يقتحم منزلي بل غرفة نومي ما هو علاج التوتر وكيف أتخلص منه؟

نحن بحق نعيش في عصر التوتر، تلك العبارة أسمعها منذ زمن بعيد ولم أكن لأتصور أننا سوف نصل لهذا المستوى من التوتر في شتى مجالات الحياة، من غلاء للأسعار، ومن أحداث سياسية تنهشنا يوميًا، ومن ثورات ومظاهرات، ومن إنترنت وانتهاك لخصوصيتنا دون أن ندري، وتلك المقالة دليلك إلى علاج التوتر والتخلص منه.

والتوتر قديمًا ليس كالتوتر عام 2017، فقديمًا كان أبوينا وأجدادنا ينزعجون من مجرد علو صوت أحدنا في المنزل، لو دخل والداي المنزل فجأة ووجدا صوت المذياع أو التليفزيون عالي لدرجة كبيرة، ولم يكونوا مضطرين إلى البحث عن وسائل وطرق علاج التوتر بشتى الأشكال، كم كانوا طيبين ولو كانوا بيننا في أيامنا هذه، لما استطاعوا مقاومة كل المثيرات التي تؤدي للتوتر حتمًا.

يقتحم منزلي بل غرفة نومي ما هو علاج التوتر وكيف أتخلص منه؟

ولعل السمة الواضحة للتوتر في عصرنا هذا، هي أنه يقتحم عليك منزلك بل غرفة نومك إن أراد، فالتطور طال كل شيء من حولنا، فأكسبه طابع السرعة المقلق جدًا، تقريبًا كل شيء صار معجونًا بالتوتر، وإن لم تكن لك استراتيجية للتعامل مع الأحداث الجارية فستهلك حتمًا، فتابعنا كي تصل للوقاية والعلاج.

ما هو التوتر

هو شعور بالإجهاد والضغط النفسي، وهو عبارة عن حالة خوف غامضة غير محددة الأسباب، بها توقعات تشاؤمية للحياة، والبعض يسميه بعصاب القلق النفسي، ويشتمل على الشعور بالانقباض في الصدر وبعض الآلام الجسدية في أسفل الظهر أو في القولون، وبالطبع اضطرابات النوم وضعف الشهية الواضح للطعام والشراب والوهن الشديد.

وليس كل التوتر مُضر وسلبي، بل أن هناك نوع من التوتر “المتوسط” ضروري لسريان الحياة من حولنا، بل ولتحقيق النجاحات، فالطالب قبل أداء الامتحان يحتاج لبعض من التوتر كي يدفعه للمذاكرة وتنظيم وقته، والرياضي الناجح البارع في قفز الحواجز يحتاج لهذا النوع من التوتر لكي يركز بشدة أثناء تحقيق هدفه.

والتوتر اضطراب وليس مرض نفسي، وهو يختلف كثيرًا عن القلق، فالقلق مجهول المصدر ولكن التوتر معلوم ومحدد المصدر، فقد تتوتر من الصوت العالي أو من غلاء الأسعار أو من مرض ابنك أو من قدوم وقت الامتحان وأنت غير مستعد، لكن قد تقلق كثيرًا وأنت لا تعلم ما سبب قلقك هذا.

وهناك فرق بين التوتر والضغوط النفسية والاكتئاب، فالتوتر لو وصل إلى حد إعاقة الأداء اليومي سواء في العمل أو في التواصل مع الناس، هنا أصبحنا نتحدث عن ضغوط نفسية، ولو استمرت تلك الضغوط فبالطبع نحن دخلنا في مرحلة جديدة وهي الاكتئاب، ولكن في درجاته الأولى.

مستويات التوتر

اضطراب التوتر له ثلاث مستويات منها العادي الأولي والذي نمر به جميعًا بشكل يومي، ويسهل التعامل معه أو تلاشيه، أما المستوى المتوسط منه فهو جيد للغاية، والبعض يسميه التوتر الدافع والذي يَدفع الشخص لأن يعمل بِجِد، قبل مواقف قياس الأداء كالامتحان أو ما شابه ذلك.

أما المستوى الثالث من التوتر، فهو التوتر المرضي أو الشديد، والذي يصعب معه التكيف مع أحداث الحياة، ويؤدي لإعاقة في الأداء وقد يتطور للاكتئاب في بعض الحالات، وقد لا يستطيع صاحبه الذهاب للعمل خوفًا من التوتر، وهنا التدخل العلاجي الدوائي ضروري جدًا، وقد يُستعان بأخصائي متخصص في علم النفس المعرفي.

أسباب التوتر

غياب الأمان الاقتصادي

وهناك مثل لدى المصريين فحواه “لو دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك” وبالطبع سأجد من يقول لي ليست الدنيا كذلك، وتحلى بقليل من الصبر، ولكن المشكلة أن الصبر له حدود، فعدم القدرة على تلبية الحاجات الاقتصادية الأساسية من أكل وماء ودواء وملبس ومَسكن .. إلخ، يؤدي بالطبع للتوتر.

يقتحم منزلي بل غرفة نومي ما هو علاج التوتر وكيف أتخلص منه؟

برامج التوك شو

بما فيها من أحداث وأكاذيب ومحاولة لنشر أفظع الأخبار حول العالم، والتي لا يطيقها أي بشر، وهم لا يفعلون هذا إلا لتحقيق أعلى نسب مشاهدة، حتى ولو كان ذلك على حساب صحتنا وعلى حساب التوتر الذي سوف يحدث لنا، وبالطبع فالأخبار المكذوبة والساخنة بضاعة رائجة في تلك البرامج والقنوات.

انتشار بعض الأمراض المزمنة

منها مثلًا فيروس سي والإيدز، وتلك المجموعة من الأمراض التي قد يتعرض لها آخرون من جراء الإهمال الطبي داخل عيادات الأسنان مثلًا، مما يضاعف الهم والغم على الناس ويزدهم توتر على توترهم، وإنفلونزا الخنازير وفيروس زيكا، والبعض يزعم بعودة الكوليرا مرة أخرى، والكثير من الأمراض الأخرى.

تدهور الحالة الإيمانية

بالطبع البعد عن الله، متمثلًا في ترك الصلاة وعدم ذكر الله في كل وقت يؤدي حتمًا لعدم القدرة على تحمل التوتر، وكما قال الله عز وجل “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” سورة الرعد الآية 28، ومزيد من البعد يؤدي لمزيد من التوتر.

عدم وجود الأمان الأسري

انفلات زمام الأمر فيما يخص أبنائنا، فقديمًا كان من الممكن أن نجزم بأننا نربي أبنائنا منفردين، ولكن الآن يشاركنا في هذا الإنترنت والسوشال ميديا، مما يضاعف الحمل التربوي على الوالدين، فانقسموا لقسمين أحدهم مازال مُصر على القيام بدوره والآخر وجد أنه لا حيلة له، فترك مسؤولية التربية.

الأحداث السياسية المتلاحقة

أصبحنا الآن نُشاهد الحروب على الهواء، وتذكروا معي أول مرة رأينا طفل يُقتل، وللتذكرة كان فلسطينيًا اسمه “محمد الدُرة”، فبكينا ولم نكن نتصور أن نرى هذا على شاشات التلفاز، حتى صار الآن من العادي أن نرى عبوة ناسفة تفتك بأسرة، أو لغمًا يفجر أطفالًا، تبلد وذهب الشعور وجاء التوتر.

الكوارث الطبيعية

ومنها الزلازل والبراكين والعواصف والسيول، والحمد لله هذا قليل جدًا في بلادنا العربية، ولكنه يزيد طبعًا في كثير من البلاد الغربية، على رأسها الصين واليابان وفرنسا، حتى أنه لدى تلك الدول مراكز للتعامل مع تلك المصائب، فيما يعرف بمراكز إدارة الأزمات، وتلك المراكز بها عمالة مُدربة على إدارة تلك المواقف.

يقتحم منزلي بل غرفة نومي ما هو علاج التوتر وكيف أتخلص منه؟

التقدم التكنولوجي واختراق الخصوصية والثورة المعلوماتية

فقديمًا كانوا يقولون إن العالم أصبح قرية صغيرة، ولكن الآن العالم أصبح على سطح مكتب أحد الأجهزة اللوحية، والفكرة هنا في الاختراق للخصوصية، حتى أن أكبر البلاد حجمًا وتقدمًا في مجال تكنولوجيا المعلومات، تعرضت لعمليات “الهاكر”، مما يفتح الباب أمام التوتر مجددًا، من حيث خصوصية المعلومات الموجودة على حساباتنا السحابية.

انتشار العقاقير المخدرة بين الناس

والفكرة هنا أن كثير من الناس يهربون من التوتر بتناولهم لتلك العقاقير والتي منها مثلًا الترامادول، وتبدأ هنا مشكلة أخرى وهي استمرار التوتر، وصناعة التوتر، فبعد أن تَنفذ الجرعة من الدم، يحتاج منها المزيد لخفض التوتر، ويحتاج للمال لشراء تلك الحبوب لخفض التوتر وهو يسير في دائرة مفرغة من التوتر.

أعراض التوتر وتأثيراته السلبية

قَسَم علماء الطب النفسي أعراض التوتر لثلاث فئات كما يلي:

الأعراض النفسية

ومنها القلق الشديد، والشعور بأننا نُسابق أحداث الزمن من حولنا، وتَشتُت الأفكار حتى ولو كانت بسيطة جدًا، وتدهور التركيز والانتباه، والشعور بالهم والغم دومًا، عدم تحمل الإزعاج والأصوات العالية، والخوف من الجلوس منفردًا.

الأعراض العضوية

منها الانقباض في الصدر والآلام في الراس والقولون، وبالطبع قلة عدد ساعات النوم إن وجدت، وفقدان الشهية للطعام والشراب، والتعرق الشديد والارتجاف وسرعة ضربات القلب، والذهاب كثيرًا إلى دورة المياه، والبعض منهم ينتظر الموت ليخلصه من تلك الأعراض.

الأعراض الاجتماعية

ومنها كثرة نزاعاته مع الأخرين، بل وفي بعض الأحيان يبحث هو عن النزاعات وإن لم يجدها يحاول اختلاقها، رغبة منه في تنفيس تلك الشُحنة من التوتر التي بداخله، وشعور الفرد أنه بلا دور في جماعته سواء أسرته أو عمله أو بين زملاءه.

يقتحم منزلي بل غرفة نومي ما هو علاج التوتر وكيف أتخلص منه؟

طرق علاج التوتر والوقاية منه

تَقَرب إلى الله

المواظبة على أذكار الصباح والمساء، والصلاة على وقتها، تُمثل الحل الأمثل من أجل علاج التوتر الذي نعانيه، بل وتعد وقاية من الوقوع في المزيد من التوتر، وبالطبع تخصيص وِرد يومي لقراءة القرآن، والزيادة في الطاعات يفيد جدًا.

حافظ على مستوى مُرضي من الأمان الاقتصادي

إن حصولك على قدر جيد من الأموال، يعطيك بفضل الله قدر من الأمان الاقتصادي، فسواء كنت شخص أعزب غير متزوج أو كنت عائلًا لأسرة، فمن الأفضل أن تحاول إيجاد حياة كريمة لك ولهم، هذا يحل الكثير من مشاكلك، وحاول أيضًا أن تَدخر ولو عشرة بالمئة من راتبك أيًا كان قدره.

لا تتعاطى العقاقير

لا تهَرب من مشاكلك بتناول العقاقير المهدئة أو المخدرة بل حاول أن تواجه مشكلاتك، وحاول أن تجد لها حلًا، وليس شرطًا أن تنجح في حل مشكلاتك كلها بمجرد البدء في مواجهتها، ولكن واصل ولا تمل من التجربة، وفي كل مرة ستقوى لديك عضلة المقاومة والمواجهة، وهذا ينسيك التوتر بالطبع.

يقتحم منزلي بل غرفة نومي ما هو علاج التوتر وكيف أتخلص منه؟

احرص على السمع الانتقائي

ففي كثير من الأحيان نتعرض يوميًا لبعض الناس يحاولون إجبارنا على سماع أحاديثهم الغير مهمة بكل تأكيد، فأحدهم يحدثك عن مشاكله مع زوجته وآخر يحدثك عن ابنه الفاشل، هنا أن تسمع بشكل انتقائي أي بدون تركيز، سيعينك كثيرًا ويقلل من فرص حدوث توتر لديك.

مارس الرياضة بانتظام

بالطبع فممارسة الرياضة بشكل منتظم، ولو حتى قليل من المشي، يعينك كثيرًا في أن تُخرج شحنات التوتر التي لديك.

تعلم فن إدارة الأزمات والضغوط

هناك الكثير من الكُتُب والدورات التدريبية التي تعلمك فن إدارة الأزمة التي تمر بها، هذا سيعينك جدًا وسيجعلك تُفكر بشكل أكثر منطقية، وأنت داخل الأزمة.

خصص وقتًا للراحة بشكل أسبوعي

وهذا هام جدًا، فلا بد أن تخصص ولو يوم أسبوعيًا، وليكن الجمعة، لتجتمع فيه مع زوجتك وأبنائك بعيدًا عن المنزل والأجهزة الكهربائية، والإنترنت لكي تنفس عن الشحنات الموجودة لديك من التوتر والتي تتعرض لها طيلة أيام الأسبوع، فذلك يعد من الخطوات الأساسية في علاج التوتر

حافظ على فترة نوم كافية

على الأقل حاول أن تَنام سبع ساعات متصلة وليلًا، فالنوم صباحًا غير مفيد بالمرة، وخلايا الساعة البيولوجية لا تعمل إلا إذا نِمت ليلًا، وهذا يجنبك الوقوع في التوتر بالطبع.

يقتحم منزلي بل غرفة نومي ما هو علاج التوتر وكيف أتخلص منه؟

قنن متابعتك للإعلام

ليس ضروريًا أن تُتابع كل البرامج في الإعلام من حولك ولكن أن تقنن مشاهدتها مهم جدًا، فشاهد ما هو مناسبًا لك، ولعدد قليل من الساعات، واستثمر وقتك فيما هو أفيد، وبالطبع هذا يجنبك الكذب والإشاعات الموجودة في تلك البرامج مما يؤدي لإبعادك عن التوتر بكل تأكيد.

لا تحاول تغيير من حولك

فالبعض يظن بشكل خاطئ أنه قد يتحمل مسؤولية غيره، وبالطبع أنت عليك فقط دعوتهم للحق، فإن استجابوا فنعم، وإن لم يستجيبوا فلا ضرر عليك، كما أن محاولتك لتغيير من حولك في الغالب تجعل الآخرين يتنمرون لك، بمعنى أنهم يكرهونك ويحاولوا جعلك متوترًا دومًا، فمن الأفضل أن تحاول تطوير نفسك أولًا بأول.

قلل كلامك قدر المُستطاع

ذُكر عن النبي صلى الله عليه وسلم “أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك” حديث حَسنه الترمذي، وذُكر أيضًا أنه قال “أنا زعيم بيت في الجنة لمن ترك الجدال”، فأنت بكلامك الزائد عن الحد هذا، تفتح على نفسك أبواب من الجدل والنقاش والتي في الغالب مملوءة بالتوتر.

اذهب لمتخصص إذا لزم الأمر

في حالات التوتر الشديد، لا يستطيع الفرد أن يغير من نفسه، ولا أن يبتعد عن تلك الأمور التي تؤدي لتوتره، فالتوتر صار بداخله للأسف، فالحل إذًا هو الاستعانة بمتخصص في العلاج السلوكي أو الطب النفسي، وقد يصل الموضوع للعلاج الدوائي من أجل علاج التوتر والتخلص منه.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله