بهذه الصفة أنهما لا يمتلكان نظام قمري في مداراتهما. ولكن هناك الكثير من الفرضيات التي أشارت أن عطارد كان هو القمر الخاص بالزهرة ولكن نتيجة تأثير المد والجزر بين الكوكبين أفلت عطارد من مداره حول الزهرة.

صحيح أن الزهرة لا يمتلك قمرًا ولكن لديه تابعًا ظاهريًا دون ارتباط حقيقي وهو الكويكب 2002 VE68، وعلى الرغم من ذلك فهناك أيضًا فرضيات تشير إلى أن للزهرة كان العديد من الأقمار نتجوا عن اصطدام بالكوكب وبعد ملايين السنوات ونتيجة اصطدام آخر حدث اندماج بين الأقمار والزهرة أدى لبقائها دون قمر.

كيف يبدو الزهرة بالتلسكوب

تتشابه الأطوار التي يمر بها الزهرة خلال جهاز التلسكوب مشابهة لأطوار القمر. حيث يبدو على شكل قرص كامل وهو في الجانب المعاكس للشمس. بينما يبدو أكبر بربع قرص وهو في أكبر استطالة مع الشمس. وبالنسبة للهالة التي تحيط به فهي نتيجة الغلاف الجوي السميك الذي يحيط به ويعكس الضوء لديه.

الزهرة والقدماء

اكتشفت البشرية هذا الكوكب منذ عصور ما قبل التاريخ، فقد كان من أكثر الكواكب سطوع ولمعان في السماء، ليتخذ مكانة مميزة في مختلف الثقافات الإنسانية، فقد ذكر في الكتب المسمارية البابلية منذ 1600 قبل الميلاد، ولقب بعشتار التي تدل على الأنوثة وآلهة الحب هناك.

بينما المصريين اعتقدوا أنه جرمين منفصلين أحدهما يظهر كنجمة الصباح والآخر يظهر كنجمة في المساء، إلى أن جاء الإغريق واكتشفوا أنهما جرم واحد أطلقوا عليه اسم آلهة الحب أفروديت، ثم جاء الرومان ليسمونه فينوس.

عند حضارة المايا كان الزهرة عنصر أساسي في الروزنامة الدينية التي كانوا من خلالها يتنبئون بالحرب، وعند سكان استراليا كان انتظار الزهرة عند غروب الشمس من الطقوس المقدسة التي تجمعهم بأحبتهم الذين ماتوا.

هل تم تحديد عمر كوكب الزهرة؟

من المحتمل أن يكون عمر فينوس بين 300 – 600 مليون سنة، أي أنه من الكواكب حديث النشأة فهو لا يمتلك صفائح تكتونية. قشرته الأرضية شديدة اللزوجة لا تنفصل عن بعضها بسبب انعدام الماء السائل الذي يساعد على تقليل هذه اللزوجة الموجودة.

اكتشاف الزهرة فضائيًا

يعتبر كوكب الزهرة أول كوكب يتم اكتشافه من خلال المركبة الفضائية لتتم دراسته بدقة كبيرة، وذلك عندما تم إرسال Mariner 2 التابعة لناسا بنجاح إليه لتجري مسح ضوئي في 14 ديسمبر/كانون الأول 1962.

كثرت الرحلات إلى هناك ولكن الحرارة المرتفعة على سطح الزهرة كانت تمنع استكمال الأمر بنجاح.

كانت رحلة المركبة الفضائية السوفييتية “فينيرا 7” أنجح رحلة إنزال على سطح كوكب الزهرة حتى الآن، لكنها لم تقاوم الحرارة الشديدة والضغط الساحق.

بينما نجا المسبار الأمريكي حوالي ساعة بعد اصطدامه بالسطح في عام 1978.

كان هناك العديد من البعثات إلى الزهرة أكثرها حداثة “فينوس إكسبريس” عام 2006 ، ومركبة أكاتسوكي فينوس كلايمت أوربيتر اليابانية.

كما قام المسبار الشمسي باركر التابع لوكالة ناسا بالعديد من رحلات الطيران إلى الزهرة.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله