إدارة أسواق النفط – والسياسة المتبعة لتفادي التقلبات الشديدة لأسعار النفط في السوق

تعتبر أسواق النفط اليوم واحدة من أكثر المسائل أهمية، فأي عمل صحيح، لا بد وأن تتم إدارته من قبل المنظمات العالمية والشركات الكبرى، وإن أي إدارة ناجحة يجب أن تخضع لقوانين وبروتوكولات معينة لتحقيق أكبر نسبة من الربح.

النفط الخام من أكثر السلع طلبًا في السوق، لذا لا بد والتعرف على تلك السلعة، ما هو مفهومها وكيف تتكون بالإضافة إلى أهم المعلومات التي تخص إدارة منتجاتها، وأهم الطرق المتبعة لتفادي حالة التذبذب التي قد تحصل لأسعارها.

أسواق النفط

ما هو مفهوم النفط الخام، وكيف يتكون؟

يتشكل النفط الخام نتيجة لتجمع بقايا بعضًا من المواد العضوية والحيوانات والنباتات في الطبقات السفلية للتربة أو حتى تحت سطح الماء، لفترات زمنية طويلة.

الضغط الشديد عليها يتسب في حدوث تغيرات في بنيتها لتتحول إلى صخور رسوبية، ومن ثم إلى النفط. ولإمكانية الحصول عليها يتم الحفر في طبقات التربة لأعماق كبيرة، للوصول لمكامن النفط واستخراجه منها. حيث تعتبر هذه العملية مكلفة جدًا.

كيف يتم استخراجه، وما هي التكلفة؟

استخراج النفط

قبل أن نتعرف على طريقة استخراج النفط، لا بد وأن نعلم بأن أماكن توافر النفط في العالم قليلة جدًا، وأكثر الدول انتاجًا للنفط، هي دول الأوبك الإثني عشر، ومن ضمنهم: السعودية والإمارات العربية المتحدة، الكويت، إيران، نيجيريا، وفنزويلا.

يتم تسديد تكلفة الاستخراج، اعتمادًا على أسعار أسواق النفط المتداولة. هذا يعني أن أي زيادة في تكاليف الإنتاج سيؤدي إلى زيادة في تكاليف أسعار النفط. وبالتالي أي زيادة تحدث في نسبة الإنتاج أو أي نقص سينعكس بشكلٍ سلبي على أسعار النفط. لذلك لا بد من المراقبة المستمرة لمستوى الإنتاج والصادرات.

يعتبر النفط من المواد الأساسية والتي من الواجب الحفاظ على هذه الثروة من الضياع، كما أن تضاؤل نسبة انتاجه أو وجود عقبات تمنع استخراجه يؤثر بدوره على سعره، لذلك لا بد من تحديد وجهة معينة ليتم من خلالها السيطرة على هذه التغيرات كتشكيل سوق خاص لأسعار النفط، من أجل التنبؤ بأي مشكلة قد تحدث.

ما هي أنواع النفط التي يتم تداولها؟

مفهوم تداول النفط يطلق عليه اسم الـ (WTI)، وهو يشمل نوعين أساسين من النفط الخام المتداول في العالم، الأول خام برنت والثاني خام غرب تكساس.

خام برنت من الأنواع التي يتم إنتاجها في منطقة بحر الشمال، أما خام غرب تكساس فهو من الأنواع التي يتم انتاجها في الولايات المتحدة.

يتميز كلا النوعين (خام برنت وخام غرب تكساس) بالجودة العالية. أي أنه يتم إجراء عملية التكرير لهما بمجرد استخراجهما من باطن الأرض.

بعد عملية التكرير يتم فصل البنزين ليتم استخدامه فيما بعد لأغراض أخرى، كتوليد الكهرباء، وقود لتشغيل السيارات، والتدفئة، كما ويمكن استخدامه في صناعة المواد البتروكيماوية أو المواد البلاستيكية.

أكثر الدول استهلاكًا للنفط

النفط

تعتبر الدول الصناعية الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، أكثر الدول استهلاكًا لمادة النفط.

وفي الآونة الأخيرة لوحظ الطلب المتزايد من قبل مناطق الشرق الأقصى على النفط، أما الصين فقد أصبحت الآن أيضًا من أكثر الدول استهلاكًا للنفط.

وبالتالي يمكن اعتبار الآن أن كلٍ من ألمانيا والمملكة المتحدة والصين واليابان والولايات المتحدة، من أوائل الدول وأكثرها استهلاكًا للنفط.

تقلبات أسعار النفط ضمن الأسواق والفرص المحتملة

لا بد وأن نعلم بأن النفط يعتبر واحد من أكثر المواد استخدامًا وبالتالي فهو يتميز بتقلب أسعاره، بالإضافة إلى مسألة تداول النفط، فقد شهدت أسواق النفط اهتمامًا بالغًا من قبل المتداولين حيث يمثل لهم المزيد من الفرص.

ولكن وبنفس الوقت لا بد من الاهتمام بمسائل الطلب والعرض التي تؤثر بشكلٍ مباشر على سعر النفط في السوق، ضمن فترة زمنية محددة.

وكمثال على ذلك: في حزيران من عام 2008م، شهد سعر النفط ارتفاعًا كبيرًا وصل لحدود الـ 145 دولار أمريكي، إلا أن ذلك لم يستمر فقد انخفض بشكلٍ كبير في كانون الأول من العام نفسه ليصل لحدود الـ 30 دولار أمريكي.

ومن بين أهم الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط لمستويات عالية جدًا، هي: وجود بعض الأعطال في خط الإمداد الموجود في نيجيريا والذي غالبًا بسبب بعض العوامل السياسية، ومن الأسباب أيضًا ازدياد الطلب على العرض بشكلٍ متزايد خاصةً في الدول النامية كالهند والصين.

ولكن سرعان ما اختفت هذه المخاوف، التي حدثت في الأسواق، والذي نجم عنه ارتفاع لأسعار النفط ليصل إلى 110 دولار أمريكي، ثم ينخفض الرقم بشدة ليصل إلى 30 دولار أمريكي، والذي يعني زيادة عدد الفرص لمن يرغب في تداول النفط ضمن فترت زمنية معينة.

أهم التقارير التي ينبغي التقيد بها

لكل عمل أسلوب أو نمط يتم تطبيقه، لذا لا بد من قيام المتداولين بالتعرف على نوعين من التقارير، التي تعتبر اختصار لمفهوم سوق العمل.

التقرير الأول

يعرف باسم التقرير الأسبوعي لجميع المخزونات النفطية التي تصدرها وزارة الطاقة التي توجد في أميركا. كما يحدد نسبة الاستهلاك والنسبة المتبقية من النفط. يوم الأربعاء هو اليوم المحدد لصدور هذا التقرير.

ماذا يحدث في حال ارتفعت نسبة المخزون أو في حال انخفضت؟

الزيادة في رقم أو نسبة المخزون تعني أن نسبة الطلب قد تراجعت عن الأسابيع الماضية، وهذا يعني انخفاض في أسعار النفط.

أما في حال النقصان في رقم أو نسبة المخزون فهذا يعني أن نسبة الطلب أو الاستهلاك قد ازدادت وبالتالي لا بد من زيادة الأسعار.

التقرير الثاني

من بين أهم التقارير التي لا بد والإلمام بها، هي التقارير الصادرة عن منظمة الأوبك الدورية،  وذلك لأن التقارير تلك تحتوي على حصة كل دولة من الدول الأعضاء في الإنتاج، أي بمعنى آخر تحديد نسبة العرض الذي سيتم توافره في الأسواق.

أوبك

تعتمد المنظمة على معيارين أساسين لتحديد حصص الإنتاج، وهما الطلب والعرض العالميين، فمثلًا في حال ازداد الطلب، أو انخفض العرض، تقوم المنظمة في هذه الحالة لزيادة الإنتاج، أي تخفيض السعر، أما في حال العكس أي الطلب منخفض والعرض مرتفع فذلك يعني خفض الإنتاج أي زيادة السعر.

لذا لا بد من عدم التشكيك في التقارير التي تصدر عن أوبك حول تحديد الأسعار، حيث أن الكثير من المتداولين يشتكوا من الدول الأعضاء بأنها حريصة كل الحرص على تحقيق أكبر نسبة من الربح، ولكن هذا الكلام قد يؤثر بالسلب على أوبك وأيضًا واحد من الأسباب التي سببت لجوء الدول إلى مصادر أخرى للوقود.

ومن بين أهم الأشياء التي يجب إدراكها هي ازدياد الطلب بشكلٍ كبير على النفط خلال فترتين زمنيتين من كل عام، هما فصلي الصيف والشتاء، ففي الصيف يزداد استهلاك الوقود (البنزين) لارتفاع نسبة السياحة والسفر حتى أنه يسمى بموسم القيادة. أما الشتاء فيتم فيه استهلاك نسبة كبيرة من النفط لأغراض التدفئة.

معلومات منوعة

  • يعتبر النفط الخام من الموارد المحدودة، ونسبة الاحتياطي العالمي من النفط في العالم يوجد في الدول الأعضاء لمنظمة أوبك.
  • يعتبر كل من نفط غرب تكساس ونفط برنت، هما الأنواع الأكثر تداولًا في أسواق العالم.
  • تعتبر كل من عوامل الطلب والعرض أي العوامل التي تخص الاقتصاد أو السياسة أو الموسم، بالإضافة للاستهلاك، من العوامل الأساسية التي تحدد أسعار النفط.
  • لا بد والاستعانة بنوعين من التقارير الرئيسية التي تخص أسواق النفط، وهما تقارير منظمة أوبك وتقارير المخزون النفطي الصادر.

هل تحتاج أسواق النفط إلى إدارة؟

إدارة أسواق النفط

من أهم الأسئلة التي قد تطرح هل أسواق النفط بحاجة إلى إدارة؟ لا بد من الإجابة بكل شفافية بأن أسواق النفط بحاجة ماسة إلى إدارتها من قبل منظمات أو شركات كبرى، لأن ذلك يساعد على التخفيف أو إلغاء بعض التقلبات التي تحدث في السوق، بالإضافة إلى إمكانية الحد من حالة التذبذب التي يعيشها السوق.

صناعة النفط شأنها شأن أي نوع من الصناعات الاستراتيجية، الاختلاف فقط بطبيعة الدفع، فعند العمل بمجال النفط لا بد من أن يكون رأس المال كبير، كما ويجب دفع التكاليف سلفًا وذلك في حال اكتشافه أو عدم اكتشافه للنفط. أما بالنسبة لتكاليف التشغيل فتعتبر قليلة لأن المنتج النهائي يعتمد على التغطية الشاملة لتكاليف التشغيل.

كيف تؤثر حالة التذبذب على أسعار النفط؟

من أكثر العوامل ضررًا بالمستهلكين والمنتجين هي حالة التذبذب التي تشهدها أسعار النفط. لأنها تؤثر على الاقتصاد العالمي، الذي يعتبر اللبنة الأساسية لنمو الطلب على سلعة النفط، كما تؤثر بالسلب على الوضع الوظيفي في البلد، والتي تسبب ارتفاع بنسبة البطالة. كما أن هذه التذبذبات تسبب هدر شديد في نسبة الموارد المتوفرة، وارتفاع في التكلفة وانخفاض في جودة وكفاءة المنتج، بالإضافة إلى انخفاض استهلاكه.

لذلك ونظرًا لهذه الحالة غير المستقرة في أسعار النفط، يلجأ المستهلكون والمنتجون إلى الحد أو تخفيف من شدة هذه التقلبات، وبالتالي تحقيق الاستقرار في السوق.

أهمية الإدارة الصحيحة لسوق النفط

نشأت صناعة النفط في عام 1860م، ومازالت مستمرة إلى الآن. وخلال السنين الماضية شهد سوق النفط فترات تميزت بالتقلب الشديد وفترات تميزت بالاستقرار وتبين خلال الدراسات بأن الفترات التي كانت فيها أسوق النفط بحالة استقرار هي بسبب وجود إدارة خاصة لسوق النفط.

تاريخ استخدام النفط وتذبذب أسعاره

تم اكتشاف النفط عام 1859م، في بنسلفانيا، حيث كان الناس يعتمدون على زيت الحيتان كوسيلة للإضاءة، ثم بعد ذلك أصبح الكيروسين أحد المواد المنتجة للإضاءة، الأمر الذي سبب حدوث تقلبات في أسعار النفط، استمر الوضع بهذا الشكل إلى أن استطاع جون روكفلر عبر شركته التي مقرها الولايات المتحدة السيطرة على صناعة النفط وتحقيق نوعًا من الاستقرار في السوق، وحماية الموارد، ورفع الكفاءة وخفض التكلفة.

لكن لم يدم ذلك طويلًا، فأصحاب السلطة والقرار، قرروا تقسيم تلك الشركة إلى أكثر من ثلاثون شركة، بالإضافة إلى مطالبتهم بمحاكمة شركة جون روكفلر.

هذه التغيرات أعادت الأسواق إلى حالتها القديمة، فشهدت حالة من التقلبات، وانخفاض الأسعار، بسبب تنافس الشركات، واكتشاف مصادر جديدة للنفط.

ازداد الأمر سوءًا فأدى إلى زيادة الهدر، وارتفاع التكاليف، وانخفاض الكفاءة، لذا ما كان لحكومة البلاد في الولايات المتحدة إلا العمل على تقنين الإنتاج، وذلك من خلال استخدام مجموعة من الحرس الوطني والتي تقتضي مهمتهم إجبار أصحاب الشركات المنتجة على خفض الإنتاج، وإغلاق الآبار.

تشكل نتيجة لذلك ما يعرف بالأخوات السبع، وهو تعبير أطلق نتيجة تعاضد بعض شركات النفط العالمية التي توجد خارج الولايات المتحدة نتيجة الانخفاض الشديد لأسعار النفط.

استطاعت من خلال تلك المجموعة أن تسيطر على صناعة النفط بمختلف أشكالها، وبالتالي انخفاض التكلفة، والهدر، واستقرار الأسعار. أي أنه تم إدارة أسواق النفط داخليًا وخارجيًا من قبل الحكومات الفيدرالية وحكومة الولايات، والشركات الكبرى العالمية.

أسباب عودة حالة عدم الاستقرار في الأسواق

الدول الأعضاء

عادت الأسواق لحالة من عدم الاستقرار في الأسواق بسبب ظهور التأميم من قبل بعض البلدان المنتجة، وظهور منظمة أوبك في مطلع السبعينات وتراجع وضعف بعض الشركات، خاصةً في الولايات المتحدة.

لذا لم يكن من الحكومة في البلاد إلا إجراء بعض الخطوات التي ساهمت في إعادة الأسواق لحالة الاستقرار، منها تبني نظام أو مفهوم تسعير النفط والذي كان متداولًا في الاتحاد السوفييتي (سابقًا)، وبالفعل فقد تم تسعير منتجات النفط بمختلف أشكالها.

ولكن في مطلع الثمانينات، شهدت الأسواق تراجعًا شديدًا وتوقفت عمليات التسعير نتيجة ذلك، الأمر الذي فتح المجال أمام أوبك للعودة للسوق وإدارة السوق، إلا أن ذلك كان مفاجئ للشركة وبالتالي لم تتمكن من السيطرة على التقلبات فأدى إلى تراجع السوق وارتفاع الاسعار.

حاولت أوبك خاصةً بعد تسليمها الإدارة أن تطبق نظام الحصص الإنتاجية، لتحقيق الاستقرار، لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك أو حتى إتقان العمل على ذلك النظام إلا بعد حوالي الـ 20 عام. لكن وبسبب عدم الالتزام الشديد للدول الأعضاء، تم تكليف السعودية بأخذ الدور الأساسي في العملية الإنتاجية، والتخفيف من حدة التذبذبات.

تمكنت المملكة العربية السعودية من تحقيق الاستقرار للسوق لمطلع التسعينات، لكن أيضًا عادت الأسواق لحالة التذبذب بسبب سيطرت بعض الشركات عليها، أو بسبب وجود مصالح لسكة حديد مدينة تكساس على الأسواق، الأمر الذي جعل الإنتاج العالمي يتم خارج سيطرة منظمة أوبك، وأدى ذلك إلى سيطرة مجموعة الأخوات السبع على معظم الإنتاج بالإضافة إلى سيطرة سكة الحدية الخاصة بمدينة تكساس على الأسواق المحلية.

قد يهمك أيضًا:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله