مرض النوم القهري Narcolepsy … عندما تغفو فجأة في أي وقت وفي أي مكان

هل يمكن أن يتغلب النعاس عليك حقًا؟ حتى ولو كنت فد نمت جيدًا الليلة الماضية؟ هل يمكن أن تنام في أي وقت وفي أي مكان؟ هل يمكن أن تغفو بشكل مفاجئ؟ هل يترافق الأمر مع شلل في العضلات؟ للأسف نعم، هذا ممكن إنه مرض النوم القهري Narcolepsy

ما هو مرض النوم القهري ؟ ما هي أنواعه والأعراض التي ترافقه؟ لماذا يحدث وما هي الأسباب ومن هم الأشخاص الأكثر عرضة له؟ ما هي مضاعفاته وكيف يمكن علاجه؟

مرض النوم القهري Narcolepsy

مرض النوم القهري Narcolepsy ..

النوم القهري Narcolepsy هو عبارة عن اضطراب مزمن يتميز بهجمات مفاجئة من النوم والنعاس الشديد بغض النظر عن المكان والوقت الذي يتواجد فيه الشخص، وبالتالي فإن المرضى معانون من صعوبة في البقاء مستيقظين لفترة طويلة.

في بعض الحالات يعاني المريض من فقدان في التوتر العضلي (الجمدة أو الشلل) ويكون ذلك بعد حالة من الانفعال القوي مثل الضحك أو التوتر أو غيرها، وبشكل عام فإن النوم القهري حالة نادرة تحدث بنسبة 1 إلى 2000 شخص.

إن مرض النوم القهري حالة مزمنة حتى الآن ولا يوجد علاج نهائي لها ولكن يمكن لبعض الأدوية وتغيير بعض العادات ونمط الحياة أن يعمل بشكل إيجابي على الحد والتحكم بالأعراض، إلى جانب مساعدة وتفهم ودعم الأشخاص المحيطين بالمريض من الأهل والأصدقاء والزملاء وأصحاب العمل…

عندما يتعلق الأمر بالنوم القهري فالخطر ليس من المرض بحد ذاته وإنما من تأثير هذا المرض على حياة الشخص والذي يمكن أن يكون تأثير على نوعية الحياة بحيث يحد من الإمكانية ويصبح المريض أكثر تقييدًا.

أو يمكن أن يؤثر على حياته بشكل مباشر كأن يصاب بنوبة النوم في موضع يعرضه للخطر مثل أن يكون في مكان عالي يعرضه للسقوط أو خلال قطع الشارع أو أثناء قيادة السيارة وما إلى ذلك…

أنواع مرض النوم القهري

لا يترافق دائمًا النوم القهري بحالة شلل العضلات ومن هنا فإنه يوجد نوعين أساسيين للنوم القهري وهما:

  • النوع الأول الأكثر انتشارَا وهو النوم القهري الذي يترافق مع شلل عضلي أي يعاني المرضى بهذا النوع من نوبات النوم المفاجئة بالإضافة إلى فقدان التوتر العضلي بعد حالة من الانفعال الشديد، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة لفقدان بروتين “الهيبوكريتين Hypocretin orexin”.
  • النوع الثاني وهو النوم القهري غير المترافق مع شلل عضلي وهنا يعاني المرضى من الأعراض التي تخص النعاس والنوم، ويكون لديهم مستوى طبيعي من بروتين “الهيبوكريتين Hypocretin orexin”.

أعراض مرض النوم القهري

أعراض مرض النوم القهري

يمكن أن تتطور وتتفاقم الأعراض خلال السنوات الأولى ومن ثم تستمر مدى الحياة، وهي:

1 – النعاس الشديد أثناء النهار

يعاني المرضى من نوبات نعاس شديدة بحيث يفرض النوم سيطرته بدون سابق إنذار فينام المريض في أي وقت وأي مكان، فيمكن أن ينام أثناء العمل أو التحدث مع الأصدقاء أو السير أو في اجتماع وغيرها…

يمكن أن تغفو لفترة تتراوح بين بضع دقائق إلى نصف ساعة، وبعدها تستيقظ مع شعور بالنشاط والانتعاش إلا أنه يمكن أن تعاني من نوبة نوم أخرى في وقت قريب.

إلى جانب ذلك يمكن أن يواجه المريض نقص في التركيز والانتباه تمتد على مدار اليوم وخاصةً لأن نوبات النعاس هي أهم الأعراض ويمكن أن تكون الأولى من حيث الظهور بما يؤثر بشكل سلبي على قدرة الشخص على العمل بنشاط وتركيز.

قد يهمك: علاج عدم التركيز 13 علاج سيضمن لك نتائج مذهلة مع 8 أسباب عليك التعامل معها

2 – فقدان التوتر العضلي المفاجئ

من الأعراض المترافقة مع مرض النوم القهري هي حالة الشلل أو الجمدة، والتي تتمثل في عدد من التغيرات الجسدية مثل الكلام غير المفهوم وغير الواضح أو ضعف في عضلة معينة أو في معظم عضلات الجسم، ويمكن أن تستمر هذه الحالة حوالي بضع دقائق.

الشلل العضلي لا يمكن السيطرة عليه وعادة ينجم عن الأفعال الشديد أو المشاعر القوية سلبية كانت أم إيجابية أي أنه يمكن أن ينجم عن الضحك أو الغضب وفي أحيان أخرى عن الخوف أو المفاجأة، وبالتالي يمكن أن يعاني المريض من تدلي في الرأس أو عدم القدرة على الوقوف بعد أن يضحك.

بشكل عام يمكن أن يعاني بعض المرضى من نوبة شلل واحدة واثنتين خلال العام في المقابل يمكن أن يعاني المرضى من عدة نوبات في اليوم الواحد، أيضًا قد يعاني الشخص من الخدر فقط وليس الشلل.

3 – شلل النوم (الجاثوم)

يمكن أن يعاني المرضى من شلل النوم (الجاثوم) وهو حالة من الشلل العضلي التي يمكن أن تترافق مع هلوسات بصرية وسمعية وتحدث عادةً في بداية النوم أو عند الاستيقاظ فلا يكون الشخص قادر على التحرك، ويمكن أن تكون هذه الحالة مخيفة إلى حد ما وتستمر لبضع دقائق.

شلل النوم هذا يكون محاكي لشلل النوم الطبيعي الذي يحدث في مرحلة النوم REM والذي يهدف إلى حماية النائم من أن يتفاعل جسمه ويتحرك بناءً على الأحلام التي يراها ما يعرضه للخطر.

يعاني الكثير من الأشخاص من شلل النوم وهو وحده لا يمكن أن يكون علامة على الإصابة بـ مرض النوم القهري، وإنما لا بد من النظر في الأعراض الأخرى.

قد يهمك: الجاثوم … عندما تستيقظ ولكن لا يمكنك الحركة أو الصراخ وتشعر بالاختناق وتلمح غريب

4 – تغيرات في دورة النوم

يمر النوم بـ 5 مراحل (المرحلة الأولى هي ما يسبق النوم ولا تتكرر) بينما المراحل الـ 4 التالية تتكرر بشكل دوري وهي على الترتيب: مرحلة النوم الخفيف – مرحلة النوم البطيء – مرحلة النوم العميق – مرحلة النوم REM وهي المرحلة التي تحدث فيها الأحلام.

بشكل طبيعي فإن دورة النوم تستغرق حوالي 90 دقيقة حتى تتم وتتكرر، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مرض النوم القهري فإن دورة النوم لديهم لا تكون طبيعية فالمريض يدخل مباشرة إلى مرحلة REM وذلك خلال مدة 15 دقيقة وليس 90 دقيقة.

بالإضافة إلى أنه في بعض الأحيان تحدث مرحلة النوم REM في حالة اليقظة وعندها يعاني المريض من هلوسات بصرية وسمعية.

قد يهمك: ما هي مراحل النوم التي تمر بها كل ليلة؟ ومتى ترى الأحلام؟

5 – الهلوسات البصرية والسمعية

ويمكن أن تحدث في حالة النوم أو اليقظة، وبشكل خاص قبل الوقوع في نوبة النوم المفاجئ بحيث يرى المريض أحداث أو صور ويسمع أشياء غير موجودة فقد يرى شخص غريب في غرفته، يمكن أن تكون هذه الهلوسات حية ومخيفة.

6 – السلوك التلقائي خلال النوبة القصيرة

يمكن أن يعاني منه بعض المرضى بحيث يحدث هذا السلوك عندما تحدث نوبة النوم القهري فيستمر الشخص في القيام بالعمل نفسه أو يقوم بسلوك مختلف، ولكنه عندما يستيقظ لا يكون قادر على تذكر ما الذي مر به أو فعله وهذا الأمر يمكن أن يعرضه بالدرجة الأولى للخطر أو كأدنى تقدير يمكن أن يجعل عمله سيء وغير متقن.

7 – أعراض أخرى ترافق النوم القهري

يترافق مرض النوم القهري بعدد من الأعراض الأخرى أهمها:

قد يهمك: 12 خطوة تساعد في التخلص من النعاس الدائم


النوم القهري أسبابه والعوامل المحفزة

النوم القهري أسبابه والعوامل المحفزة

يعتقد أن معظم حالات النوم القهري تنتج عن نقص في مادة كيميائية معينة في الدماغ وهي الهيبوكريتين Hypocretin orexin والتي يكمن دورها في تنظيم النوم، ويتم تفسير هذا النقص نتيجة لقيام الجهاز المناعي بمهاجمة الأجزاء في الدماغ المسؤولة عن إنتاج الهيبوكريتين، ولكن هذا النقص ليس السبب في جميع الحالات حيث أنه لدى بعض المرضى تكون نسبته طبيعية.

يقوم الجهاز المناعي بالدفاع عن الجسم وتدمير الأجسام الغريبة والكائنات الضارة والسموم وذلك عن طريق إطلاق الأجسام المضادة، أما في حال اضطراب المناعية الذاتي فإن الأجسام المضادة تقوم عن طريق الخطأ بمهاجمة خلايا الجسم والأنسجة السليمة.

سنة 2010 ومن قبل علماء في سويسرا تم اكتشاف أنه لدى بعض المرضى ينتج جسمهم أجسام مضادة لبروتين الهيبوكريتين Hypocretin وبرتين Trib 2 وبالتالي يحدث نقص فيهما وينتج عن هذا النقص أن الدماغ يكون أقل قدرة على تنظيم دورة النوم واليقظة.

في بعض الأحيان يمكن أن يحدث مرض النوم المفاجئ نتيجة لتعرض الدماغ للضرر في منطقة معينة والتي تعمل على إنتاج الهيبوكريتين، مثل: إصابة في الرأس – ورم في المخ – مرض التصلب المتعدد MS – التهاب الدماغ… وفي هذه الحالة يسمى النوم القهري الثانوي.

محفزات مرض النوم القهري

هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالنوم القهري ونوبات الشلل واضطراب المناعة الذاتية، وأهم هذه المحفزات:

  • العوامل الوراثية.
  • التغيرات الهرمونية والتي تحدث خلال مرحلة البلوغ أو في سن انقطاع الطمث.
  • التعرض لضغوط نفسية كثيرة.
  • تغييرات مفاجئة في نمط النوم.
  • عدوى بكتيرية أو فيروسية مثل: إنفلونزا الخنازير – المكورات العقدية…
  • الحصول على لقاح إنفلونزا الخنازير.

من هم الأشخاص الأكثر عرصة للإضافة بالنوم القهري؟

لا يوجد إلا عدد قليل من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالنوم القهري المعروفة حتى الآن وأهمها:

  • العمر: بشكل عام يبدأ النوم القهري عند الأشخاص بين عمر 10 سنوات حتى 30 عام.
  • العوامل الوراثية: يزداد احتمال الإصابة بالنوم القهري بنسبة تتراوح بين 20% إلى 40% في حال كان لديك أحد الأشخاص من أفراد الأسرة يعاني منه.

مضاعفات مرض النوم القهري

مضاعفات مرض النوم القهري

الخطورة مع مرض النوم القهري Narcolepsy لا تكمن في المرض بحد ذاته وإنما في مضاعفاته وتأثيراته على حياة المريض، والتي تتمثل في:

  • يسبب مشاكل على المستوى المهني والشخصي.
  • التعرض للخطر مع احتمال الإصابة بنوبة النوم القهري بشكل مفاجئ في مكان غير مناسب مثلًا في أثناء قيادة السيارة.
  • يمكن أن يعاني المرضى من انخفاض التمثيل الغذائي والذي قد يتمثل في زيادة الوزن.

تشخيص مرض النوم القهري

تشخيص مرض النوم القهري

يقوم الطبيب بالتشخيص الأولي بناءً على الأعراض التي تعاني منها من النعاس الشديد خلال النهار وفقدان التوتر العضلي بشكل مفاجئ وبعدها يمكن أن يقوم الطبيب بتوجيهك للمزيد من التقييم والتحليل.

التشخيص بشكل رسمي يتطلب البقاء في مركز النوم لليلة كاملة للقيام بالتحاليل الخاصة بالنوم، وتشمل طرق التشخيص:

  • تاريخ النوم والذي يمكن أن يتضمن مقياس إبوورث للنعاس والذي يكون عبارة عن مجموعة من الأسئلة التي تحدد من خلالها مدى احتمالية أن تغفو في موقف معين.
  • سجلات النوم بحيث يقوم الطبيب بطلب مذكرات مفصلة عن نومك، وإلى جانب ذلك يمكن أن يطلب ارتداء جهاز لرسم الحركة.
  • تخطيط النوم حيث يتم قياس الإشارات التي يصدرها الدماغ خلال النوم.

علاج النوم القهري Narcolepsy

علاج النوم القهري Narcolepsy

حتى الآن لا يوجد علاج للنوم القهري ولكن هناك مجموعة من التغييرات والإجراءات التي من شأنها تخفيف حدة الأعراض والنوبات، وتقلل من التأثير السلبي الذي يملكه النوم القهري على حياة المريض، وهي:

  • آخذ قيلولة قصيرة على فترات متباعدة خلال اليوم يمكن أن يعمل على التحكم بالشعور بالنعاس خلال ذلك اليوم.
  • الالتزام بروتين النوم مثل الذهاب إلى النوم في الوقت نفسه من كل ليلة.
  • يمكن أن يقوم الطبيب بوصف أدوية تساعد على التقليل من النعاس خلال النهار وتعمل على منع نوبات الشلل وتحسن من نومك خلال الليل.

مرض النوم القهري ليس بالمرض الخطير على الرغم من أنه مزمن قد يترافق مع المريض طوال حياته، ولكن في حال تم التعامل معه بشكل واعي يمكن السيطرة على تأثيراته.


المزيد حول النوم:

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله