كلنا يمكن أن نتعرض له ولكن هل أنت تحت تأثير الضغط النفسي الآن حقًا؟

يمكن أن نتعرض للكثير من الضغط النفسي في حياتنا اليومية والتي يمكن أن تملك العديد من التأثيرات السلبية على الصحة والنفسية لذا لا بد من التعامل معها

الكثير من العمل المتراكم المهمات التي لا بد من إنجازها مع ضجيج وصراخ يزيد التوتر وتشعر بأنه لا يمكنك القيام بكل ذلك – لديك امتحان مهم ولكن تشعر بأن الكتب ضخمة وكثيرة تخاف من أن تأتي الأسئلة صعبة جدًا – طفلك يبكي ويصرخ ولا تعرفين لماذا هذا البكاء… إنه الضغط النفسي

يمكن أن نتعرض في كل مواقف حياتنا للضغوط النفسية بعضها إيجابي وبعضها سلبي يملك تأثيرات خطيرة على الصحة والنفسية، لذا لننظر عن قرب في أمر هذا الضغط النفسي ؟ وفي ما هي تلك التأثيرات التي يملكها؟ وهل أنت حقًا تعاني منك؟ كيف تعرف ذلك؟ وما الذي عليك القيام به حينها؟

ما هو الضغط النفسي ؟

ما هو

في علوم الفيزياء والهندسة فإن الضغط هو عبارة عن قوة ضاغطة خارجية تؤثر على جسم ما فتولد فيه إجهاد وتُحدث تغير بنيوي فيزيائي أو كيميائي له، وبالنسبة للضغوط النفسية فالأمر مشابه.

فـ الضغط النفسي هو الطريقة التي يستجيب بها الجسم اتجاه كل الضغوط والمواقف الحياتية المختلفة التي يمر بها وهو رد فعل طبيعي يدفعك لمواصل العمل بتركيز عندما تزداد الأوراق على مكتبك وللاستمرار بالدراسة قبل الامتحان على الرغم من رغبتك في مشاهدة التلفاز، وهو ما يساعدك لتبقى واقف على قدميك خلال عرضك التقديمي، وإلى الضغط على المكابح قبل اصطدام سيارتك.

فإن التعرض للتهديد أو لخطر ما يولد استجابة في الجهاز العصبي يؤدي إلى إطلاق مجموعة من الهرمونات أهمها الكورتيزول والأدرينالين ما يؤدي إلى تفعيل وضع الطوارئ في الجسم فتزداد ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم ويزداد معدل التنفس وتصبح الحواس أكثر دقة وتيقظ ويعزز ردود الفعل، هذا ما يجهزك إما للمواجهة والدفاع عن النفس أو الهروب.

ولكن عندما يزداد الضغط النفسي وعندما يتعرض الشخص لما يفوق قدرته على التحمل فإن الضغط النفسي عندها لا يبقى إيجابي بل يحول إلى النوع السلبي الذي يؤدي إلى أضرار جسيمة تتعلق بالصحة والمزاج والحالة النفسية وقدرتك على العمل بالإضافة إلى علاقاتك مع الآخرين، والضغوط النفسية السلبية هي النوع الذي سنركز عليه.

أسباب الضغوط النفسية

توجد العديد من الأسباب التي تقف خلف التعرض لحالة الضغط النفسي ويمكن أن تكون مجتمعة أو منفردة، وهي:

  • قابلية الفرد: بعض الأشخاص أكثر عرضة للتعرض للضغوط من غيرهم وهذا ما يفسر اختلاف في مستوى القدرة على التحمل بين شخص لآخر في نفس الموقف.
  • تراكم الكثير من العمل والمهام التي لا بد من إنجازها في وقت قصير وضيق.
  • المشاكل ضمن الأسرة لأن الأسرة إما أساس الأمان أو أساس التوتر.
  • عدم تنظيم الوقت والفوضى فيما يخص ترتيب الأولويات والمهام.
  • الحياة المليئة بالصعوبات والعراقيل التي تقف في وجه تحقيق النجاحات.
  • الأشخاص السلبيين المحيطين بالفرد من العصبيين وصولًا إلى الزملاء الذين يعمل على التعرض للمزيد من الإحباط وصولًا للأصدقاء غير الحقيقين وغيرهم من يلعبون دور كبير في زيادة الضغط.
  • عدم قدرة الشخص على تحقيق متطلباته الأولية والحياة التي يود العيش فيها.
  • عدم تقبل الفرد للواقع الذي يعيش فيه.
  • التفكير المستمر والقلق المبالغ فيه حول أمور معينة.
  • تناول كميات كبيرة من الكافيين على الرغم من أنها تدفعك بالمزيد من النشاط إلا أنها تزيد من مستوى الإجهاد والضغط النفسي.
  • الأرق وقلة النوم وعدم الحصول على ما يكفي من الراحة.

مراحل الاستجابة للضغط النفسي

مراحل الاستجابة

توجد 3 مراحل يمكن تمييزها عند التعرض للضغوط النفسية والتي يمر بها الشخص كاستجابة منه ورد فعل، وهذه المراحل هي:

المرحلة الأولى – مرحلة الاستجابة

يمر الجسم ضمنها بمرحلتين:

  • مرحلة الصدمة والتي تنخفض فيها استجابة الجسم إلى مستوى أقل من الحد الطبيعي وتتمزي بانخفاض ضغط الدم ومستويات البوتاسيوم والصوديوم والسكر في الدم.
  • مرحلة ما بعد الصدمة (المرحلة المضادة للصدمة) وتحدث بعد تحديد وفهم مصدر التهديد أو الخطر وهنا ترتفع استجابة الجسم إلى مستوى عالي نتيجة تنشيط الجهاز العصبي الغير ودي والودي وإطلاق مجموعة من الهرمونات أهمها الكورتيزول والأدرينالين فيرتفع ضغط الدم وتزداد مستويات الصوديوم والبوتاسيوم، وتعزز استجابة العضلات والحواس وتترجم هذه الاستجابة إما مواجهة وإما هروب.

المرحلة الثانية – مرحلة المقاومة

عند استمرار التعرض للضغوط المحفزة تأتي مرحلة المقاومة والتي تتميز بالاستجابة لمواجهة الضغوط في حال تم التكيف معها، أما في حال لم ينجح الشخص في التكيف والتعامل معها فإن ذلك يؤدي إلى اضطرابات عضوية وخلل في توازن الهرمونات المفرزة.

المرحلة الثالثة – التعافي أو الإرهاق

وهي المرحلة الأخيرة ويمر خلالها الجسم بواحدة من الحالتين:

  • التعافي: عندما تنجح استجابة الجسم في التغلب والتعامل مع العوامل الضاغطة وتأثيراتها فإن الجهاز العصبي ومستويات الهرمونات تعود لتوازنها.
  • الاستنفاد: في حال الفشل في مواجهة التأثيرات الضاغطة وعدم القدرة على مواجهتها أو الهروب منها عندها الجسم يصل إلى نقطة الإرهاق وتبدأ أعراض جسدية وعصبية بالظهور مثل ارتفاع الضغط والتعرق والرجفان، ويمكن أن ينتج عن استمرار هذه المرحلة أو تكرار التعرض لها مشاكل صحية أكثر خطورة مثل نقص التروية وانخفاض مقاومة الجهاز المناعي وغيرها.

تأثيرات الضغط النفسي على الجسم

فيما يلي أهم التأثيرات التي يسببها الضغط النفسي:

1 – التأثير السبي على الذاكرة

إصابة القشرة الجبهية في الدماغ بأي اضطراب يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على الذاكرة، بالإضافة إلى أن التعرض المستمر للضغط والتوتر والقلق يؤدي إلى ضمور في الحصين (في الدماغ) وهون العضو المسؤول عن التذكر (مركز التذكر في المخ).

قد يهمك: أشياء تقوي الذاكرة … لن يكون عليك القلق حيال نسيان الأمور المهمة

2 – زيادة مستوى الكورتيزول

يؤدي التعرض للتوتر إلى ارتفاع في مستوى الكورتيزول والذي يعتبر الحاثة (الهرمون) التي تؤثر عن العديد من الوظائف الحيوية في الجسم أهمها التمثيل الغذائي، وارتفاع مستواه يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، كما أنه يؤثر بشكل سلبي على الحالة النفسية فيعاني الشخص من الاكتئاب والقلق والحزن والتقلبات المزاجية، بالإضافة إلى أنه يحفز تخزين الدهون في منطقة البطن حول السرة ويسمى الكرش في هذه الحالة كرش التوتر ويتميز بأنه قاسي.

3 – تشتت الذهن وفقدان التركيز

التوتر بالإضافة إلى الضغط النفسي وإلى جانب تأثيره على الذاكرة يؤدي إلى تشتت الذهن وشغل التفكير بشكل متواصل، كما أنه يمكن أن يرسل الدماغ إشارات غير صحيحة يتم ترجمتها بشكل أفعال وتصرفات أو أقوال عفوية غير مقصودة.

4 – اضطرابات ومشاكل في النوم

اضطرابات النوم والأرق وعدم الحصول على الكم الكافي من الراحة تعتبر من أهم الأسباب التي تكمن خلف الضغط النفسي وفي الوقت ذاته فإن التعرض للضغط والقلق يؤثر على النوم ويسبب الأرق نتيجة التفكير المستمر والخوف بالإضافة إلى اضطراب توازن الهرمونات ومن بينها الهرمونات المسؤولة عن النوم والاستيقاظ.

5 – ردود الفعل العنيفة والعصبية

تعتبر ردود الفعل العنيفة والعصبية السريعة والانفعال من أهم الآثار التي يتركها الضغط النفسي والتعرض له بشكل مستمر.

أنواع الضغط النفسي

أنواع الضغط النفسي

يمكن التعرض للضغط النفسي في أي موقف وبغض النظر عن العمر ولكن يختلف هذا الضغط بدرجته وحدة تأثيره من شخص لآخر ومن حالة لأخرى، وبشكل عام يمكن التمييز بين 3 أنواع من الضغوط النفسية وهي:

1 – الضغط النفسي الشديد

وهو رد الفعل الطبيعي السريع الذي يصدر عن الجسم عند التعرض لموقف مهدد أو خطير، وهذا النوع يعتبر في غاية الأهمية لأنه في أغلب الأحيان يكون الطريقة التي يدافع بها الجسم عن نفسه ويحافظ على سلامته (مثل الهروب من أمام سيارة مسرعة – الضغط على الفرامل بسرعة…).

وبالنسبة لبعض الأشخاص يعتبر في غاية المتعة فيمكن للقيام بتجارب جديدة ومغامرات مختلفة أن يؤدي إلى التأثير ذاته.

2 – الضغط النفسي العرضي

يحدث غالبًا عند الأشخاص الذين يتعرضون بشكل متكرر لحالات من الضغط النفسي الشديد وغالبًا ما تتميز حياتهم بالفوضى والقلق والتوتر، ويمكن أن يؤدي هذا الضغط إلى الأثار السلبي على حياة وصحة ونفسية الشخص.

3 – الضغط النفسي الدائم (المزمن)

يحدث غالبًا عند الأشخاص الذين يتعرضون لدرجة عالية من الضغط والتوتر ولمدة زمنية مستمرة، ويمكن أن يؤدي إلى الكثير من التأثيرات السلبية على الصحة.

أعراض الضغط النفسي

يختلف مقدار ودرجة وسبب وطريقة تعرض كل شخص للضغوط النفسية ولكن بالنسبة للأعراض فهي متشابهة إلى حد بعيد، وأهم تلك العلامات:

  • التوتر الدائم والقلق والتفكير بشكل مبالغ فيه.
  • الأفكار السوداوية والسلبية والحزن والاكتئاب.
  • تشتت الذهن وعدم القدرة على تذكر الأشياء التي كنت تعرفها عادةً.
  • اضطرابات في عادات الأكل ويمكن أن تتمثل في فقدان الشهية أو في زيادتها وتناول الطعام لتفريغ المشاعر ولحل المشاكل.
  • اضطرابات ومشاكل في النوم وتتمثل إما في الأرق وعدم القدرة على النوم أو في زيادة النوم بشكل مبالغ فيه.
  • الخمول والتعب الدائم.
  • اضطراب وتدهور العلاقات الاجتماعية والرغبة بالانعزال والوحدة.
  • فقدان القيمة والهدف والرغبة في تحقيق أي شيء.
  • اللجوء إلى العادات السلبية مثل التدخين وإدمان المخدرات.
  • مشاكل في الجهاز الهضمي (مثل عسر الهضم).
  • صداع وألم في مواضع مختلفة من الجسم بدون سبب عضوي.
  • انعدام الثقة بالنفس والمعاناة من عقدة النقص.

علاج الضغط النفسي

علاج الضغط النفسي

قد يبدو أن أمر علاج الضغط النفسي صعب… في الحقيقة الأمر يحتاج منك بعض الجهد والعمل على التخلص منه والخطوات الـ 12 التالية يمكن أن تكون فعالة جدًا.

  1. التنفس بعمق بشكل يومي لأن الحصول على المزيد من الأوكسجين يعمل على تخفيض ضغط الدم وتهدئة الأعصاب ومساعدتك في التفكير بشكل أكثر وضوح وإيجابية.
  2. العمل على تنظيم الوقت وترتيب المهمات والأعمال حسب الأولوية وذلك من خلال وضع جدول وبرنامج زمني لها.
  3. الحصول على الراحة الكافية وتخصيص الوقت الكافي لها ضمن برنامج المهام الخاص بك، والأهم هو الحصول على الكم الكافي من ساعات النوم أي حوالي 5 – 7 ساعات يوميًا.
  4. الوعي بالضغوط النفسية فبمجرد الوعي بالحالة التي تمر بها سيكون التعامل معها أكثر سهولة وخطوات العلاج أكثر فاعلية ولن تملك تلك التأثيرات السلبية كما في السابق.
  5. تلقي الدعم ممن حولك كالتحدث إلى صديق والحصول على المساعدة من الأهل…
  6. اعتماد نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات والمعادن والألياف والأهم هي الدهون الصحية (الأوميغا – 3) لأنها تملك تأثير إيجابي على الحالة النفسية.
  7. تناول كمية كافية من الماء حوالي 2 ليتر يوميًا.
  8. الحد من كمية الكافيين التي يتم تناولها وخاصة قبل النوم ويمكنك استبدالها بثمرة تفاح.
  9. التعامل مع سبب الضغط النفسي.
  10. ماذا بعد الأيام العصيبة؟ يمكنك التخفيف منها من خلال تخصيص وقت لك تفعل به شيء لطيف لنفسك كأن تتناول قطعة شوكولا مفضلة أو تشاهد حلقة من مسلسلك المفضل.
  11. اضحك حتى ولو كانت الضحكة غير حقيقية إلا أنها تحفز شعور إيجابي.
  12. ممارسة التمارين الرياضية بانتظار كالمشي مدة ربع ساعة يوميًا، فالتمارن تعمل على رفع مستوى هرمون السعادة.

هذا كان كل ما يخص الضغط النفسي … هل تعاني منه؟ إذن اعتمد على خطوات العلاج وكن حذر من الأسباب.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله