هل توجد مخلوقات فضائية خارج كوكبنا ؟

منذ عدة عقود وحتى وقتنا الراهن يصدر عن كوكب الأرض أضواء وموجات صناعية قام ببثها البشر كموجات الاتصالات والقنوات الفضائية. إن كل هذه الأضواء والموجات تجعل الأرض منارة يمكن أن تراها أي مخلوقات فضائية وربما قوبلت هذه الإشارات بالصمت.

دعونا نتخيل الأمر غير المألوف وهو جسم فضائي غريب يدخل نظامنا الشمسي متجهًا نحو الأرض، سوف يبتهج الكثير من الناس فنحن من الآن لسنا وحدنا في هذا الكون، فيما يخاف آخرون من أن يكون هؤلاء الفضائيين عدائيين لنا, فلو أعلنا أننا نعيش في مجرة مليئة بالحياة وأن نوعًا من أشكال هذه الحياة يقترب مسرعًا نحو كوكبنا فسوف تعم الفوضى بين الناس إذ يظن الملايين أن نهاية العالم قد اقتربت كما يحدث في الكثير من أفلام الخيال العلمي التي صورت الفضائيين دائمًا على أنهم قتلة ومتوحشون يريدون تدمير كوكبنا.

هل توجد مخلوقات فضائية خارج كوكبنا؟

البحث عن مخلوقات فضائية

قبل ثلاثين عامًا كانت لدى العلماء نظريات عدة لكن مع دليل ضئيل، والآن غيرت اكتشافات جديدة ومفاجئة تلك الآراء، فالعديد من التليسكوبات المتطورة والضخمة وروبوتات جوالة على كواكب أخرى واكتشافات جديدة على كوكبنا غيرت الآراء العلمية وأجابت عن أسئلة أرقت العلماء طويلًا.

فما هي الحجة العلمية على وجود مخلوقات فضائية؟ وهل يجب علينا أن نخاف؟ هل نحن وحدنا في هذا الكون؟ أم أن لنا أخوة وسط النجوم؟

المفاجئ في الأمر أن علماء كثيرين يعتقدون الآن أن هناك مخلوقات فضائية موجودة فعلًا، وحتى أننا على وشك اكتشاف حياة في نظامنا الشمسي. وأن اكتشاف هذه المخلوقات ليست سوى مسألة وقت لا أكثر.

ففي عام 2008 خطى البحث عن الحياة خارج الأرض خطوة كبيرة, عندما وصل مسبار الفضاء فينكس إلى المريخ وبدأ هذا المسبار بتحليل تربة الكوكب الأحمر بحثًا عن الماء أو أي دليل آخر على وجود الحياة، ووجد اكتشافًا مذهلًا، فبعد أن حفر المسبار النفق الأول على عمق 5 سنتيمترات كانت هناك مساحة بيضاء ساطعة.

وظن معظم العلماء أن هذه المساحة ليست سوى مجرد ملح، لكن أجزاء صغيرة من المادة البيضاء اختفت بغموض خلال أيام, عندها أدرك العلماء الحقيقة المذهلة، فالملح لا يختفي هكذا ولا الصخر. فعرفوا فورًا أن ما اكتشفوه كان جليدًا، وهي المرة الأولى التي لمس فيها مسبار فضائي الماء على كوكب المريخ، وهنا على الأرض في كل مكان توجد فيه الماء وجدت الحياة أيضًا.

لكن المريخ لا يشبه الأرض, فهو أرض جافة مهجورة وباردة جدًا إلى درجة التجمد وبالتالي فهو مكان رهيب للحياة؛ فكيف يفكر العلماء في وجود مخلوقات حية تعيش في هذه البيئة المتطرفة؟

إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في كوكبنا نفسه، فالعلماء الآن مذهولون بالاكتشافات الجديدة لأنواع من الحياة لا يتوقعها أحد، حيث تعيش بعض أشكال الحياة هنا على كوكب الأرض في أماكن لا وجود فيها لضوء الشمس ولا للأكسجين وفي ماء مغلية أو في بيئات قلوية جدًا أو حمضية جدًا، ورغم ذلك هذه الحياة موجودة فعلًا. والرسالة التي ترسلها لنا هذه الأحياء هي أنه ما دام هناك ماء سائل, فإن الظروف البيئية أو الكيميائية أو ضوء الشمس غير هامة.

إن تماسك الحياة على الأرض غيَّر جذريًا مفهومنا وفكرتنا حول وجود مخلوقات فضائية, وإن اكتشاف الماء والكربون والميثان والهيدروجين على كوكب المريخ يعني أن فيه القواعد الأساسية للحياة. وفي عام 1996 اكتشف حجر نيزكي على كوكبنا جاء قبل ملايين السنين من كوكب المريخ وقد أظهر هذا الحجر تركيبات مجهرية قد تكون ميكروبات متحجرة، والآن يظن العلماء أن هناك ميكروبات حية تعيش تحت سطح المريخ.

قمر زحل

وإن البحث عن الحياة في نظامنا الشمسي لا يقتصر فقط على كوكب المريخ، حيث يتم البحث عن مواطن أخرى محتملة للحياة على أقمار أكبر أو أحد كواكب المجموعة الشمسية، فقد اكتشفنا حديثًا على قمر زحل أنسيليدوس ينابيع حارة مليئة ببخار الماء ومركبات عضوية تفضي إلى الحياة.

وقد يعيش أحد في المحيطات الهيدروكربونية لقمر زحل تيتان، لكن قمر المشتري يوروبا يبدو الأكثر وعدًا فالعلماء يعتقدون أن هذا القمر لا يحتوي على الميكروبات فحسب بل مخلوقات أكبر وأكثر تعقيدًا.

قمر يوروبا

إن حجم قمر يوروبا الذي يدور حول كوكب المشتري يشبه تقريبًا حجم قمر الأرض، لكنه لا يشبه القمر إطلاقًا. فهناك خطوط في كل مكان وهي معالم طولية تمتد آلاف الكيلومترات، وتتألف غالبًا من سلاسل جبلية مزدوجة، وفي بعض الأماكن هناك سلاسل تتقاطع مع سلاسل أخرى بحيث كان ذلك مُحيرًا جدًا، فما الذي نراه على قمر يوروبا؟ وماذا يعني؟

درجة حرارة سطح القمر يوروبا تصل إلى 260 درجة مئوية تحت الصفر وقد اعتقد العلماء في الماضي أنه مجرد قمر قاحل من الجليد الذي تصل سماكته إلى 100 كيلومتر، ويغلف مركزًا صخريًا باردًا، لكن فهمنا للمد والجذر غير تلك الصورة تمامًا، فالمد والجذر على كوكبنا يجعلنا نفكر في البحار والمحيطات التي تتحرك للأعلى والأسفل بسبب جاذبية القمر.

معلومات أخرى عن قمر يوروبا

لكن ما يحصل أيضًا هي أن الأرض اليابسة تتمدد وتتقلص بفعل جاذبية القمر والشمس لها، ويحصل ذات الأمر على القمر يوروبا لكن بدرجة أكبر بكثير، فهو يدور حول كوكب المشتري أكبر كواكب المجموعة الشمسية، وقوى الجاذبية الهائلة التي يصدرها كوكب المشتري تضغط على القمر كثيرًا فتولد حرارة في مركزه الصخري وذلك من خلال الاحتكاك بين الصخور الداخلية نتيجة المد والجذر الذي يحدثه كوكب المشتري.

وبما أن سطح القمر متجمد ومركزه ساخن فهذا يعني وجود منطقة معتدلة الحارة بين السطح والمركز، ويعتقد العلماء الآن أن أسفل الجليد يوجد محيط هائل بحجم كل محيطات الأرض قد تحتوي على حياة مشابهة للميكروبات والديدان الموجودة على أرضية محيطاتنا وتتغذى على منافذ يسخنها مركز الأرض.

بعض العلماء يعتقدون أن سماكة الجليد التي تبلغ 100 كيلومتر تجعل المحيط معتمًا جدًا ومغلقًا إلى أن بعضهم يرون أن طبقة الجليد قد تكون أكثر رقة وهو ما يسمح بدخول ضوء الشمس والوصول إلى المحيط المدفون وتوفير الطاقة لكائنات ومخلوقات أكثر تعقيدًا.

قمر يوربا

هل الأرض فريدة من نوعها؟

لقد اعتقدنا لآلاف السنين أن كوكب الأرض كان فريدًا، ونحن الآن على وشك تصحيح هذا الاعتقاد وذلك باستخدام التقنيات الحديثة، فقد تمكنا من اكتشاف أول كوكب خارج نظامنا الشمسي عام 1994 ومنذ ذلك الوقت تمكن العلماء من اكتشاف عدد كبير من الكواكب الأخرى ذات المحاور.

لا تزال المسافات الشاسعة تجعل إيجاد الكواكب أمرًا صعبًا، لذلك وضع العلماء طريقة لاكتشاف الكواكب دون الحاجة إلى رؤيتها، حيث يمكننا بدلًا من رؤية الكوكب أن نبحث عن تأثير الكواكب على نجومها بمجرد ظهور تمايل خفيف جدًا في حركة النجم. وهذه هي التقنية الأكثر نجاحًا.

وكلما كان الكوكب أكبر تمايل للنجم، فالكواكب الكبيرة التي تشد نجمها هي التي ترى بشكل أسهل، ولسوء الحظ جميع هذه الكواكب عملاقة وغازية ساخنة كالمشتري وزحل مع أغلفة جوية سامة، بينما يكون المكان المرجح لوجود حياة فضائية على كوكب صخري أصغر حجمًا ويحتوي على الماء كما هو الحال على الأرض.

تليسكوب كبلر

في شهر مارس/أذار 2009 أطلقت ناسا تليسكوبًا فضائيًا جديدًا هو تليسكوب كبلر المخصص للبحث عن كواكب بعيدة مشابهة لكوكب الأرض. يحتوي هذا التليسكوب على أداة كبيرة لقياس شدة الضوء ويحدق بعينه الكبيرة التي لا تغمض على جزء كبير من مجرة درب التبانة باحثًا عن كواكب بالحجم المناسب وتبعد مسافة مناسبة عن نجومها مما يمكنها من دعم الحياة.

فهل سنتمكن قريبًا من إيجاد مخلوقات فضائية تعيش وتزدهر على كواكب أخرى؟ أم أننا سنبقى هكذا نبحث دون الإجابة على أعقد الأسئلة التي حيرت البشرية منذ الأزل؟

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله