ما هو مرض الهوس الاكتئابي؟ وما هي أعراضه وأسبابه وطريقة علاجه؟

الوصول إلى القمة في كل شيء وعدم إدراك الواقع في بعض الأحيان، تأجج المشاعر والأفكار بصورة كبيرة وعدم السيطرة على النفس باختصار إنه مرض الهوس

القمة والذهاب إلى النهاية في كل شيء وعدم القدرة على السيطرة مع اختفاء الشعور بالتعب وتقدير الواقع بالإضافة لاحتمال الانتحار، إنه مرض الهوس أو ذهان الهوس والذي يعتبر جزء من اضطراب ثنائي القطب ويسمى الهوس الاكتئابي، ولكن ما هو هذا المرض عن قرب؟ ما هي أعراضه وأسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟

في الحقيقة فإن مرض الهوس ليس بالمرض البسيط الذي يمكن التغاضي عنه فهو مسؤول عن نسبة كبيرة جدًا من حالات الانتحار بالدرجة الأولى بالإضافة إلى أنه يدفع المصاب إلى تصرفات غريبة قد تكون خاطئة وتنتج عنها نتائج كارثية، لذا إليك كل ما يخص هذا المرض وأهم المعلومات عنه.

ما هو مرض الهوس أو الهوس الاكتئابي؟

ما هو مرض الهوس أو الهوس الاكتئابي؟

حالة من الاضطراب النفسي التي يصل عندها المصاب إلى قمة المزاج (عكس الاكتئاب الحاد تمامًا) فتتأجج مشاعره وأفكاره إلى أبعد الحدود، ومن ثم يعود لأقصى درجات الحضيض النفسي.

الهوس الاكتئابي يعتبر من الأمراض المزمنة طويلة الأمد، يحتاج معها المريض إلى العلاج، وفي بعض الحالات يجب إدخاله إلى المشفى أو المصح خلال نوبة الهوس للتحكم بالنوبة وللحد من الأمور والأشياء والأخطاء التي قد يرتكبها على الرغم من كونه غير مدرك لذلك خلال النوبة.

يظهر هذا المرض في المتوسط خلال العشرينيات والثلاثينيات من العمر فمجال ظهوره لدى للإناث بين عمر الـ 25 وحتى سن الـ 35 أما مجال ظهوره بالنسبة للذكور هو 20 وحتى 30 سنة، قد يظهر خارج هذا المجال ولكن تلك حالات نادرة، وخاصة بعد سن الـ 40 وقبل الـ 10.

مراحل نوبة مرض الهوس والأعراض التي ترافقها

مراحل نوبة مرض الهوس والأعراض التي ترافقها

لنقل إن الأمر أشبه بالعجلة فنوبة الهوس الاكتئابي تتضمن مرحلتين على الرغم من أنها قد تستغرق مدة طويلة بضع أسابيع أو بضع أشهر، ولكن المريض يمر بهما، وهذه المراحل هي: مرحلة الهوس أي فرط المشاعر والأفكار والطاقة، والمرحلة الثانية مرحلة الاكتئاب الحاد أي انخفاض المشاعر والطاقة والأفكار، وكلا المرحلتين تتميز بأعراض وهي:

1 – مرحلة الهوس (مرحلة الوصول إلى قمة المشاعر)

يكون المريض مصاب بـ مرض الهوس الاكتئاب في حال ظهور 3 أعراض أو أكثر من بين الأعراض التالية واستمرارها مدة عدة أيام وأكثر، ولكن في حال كانت الأعراض شديدة تستوجب دخول المستشفى بشكل فوري فلا يشترط أن تمتد لأيام حتى يتم اعتباره مريض مصاب بالهوس الاكتئابي، وهذه الأعراض هي:

  • تضخم التقدير الذاتي فينظر المريض إلى نفسه على أنه شخص متفوق خارق مميز، وقد يصل الأمر ليعتقد أنه بطل أو أنه يمتلك قوى خارقة وينته به المطاف بأذية نفسه.
  • فرط النشاط ومواصلة الحركة وعدم القدرة على السكون فتجد الشخص ينتقل من مكان لمكان غير قادر على الجلوس أو أنه يهز ويعجز عن تثبيت جسمه.
  • عدم النوم ومواصلة الأيام ببعضها بدون الشعور بالنعاس وإن نام فلا يستغرق في النوم ولا يستمر نومه لأكثر من بضع ساعات.
  • تسارع الأفكار بشكل غير طبيعي وبوتيرة يصعب على المريض الاستجابة لها فلا يمكنه التعامل مع كل الأفكار التي تأتي إليه.
  • الحاجة الملحة للتعبير والتحدث ليواكب كمية الأفكار التي في دماغه فقد يتحدث إلى أي شخص حتى ولو لم يكن يعرفه.
  • التحول إلى شخص اجتماعي على غير العادة يتحدث إلى الغرباء ويصنع الصدقات ويختلط بالآخرين على الرغم من أنه قد يكون شخص انطوائي أو متزن عادةً.
  • تشتت الذهن بسرعة والعجز عن التركيز على فكرة واحدة فقد يبدأ بعمل ما وينسى إنهائه أو يتوجه إلى مكان ما وينسى إلى أين كان متوجه.
  • صرف الأموال بدون حدود فقد يرغب بمساعدة الفقراء فيبع بيته ويعطيهم الأموال، وقد يرغب بقضاء عطلة في بلد ما فينفق كل ما يملك.
  • الاندفاع والتسرع بدون حسبان فيقوم بالأعمال فور ورودها إلى عقله بدون أي حساب للنتائج التي تتوقف عليها.
  • الأفكار الغريبة حول نفسه والآخرين كأن يظن أنه مختطف أو أن الجميع من حوله هم فضائيين يتنكرون بشكل البشر وغيرها.
  • هلوسات تدفعه للانتحار كأن يرى أحبائه المتوفين يدعونه إليهم.

2 – مرحلة الاكتئاب (مرحلة الوصول إلى حضيض المشاعر)

وهي المرحلة التي يصل بها المريض إلى الحضيض وانخفاض حاد في المزاج، باختصار هي حالة الاكتئاب والتي في أغلب الأحيان يتم ارتكاب الأخطاء في تشخيص المرض خلالها فيتم التشخيص على أن المريض مصاب بالاكتئاب ولكنه في الحقيقة الهوس الاكتئابي، وتشمل هذه المرحلة الأعراض التالية:

  • الشعور بالحزن الشديد.
  • عدم الرغبة بالقيام بأي شيء.
  • الانعزال والابتعاد عن الآخرين.
  • التعب والإرهاق.
  • النوم لفترات طويلة.
  • اضطرابات في الشهية قد تظهر بشكل فقدان شهية أو شره وتناول الطعام بكميات كبيرة.
  • أفكار سوداوية سلبية.
  • الإقدام على الانتحار.

كيف يشعر الشخص خلال مرحلة الهوس؟

يتم الحكم على شخص أنه مصاب بالهوس في حال ظهور نوبة واحدة على الأقل حتى ولو كانت وحيدة طيلة حياة الإنسان، أما عن الطريقة التي يشعر بها الشخص نفسه خلال هذه النوبة فيمكن للمثال التالي أن يشرحها:

الأمر أشبه بدراجة نارية مثبتة في مكانها تمامًا ولكن تم تشغيل المحرك ويتم ضخ الوقود لها بأشد كمية ممكنة أي أن الدراجة تعمل بأقصى طاقة ممكنة لها ولكنها محتجزة في مكان ثابت لا يمكنها التحرك والانطلاق.

ما هي المدة التي يمكن أن تستمر بها المراحل؟

للأسف يمكن أن تستمر النوبة والمراحل التي يمر بها المصاب مدة طويلة تتراوح بين الأسبوع ويمكن أن تصل إلى عدة أشهر وهو عالق بها بدون قدرته على الخروج منها، لذا في هذه الحالة يكون من الضروري الخضوع للعلاج وإبقاء المريض في المصح النفسي أو المستشفى للحد من آثار تلك النوبة عليه وعلى من حوله.

أنواع الهوس حسب درجته وحدته

أنواع الهوس حسب درجته وحدته

يمكن التميز بين نوبات الهوس حسب حدتها وتصنيفها في الأنواع الـ 3 التالية والتي تختلف عن بعضها بالدرجة التي يصل إليها المريض خلال تواجد حالته النفسية في القمة أي خلال مرحلة الهوس من نوبة الاضطراب ثنائي القطب.

1 – الهوس الخفيف

تتسم الأعراض بأنها قليلة الحدة يمكن أن يكون المريض في هذه الحالة في قمة الإبداع وخاصة لو كان رسام أو كاتب أو شاعر وذلك بسبب كمية الأفكار التي تتدفق إليه.

2 – الهوس بدون الهذيان

أشد من النوع السابق من حيث حدة الأعراض فلا يمكن للمريض السيطرة على نفسه أبدًا ولا على تصرفاته وأفكاره ولكنه لا يترافق مع هلوسات أو هذيان.

3 – الهوس مع الهذيان

يعتبر أشد درجات الهوس ويتخلله هذيان يصيب المريض ويدفعه لتخيل أشياء غير واقعية تدفعه للتصرفات التي قد تكون خطيرة، فقد يتخيل أنه يمتلك قدرات خارقة كالطيران فيحاول القفز من السطح أو أنه مختطف من قبل أهله فيعتدي عليهم.

الأسباب التي تؤدي إلى مرض الهوس

الأسباب التي تؤدي إلى المرض

توجد مجموعة من الأسباب التي تجعل الشخص قابل للإصابة بالهوس، وفي معظم الأحيان تشترك هذه الأسباب مع بعضها أي لا يكون السبب واحد منها وحده بل مجموعة تمهد الطريقة لبعضها البعض وتزيد من احتمال الإصابة وحدتها.

1 – تفاعلات ونشاطات الدماغ

تسجل الأجهزة والفحوص نشاطات متطرفة في دماغ المريض وفي مناطق معينة من القشرة الدماغية، بالإضافة إلى زيادة نشاط التفاعلات الكيميائية في الدماغ وتأثير الهورمونات.

2 – العوامل الوراثية

للعوامل الوراثية الدور الأهم فيما يخص مرض الهوس فيرتفع احتمال الإصابة:

  • 25% في حال كون أحد الأبوين مصاب.
  • 50% في حال إصابة الأبوين معًا.
  • 30% – 75% في حال كون الشقيق التوأم الحقيقي (المطابق) مصاب.
  • 30% في حال كون الشقيق التوأم غير الحقيقي (غير المطابق) مصاب.

3 – اضطرابات النوم

تؤثر اضطرابات النوم والحرمان منه بشكل سلبي على توازن الهرمونات وبالتالي يمكن أن تكون من أهم أسباب الهوس.

قد يعجبك: نصائح وطرق التخلص من الأرق والوقوع في النوم

4 – أسباب نفسية واجتماعية

الاضطرابات النفسية مثل فقدان الثقة بالنفس وعقدة النقص والبارانويا بالإضافة إلى التعرض للصدمات كفقدان شخص عزيز، وتوفر البيئة الاجتماعية السيئة من فقر وتخلف وغيرها كل ذلك يرفع احتمال الإصابة.

5 – العادات الخاطئة

مثل الإدمان على المخدرات أو الكحوليات وغيرها من العادات السيئة، ويزداد تأثيرها في حال كون الشخص قابل للإصابة بالهوس بالفعل نتيجة الأسباب الأخرى.

ما هي المضاعفات المحتملة للهوس؟

مضاعفات الهوس تنتج عن الأفعال التي قد يقترفها المريض خلال هذه النوبة فقد تكون غريبة وقد تكون خطيرة عليه وعلى من حوله فقد تسبب له الكثير من المشاكل القضائية والصحية، وقد تنتهي بانتحاره وقد تصل خطورتها لدرجة تدفع المريض إلى ارتكاب الجرائم.

علاج الهوس الاكتئابي وضرورة الخضوع له

العلاج وضرورة الخضوع له

أمر علاج الهوس في غاية الأهمية والإلحاح لأنه وفي حال تجاهله سوف تأخذ النوبات بالازدياد وتزداد المدة التي تصيبه وتزداد حدتها، في المقابل فإن نسبة كبيرة جدًا من المرضى الذين تلقوا العلاج تمكنوا من التعامل مع المرض والتعايش معه بصورة طبيعية تمامًا، وهذا العلاج يبنى على ما يلي:

1 – العلاج الدوائي

يتم بموجب وصفة من الطبيب المختص وبعد إجراء الفحوص والتحاليل اللازمة للتأكد من وصف الدواء المناسب وعدم معاناة المريض من أي حساسية أو مضاعفات بسببه، هذا الدواء يعمل على تهدئة المريض والتخفيف من حدة نشاطه وتوتره خلال نوبات الهوس.

2 – العلاج النفسي

لا يمكن للمريض التعامل مع النوبات بدون إشراف الطبيب المختص للحصول على العلاج النفسي السلوكي بحيث يدرك المرض الحالة ويعرف كيف يتعامل مع الأمر، ويكون هذا العلاج مهم للغاية حتى يتقبل المريض فكرة العلاج الدوائي أو حتى فكرة البقاء في المصحة مدة معينة.

3 – العلاج الطبيعي

العلاج الطبيعي والغاية منه وقائية للحد من حدة النوبات وتكرار حدوثها، وهذا العلاج يقوم على تحسين حياة المريض وروتينه اليومي وأهم الخطوات هي:

1 – العادات الصحية

لأن الإدمان والكحوليات وغيرها من العادات السلبية ترفع من حدة واحتمال الإصابة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن العادات الصحية تنعكس بشكل إيجابي على النفس، لذا لا بد من التأكد من تقويم كل العادات بشكل عام.

2 – الاسترخاء والتأمل

ربع ساعة يوميًا في الصباح الباكر من التنفس الطاقي والاسترخاء وتصفية الذهن يمكن أن يكون له الأثر الإيجابي على الحالة النفسية وضمان الكثير من الهدوء والتوازن في مرحلتي الهوس والاكتئاب.

3 – ممارسة التمارين الرياضية

لتفريغ الطاقة وللتحسين المزاج، فـ 15 – 30 دقيقة من الرياضية الصباحية (المشي السريع على سبيل المثال) تعتبر من أهم الأشياء التي يجب أن تكون من ضمن الروتين اليومي ليس فقط لمريض الهوس ولكن للجميع أيضًا.

قد يعجبك: نصائح للتمارين الرياضية … 15 نصيحة قادرة على دفعك للالتصاق بالرياضة

هذا كان كل ما يخص مرض الهوس الاكتئابي … في النهاية لم يبقى إلا التوضح أن علاج هذا المرض من أهم الأشياء التي لا يمكن تجاهلها حتى يصبح التعايش معه أسهل وحتى تصبح نوبات الإصابة به أقل حدة وخطر على المريض وعلى من حوله.

قد يعجبك:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله