تعلم معنا استراتيجية حل المشكلات التي أتعبتك كثيرًا

قديمًا كُنت أعتقد بسذاجتي أن الحياة السوية والسعيدة هي الحياة التي تخلوا من المشكلات، وبعد أن تقدم بي السن وجدت نفسي وسط العديد من المشكلات منها البسيط ومنها العسير والمُعقد، ووجدت نفسي مُجبرًا على تعلم استراتيجية حل المشكلات المختلفة كي أكون أكثر توافقًا.

فالحقيقة أن الحياة السوية هي التي بها مشكلات وبها حلول لتلك المشكلات، ولا يوجد شخص على وجه الأرض يزعم أن حياته ليست فيها مشاكل وأنه في سعادة دومًا، فقد قال الله عز وجل، “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ”، وهذه سُنة الحياة والمهم أن نصمد ونعاقر لذة حل المشكلات.

تعلم معنا استراتيجية حل المشكلات التي أتعبتك كثيرًا

لماذا علينا أن نتعلم استراتيجية حل المشكلات

لكي ننعم بحياة أكثر توافقًا

والحقيقة أنه هناك فرق كبير جدًا بين الحياة والعيشة، فالأولى أقصد الحياة قد يكون فيها مشكلات ولكن في نفس الوقت يوجد حلول لتلك المشكلات، أما العيشة أو المعيشة فهي الحياة العامرة بالمشكلات التي تركت حتى تفاقمت ووصلت لعنان السماء.

والإنسان القادر على حسم مشكلاته وحلها أول بأول أو الذي يرى أن بعض مشكلاته في الحقيقة هي ليست مشكلة ويستطيع أن يكمل المشوار بها، وأن يتحلى بالصبر لو كانت تلك المشكلات خارجة عن إرادته، مثل وفاة ابنه مثلًا، هو الأكثر سعادة وتوافقًا.

لأن مشكلات اليوم غير مشكلات الأمس

والحقيقة أنه مشكلات الأمس لم تكن بنفس درجة تعقيد مشكلات اليوم، وأنا تفرغت فترة لكي أدرس السبب في ذلك ووجدت بعد البحث أن السبب حالة الترف التي نعيش فيها فكل شيء أصبح سهلًا وميسرًا بطريقة مُبالغ فيها.

والغريب أنه من المفروض أنه مع توفر كل السبل التكنولوجية فهذا من الطبيعي أنه يحل المشكلات ولكن الغريب هنا أنه أنشأ مشكلات أخرى لم تكن على البال، مثلًا الفيس بوك قد يسر كثيرًا في التواصل بين الناس ولكنه خلق مشكلة أخرى وهي التباعد الاجتماعي social distance.

وإليك مقطع الفيديو التالي لأوضح لك كيف للتكنولوجيا والتقدم العلمي دور في زيادة المشكلات.

https://youtu.be/AaHDXfvaIFg

لأننا أحيانًا نختلق مشكلاتنا

بعض الناس لا ينتظر حتى تأتيه مشكلة ما، بل يحاول بكل السُبُل أن يختلق مشكلة أو أن يكون في بعض الأحيان طرفًا في المشكلة التي هو فيها، وبالطبع هذا يضاعف من أهمية وضرورة تعلم استراتيجية حل المشكلات، مثلًا كالشخص الذي يدعي أنه غير قادر على المذاكرة لأي سبب تافه.

وهنا تصبح المشكلة ليست في وجود مشكلة ما ولكن في الفراغ الذي يجعل البعض يدعي وجود مشكلات، وأستاذي قال لي قديمًا “في بعض الأحيان تكون المشكلة أنه لا توجد مشكلة”.

ولأن المشكلات سُنة الحياة

فلا أحد يستطيع أن يدعي أنه بلا مشاكل وأن حياته وردية اللون فالحقيقة أن مستوى جودة الحياة لدى الإنسان يُقاس ليس بخلوه من المشكلات ولكن بمستوى قدرته على حل مشكلاته التي يمر بها قبل أن تتفاقم.

تعلم معنا استراتيجية حل المشكلات التي أتعبتك كثيرًا

لكي لا نقع في المشكلات مرة أخرى

بالطبع فمرور الإنسان بمشكلات عدة ونجاحه في حلها أو حتى محاولته الفاشلة في حلها يعلمه الكثير، وإدواردلي ثورنديك أحد أكبر علماء النفس السلوكي أثبت كثيرًا في تجاربه أننا نتعلم من أخطائنا أكثر ما نتعلم من نجاحاتنا، لذلك فحل المشكلات أيًا كانت نتيجته فيه ربح كبير.

أنواع المشكلات

هناك مجالات عدة يمكن أن تحدث فيها مشكلة والتعامل مع كل نوع منها يحتاج لتعامل مُختلف، فمثلًا للمشكلات الزوجية ينبغي ألا نأخذ مشورة الأهل فيها، وينبغي ألا تخرج من حيز غرفة النوم الخاصة، على عكس المشكلات الاقتصادية والتي من المفضل أن يتم مشاركة الجميع في حلها من زوجة وأبناء.

وهناك المشكلات العضوية المرضية مثل الإصابة بمرض عُضال والتي من الضروري أن نأخذ رأي الطبيب المُختص في حلها، وأيضًا المشكلات المهنية والتي ينبغي أن نسأل فيها المُختصون وقادة العمل للتدخل في حلها.

تعلم معنا استراتيجية حل المشكلات التي أتعبتك كثيرًا

وهناك أنواع أخرى للمشكلات منها المشكلات الفردية الشخصية وأخرى جماعية ذات طابع مؤسسي، ومنها المشكلات المحلية بين قرية وأخرى وهناك المشكلات الدولية والتي قد تباد فيها الأرواح بين دولتين أو أكثر، ولكننا للأمانة سنركز في مقالتنا على المشكلات الفردية والشخصية لأنها هي الأهم وبحلها قد يتغير المجتمع ككل.

استراتيجية حل المشكلات المُختلفة في خطوات بسيطة

ومهم جدًا أن تعلم عزيز القارئ أنه لكي نقدم لك منهجية أو استراتيجية حل المشكلات المختلفة لا بد وأن ننوه على أمرين، أولهما أننا سنركز على المشكلات الفردية ذات الطابع الشخصي، ثانيًا تلك الخطوات تصلح لحل جميع المشكلات فيما عدا بعض الاستثناءات التي سننوه عنها أسفل كل خطوة.

لا بد وأن تكون المشكلة أولًا مشكلة بحق

وهذا مهم جدًا، فأحد زملائي وجه له أستاذنا نقدًا وتوبيخًا بشأن شعره الطويل وقال له “شعرك طويل وهذه مشكلة كبيرة عليك أن تقوم بتقصيره كي تحل مشكلتك”، وهنا جاء رد زميلي وبكل قوة وقال “أنا لم أشعر في يوم من الأيام بأن شعري الطويل مشكلة ينبغي حلها”.

لذلك شعورك بالمشكلة هو أولى خطوات حل المشكلة، فمثلًا لا ينبغي أن يشعر أحدًا بالمشكلة خاصتك نيابة عنك ولا أن يتبرع أحدهم ليلفت نظرك بوقوعك في مشكلة ما، وشعورك بالمشكلة هو الدافع الأول لأن تحاول حلها.

اعترف بوجود المشكلة سريعًا

وهناك رد فعل مشهور جدًا لدى علماء النفس وهو الإنكار denying والذي يقوم به بعض الناس تجاه مشكلاتهم، مثلًا عندما يفقد أحدهم عزيز له أو أن يتوفى الله ابنًا له فتجد الأمهات بالأخص تقول “لا لم يمت بل هو موجود بيننا” والحقيقة أن رد الفعل هذا يعيق الحل السريع للمشكلة.

والبطولة هنا في الاقتناع بحدوث المشكلة سريعًا لأن هذا يؤدي لسرعة التفكير في حلول، والبعض يُصاب بمرض هو يعرف أعراضه وقرأ أحد المقالات على الإنترنت وعرف أنه مرض “السكري” مثلًا لكنه ما زال مُصرًا على أنه لا يعاني من السكر، لذلك في الغالب يترك المشكلة حتى تتفاقم ويصعب حلها.

وإليكم مقطع رائع عن ضرورة الاعتراف السريع بالمشكلة كي يسهل حلها.

جَمِّع معلومات بوفرة

قبل الشروع في حل أي مشكلة ينبغي ألا تقفز للنتائج قبل أن يكون لديك مقدمات جيدة، تجميع المعلومات من كل الأطراف مفيد جدًا ويعينك على أخذ القرار السديد، ويجعل الصورة مكتملة أمام عينيك، والأفضل أن تكون المعلومات مكتوبة على الورق كي لا تنسى منها شيء.

حدد المشكلة جيدًا

وهذا أمر هام جدًا فكثير من الأخصائيين والمعالجين النفسيين لا يحدد المشكلة بشكل جيد وفي الغالب هذا يكون بسبب عدم تجميع المعلومات عن المشكلة بشكل كافي، وفي بعض الأحيان تكون المشكلة التي تعاني منها هي جزء من مشكلة أكبر أولى أن تُفكر في حلها.

مثلًا الشخص الذي يعاني من فوبيا الكلاب والقطط والفئران والصراصير فهو في الغالب لديه مشكلة أكبر وهي الرهاب أو القلق أو ضعف الثقة بالنفس، لذلك ينبغي ألا تشغلنا المشكلات الصغيرة والعارضة عن المشكلة الأكبر، لأننا بحل المشكلة الأهم والأكبر نقضي على جميع المشكلات الصغيرة مرة واحدة.

تعلم معنا استراتيجية حل المشكلات التي أتعبتك كثيرًا

وأحيانًا يتفنن البعض في استعراض مشكلته على أنها ميزة وليست عيب، مثلًا الشخص الذي يقول إنه يعاني من مشكلة فعلًا خطيرة وهي أنه صريح بشكل زائد عن الحد، والحقيقة أنه هنا أرتكب خطأ كبير في تحديد مشكلته والتوصيف الأدق لمشكلته أنه ليس صريحًا بل “جارح في تعامله مع الناس”.

اعرف التوقيت المثالي لحل المشكلة

بعض المشاكل التي نمر بها تحتاج لحل سريع والبعض يحتاج لصبر وتروي ولإدارة خاصة، ومعرفة التوقيت المثالي لحل أي مشكلة هو أهم من استراتيجية حل المشكلات نفسها، وسوف أضرب لكم أمثلة عدة كي نفهم سويًا التوقيت المثالي لحل المشكلات.

فمثلًا لو دخلت مكتبي الخاص الساعة الثانية بعد منتصف الليل ووجدت ابني يسرق نقودي الخاصة من درج مكتبي فهذه مشكلة وتحتاج لتدخل سريع ومختلف، والطبيعي والذي يفعله الغالبية من الناس أن يفتح مقبس النور ويصرخ في وجه ابنه ثم يصحوا الجميع ليفتضح أمر الابن السارق.

وللأسف هذا سيحول ابنك لشخص عنيد وقد يكون مشروع لص كبير في المستقبل، ولكن التعامل المثالي مع ذلك الموقف هو أن تتغابى وأن تتظاهر بأنك لم ترى ابنك من الأساس وتخرج من المكتب، والمفاجأة أن الابن في الغالب سيحمد الله أنه لم يفتضح امره وبالتالي سيحاول التوبة بسرعة.

ولو دخل ابني المنزل ووجدت ملابسه مُتسخة وفمه ينزف دمًا فسألته ما المشكلة فقال لي “أن أحد زملاءه ضربني بغير وجه حق”، أيضًا هذه المشكلة تحتاج لصبر أكثر منه تدخل سريع لحل تلك المشكلة لأني أدرى بحال ابني فهو ضعيف البدن لذلك أنصحه بالتدريب ثم المعاودة لكي يأخذ حقه.

والبعض الآخر من المشكلات يحتاج لتدخل سريع جدًا مثلًا أحد أبنائي تعرض لأذى من مُدرسَتِه فهذا أمر يستوجب مني التدخل فورًا مع إدارة المدرسة لحل المشكلة.

اعلم أنه هناك مشكلات لا ينبغي حلها من الأساس

والحقيقة أنه هناك من المشكلات التي لا ينبغي حلها ليس لعدم قدرتك على حلها ولكن لأنها موجودة في حياتنا، مثلًا حماتك التي تنتقدك دومًا فالحل الوحيد مع تلك المشكلات هو أن تديرها بالصبر لا بمحاولة التغيير.

لا تتخذ قرارًا بشأن مشكلة وأنت غاضب

العلماء يتحدثون على أنه هناك نوعين من العقل الأول هو العقل المعلوماتي المعرفي وهو الممتلئ بالمعلومات المختلفة، والعقل الثاني هو العقل الانفعالي، لذلك قبل أن تتخذ قرار بشأن حل أي مشكلة ينبغي أن تنحي انفعالاتك جانبًا أو تنتظر كي تهدأ لأن انفعالاتك في الغالب تؤثر بالسلب على قرارك.

تعلم معنا استراتيجية حل المشكلات التي أتعبتك كثيرًا

انفصل عن المشكلة قليلًا

في الغالب حينما نكون نحن أنفسنا شركاء في حدوث المشكلة فالأفضل أن ننفصل عن المشكلة فترة وجيزة هذا يجعلك تنظر للمشكلة من بعيد وكأنك لست طرفًا فيها، مثلًا لو مررت بمشكلة زوجية وحاولت أن تحلها وفشلت فلتمارس الرياضة لمدة ساعة كي تهدأ ثم عد لحل المشكلة.

فكر أن تستعين بحلول خارج الصندوق

في كثير من الأحيان تنفذ حلولنا تحديدًا لو كانت المشكلة قديمة ومتأصلة أو لأننا أرجئنا المشكلة لفترات طويلة، مثلًا الزوج الذي خاصم زوجته لسنوات طويلة فقط هم يعيشون مع بعضهم البعض تحت سقف واحد لتربية أبنائهم، وبالطبع صعب جدًا أن يعود ليصالحها لأن هذا يقلل من كرامته وهي كذلك.

وهنا قد يستعين الزوج ببطاقات ورقية مكتوب فيها كلمات رقيقة وبسيطة قد تحل الأمر، وقد يرفق مع تلك البطاقة وردة أو هدية تحبها زوجته، والأفكار خارج الصندوق لا تعد وكثيرة، ولتتعلم كيف تفكر خارج الصندوق أنصحك بمشاهدة ذلك الفيديو.

https://youtu.be/KdAwnNqsak8

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله