الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

أن يكون لديك طفلًا عنيدًا في منزلك فهذا أمر طبيعي، وأن تحاول إزالة عنده بشتى السُبل فذلك أيضًا أمر طبيعي للغاية، أما أن تحاول توظيف الطفل العنيد الذي لديك، وأن تُقدر مدى المسؤولية الملقاة على عاتقك كأب ومربي، فهذا هو ما سنناقشه في مقالتنا هذه.

فالطفل العنيد يحتاج لمزيد من الصبر في التعامل معه، ويحتاج لطرق تربوية ذكية جدًا، وفي آخر الدراسات العلمية بخصوص العند، ثبت أن الطفل العنيد مؤهلًا لأن يكون عبقريًا، على اعتبار أن العند هو إرهاصة أولى للإصرار الذي لا بد وأن يتحلى به الشباب في تعاملهم مع الظروف المحبطة مستقبلًا.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

وبالطبع سنسلك مسلكًا تربويًا في مقالتنا هذه، باعتبار أن التربية الخاطئة هي أساس كل المشكلات التربوية، وفي أحدث الدراسات النفسية ثبت أن العمر السحري الذي يتعلم فيه الطفل العند من أهله هو عمر ثلاث سنوات، بعد تلك الفترة يكون من الصعب تغييره، لأن العند أصبح مؤصلًا في شخصيته.

من هو الطفل العنيد؟

هو ذلك الطفل الذي يرفض دومًا أداء ما يُطلب منه من مهمات أو واجبات مدرسية أو شخصية، ويُصر على رأيه لدرجة كبيرة إلى أن يَنفذ صبر أهله، والعند ليس كُله سيئًا، فمنه العند الصحي والذي يَرغب فيه الطفل فقط أن يُعبر عن رأيه، ويُريد أن يقول أنا لي رأي فاحترموه.

والعند يختلف كثيرًا عن العنف والعدوان، فالعنف والعدوان يتميزان بالإيذاء الجسدي واللفظي، أما العند هو فقط محض تعبير عن الرأي ولكن بشكل قوي قليلًا، وبالطبع طفلك العنيد هذا قد يكون مشروع خطيب مُفوه، أو مشروع قائد كتيبة عسكرية أو مُفكر عبقري، كل هذا يتوقف على طريقة تعاملنا معه كآباء.

الصور التي يظهر بها الطفل العنيد

المُصمم على رأيه

وفي تلك الصورة من العند يُصمم الطفل على رأيه، ولا يغيره مهما هدده أهله، وبالطبع هناك الكثير من الوالدين يتعامل مع ذلك النوع من العناد بندية شديدة، مما يزيده حده، والطفل هنا لا يريد سوى التعبير عن رأيه، ويريد أن يوصل لأبيه وأمه أنه ليس بالهين، وأنه يستحق الاحترام.

الأهوج

والذي يكون ردة فعل الطفل فيه غير محسوبة وغير عاقلة بالمرة، وقد يتطور إلى الإيذاء الجسدي أو تكسير بعض الأواني أو أثاث المنزل، وهنا الطفل في الغالب ناقص للرعاية والأمان والاحتضان، ويريد المزيد منه، ويحاول جذب انتباه أهله بتلك الطريقة الهوجاء، التي لا يملك غيرها كطفل بالطبع.

الذي يُعاند نفسه

وهذا من أسوأ أنواع العند، فالطفل هنا يعاند نفسه، لا يريد أن يتحكم فيه أحد، وهو مشروع قائد ديكتاتوري في الغالب، لذلك الفكرة هنا في مسايرته وعدم مبادلته العند بعند أشد، وفي نفس الوقت لا تكسره أمام نفسه أو أمام إخوته فهذا يؤثر عليه بالسلب.

المرضي السلوكي

وهنا مربط الفرس، وهو ذلك النوع من العناد الذي يحتاج في الغالب لمشورة متخصص في علم النفس التربوي، أو في العلاج السلوكي، فالطفل هنا تَعلم العناد من آخر هو قدوة بالنسبة له، سواء كان أحد والديه أو أحد أبطال المسلسلات الكرتونية أو الدرامية التي يشاهدها بالساعات يوميًا.

العناد الناتج عن مرض جسدي

وهنا الطفل يُعاني من مرض جسمي في المخ يجعله يرفض الأوامر التي توجه إليه، قد يكون ذلك المرض زيادة معدل الكهرباء في المخ، وقد يعاني أيضًا من أحد المتلازمات المشهورة ومنها داون ومنغوليا، أو التوحد، والتي تحتاج لتدخل طبيب متخصص في الفئات الخاصة فورًا حتى ينقذ ما يمكن إنقاذه.

صفات الطفل العنيد

البعض يتصور أن الطفل العنيد لديه فقط عيوب في شخصيته، ولكن الحقيقة أنه مليء بالمميزات الكثيرة والتي إذا تم استخدامها بشكل جيد، وتوظيفها بطريقة تربوية، سوف تثمر قريبًا عن قائد محنك أو طفل عبقري في الرياضيات، أو رياضي بارز، أو خطيب مفوه، ومن تلك الصفات:

القدرة على الاحتمال

فهو طفل صبور للغاية، بل أن بعض الآباء يعلقون أنهم تعلموا الصبر بفضل ابنهم العنيد هذا، والوالدين قد يوظفا تلك الصفة التي يمكن أن تكون حميدة أو قد تكون سيئة في صالحهم، فيمكن مثلًا إشراكه في أحد الألعاب القتالية والتي تتطلب الصبر والتحدي، وهذا توظيف جيد جدًا.

يستطيع وضع أهله في اختبار دومًا

هو يعلم أنه مهم بالنسبة لوالديه، وهو يعلم من فرط ذكاءه أنه يؤثر عليهم سلبيًا، ويرصد دومًا ردود فعل والديه على عنده هذا، ويرصد بالطبع تعبيرات وجههم، فيجعل من والديه لعبة في يديه ويختبرهم دومًا ويلون لهم من أصناف العند الكثير، ويستمر في الرصد، فهو ابتلاء “اختبار” فعلًا.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

الرغبة في السيطرة

هو يريد أن يكون موضع اهتمام أهله دومًا، ويرغب في السيطرة على كل شيء من حوله، وبالطبع قد يقترن لديه حب التملك بالعند، فلو أحضرت مثلًا مجموعة من لعب الأطفال له ولأخوته فهو يريد أن يأخذ كل اللعب لصالحه.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

الجمود وعدم المرونة

هو لا يتنازل عن رأيه، مهما حاولت أن تقنعه بتفاهته، والحقيقة أنه لا يفهم أصلًا فكرة الرأي والرأي الآخر، هو فقط يدافع عن ذلك الشيء الذي جعل من أهله يقاومونه ويعلوا صوتهم، هو يفرح بتلك الحالة من التجمع حوله، هو يريد لها أن تستمر، لذلك هو يستمر في الإصرار على رأيه.

الانتهازية

وهذا ليس موجودًا لدى كل طفل عنيد، بل موجود لدى بعضهم، وبالأخص من تعرضوا لتربية خاطئة، وأنا رصدت مثل تلك المشكلة لدى بعض العائلات، فبعض الآباء من فرط حبهم لأبنائهم يقول له “لو صليت العصر فسوف أعطي لك عشرة جنيهات” مثلًا، وبالطبع صار ذلك الطفل مشروعًا لمرتشي وانتهازي كبير.

الأسباب التي تُسهم في وجود الطفل العنيد

القهر والقسوة

أن يتعامل الأب مع ابنه على أنه رجلًا مثله، فيتحداه ويحاول بكل السبل كسر رجولته هذه، وبالطبع عقاب الابن وضربه ضربًا مبرحًا وتوبيخه دومًا، وزجره على كل صغيرة وكبيرة، يخلق منه بشكل أكيد مشروعًا لطفل عنيد، فالعند قديمًا قالوا أنه يورث الكفر، وأنا كمتخصص أرى أن العند يجلب عند أكبر.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

التشبه بالوالدين

لو كان أحد الوالدين عنيدًا لأي سبب ففرصة أن يقتدي الطفل بعند أحد والديه هذا ويقلده كبيرة جدًا، فالطفل يرى أبيه وأمه بحجم كبير، ويرى أن كل تصرفاتهم حسنة، ويقلدهم حتى في مشيتهم وفي جلستهم وبالطبع في إصرارهم وجمودهم وعدم تنازلهم عن رأيهم.

رغبة الطفل في تأكيد ذاته

الطفل الذي يشعر أنه بلا قيمة وأن والداه لا يهتمان به يحاول افتعال بعض طرق العند المبتكرة والمتجددة والكثيرة جدًا، فقط لكي يقول لأسرته أنا موجود بينكم لا تهملوني من فضلكم أنا لي كيان، وأريد أن أرى تقديركم لي في كل فعلة أقوم بها.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

الشعور بالإحباط والعجز

بعض الآباء يسمعون أبنائهم كلامًا سلبيًا من قبيل يا فاشل يا راسب يا غبي، وبالطبع ذلك الطفل مُحبط للغاية، ويسعى لأن يثبت عكس ما يصفه به أبواه، فلم يجد طريقة يهرب بها من إحباطه هذا سوى مزيد من العند وبالطبع سيكون موجهًا في الغالب تجاه مصدر عجزه هذا وهما الوالدين.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

لا تُشخصن المسألة

كثير من الآباء يقوم بخطأ كبير في تعامله مع طفله العنيد، وهو أن يجعل المسألة شخصية بينه وبين ابنه، ويقول “يا إما أنا أو أنت”، وبالطبع هذا يولد مزيد من العند والكره من قبل الابن، لذلك تعامل بذكاء مع ابنك وعامله على أنه طفل وليس شخص بالغ تتحداه.

لا تُرغمه على طاعتك

بالطبع فإعلان ابنك عن عنده فيه رفض لسياستك في المنزل، ولكن هنا ليس الحل أن تُجبره على الطاعة العمياء، ولكن رحب بقليل من الطاعة أو أتركه وشأنه يمارس طفولته هذه، وبالتأكيد في مرة من المرات سيطيعك ولكن هذه المرة عن اقتناع بالطبع.

أشعره أنك مهتم به

ولأن في أغلب الأحيان يكون عند الطفل مجرد إعلان عن رغبته في اهتمام أكثر من والديه، فمزيد من الحب والرعاية والاحتضان، يجعله يتخلى عن عنده في الغالب، تحديدًا لو كان حديث العهد بالعند، وبالطبع نحن نريد مستوى مُعتدل من العطف أيضًا كي لا نحوله لطفل ضعيف غير قادر على التحمل.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

دعه يُمارس إحدى الرياضات القتالية

لو كان لدى ابنك رصيد كبير من التمرد والصبر والجلد والعند الذي لا ينمحي، فلماذا تحاول أن تغيره، فالأفضل أن تستثمر تلك السمات التي لديه في لعبة قتالية تحت إشرافك الشخصي أو حتى تحت إشراف مدرب متخصص، وبالتأكيد ستحتفل مع ابنك بأولى ميدالياته الرياضية قريبًا.

امدح السلوك الحسن لديه

في ظل عند طفلك ستجد بالتأكيد بعض السلوكيات الحسنة، هنا عليك أمرين ألا تُبدي أي رد فعل تجاه السلوكيات السيئة وتكتفي فقط برفض تلك السلوكيات بتعبيرات وجهك، وأن تثيبه وتكافئه على السلوكيات التي لم يكون فيها عنيدًا بأي درجة، والإثابة هنا متروكة لك وفق ما يُحب ابنك ولكن باعتدال أيضًا.

الحيل النفسية للتعامل مع الطفل العنيد

لا تتحداه ومرر عنده

لا تبادله عند بعند آخر ولكن مرر عنده هذا، وكأن شيئًا لم يكن، تحديدًا مع ذلك العند الغير مصحوب بتخريب أو أذى جسدي من نوع ما، ولكن راقب من بعيد هل طريقتك هذه جعلت من عنده يقل أم يزيد، تحديدًا مع ذلك العند الهادف لجلب الاهتمام من الأبوين.

افتح موضوع آخر بطريقة ذكية

لو مثلًا وجدت أبنك يصر على موضوع بعينه، حاول أن تفتح معه موضوعًا، آخر وأن تفوت عليه الفرصة في أن يعند، ولكن بطريقة ذكية بحيث لا تُشعره أنك تهرب منه، لأنه لو شعر بهروبك سيعود للعند فورًا.

بادله العند بعند آخر في بعض الأحيان

وهذه الطريقة تتطلب ذكاءً أيضًا، بعض الآباء عندما يجد ابنه يتحداه مثلًا ويقول “أنا قادر على حمل ذلك الكرسي”، فلو تعلم كأب أن قدرات ابنك العضلية تعينه على هذا فما المانع أن تتحداه، وأن تقول له باللغة المصرية “لو راجل افعلها” وبالطبع سيستطيع فعل ذلك ويرتفع معدل ثقته بنفسه كثيرًا.

لا تلفت انتباه طفلك أن عنده هذا مؤذي

لا ترفع من صوتك ولا تكشر عن أنيابك وحاول ألا تظهر بمظهر الضعيف والمُجهد دومًا أمام ابنك، فهذا يشعره بأن عنده هذا مجدي للغاية، بالطبع هو لا يكره أبواه، لكن كما قلنا هو يطمع في مزيد من الاهتمام ليس إلا، فقط لا تهول من الأمر وتعامل معه بهدوء قدر الإمكان.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله