يُعتبر محمد علي كلاي رياضيًا من الطراز الأول، وهو بفعل قوته العضلية والشخصية دخل في مجالات عدة منها الدعوة لله من خلال لقاءاته التليفزيونية، ومنها رعاية المهرجانات الرياضية إلى وقتٍ قريبٍ قبل وفاته، وشخصيته غنيةٌ للغاية وهذا الذي دفعني لكتابة تلك المقالة عنه.
إذا أردت أن تحلل شخصية شخص بعينه، فلتنظر في كلماته التي تركها، لذلك سنتناول أهم تلك الكلمات التي تركها لنُخرج منها تحليلًا لكل جوانب شخصيته الاجتماعية والسياسية والصحية والرياضية، والدينية أيضًا.
نبذة عن حياة محمد علي كلاي
هو ملاكم أمريكي ولد عام 1942 وأسمه الحقيقي Cassius Marcellus Clay، ثم أعلن أنه اعتنق الإسلام وغير أسمه ليصبح إلى “محمد علي كلاي”، وامتد ليصبح من المدافعين عن الإسلام، ويعرف بشخصيته القوية جدًا وإصراره على هزيمة أي شخص يلاكمه، أصيب في الأربعينيات من عمره بمرض باركنسون “الشلل الرعاش”.
له الكثير من المواقف السياسية الهامة في دولته، حيث رفض عام 1967 الانضمام لجيش دولته “أمريكا” لخوض حرب ضد فيتنام، مما أدى إلى سحب ألقاب الملاكمة منه، ولكنه عاد ليلعب الملاكمة عام 1970، وله مقولة شهيرة في ذلك “جهزوا الخبز لي في السجن أفضل من أن أذهب لحرب فيتنام”.
ورصيده في المباريات واحد وستون مباراة منها سبع وثلاثون مباراة فاز فيها بالضربة القاضية، وفي عام 2005 تدهورت حالته الصحية بشكل كبير ومفاجئ، وفارق الحياة عام 2016 وشيعت جنازته من مسقط رأسه كما أوصى بذلك من ولاية “كنتاكي”.
أشهر مقولات محمد علي كلاي
لم يكتفي محمد علي كلاي بأن يكون ناجحًا فقط ولكنه أصر أن ينقل تجربته الناجحة لغيره من الناس، ومن ضمن محاولاته لنقل خبرته وتجرته تلك الكلمات النافذة للقلوب والتي سوف نعرض بعضًا منها خلال السطور التالية مع تحليل لها.
من لم يتجرأ على المخاطرة لن يحقق شيء يُذكر في حياته
فللأسف كثير من الناس يضيعون من أعمارهم الكثير خوفًا من الفشل أو خوفًا من التجربة، والحل الأمثل لهؤلاء هو أن يبادروا وأن يفشلوا سريعًا بل ويبحثوا عن الفشل، ذلك سيكون ذخيرة لهم، ولن يفشلوا بعد ذلك، فالمخاطرة من مقومات النجاح.
قله الإيمان والثقة بقدراتك تمنعك من مواجهة التحديات
فأنت عندما تكون ضعيف الثقة بالنفس لن تستطيع أن تخرج كل ما بداخلك، والثقة بالنفس ستعصمك من الكثير من الارتباك الذي يمكن أن تتعرض له، فمثلًا لو أنك ضعيف الشخصية لن تستطيع أن تذهب وتجلس وسط الناجحين لتتعلم منهم، وهذا سيمنعك من النجاح بكل تأكيد.
السكوت من ذهب عندما لا يكون لديك ما تقوله
بالطبع فتلك النصيحة النبوية القائلة “أمسك عليك لسانك” لهي فعلًا نصيحة من ذهب، فأنت بحديثك أمام الناس بوفرة ستبدو مبتذلًا، وستذهب قوة شخصيتك، وستخسر الكثير من الناس من حولك وسيتدهور مستوى تخصصك الذي تجيده، فأن للأسف تتحدث في كل شيء وفي كل التخصصات.
حلق كالفراشة في خفتها والدغ كالنحلة في قوتها وتركيزها
بمعنى أنك لك الحق أن تحلق في عالم الأفكار كيفما تريد ولكن احذر أن تحلق أيضًا وأنت تنفذ فكرة أو عمل بعينه، ولكن اجعل تنفيذك في قوة ووضوح وتركيز لدغة النحلة، وهذا من صميم التركيز في العمل، فلا تشتت نفسك وركز لدغاتك، وأصنع قلمك وأجعله مدببًا فقد تحتاجه لغير الكتابة.
لو حلمت أنك ضربتني في منامك فستقوم وتعتذر لي
وهذا من صور تعبيره عن الثقة بالنفس التي كان يمتلك منها الكثير حتى في مرضه مؤخرًا، كان لديه تلك الثقة، فأتذكر أني شاهدته مرة في لقاء تليفزيوني وهو جالس يهتز بسبب مرضه ولكنه أبى أن يظهر بمظهر الضعيف فوقف وحاول ضرب الملاكم الكبير مايك تايسون رغم مرضه.
الصداقة هي شيء لن تتعلمه في المدرسة
ففي المدرسة لن تتعلم شيئًا في الغالب سوى بعض المقررات الدراسية، حتى الصداقة لن تتعلمها إلا بالدخول في معترك الحياة ومحاولتك الدائمة لأن تكشف وجوه من يدعون الصداقة أمامك وهم في الحقيقة ألد أعدائك للأسف.
إذا لم تتعلم معنى الصداقة لن تتعلم شيئًا
فالصداقة الحقيقية هي فعلًا أمر هام جدًا تحديدًا لو كانت تلك الصداقة تدفعك للأمام، لا أن تصاحب مثلًا بعض الناس فيسحبونك بكل قدرتهم للأسفل لكيلا تكون متميزًا عنهم، ولكي تصبح أنت وهم في نفس المكانة.
لي طريقة في المزاح وهي أن أقول الحقيقة فقط
محمد علي كلاي كان يتبنى طريقة فريدة في المزاح وهي مواجهتك بالحقيقة بكل صراحة حتى ولو كانت مؤلمة، فهو يرى أن الصراحة والصدق هي أقصر الطرق للإصلاح وللمزاح، فليس هناك أظرف من أن أواجهك بالحقيقة.
ضيعت ثلاثين عام من عمرك لو فعلت هذا
ومحمد علي كان يقرأ شخصية الناس بشكل جيد، ومن ضمن ما قرأ تلك الشخصيات التي تخطت الستين من عمرها ولم تستفد شيئًا من كل تلك السنين التي مروا بها، فقال عنهم لو كانت نظرتك للدنيا وأنت في الخمسين كنظرتك لها وأنت في سن العشرين فقد ضيعت ثلاثين سنة من عمرك.
ليس مهمًا أن أعاني الآن ولكن الأهم أن أعيش طيلة العمر بطلًا
من ضمن صراحة محمد علي كلاي أنه كان يرى أن التدريب معاناة كبيرة جدًا وهو لا يحبه ولكنه كان يُجبر نفسه عليه، لأنه كان يعلم جيدًا أن تدريبه لساعات طويلة يعني راحته لساعات أطول أيضًا، فالتدريب بالنسبة له كان أهم من مباراة الملاكمة نفسها.
المستحيل هو كلمة رَوَج لها ضعاف الهمم من الرجال
بالطبع فضعاف الهمم يهمهم أن يسيطر الهم وخيبة الأمل على العالم بأسره لكيلا تنكشف شخصياتهم الضعيفة للغاية، ولكن الحقيق أن بالنسبة للناجحين ليس هناك شيء يسمى بالمستحيل، وليس هناك شيء يمنعك من النجاح ولا التقدم سوى أنت بقدراتك وانفعالاتك وقناعاتك، والحواجز التي صنعتها لنفسك.
أستطيع تحقيق أي شيء طالما عقلي يتخيله وقلبي يُصدقه
فالعقل موطن القدرة والخيال أما القلب فهو موطن الإيمان بفكرة معينة، فلو كنت فعلًا مؤمنًا بفكرة مشروع أو فكرة سوف تقدم وتصلح البشرية فبادر في تطبيقها بسرعة طالما أن في قلبك تصديق للنجاح في تلك الفكرة وعقلك رسم خطة التنفيذ.
تستطيع أن تصنع نفسك مثلما يصنعون البنسلين من الخبز المتعفن
فمهما كانت عيوبك ومهما كانت نقاط الضعف في شخصيتك فقد توظف تلك العيوب لكي تصنع من نفسك بطلًا، وقدوتك في هذا فطر البنسلين النافع والمفيد والذي يستخرجه المتخصصون من الخبز المتعفن، فمثلًا لو أن لك ابنًا عدوانيًا للغاية فما المانع أن تعينه على أن يصبح بطلًا في الكونغ فو مثلًا.
ليس ضروريًا أن أكون ما تريده
أن ترضي الجميع هي غايةٌ لا تُدرك، بل أنه من الغباء أن تحاول إرضاء أي شخص أصلًا، فأنت الوحيد الأقدر على أن تعرف ما ينقصك وما يصلحك وما سيدفعك للأمام، فقد يكون السكر بالنسبة لمريض نقص السكر مفيدًا وقد ينقذه مع أنه مميتٌ لمريض زيادة السكر.
لن أسمح لمدربي أن يخبرني شيء بين الجولات
فالمباراة ليس فيها وقت للأخذ والرد ولكنها مكان ووقت للتنفيذ فقط، وروي عن محمد علي كلاي أنه كان لا يسمح لمدربة أن يقول له شيئًا في الفواصل بين الجولات، فهو كان يعلم جيدًا ما هو المفروض أن يفعله، فقط الفوز هو الذي كان يريده.
الملاكمة تعني كثير من الرجال البيض يشاهدون اثنين من السود
وهنا هو كان يدافع كثيرًا عن حقوق الزنوج عمومًا والأمريكيين خصوصًا، وقد خاض حرب للدفاع عنهم، ولم يشارك في حرب هو مكلف بها فقط لأن دولته كانت تريد الفتك بالزنوج فيها ومن ضمن ما كان يزهوا ويفتخر كان يقول أن الملاكمة هي فقط لعبة للأقوياء ولا أقوياء غير الزنوج.
الذي لا يمتلك خيال ليس لديه أجنحة
وهذا هام جدًا فليس عليك أن تدرب جسدك فقط ولكن مرن أيضًا خيالك وتفكيرك واحلم بالنصر والفوز وتخيله ولكن حازر أن تفعل هذا دون تدريب عضلي ودون أساس جسدي متين فأنت بذلك توهم نفسك بالنصر، فوازن بين تدريب عقلك وجسدك معًا.
أنا رجل عادي أعمل على تطوير الموهبة التي منحني الله إياها
لأن كثيرًا من المُحبطين سوق لفكرة أن أولئك الناجحون هم فقط ناجحون بفضل تلك المواهب التي منحهم الله إياها ولكن الحقيقة أنهم ليس موهبين فقط ولكنهم أناس عاديون سعوا لأن يحافظوا ويطوروا تلك الموهبة التي لديهم، بالتمرين القاسي والمستمر.
ما يدفعني للأمام هو الأهداف
فقط عندما يتضح هدفك أمامك ستسير بسرعة لكي تنجزه في أقرب وقت، ولكن إذا قررت أن تعيش حياتك دون هدف يُذكر ولا دون خطة واضحة فبكل تأكيد ستنتهي عند نفس النقطة التي أنت فيها الآن.
آمل أن يعرف الناس أن الإسلام هو السلام وليس العنف
وهذه المقولة خير ختام، فمحمد علي كلاي لم يكن مسلمًا عاديًا بل حاول دائمًا أن ينشر الإسلام بين الناس خلال لقاءاته المستمرة على التليفزيونات العالمية والأمريكية، لذلك كان يرى دومًا أن صورة الإسلام أريد لها أن تطمس أو أن تلوث بالعنف والكراهية مع أن الإسلام بريء من هذا.
