ظاهرة رينو وبرود الأطراف في الشتاء (داء رينو)

ظاهرة رينو Raynaud s Phenomenon أو داء رينو هي حالة ينخفض فيها امداد الأنسجة السطحية بالدم في الأرجل واليدين، ويرافق ذلك شحوب وازرقاق في الأصابع، وذلك لفترة مؤقتة، وسبب ذلك يعود إلى استجابة الجسم لدرجات الحرارة المنخفضة.

فتتقلص الأوعية الدموية بشكل تلقائي وذلك للمحافظة على استمرار تدفق الدم في الأعضاء الداخلية المهمة في الجسم مثل الدماغ والقلب الأمر الذي يؤدي إلى الحفاظ على درجة حرارة تلك الأعضاء، وسميت بظاهرة رينو تكريمًا للطبيب موريس رينو الذي وصف الحالة لأول مرة، وهو طبيب فرنسي.

آلية عمل ظاهرة رينو

بما أن الذي يتحكم بتوسع أو تقلص الأوعية الدموية هو الجهاز العصبي، فإن ذلك يتم عن طريق الإشارات العصبية التي تعمل مع الهرمونات بواسطة المستقبلات المتواجدة في جدران الأوعية الدموية، حيث ينشط الجهاز العصبي اللا إرادي Parasympathetic مما يؤدي لتوسيع الأوعية السطحية.

لكن ولسبب ما يوجد خلل لدى الأشخاص الذين يعانون من داء رينو فإن هذا الخلل يؤدي إلى تقلص زائد عند التعرض لموجة برد شديدة مما يؤدي لظهور أعراض هذا المرض داء رينو، وقد بينت الدراسات التي أجريت بأن ظاهرة رينو شائعة بين النساء أكثر من الرجال، وبشكل بين النساء اللواتي في سن أقل من الثلاثين من عمرهن، وهذا المرض يظهر في الأيدي والأرجل وقد يظهر في الأنف والأذن أيضًا.

أنواع مرض ظاهرة رينو

ينقسم مرض داء رينو إلى صنفين أساسيين هما:

1 – مرض رينو الابتدائي Primary Raynaud s disease

تظهر أعراض المرض بدون وجود أي مرض آخر يرافقها، وهي غير معروفة السبب فقد تكون وراثية المنشأ مع أنه لم تحدد أية جينات مسؤولة عن ظهور أعراض المرض، ولا خطورة منها على المريض.

2 – مرض رينو الثانوي Secondary Raynaud s syndrome

مرض رينو الثانوي Secondary Raynaud s syndrome

إن الأعراض نظهر بشكل ثانوي مرافقة مع أمراض أخرى، وهذا الصنف نادر من المرض، ولكنه يصيب الرجال والنساء ولدى كبار السن، وهو أكثر خطورة من المرض الابتدائي لأنه يدل على وجود أمراض أخرى ويصاحب نوبات المرض الأمراض التالية:

  • تصلب الجلد (Sclerderma) هو أبرز مرض يؤدي لظهور أعراض مرض داء رينو الثانوي، ويؤثر على الأوعية الدموية السطحية والرئوية، وتبلغ نسبة المصابين بمرض رينو 98% من مجموع المصابين بمرض تصلب الجلد.
  • التصلب العصيدي (Atherosclerosis)هذا المرض ضار جدًا بالأوعية الدموية مما يؤدي لتصلب الشرايين والأوردة.
  • التهاب المفاصل الروماتيزمي (RA-rheumatoid arthritis)
  • مرض الذئبة الحمامية (SLE-systemic lupus erythematosus)
  • مرض متلازمة شوغران (Sjorgen syndrome)
  • مرض الداء النسيجي الضام المتنوع (Mixed connective tissue disease) كما يترافق ظهور الأعراض مع تعاطي بعض الأدوية منها:
    • حاصرات بيتا (Beta blockers)
    • أدوية العلاج الكيماوي السامة لبعض الأورام مثل (Bleomycin)
    • أدوية علاج الشقيقة مثل الدواء (Ergotamin).

وتترافق الأعراض مع:

  • قصور وضعف النشاط الدرقي قصور الغدة الدرقية Hypothyrodism
  • الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي (Carpaltunnel syndrome)
  • القصور في الأفعال اللا إرادية السمبتاوية (Reflex sympathetic dystrophy)

أعراض ظاهرة رينو (داء رينو)

تتمثل أعراض المرض بما يلي:

  1. ازرقاق الأصابع بسبب التقلص المستمر للأوعية الدموية مما يؤدي لنقص في الدم المحمل بالأكسجين، الأمر الذي يؤدي لظهور اللون الأزرق في الأصابع، وقد يمتد زمن النوبة من خمسة عشر دقيقة إلى عشرون دقيقة، أو حتى زوال العوامل المثيرة للأعراض.
  2. الشعور بالتنميل والوخز والخدر في الأنامل.
  3. الإصابة بقروح جلدية.
  4. حدوث النخر (Necrosis) وهو أمر نادر الحدوث وهو تموت للأنسجة.

إن هذه الأعراض تظهر في أصابع اليد ولكن الأذنين والأنف وأصابع الرجلين قد تظهر فيها الأعراض أيضًا.

تشخيص المرض

تشخيص المرض

إن الطبيب من خلال سرد التاريخ المرضي عند المريض يستطيع تحديد إذا كان من الممكن الإصابة بهذا المرض أو لا، ولتحديد ما إذا كانت الإصابة بالمرض ابتدائية أم ثانوية يقوم الطبيب بالخطوات التالية:

  1. التحري إذا ما كان العمل الذي يمارسه المريض يتضمن الارتجاج والاهتزاز أم لا.
  2. إجراء بعض الاختبارات التي تساعد على تشخيص المرض مثل استخدام فحص الدوبلر وهذا الفحص يقيم لنا مدى سيلان الدم في الأوعية الدموية ومدى الضرر الذي من الممكن أن يكون قد لحق بها، والفحص المجهري للشعيرات الدموية في قاعدة أظافر اليدين Microscopy nalifold capillary، وهو اختبار أعد لتشخيص إذا ما كان المرض ابتدائي أم ثانوي.
  3. إجراء اختبار وظائفي للغدة الدرقية للتأكد أو اكتشاف القصور في الغدة الدرقية إذا كان موجودًا.
  4. إجراء اختبارات للتحقق من وجود الأجسام المضادة الذاتية، للتأكد من أمراض المناعة الذاتية، وأمراض النسج الضامة.

علاج المرض

أولًا من المهم أن يعي المريض أن ظاهرة رينو أو داء رينو لا يشكل خطورة على حياة المريض وفي أغلب الأحيان الأعراض تكون بسيطة إلا أن المرض مزعج ويهدف العلاج إلى الوقاية من الإصابة به لذا فالعلاج يعتمد الأسس التالية: (العلاج الوقائي والابتعاد عن الأمور المثيرة لأعراض المرض، والعلاج للمرض الأولي الذي يؤدي لظاهرة رينو، ومن ثم العلاج بالأدوية الموسعة للأوعية الدموية، وإذا لم يستجب المرض يكون التدخل الجراحي) ولنبدأ:

1 – العلاج الوقائي

العلاج الوقائي

إن الأساس الذي يعتمد عليه العلاج الوقائي هو الابتعاد عن الأمور التي تؤدي لظهور المرض ويتم ذلك على النحو التالي:

  • ارتداء الملابس التي تحافظ على حرارة الأطراف وتبقيها دافئة، كالأحذية والقفازات المعزولة، وذلك في حال التعرض للبرد الشديد.
  • الابتعاد عن الأعمال التي تؤدي للارتجاج والاهتزاز الشديدين.
  • الابتعاد عن مثيرات الضغط النفسي قدر المستطاع، واستخدام العلاج النفسي إذا كان هناك لزوم لذلك.
  • الامتناع عن التدخين بشكل تام.
  • الامتناع عن شرب القهوة والشاي لتجنب تأثير الكافيين الموجود بهما، والذي يسبب تقلص الأوعية الدموية.
  • تجنب تناول الأدوية التي تسبب داء رينو الثانوي، وعدم تناولها إلا بمعرفة الطبيب المعالج.

2 – علاج ظاهرة رينو الابتدائية

علاج ظاهرة رينو الابتدائية

إن العلاج يكون باستخدام الأدوية الموسعة للأوعية الدموية لذلك فهي تخفف من نوبات أعراض المرض، وتستخدم أدوية علاج الظاهرة الثانوية أكثر من الأولية ويتم تناول الأدوية طيلة فصل الشتاء خلال الشهور الباردة من السنة، وأهم هذه الأدوية هي:

  • حاصرات الكالسيوم Calcium channel blockers يتم تناولها خلال فصل الشتاء، لأن عدم وجود الكالسيوم في العضلات يؤدي لعدم تقلصها، وبالتالي نحافظ على الأوعية الدموية من التقلص ومن هذه الأدوية:
    • النيفيدبين (Nefedipine) يمكن تناوله على شكل أقراص أو على شكل كريم يدهن به العضو المصاب.
    • دواء الدلتيازيم (Diltiazem) ولها أعراض جانبية هي (الشعور بالدوار وانتفاخ باللثة واحمرار الوجه Flushing وانتفاخ الأرجل وفي القسم السفلي منها).
  • حاصرات المستقبلات الانغيوتنسين (Angiotensin II recptor)إن منع الجسم من إنتاج هذه الحاصرات يؤدي لمنع تضيق الأوعية الدموية وبالتالي منع زيادة تقلصها ومن أهم هذه الأدوية هو لوسارتان (Losartan) ومن أعراضه الجانبية (الدوار والاندفاعات الجلدية ووذمة وعائية وهي نادرة الحصول (Angioedema) إلا أنها خطرة على الحياة فيجب معالجتها مباشرة في حال حصولها.
  • حاصرات مستقبلات ألفا (Alpha blockers) الأمر الذي يؤدي لارتخاء في العضلات السطحية الأمر الذي يؤدي لتوسع الأوعية وبالتالي عدم تقلصها ومن هذه الأدوية البرازوسين Prazosin ومن أعراضه الجانبية (ألم في الرأس والدوار عند الوقوف وقد يؤدي لفشل القلب).
  • الأدوية مضاهيات البروستاتسايكلين Prostacyclines analogue وهي من المواد التي توجد في الجسم بشكل طبيعي ووظيفتها توسع الأوعية الدموية السطحية وهي الأدوية الأكثر نجاحًا لعلاج نوبة الأعراض لظاهرة رينو، وأهم هذه الأدوية ايلوبروست (Illoprost).
  • الأدوية التي تعمل على توسيع الأوعية الدموية (Vasodilators) مثل النترو غليسرين Nitroglycerine الدواء الذي يؤدي لتوسع الأوعية الدموية مباشرة ويمكن استخدامها كمرهم على الأصابع.

3 – التدخل الجراحي للعلاج

التدخل الجراحي للعلاج

يكون التدخل الجراحي في الحالات القصوى للمرض والتي لا تستجيب للأدوية، ويكون التدخل الجراحي كما يلي:

  • قطع العصب الودي (Sympathectomy) المسؤول عن تقلص الأوعية الدموية وبالتالي فلا يحدث التقلص وتجرى هذه العملية في حال الخطورة الكبرى على الأصابع.

من هم الأشخاص المعرضون للإصابة؟

إن الأشخاص المعرضون للإصابة بداء رينو من هم في ريعان الشباب وتصل نسبتهم إلى 20% من عدد الناس البالغين في العالم، أما الإصابة بظاهرة رينو الثانوية فيمكن أن يصيب الجميع وفي مختلف الأعمار وفي أي عمر، وذلك وفق المرض الذي يسببه، علمًا بأن النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض من الرجال.

هكذا نكون قد تحدثنا عن مرض ظاهرة رينو التي أكثر ما تظهر أعراضها في الشتاء البارد، وبينا أن لها نوعين الأول مجهول السبب والثاني عرض ثانوي مترافق مع أمراض أخرى، كما أنه يصيب أصابع اليدين والأرجل وقد يصيب الأذن والأنف، وتتلون الأصابع من اللون الشاحب لنقص الدم الوارد إليها إلى اللون الأزرق نتيجة نقص الأوكسجين بسبب نقص الدم ومن ثم العودة إلى اللون الطبيعي بعد انتهاء نوبة الأعراض وتحدثنا عن العلاج بأنواعه وطرق الوقاية منه، نرجو أن نكون قد قدمنا معلومة مفيدة للجميع والله الموفق.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله