بحث عن الفطريات في أهميتها وشكلها والظروف البيئية المؤثرة عليها

لقد تميز القرن العشرون بالتقدم العلمي بجميع العلوم، وكان للعلوم المتعلقة بعالم الفطريات حيز كبير في هذا التقدم العلمي، فمنذ بداية التاريخ اهتم العلماء والباحثون بالكائنات الحية الدقيقة ودورة حياتها وطريقة تكاثرها ومعرفة أسرارها، وكان للكائنات الفطرية نصيب وافر من هذا الاهتمام.

حيث أن الكثير من العلماء والباحثون أجروا بحث عن الفطريات وكانت النتيجة أن عالم الفطريات هو عالم حي مستقل بحد ذاته ومختلف عن عالم الحيوانات وعالم النباتات، والوحدة الأساسية لجميع الفطور متماثل ويوجد القليل من الاستثناءات، وتعتبر الفطريات من الكائنات الحية حقيقية النوى والتي تمتلك غشاء نووي حول الخلايا وبذلك تختلف بشكل جوهري عن الجراثيم.

بحث عن الفطريات في شكلها الخارجي

الشكل الخارجي للفطر

إن الوحدة الأساسية لجميع الفطريات هي الأبواغ الفطرية، والتي بدورها تنتش لتعطي الهيفات الفطرية، والهيفات هي خيوط فطرية مجهرية متفرعة ذات قناة من الداخل وغلاف من الخارج يختلف قطرها من فطر لآخر حيث يتراوح من 1– 50 ميكرون، وعندما تجتمع الهيفات الفطرية تشكل ما يسمى المشيجة الفطرية، وعند الفطريات المتطورة تقسم الهيفات الفطرية إلى خلايا بوساطة تشكل عدد من الجدر العرضية التي تفصل كل خلية عن أخرى، يوجد داخل الخلايا سيتوبلاسما تجري ويكون جريانها واضحًا عند بعض الفطريات ويكون غير واضح في البعض الآخر وغالبًا ما يكون اتجاه جريان السيتوبلاسما باتجاه الأعضاء التكاثرية، وسنعرض بعض التراكيب الشكلية للفطريات.

بعض التراكيب الشكلية التي تشكلها الفطريات:

الجذور الفطرية:

يكون عند هذه الفطريات الفروع الخيطية أو الهيفات تشبه في تشكلها الجذور عند النباتات، تتكون في قاعدة المشيجة أو قاعدة الحامل البوغي لتساعد بذلك الفطر في عملية التشبث والتثبيت، كما أن لها دورًا هامًا في امتصاص الماء والمغذيات الأخرى الضرورية ليتم الفطر وظائفه الحيوية، عند الفطريات الكتريدية تتشكل الجذور العرضية حاملة في نهايتها أكياس بوغية تحوي داخلها أبواغ ساكنة.

الجذور الكاذبة:

حيث نجد أن بعض الثمار الفطرية الموجودة فوق سطح التربة يوجد تحتها جذر وتدي أسطواني ممتد إلى قاع التربة ليصل إلى مشيجة الفطر المطمورة تحت سطح التربة، وظيفته نقل المواد الغذائية إلى تلك الثمار الفطرية، نسمي هذا التشكل بالجذر الكاذب والسبب لأن هذا التشكل هو امتداد ساق الثمرة الفطرية إلى مشيجة الفطر المطمورة.

الجدائل الفطرية:

الجدائل الفطرية أو الحبال الفطرية وهي تجمع عدد من الخيوط الفطرية تساهم في نشر الفطر إلى مسافات بعيدة، وتمتاز بقدرة اختراقية عالية لتصل إلى الأعماق الموجودة في قاع التربة، وقد تصل إلى عمق 3 أمتار باستخدام عاملان هما العامل الميكانيكي الذي يعتمد على الضغط باتجاه موقع الانتشار، والعامل الأنزيمي عن طريق إفراز موادًا كيماوية تحلل أجزاء التراب التي على تماس مع مقدمة الجدائل الفطرية.

الأجسام الحجرية:

الأجسام الحجرية هي إحدى التركيبات الشكلية التي يكونها الفطر للحفاظ على بقاء أطول لدورة حياته، وتختلف هذه المدة من فطر إلى آخر فهي تتراوح من شهور إلى سنوات، وهي إحدى طرق الانتشار والتكاثر عند الفطريات، حيث أنها تقاوم الظروف البيئية المختلفة وتقاوم المواد الكيماوية المختلفة مثل مقاومة الأجسام الحجرية لفطر الفيرتيسيليوم لغاز بروميد الميتيل، وتتشكل هذه الأجسام الحجرية عن طريق اجتماع الخيوط الفطرية بشكل متراص جدًا ويتشكل فيما بين تلك الخيوط نسيجًا برانشيميًا لتصبح كتلة ذات قوام صلب ولون داكن وغالبًا سوداء.

الأجسام الحجرية الكاذبة:

هذا التركيب الفطري شائع عند الفطريات الرمية، يحدث هذا التشكل عندما تجتمع خيوط فطرية مع مواد أخرى كالبقايا النباتية والرمل والطين وغيرها، ولأنها لا تتكون من خيوط فطرية بصورة نقية سُميت بالكاذبة. عند الفطر polyporus basilapiloides يصل حجم الأجسام الحجرية الكاذبة إلى 20 سم طولًا و10 سم عرضًا ويتواجد هذا الفطر بكثرة عند أشجار الملي وهو أحد أنواع أشجار الأوكاليبتوس، تعطي هذه الأجسام الحجرية الكاذبة أجسام ثمرية بعد هطول المطر عليها.

أعضاء الالتصاق:

وهي تراكيب تتشكل عند تماس الخيط الفطري مع جسم ما بغية التشبث به، حيث تظهر أجسام مفلطحة وعريضة وببعض الأحيان تكون مُحاطة بمادة لزجة. تُشاهد هذه الحالة عند بعض الفطريات التي تتثبت على الزجاج، وعند بعض الفطريات المتطفلة والمسببة أمراضًا على النباتات كالفطريات المسببة لأمراض الصدأ والبياض الدقيقي.

الماصات:

يحدث هذا التشكل عند الفطريات المتطفلة على الكائنات المختلفة لتقوم بعملية التغذية على هذا الكائن الحي، وتتشكل هذه التركيبات إما على الخلايا بحد ذاتها أو في أعضاء الالتصاق، ويُلاحظ هذا التركيب بكثرة عند الفطريات المتطفلة على النبات، فعلى سبيل المثال يظهر عند أعضاء الالتصاق لفطريات الصدأ نمو خيطي أولي مُعطي حوصلة ينبثق منها خيط آخر ليلامس خلايا العائل.

حاملات الأبواغ:

تتشكل هذه التراكيب بشكل عمودي على الخيوط الفطرية بشكل منفرد أو ضمن مجموعات، وتختلف في أشكالها وعددها وطريقة تفرعها وبعدد الأبواغ التي تحملها، وعلى هذا الأساس يعتمد تصنيف الفطريات، الغاية منها الخروج عن مكان تشكل المشيجة الفطرية والتي غالبًا تكون ضمن أنسجة العائل المُتطفل عليه، وتعريض الأبواغ إلى الهواء الطلق ليحدث انتقالها عن طريق الهواء، وفي فطر عش الغراب المزروع والمرغوب عند الكثير من الناس نجد الحوامل البوغية بشكل صفائح متكونة على السطح السفلي للثمرة الفطرية.

الأبواغ الكلاميدية:

في بعض الأحيان يغلظ جدار بعض الخلايا الفطرية وتصبح بشكل كروي ويتجمع داخلها صبغة الميلانين، وقد تكون مفردة ضمن الخيط الفطري أو بشكل طرفي أو الخيط الفطري بكامله يتحول إلى هذا الشكل، ومن ثم تنفصل هذه الخلايا عن المشيجة الأساسية لتنتشر في الوسط، ويكون لكل من هذه الخلايا مشيجة خاصة بها، يعتبر هذا التشكل أحد طرق التكاثر اللاجنسي عند الفطريات.

بحث عن الفطريات في الظروف البيئية المؤثرة على نموها

تأثير الظروف البيئية على الفطريات

تتميز الفطريات بتكيف كبير مع ظروف الوسط التي تعيش فيه، منها محب للجفاف ومنها محب للرطوبة ومنها يتغذى على المحاليل السكرية ومنها يتغذى على المحاليل الملحية، والعاملان الرئيسيان المؤثران على نمو الفطريات هما الحرارة والرطوبة.

 الحرارة المؤثرة على الفطريات:

تختلف الفطريات عن بعضها البعض بالمدى الحراري المناسب لحياتها، وبشكل عام يتراوح المدى الحراري عند الفطريات بين 5 – 35 درجة مئوية والمدى الحراري الأمثل لنمو واستمرار الفطريات هو 20 – 25 درجة مئوية، تتوزع الفطريات على سطح الكرة الأرضية حسب درجات الحرارة المختلفة والمتباينة والمُثلى لكل فطر على حدا، من الفطور ما هو محب للبرودة مثل الفطر Cladosporium herbarum الذي يعيش على اللحوم المحفوظة في درجة حرارة -6 درجة مئوية، والفطر Fusarium nivalis يسبب خسائر فادحة للنبات عندما يغطي الأرض طبقة سميكة من الثلوج، وهناك أنواع محبة للحرارة كما في بعض الفطريات الزيجية والزقية والناقصة، إذ الحرارة الأمثل لنموها بين 45 – 50 درجة مئوية، وقد تم عزل فطر Aspergillus من بيئات تصل درجة حرارتها إلى 70 درجة مئوية.

الرطوبة المؤثرة على الفطريات:

تختلف الفطريات في حاجتها للرطوبة، فمنها ما هو غير قادر على العيش إلا في وسط مائي مثل فطريات Oomycetes المعروفة بأنها تسبب أمراضًا نباتية، وتمتاز هذه الفطريات بامتلاكها سياط تُساعدها على الحركة والانتقال ضمن الوسط المائي. ومنها ما هو يعيش في وسط جاف تمامًا بعيد جدًا عن الرطوبة، وفطريات الأشنات خير مثال عن هذه الفطريات، فهي تفقد قسم كبير من محتواها المائي دون أن تتأثر حيوية تلك الفطريات، وبالرغم من ذلك فهذه المقاومة ليست مطلقة، والدليل على ذلك عدم تواجد الأشنات في الصحراء.

عوامل أخرى مؤثرة على الفطريات:

تأثير الضوء:

لا تمتلك الفطريات اليخضور ولا تقوم بعملية التركيب الضوئي، وتأخذ غذاءها من الوسط التي تعيش فيه بشكل مباشر، وبذلك فهي تختلف بشكل جوهري عن النباتات. وبعض الأبواغ الفطرية إذا تعرضت للضوء توقف إنباتها، ولأن لكل قاعدة شواذ فهناك فطريات تبقى عقيمة في الظلام وتحتاج للضوء لإكمال دورة حياتها مثل الفطر Coprinus وغيره من الفطريات.

تأثير درجة PH:

ويُقصد بها درجة حموضة الوسط، وتعيش الفطريات ضمن مجال واسع لهذه الدرجة وتميل للأوساط الحامضية وخصوصًا عند الدرجة 4 – 5 بخلاف الجراثيم التي لا تتمكن من العيش في الأوساط الحامضية، وبذلك فهي تتحدى الجراثيم في الحصول على الغذاء، وهناك بعض الفطريات تعيش في الأوساط القلوية.

أهمية الفطريات في حياتنا اليومية

تتجلى أهمية الفطريات في حياتنا في مقدرتها لتحليل المواد العضوية وإطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يأخذه النبات بعملية التركيب الضوئي ليعطينا الأوكسجين الذي نحتاجه في عملية التنفس، وهذه هي الأهمية الكبرى لعالم الفطريات في حياتنا، وهناك فوائد أخرى بعدة مجالات:

في مجال الصناعة:

تلعب الخمائر دور رئيسي في صناعة الخبز الذي نحتاجه في حياتنا اليومية، كما يتم إنتاج بعض الأنزيمات ذات الأهمية الصناعية كأنزيم الذي يحول الغلوكوز إلى جلوكونيك.

في مجال الطب:

وهناك الكثير من العقاقير الطبية المستخرجة من فطريات متنوعة، ومن أهم تلك الفطريات البنسيليوم الذي نأخذ منه مادة البنسلين للعلاج من الجروح والتقرحات البكتيرية، وهناك عقاقير طبية كثيرة مُستخرجة من الفطور.

في مجال التغذية:

ومن الفطريات ما هو مستخدم في عملية التغذية، كالفطر المحاري وفطر عيش الغراب وفطر الكمأة، وتتميز هذه الفطريات بقيمتها الغذائية العالية، فهي مصدر جيد من الفوسفور والدهون والحديد وبعض الأحماض الأمينية، وفطر عش الغراب بشكل خاص يتميز بأنه غني بحمض الأسكوربيك.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله