مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

تُعتبر مناهج البحث العلمي من أهم دعائم العلم حيث أن العلم يقوم على ثلاثة أضلع أولها البحث وفق مناهج البحث العلمي وثانيها الكتابة العلمية متمثلة في رسائل الماجيستير والدكتوراه والكتب العلمية والدوريات وثالثها المحاضرة العلمية الجيدة، لذلك سأقدم لكم مناهج البحث العلمي بشكل مُبسط.

ومناهج البحث العلمي أنواع منها المنهج التجريبي ومنها التاريخي ومنها المنهج الاستدلالي ومنها المنهج القائم على الجدل والنقاش ومنها أيضًا منهج البحث الشبه تجريبي أو كما يسميه المتخصصون في علم النفس “التجربي” والذي يختلف كثيرًا عن أبيه الشرعي المنهج التجريبي وكل منهج له أهميته وله وظيفته التي تختلف عن الأخرى.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

قبل الحديث عن مناهج البحث العلمي

ما تعريف المنهج

كلمة منهج هي ترجمة للكلمة الإنجليزية method والبعض يرى أنها ترجع للكلمة اليونانية ميثودا والتي كان أفلاطون يلقبها بالبحث والمعرفة والنظر، وأرسطو كان دومًا يستخدمها كي يُعبر بها عن الطريقة التي توصل إلى الغرض المطلوب، وكل تلك المعاني للمنهج لم تكن علمية بالمرة ولكن كانت مجرد إرهاصات فلسفية.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

إلى أن جاء عصر النهضة الأوربية وجاءت مجهودات الفلسفة ونشر بيكون في كتابه الاورغانون الجديد ليعبر عن وجهة نظره بضرورة وجود منهج علمي شامل يدرس الظواهر من حولنا وكل هؤلاء العلماء والمتخصصون أقروا أن المنهج فن تنظيم سلسلة من الأفكار العديدة بغرض الكشف عن الحقيقة ومن أجل إثباتها إن وجدت.

ومناهج البحث العلمي هدفها الأساسي التنظيم والترتيب لكل الإجراءات التي نقوم بها كباحثين أو كمتخصصين في أي علم أو كهواه حل مشكلات، أو كموحولين في مشكلات شتى مثل بعض دولنا العربية لأنه لا يجوز أن تسير عملية العلم بشكل فوضوي بل لا بد وأن تسير على قضبان مناهج البحث العلمي.

كيف تم تكوين مناهج البحث العلمي

الحقيقة أن التقدم السريع جدًا في مناهج البحث العلمي لم يكن وليد الصدفة بل كان نتيجة منطقية لتطورات عديدة في تخصصات غير إنسانية أقصد فيزيائية وطبية وكيميائية حيث أنها الأسهل في الضبط وكلها تخضع لأرقام واضحة وفي الغالب لغة الأرقام لا تكذب.

ففي الطب مثلًا نشأ منهج هام جدًا كان وما زال يعرف بالمنهج الوقائي من أجل حماية الناس من الفيروسات والجراثيم المختلفة، وجاء بعده المنهج العلاجي الخاص بحماية من تعرضوا لأضرار بالغة من الجراثيم والفيروسات، ومن هنا جاءت مقولة “الوقاية خير من العلاج”.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

وقال برنار أن المناهج لا ينبغي التعامل معها على أنها قواعد جامدة للعمل بل هي إجراءات يتم تطويرها من خلال العمل الذي نقوم به، كي لا نتخذ عدم وجود منهج للدراسة مدعاة للخمول، وهذا منطقي فمن مئة وعشرون سنة لم يكن هناك منهج لدراسة علم النفس والآن هو موجود بيننا.

ويمكنك عزيزي الباحث أو طالب العلم أن تتعامل مع المناهج بفكرة أن الحاجة أم الاختراع فضروري جدًا لكي تدرس ظاهرة نفسية معقدة مثل “المثلية الجنسية” أن تستخدم منهج تاريخي ووصفي وشبه تجريبي كي تصل للحقيقة، لأنه في الغالب الحاجة هي التي تدفعنا لتطوير تلك المناهج.

من يحتاج لدراسة مناهج البحث العلمي

أول من يحتاج لدراسة مناهج البحث العلمي بشكل عميق هو طالب الدراسات العليا سواء كان في كلية نظرية أو عملية، لأنه ببساطة يُدرب من خلال المقررات التي يدرسها على تطبيق المنهج العلمي والطريقة العلمية في البحث، وفي نهاية سنته الدراسية يطبق كل هذا على مشروع تخرجه.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

ثاني من يحتاج لدراسة مناهج البحث العلمي هو طالب الماجيستير وليس الدكتوراه حيث أنه جرى العرف في بلادنا العربية ولا أعرف ما السبب في هذا على اعتبار أن طالب الماجيستير أحوج من طالب الدكتوراه لدراسة مناهج البحث العلمي المُختلفة، أما طالب الدكتوراه فالأهم عنده تقديم أبحاث علمية تهم الناس.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

ومن يحل المشكلات عمومًا يحتاج للمنهج العلمي أو ما يسميه البعض بالطريقة العلمية والتي تدور حول عدة خطوات لحل المشكلات والتي أولها الشعور بالمشكلة ثم تحديد المشكلة في كيان محدد ثم جمع المعلومات عن المشكلة موضوع البحث ثم وضع عدة حلول مقترحة وتطبيقها بالتجربة حتى الوصول لحل لتلك المشكلة.

مناهج البحث العلمي وفق التخصصات المختلفة

الفيزياء والطبيعة

لعل العلوم الطبيعية والتي على رأسها الفيزياء والكيمياء والرياضيات هي صاحبة النصيب الأكبر من ثبات النتائج المختلفة فالتجربة الرياضية أو الفيزيائية لو قمت كمتخصص لتعيدها ألف مرة ففي الغالب ستعطي نفس النتائج تقريبًا مما يعلي من أسهم المنهج التجريبي والاستدلالي في تلك الأنواع من العلوم.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

كما أن تلك العلوم مبنية في الأساس على الأرقام ففي كل مرة ستقوم بمعادلة رياضية أو كيميائية تحت نفس الظروف فستحصل بكل تأكيد على نفس النتيجة، فمثلًا تحت أي ظرف عند اتحاد ذرتي من الهيدروجين مع ذرة من الأكسجين فبكل تأكيد سيتولد الماء الصالح للشرب.

العلوم الإنسانية

والعلوم الإنسانية لا تخضع كلية للأرقام مثل العلوم الفيزيائية بل تخضع للتخمين والقراءة المتأنية، لذلك تجدها متأخرة جدًا بالنسبة لتطور مناهج البحث العلمي، أضف إلى ذلك أن الإنسان والذي هو موضوع تلك العلوم متلون وغير محايد بالمرة وله طباع متغيرة من موقف لآخر كما يصعب علينا تحويل سلوك الإنسان لرقم.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

وتلك العلوم تحتاج للمنهج الوصفي المبني على جمع المعلومات وقد نستعين في بعض الأحيان بالمنهج شبة التجريبي أو بالمنهج التاريخي كي نجمع معلومات عن عهد سابق.

العلوم التاريخية

والتاريخ عمومًا مبني على الوثائق والأوراق ذات اللون الأصفر والتي على الباحث أن يتأكد دومًا من مصداقيتها على اعتبار أن كل ورقة أو جمجمة بشرية أو بردية هي دليل على علم وعلى أناس كانوا يعيشون هنا في تلك المنطقة أو تلك المرحلة، وبالطبع المنهج التاريخي هو الأساس.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

والباحث في مناهج البحث العلمي التاريخية عليه دور واضح في التفريق بين الأدلة الثانوية والأدلة الفرعية، مثلًا جواب بخط الملك محمد على حاكم مصر لهو دليل واضح ورئيسي في الدراسة الفلانية أما جواب حكومي كان يشكوا فيه عامل في مصانع السكر لزوجته من سوء الحالة الاقتصادية فليس إلا دليل ثانوي.

أنواع مناهج البحث العلمي مع شرح وافي لكل منها

المنهج الاستدلالي

والاستدلال عمومًا هو أن تبدأ من قضايا تسلم بها، لكي تصل بها إلى قضايا أخرى أنت لا تعلم عنها شيء دون اللجوء للتجريب، مثل الرياضي الذي يعتمد على مقدمات منطقية والتي منها أن تربيع الشيء يعني حاصل ضرب الشيء في نفسه، ومثل القاضي الذي يعتمد على مستندات القضية ليصدر الحكم.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

ومهم جدًا أن تعلم كمتخصص في مناهج البحث العلمي أن الاستدلال من ضمن شروطه ألا تضيف من تلقاء نفسك للمقدمات المنطقية شيء، فقط قدم تلك المقدمات دون أن تضيف عليها طابع شخصي كما قلنا مثل القاضي الذي لديه أدلة.

ولكن مهم جدًا أن تعلم كباحث أن الاستدلال ليس بعملية اعتباطية بل هو عملية مدروسة للغاية ومتطورة مع الزمن لكي يكون الاستدلال جيد ومنضبط لا بد من وجود شرطين الأول أن تكون تلك المقدمات كافية للحكم بها، وأن تكون تلك المعطيات واضحة وجلية وليس لها وجهان بل لها وجه واحد.

المنهج التجريبي

وهو المنهج الذي نلجأ لندرس به وقائع لا نستطيع الحكم عليها بحواسنا المباشرة مثل الاستدلال والاستقراء وأيضًا ليس لدينا شواهد أو مقدمات منطقية تعيننا على الحكم لذلك نلجأ للتجريب، والتجريب قريب الصلة بالفيزياء أو بالكيمياء، فالحمض الفلاني حينما نضعه على المادة الفلانية يخرج الغاز الفلاني.

وللتجريب خطوات طويلة، ولكن بشكل مبسط حين تجرب أنت في الغالب تختبر تأثير شيء على شيء آخر، فمثلًا قد تختبر تأثير وفاة الأم في سن صغير على شخصية الابن فهنا نجرب كالآتي، نأتي بأبناء يتامى من ناحية الأم وآخرون أمهاتهم ما زالت على قيد الحياة ونبدأ في التجربة.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

وقد تستعين في المنهج التجريبي ببعض الوسائل لجمع المعلومات منها الملاحظة المقننة أو مصفوفة المتغيرات المتتابعة والمستقلة كلها مواضيع متخصصة جدًا في مناهج البحث العلمي وسنفرد فيها في مقال آخر.

المنهج التاريخي

والبعض يسميه الاستردادي لطبيعته حيث أننا في الغالب نسترد بيانات ومعلومات من الماضي لنضعها أمامنا في الحاضر كي ندرسها، ولأن الزمن هو عنصر غير قابل للإعادة فالمنهج التاريخي يأتي ليحل تلك المشكلة، والمنهج التاريخي ليس مجرد سرد لمعلومات بل له متخصصوه.

المنهج الوصفي

وفي المنهج الوصفي يلجأ الباحث لجمع المعلومات بشتى الطرق الممكنة وذلك المنهج مناسب أكثر للتخصصات الإنسانية المختلفة مثل علم النفس والصحة النفسية، ويأخذ عدة صور منها الدراسة المسحية والتي يستخدمها الأخصائيون الاجتماعيون في دراستهم على الطلاب وعلى نزلاء الملاجئ.

المنهج شبه التجريبي

والبعض يسميه “التجربي” أي المنهج الذي فيه من صفات التجربة العلمية ولكن لا يمكن أن نطلق عليه تجريبي، لأنه يدرس ظاهرة إنسانية لها خصوصيتها ولها تلوناتها المختلفة حسب الظروف البيئية وحسب الزمن، لذلك هي صورة مصغرة للمنهج التجريبي.

المنهج الجدلي

وهو منهج يستخدمه الجميع مع أنهم لا يعترفون أنه منهج علمي وللأمانة هو في الغالب لن يأتي بثماره إلا عندما تعينه وتمده بالمعلومات مناهج البحث العلمي الأخرى التي ذكرناها، وفي ذلك المنهج يجلس المتخصصون في قاعات السمنار لكي يتدارسوا قضية أو وجهة نظر معينة.

مناهج البحث العلمي المختلفة مع شرح لكل منها

ومهم جدًا أن تعلم عزيزي القارئ أن مناهج البحث العلمي تخصص إلى حد ما جاف لذلك قد تجد صعوبة في فهمه ومعرفة طبيعته لذلك رشحت لكم في السطور التالية بعض الكتابات التي ستعينكم على فهم مناهج البحث العلمي بتفاصيلها المختلفة.

كتب قد تستعين بها لدراسة أوفى في موضوع مناهج البحث العلمي

هناك العديد من الكتب التي عليك أن تستعين بها كي تستزيد وتفهم طبيعة كل منهج من المناهج التي عرضناها وتلك الكتب حرصت وأنا أجمعها لك عزيز القارئ أن أنتقيها بحيث يكون لها صورة إليكترونية بصيغة PDF ومن تلك الكتب ما يلي.

كتاب مناهج البحث العلمي للدكتور عبد الرحمن بدوي وهو كتاب نشر عام 1977 بوكالة المطبوعات بدولة الكويت، وهناك كتاب مقدمة في مناهج البحث العلمي للدكتور رحيم يونس كرو العزاوي وهو كتاب نشر في عام 2008 بدار دجلة بالأردن، وهناك كتاب مناهج البحث العلمي للدكتور سهيل رزق دياب.

وأخيرًا ذلك الكتاب الذي أحبه وأعتقد أنه الأيسر والأوضح في مناهج البحث العلمي إلا أن ما يعيبه أنه متخصص في العلوم الإنسانية بشكل أكبر ألا وهو كتاب مناهج البحث في التربية وعلم النفس للدكتور جابر عبد الحميد جابر والدكتور أحمد خيري كاظم، وهو كتاب هام ومن أفضل كتب علم النفس.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله