الأنزيمات الهاضمة وأحماض المعدة تتميز بأنها قوية وفعالة جدًا بإمكانها هضم وتحليل الكثير من المركبات المعقدة، ولكن لماذا لا تتحلل المعدة إذن؟ ذلك لأن المعدة والأمعاء مبطنة من الداخل بغشاء يعمل على حمايتها من تأثير تلك الحموض القوية ويحول دون تحلل جدرانها، وتبدأ أعراض قرحة المعدة عندما يتضرر هذا الغشاء.
كيف تحدث القرحة المعدية؟ وما هي الأسباب التي تكمن خلفها؟ ما هي أعراض قرحة المعدة التي تنبهك لذلك؟ وكيف يمكن التعامل معها وعلاجها والأهم الوقاية منها؟ إليك كل ذلك فيما يلي فقرحة المعدة ليست من الحالات التي يمكن السكوت عنها لأنها تتميز بأعراض مؤلمة ومزعجة ولا بد من التحرك للعلاج.
قرحة المعدة
هي نوع من نوعي القرحات الهضمية: قرحة المعدة، وقرحة الاثني عشر، وهي عبارة عن التقرحات المفتوحة والجروح التي تصيب الجدار الداخلي للمعدة وتؤدي إلى العديد من الأعراض التي تعتبر مؤلمة ومزعجة وتؤثر على حياة المريض بشكل مباشر.
يبطن الجهاز الهضمي من الداخل غشاء مخاطي يحميه من تأثير الحموض القوية والأنزيمات الهاضمة، ولكن عندما تقل سماكة هذا الغشاء أو عندما يتعرض لأي ضعف أو أذى فإنه يفقد قدرته على أداء وظيفته الأساسية وحماية المعدة والأمعاء، وعندها تعمل حموض المعدة على هضم والتهام جدار المعدة ذاته، وهكذا تحدث القرحة المعدية وتبدأ الأعراض، كما أن قرحة المعدة يمكن أن تحدث عندما يزيد تركيز الحموض فتصبح قادرة على التغلب على الحماية التي يقدمها الغشاء المخاطي (حتى ولو لم يتعرض هذا الغشاء لأي ضرر).
إن القرحة المعدية اليوم تعتبر من أكثر الأمراض انتشارًا فيمكن لها أن تصيب الجميع بمختلف الفئات العمرية إلا أن احتمال التعرض لها يزداد مع التقدم في السن وخاصة بعد الـ 50، والرجال عرضة للإصابة بها أكثر من النساء.
تتميز أعراض قرحة المعدة بأنها مزعجة ومؤلمة ولكن بشكل عام فإن هذه القرحة ليست بالشيء الخطير لأن علاجها ممكن وسهل وكذلك يمكن التعامل مع الأعراض، ولكنها للأسف يمكن أن تكون أكثر خطورة عندما يتم إهمالها.
أسباب قرحة المعدة
تحدث قرحة المعدة نتيجة العديد من الأسباب والتي معظمها يتلخص في التعامل بشكل خاطئ مع جهاز الهضم، وأهم تلك الأسباب:
- جرثومة المعدة (هيليكو باكتر بيلوري).
- الاعتماد بشكل مفرط على الأدوية المسكنة للألم مثل الأسبرين وعلى الأدوية المضادة للالتهاب وتناولها لمدة طويلة.
- تناول الأدوية بطريقة خاطئة مع تجاهل التعليمات كتناول دواء على معدة فارغة بينما يجب أن يتم تناوله مع وجبة الطعام أو بعدها.
- التدخين يزيد من احتمال الإصابة بقرحة المعدة ويرفع من احتمال سرطانات الجهاز الهضمي بشكل عام.
- إدمان الكحول لأنه يزيد من حدة حموض المعدة ويزيد من قدرتها على اختراق الغشاء المخاطي المبطن للمعدة.
- الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالتوابل وخاصة التوابل الحارة وعلى الرغم من أنها لا تسبب القرحة بشكل مباشرة ولكنها من الأشياء التي تجعل أعراض قرحة المعدة أكثر صعوبة.
- التوتر والقلق والضغوط النفسية وغيرها.
أعراض قرحة المعدة
فيما يلي أهم أعراض قرحة المعدة التي يمكن أن يعاني منها المريض ويمكن من خلالها التنبه إلى وجود تلك القرحة.
1 – ألم حارق – الشعور بالحرقة
غالبًا ما يشعر المريض بألم يشبه الحرقة في جوف البطن وأعلاه (حرقة تشبه التي تحدث عند المعاناة من ارتجاع المريء)، يمكن أن تتراوح شدة الألم من المتوسطة إلى الشديدة، ويمكن في الحالات المتقدمة أن تكون الحرقة شديد لدرجة تستدعي التوجه إلى المشفى.
قد يهمك: طريقة التخلص من حرقة وحموضة المعدة
2 – ألم البطن
ألم ووجع في منطقة أعلى البطن (الجزء العلوي من التجويف البطني)، يزداد بالشدة في حالات الجوع، وبعد تناول الطعام عندما تنطلق العصارات الهاضمة وتسبب تهيج القروح، كما أن هذا الألم يمكن أن يحدث ليلًا فيوقظ المريض من النوم.
3 – مشاكل في عملية الهضم
مشاكل وعسر الهضم من أهم أعراض قرحة المعدة فيعاني المريض مع تناول الطعام من اضطراب في عمل جهاز الهضم، يمكن أن يظهر بشكل تشنج أو انتفاخ وتجمع للغازات في البطن بالإضافة إلى الشعور بالثقل.
4 – الغثيان وأحيانًا القيء الدموي
يمكن أن يعاني المريض من حالات من الغثيان والتي لا يتقبل معها تناول الطعام أو شرب المشروبات المختلفة حتى الماء، كما يمكن أن يحدث القيء المصحوب مع الدم الناتج عن نزيف القرحة.
5 – الإمساك أو البراز الذي يحتوي دم
يعاني المريض من حالات متكررة من الإمساك، بالإضافة إلى احتواء البراز على الدم والذي يستدل عليه من لون البراز الأسود (وهو عبارة عن الدم الموجود في الجهاز الهضمي نتيجة القرحة والذي تم هضمه وتحول لونه إلى الأسود).
6 – فقدان الشهية والوزن
لأن ألم المعدة يترافق مع تناول الطعام وذلك نتيجة للعصارات الهاضمة التي يتم إفرازها بعد استجابة المعدة للأكل، بالإضافة إلى عسر الهضم والشعور شبه الدائم بالامتلاء كل ذلك يؤدي إلى فقدان الشهية وخسارة الوزن بسرعة عالية.
قد يعجبك: مرض فقدان الشهية العصبي عندما ترغب وتعمل على خسارة الوزن إلى أن تختفي أنت
7 – أعراض قرحة المعدة الأقل انتشارًا
توجد مجموعة من أعراض قرحة المعدة أقل انتشار من تلك السابقة، وأهمها: ارتجاع المريء – حرقة وألم في منطقة الصدر وفي معظم الأحيان يحدث هذا الألم عند تناول الأطعمة والمشروبات الساخنة أو البارد – فقر الدم نتيجة النزيف الداخلي البطيء أو النزيف الحاد – التجشؤ المتكرر – التعب والإرهاق والخمول.
تشخيص قرحة المعدة
يتم التشخيص من خلال مراجعة الطبيب للأعرض التي يعاني منها المريض وحذف احتمال وجود أي أمراض أخرى لها الأعراض ذاتها أو مشابهة لها، بالإضافة إلى إجراء فحص وتحليل: الدم – التنفس – البراز، بالإضافة إلى التنظير الداخلي، وآخذ خزعة من النسيج الداخلي وإجراء التحاليل عليها.
المضاعفات
قرحة المعدة يمكن علاجها والتغلب على أعراضها المزعجة والتخفيف منها، ولكنها يمكن أن تكون خطيرة فيما لو تم تجاهلها وتجاهل علاجها، ويمكن أن تؤدي إلى العديد من المضاعفات أهمها:
1 – قرحة معدية نازفة – نزيف داخلي
القروح ما هي إلا جرح في جدار المعدة وبالتالي يمكن أن تكون هذه الجروح نازفة وهذا النزيف يمكن أن يكون بطيء على مدى طويل يسبب فقر الدم والتعب والإرهاق، ويمكن أن يكون نزيف داخلي حاد يستدعي الإسعاف مباشرة.
2 – عدوى في تجويف البطن
يمكن أن تتحول القرحة إلى ثقب في جدار جهاز الهضم وبالتالي تنتقل العدوى من المعدة إلى الأحشاء الموجودة في تجويف البطن مثل البنكرياس وغيرها.
3 – انسداد القنوات الهضمية
نتيجة تورم الأنسجة الملتهبة يمكن أن يحدث انسداد في القنوات الهضمية يحول دون مرور الطعام ما يؤدي إلى الضعف العام وخسارة الوزن والشعور بالامتلاء سريعًا بالإضافة إلى القيء.
4 – سرطان المعدة
في الحالات المتقدمة يمكن أن تتحول القرحة إلى سرطان كما أنها في حال لم تكن نتيجة لأي من أسباب القرحة المعدية المعتادة فيمكن أن تكون بالأصل قرحة سرطانية، ويتضاعف احتمال الإصابة بسرطان المعدة عند الإصابة ببكتريا المعدة (هيليكو باكتر بيلوري).
علاج قرحة المعدة
يقوم علاج قرحة المعدة على أساسين: الأول هو التعامل مع الأعراض المزعجة التي تؤثر بشكل سلبي على حياة المريض والثاني هو علاج القرحة.
علاج أعراض قرحة المعدة والتخفيف منها
يتم اعتماد العلاجات التي من شأنها تخفيف أعراض قرحة المعدة بناءً على وصفة الطبيب والتي تتلخص في الأدوية التي تحد من حموضة المعدة ووصول تلك الحموض إلى المريء، مسكنات الألم، والملينات التي تعمل على ضبط حركة الأمعاء والتخلص من الإمساك، فيتامينات وعناصر غذائية تعيد إلى الجسم ما فقده.
علاج قرحة المعدة
في حال كانت قرحة المعدة نتيجة للعدوى البكتيريا فسوف يصف الطبيب مضادات التهاب من شأنها أن تحد من كمية حموض المعدة، وترمم غشاء المعدة الداخلي.
أما بالنسبة للعلاجات الطبيعية فيمكن الاعتماد على: العسل – البروكلي – الخضار الورقية – التفاح – الفراولة – التوت – زيت الزيتون – الزبادي، بالإضافة إلى تناول الملوخية وبسبب ما تحتويه من مواد ذات طبيعية دهنية يمكن لها أن تعوض الغشاء المبطن للمعدة والأمعاء وتزيد قوته، بالإضافة إلى الامتناع عن كل ما من شأنه تحفيز القرحة والأعراض من أطعمة ومشروبات مثل: الكافيين – البهارات …
في بعض الحالات النادرة يتطلب علاج القرحة تدخل جراحي وذلك عندما تكون: القرحة متكررة لا تشفى – تترافق مع نزيف – عندما يحدث تمزق لجدران المعدة – عندما يتم منع الطعم من الوصول إلى الأمعاء.
وهذه الجراحة يمكن أن تشتمل على: إزالة كل القرحة وترقيع مكانها بآخذ أجزاء أخرى من جدار الأمعاء – إيقاف النزيف من خلال ربط الشريان المقطوع – التقليل من إنتاج الحموض في المعدة من خلال قطع إمداد العصب الواصل إلى المعدة.
الوقاية من القرحة المعدية
يمكنك حماية جدار المعدة والوقاية من القرحة وما تضمنه من أعراض مزعجة جدًا ومؤلمة وذلك من خلال التأكد من الأمور التالية:
- الوقاية من العدوى، عن طريق تجنب تناول الأطعمة من مصادر غير موثوقة – غسيل الخضار والفاكهة بشكل جيد – طهو الطعام بطريقة صحية وجيدة.
- تناول الأدوية بحذر ومناقشة أمرها مع الطبيب بحيث تحصل على أقل جرعة ممكنة وخاصة من الأدوية المسكنة ومضادات الالتهاب.
- الامتناع عن التدخين.
- شرب كمية كافية من الماء.
- اعتماد نظام غذائي صحي غني بالألياف والفيتامينات والمعادن.
الفرق بين قرحة المعدة والاثني عشر
هناك نوعين من القرحات التي تصيب الجهاز الهضمي: قرحة المعدة – قرحة الاثني عشر، ولكن يوجد اختلاف كبير بينهما، وهذا الفرق يتلخص فيما يلي:
1 – الفرق بين أعراض قرحة المعدة والاثني عشر
إن المريض الذي يعاني من القرحة المعدية يشعر بالألم بعد عند تناول الطعام أي بعد إفراز حموض المعدة التي تسبب الألم، بينما بالنسبة للشخص الذي يعاني من قرحة الاثني عشر فإن الألم يخف مع تناول الطعام أي بعد أن تتم عملية الهضم فإن حدة الألم تقل بسبب ما تفرزه المعدة من عصارات.
أعراض قرحة المعدة تتمثل في: ألم حارق في المعدة – غثيان وقيء (قد يكون دموي) – براز دموي (البراز يكون لون داكن) – نقص في الشهية.
بينمنا أعراض قرحة الاثني عشر تتمثل فيما يلي: ألم البطن الذي يزداد مع الجوع – حموضة – قيء (يمكن أن يحتوي على دم) – جفاف الجسم ونقص سوائله – إمساك أو إسهال.
2 – الفرق في أسباب قرحة المعدة والاثني عشر
تملك كل من قرحة المعدة والاثني عشر أسباب مشتركة، وأهمها: جرثومة المعدة – الأدوية المسكنة – الأطعمة المشبعة بالبهارات – الكورتيزون.
3 – الفرق في خطورة قرحة المعدة والاثني عشر
إن خطورة كل من قرحة المعدة والاثني عشر متقاربة، إلا أن الفرق يكمن في أن حدوث قرحة المعدة بدون وجود الأسباب المعتادة التي تسببها يمكن أن يزيد من احتمالية كون هذه القرحة هي قرحة سرطانية، بينما قرحة الاثني عشر فيمكن لها أن تتحول هي نفسها إلى قرحة سرطانية.
أعراض قرحة المعدة عديدة ومؤلمة ومزعجة… لذا دائمًا عليك العمل على الوقاية قبل أي شيء، ولكن مع هذا فإن العلاج ممكن لذا أهم شيء أن تبذل كل ما بسوعك لأجل جهاز هضمي صحي.
المزيد حول أمراض المعدة:
- ألم المعدة الخفيف والمعتدل والشديد
- أسباب قرحة المعدة وأعراضها وطرق علاجها
- ما لا تعرفه عن برد المعدة .. كيفية علاجه وطرق الوقاية منه
المصادر
- Stomach Ulcer: Causes, Symptoms, and Diagnosis
- Peptic ulcer – Symptoms and causes
- Stomach (Peptic) Ulcers: Symptoms, Causes, and Treatment