صاحبة القدرات الخاصة، البطلة الأولمبية رحمة خالد

هناك ناس خلقوا ليكونوا متألقين ومتميزين، لأنهم فقط آمنوا بقدراتهم على تحقيق النجاح، فالإرادة والاجتهاد والمثابرة والدعم المعنوي، لهم الدور الكبير في تعزيز الثقة والإبداع عند الأشخاص الطموحين، فكيف إذا كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ومنهم رحمة خالد وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة ولكن لا يجب القول عنها ذلك لأنها أثبتت بجد أنها من ذوي القدرات الخاصة. بمساعدة والدتها، أمل العاطف وبعد الكثير من سنوات  العمل الشاق، تحدت رحمة خالد جميع الصعوبات في حياتها، وأصبحت صاحبة الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية الخاصة.

لمحة عن حياة رحمة خالد

ولدت رحمة خالد عام 1996م، وهي الابنة الصغرى لعائلة تتكون من أربعة أشخاص والديها وشقيقين، اكتشفت والدتها، المتخصصة في الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، أن ابنتها كانت مصابة بمتلازمة داون عند الولادة. ولكن لعبت والدتها أمل عطيفة “وهي أخصائية علاج النطق“، دورًا حاسمًا في نقل ابنتها إلى حيث هي اليوم. حيث قالت: قبلت حالة ابنتي منذ ولادتها وعاملتها كطفلة عادية يمكنها أن تنجز أي شيء تريده إذا عملت بجد من أجل ذلك”.

بالإضافة إلى أنها عملت بجد لتحسين مهارات ابنتها العقلية والكلامية،خضعت لتدريبات تنمية المهارات العقلية والإدراك، وجلسات التخاطب وتنمية المهارات الحركية لمدة ثلاث سنوات،  مما مكّن رحمة خالد من التسجيل في مدرسة عادية، لكن تحت إشراف دقيق من إدارة المدرسة. بدأت رحمة خالد، نشاطها الرياضي وتدريبها على السباحة في سن الثامنة. كما لعبت التنس وكرة السلة.

مسيرة رحمة خالد الرياضية

رحمة خالد من محبي السباحة كانت قد بدأت التدريب في سن الثامنة، وفازت بأول بطولة لها في عام 2009م، حيث كان عمرها 13 عامًا. فيما بعد تأهلت  لتمثيل مصر في البطولة الإقليمية التاسعة في سورية وفازت بأربع ميداليات.

علاوة على ذلك، تأهلت إلى كأس العالم للسباحة في إيطاليا وفازت بالمركز الأول في بطولة السباحة الأوليمبية 2010م و2011م، بجانب بطولة 2010 للسيدات.

رحمة خالد طالبة في المدرسة الثانوية في الثامنة عشرة من العمر مصابة بمتلازمة داون، فازت بأكثر من 170 ميدالية وطنية ودولية، بما في ذلك ميداليات ذهبية في أولمبياد 2010 و 2011 للمعاقين. وكانت المتحدثة باسم ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤتمر الشباب لعام 2012 في بيروت.

حلم رحمة خالد الذي أصبح حقيقة

رحمة خالد 2

أرادت رحمة خالد أن تصبح مذيعة تلفزيونية أيمانًا منها بأهمية تقديمها البرامج حيث أوضحت أنها تكافح بجد من أجل العمل في وسائل الإعلام، “لأنها الطريقة الأسرع والأكثر فعالية لتحسين صورة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع.”تحقق حلم رحمة خالد في أن تصبح مذيعة تلفزيونية عندما عرضت عليها قناة dmc التليفزيونية المصرية وظيفة لاستضافة برنامجها الصباحي، الساعة 8:00 صباحًا يوم الثلاثاء.

جاءت فرصة العمل هذه في أقل من أسبوع بعد ظهورها الأول على قناة الغد في الثالث من ديسمبر، عندما كانت في استضافة للمشاركة بمقطع مباشر في البرنامج الصباحي، احتفالًا باليوم الدولي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

رغم أن رحمة خالد تخرجت من كلية السياحة والفنادق في عمر العشرين. بالإضافة إلى أنها بطلة السباحة في الأوليمبياد، إلا إنها تدربت لمدة 45 دقيقة حيث أطلع طاقم الإنتاج التلفزيوني على الكاميرات في الاستوديو قبل ظهورها لأول مرة على قناة الغد. وقد أثمرت هذه التدريبات وأعطت نتيجة، حيث بدت رحمة واثقة ومحترفة على الشاشة بعد هذه التدريبات، على الرغم من قلقها قبل بدء العرض. وفي الدقائق القليلة من التقديم، تناولت مسألة ذوي الاحتياجات الخاصة. وأعجب منتجوها ومشاهدوها بالجزء الخاص بها، مما عزز ثقتها بنفسها بعد العرض، وعبرت عن سعادتها بهذه الفرصة التي استمرت لبضع دقائق فقط. حيث تمكنت من نقل طموحها للعمل في هذا المجال.

أعمال وإنجازات رحمة خالد

كانت رحمة تقدم برنامجًا إذاعيًا شهريًا للأطفال على محطة راديو صوت العرب. وكان عملها في مختلف المهن “مثالاً عمليًا لقدراتها مع تعيين هدفها للعمل على التلفزيون، إن شهادتها في الفنادق والسياحة غير كافية لتأهيلها لتحقيق حلمها في العمل في وسائل الإعلام، لذلك حضرت رحمة خالد العديد من الدورات التدريبية في مجال البث الإذاعي والأعمال الإعلامية، خلال عدة أشهر. بالتالي بعد عملها الشاق والشجاعة والمثابرة حصلت على النتائج.

مع كل إنجازاتها، تم انتخاب رحمة خالد كأكثر امرأة نفوذًا في عام 2015م، وهي أصغر امرأة تحصل على اللقب بين النساء المصريات. وقالت أمها عطيفة في مقابلة مع مجلة حواء “إذا كنت تؤمن بها، فسوف تثبت أنك على حق”.

إشادة هيئة الأمم المتحدة برحمة خالد وتميزها

في الثالث عشر من كانون الأول في مصر، القاهرة، وتماشيًا مع استراتيجية الأمم المتحدة العالمية الأخيرة للمرأة بعنوان “تمكين النساء والفتيات ذوات الإعاقة: نحو المشاركة الكاملة والفعالة والمساواة بين الجنسين”، تشجع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر على شمول المرأة وتنوعها في جميع المجالات. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى ضمان اتباع نهج أكثر منهجية لإدراج حقوق النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة في جهود الأمم المتحدة للمرأة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين جميع النساء والفتيات، من الحصول على حقوقهن.

وبالتالي تشيد هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر بإنجازات رحمة خالد، كأول مضيفة تلفزيونية مصرية رغم إصابتها بمتلازمة داون، التي ظهرت لأول مرة كمضيفة للبرنامج الصباحي المباشر على شاشة DMC يوم الثلاثاء الحادي عشر من كانون الأول. تجدر الإشارة إلى أن رحمة خالد بطلة وطنية في السباحة والتنس وكرة السلة تحصل على العديد من الميداليات، بما في ذلك في المسابقات الدولية كما ذكرنا سابقًا. وقد أدركت هيئة الأمم المتحدة للمرأة الدور المحوري الذي يلعبه القطاع الخاص في دمج النساء ذوات الاحتياجات الخاصة في مختلف المجالات، مع الاعتراف بأن مركز دبي للسلع المتعددة هو أول قناة مصرية تدمج المرأة ذات الاحتياجات الخاصة في فريقها. وأكدت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر على أهمية ضمان الإدماج الكامل والمشاركة الفعالة للمرأة ذات الاحتياجات الخاصة في جميع المجالات.

قد يهمك أيضًا: ما هي حقوق المرأة بحسب مواثيق الأمم المتحدة؟

موجز مبسط عن رحمة خالد وتميزها

قالت رحمة بأن حلمها بأن تصبح مقدمة لبرنامج T.V:  أصبح حقيقة وأصبحت أول مذيعة تي في مصابة بمتلازمة داون. بالتزامن مع هذه الفرصة، رحمة هي أيضًا مقدمة مقاطع الفيديو الخاصة بصفحاتها على Facebook، والتي تشرح فيها كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، والبرامج الأخرى للأطفال، وفقًا لتصريحاتها.

ظهرت رحمة في عدد من البرامج التلفزيونية منذ ذلك الحين، وقد اشتهرت بتصريحاتها الذكية بالإضافة للشجاعة والذكاء والأهم من ذلك بابتسامتها العفوية. وفي واحدة من أكثر المقابلات إلهامًا لها، قالت: “نحن نستحق تعليمًا جيدًا، نحن نستحق ممارسة الرياضة، المعاقون هم من ليس لديهم أهداف”.

إنها ذكية ومتميزة بشكل لا يصدق، فعندما سُئلت في إحدى المقابلات بماذا تشعر إذ كان الناس يشكون بقدراتها، فكانت إجابتها بكل ثقة ودقة، حيث قالت بفخر أنا بطلة.

لفت فيديو يوتيوب لرحمة خالد انتباه منتجي MBC مصر. حيث تم سؤال رحمة عن النجم الذي تود اللقاء معه. فأجابت على الفور، “رامز جلال هو مثلي الأعلى، المزح له مضحك وهو ممثل جيد”. فعندما ظهرت على برنامج إم بي سي في مصر، وكانت باستضافة شريف عامر، حيث قدم لها مفاجأة. بحضور الفنان الشاب رامز جلال، الذي بدوره قدم لها باقة كبيرة من الزهور الحمراء، وعانقها وقبلها على الهواء، وبثبات شديد وقوة شخصية فائقة قالت له: سأقف أمامك يومًا ما في تمثيل دور البطولة.

رحمة مع رامز جلال

التلفزيون ليس إنجاز رحمة الوحيد، فقد حصلت صاحبة الميدالية الذهبية على مقطع شهري على “أخبار ذوي الإعاقة” على قناة صوت العرب.

شغلت رحمة خالد منصب المتحدث الرسمي باسم ذوي الإعاقة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمدة 3 سنوات من 2012 ولحد 2014، وكانت أول عضو في المجلس الاستشاري للأولمبياد الخاص الدولي من المصابين بمتلازمة داون.

رحمة تخطط أيضًا لخوض مجال التمثيل، وبدأت مناقشة العديد من العروض الفنية بشرط ألا تكون مسيئة لذوي الاحتياجات الخاصة، أو تظهرهم بطريقة “غير واقعية”.

بدأت رحمة خوض تدريبات مكثفة في مجال تصميم الأزياء على يد المصمم المصري بهيج حسين.

في النهاية ..

لقد فتحت رحمة خالد الباب على مصراعيه أمام الأحلام السجينة وطاقة أمل جديد لجميع الشباب، منهم مصابي متلازمة داون وغيرها من الأمراض. التي كانت سبب في فشل الكثير من ذوي الإعاقة. فحرمتهم الإعاقة من الإبداع والتفرد وحرموا أنفسهم من فرصة إثبات الذات.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله