تاريخ علم التسويق من بداياته حتى وصوله لما هو عليه اليوم

ربما سمعت من قبل بمصطلح علم التسويق وفي حال لم تسمع به من قبل فعلى الأغلب سمعت بمصطلح فن التسويق، وطبعًا هنا لا نتحدث عن التسويق الإلكتروني فقط، الذي صار الشغل الشاغل للكثيرين هذه الأيام، وإنما عن التسويق بالمجمل.

علم التسويق أو فن التسويق هما مصطلحان لذات الشيء تقريبًا ولكل منهما أنصاره ومؤيديه، هنا سنتعرف لكل شيء عن التسويق منذ بداياته وحتى تحوله إلى علم أو فن التسويق، كما هو اليوم.

بدايات التسويق

مفهوم التسويق كان قد تشكل إبان الثورة الصناعية مع بدايات القرن الثامن العشر واستمر التسويق كمجال يأخذ أشكال ومفاهيم جديدة طيلة القرن الثامن عشر وحتى القرن التاسع عشر، حيث تأثر بالتغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها العالم طيلة هذين القرنين من الزمن.

تاريخ علم التسويق من بداياته حتى وصوله لما هو عليه اليوم

حيث بدأت عمليات الشراء والتسوق لمختلف البضائع والحاجيات تغدو أسهل فأسهل، حتى وصل الأمر إلى ظهور فائض في الحاجيات عن حاجة المستهلكين في الأسواق، المتاجر والمستودعات صارت تحوي بضائع ومنتجات أكثر بكثير من حاجة المستهلكين.

مع هذا الحال الذي وصل له السوق المتخم بالبضائع والمنتجات، بدأ المصنعين يعملون على تطوير فهمهم لحاجات ومتطلبات الزبائن والمستهلكين، ومن ثم تطوير منتجاتهم بما يتلاءم مع تلك الحاجات لدى المستهلكين.

ازدياد المنافسة

الوضع الذي وصل له السوق والحالة الاقتصادية للأسواق والمنتجين والمستهلكين أدت إلى ازدياد المنافسة منذ أواسط القرن العشرين، الحاجة إلى زيادة المبيعات وسط كثرة المنتجين والمصنعين والفيض من البضائع في الأسواق جعلت كل شركة وجهة تسعى لتحقيق أكبر قدر ممكن من المبيعات على حساب الجهات الأخرى المتواجدة في السوق.

هذا الأمر دفع المنتجين إلى البحث عن تقنيات جديدة لعرض وتوزيع وتسويق وترويج منتجاتهم، وتطور الأليات إلى حد إنها وصلت بكل منتج وجهة وشركة إلى بذل قصارى جهدها في سبيل إقناع المستهلك بأن المنتج أو الخدمة التي تقدمها هي أفضل المتاح في السوق وأفضل من كل المنافسين.

تطور التسويق

منذ العام 1960 وما بعد غدا السوق متخم بالشركات المتنافسة فيما بينها وبمختلف المجالات والصناعات، بالتالي صار على الشركات بذل المزيد من الجهد في التسويق وجذب المستهلكين والزبائن ومن ثم المحافظة عليهم، تطلب هذا الأمر عمليات تسويقية أكثر ذكاء وفاعلية في السوق، ومن ثم ترجمة ذلك إلى مبيعات.

هذا أدى إلى تطور تخصص علم أو فن التسويق سمه ما شئت سنناقش ذلك لاحقًا، غدت العمليات التسويقية أكثر تعقيدًا من قبل وتحتاج إلى مزيد من الجهد في فهم السوق والزبائن والمنتج وطرق التوزيع والترويج المختلفة ومن ثم تطبيقها بالأسلوب الذي يلائم المنتج أو العلامة التجارية أي كانت.

هذا الأمر أدى إلى ظهور مناصب وظيفية خاصة بالتسويق، وغدا مدراء التسويق جزء من الإدارة ويساهمون بشكل أساسي في وضع الخطط والاستراتيجيات، ليس فقط خطط واستراتيجيات التسويق بل خطط واستراتيجيات المشروع التجاري ككل.

غدا موظفوا التسويق بالمشاريع مسؤولين عن العديد من عمليات التشغيل، مثل التسعير والتوزيع وجدوى التوسع لأسواق جديدة واستهداف الزبائن والمحافظة على العملاء الحالين وكذلك خدمات الزبائن والجودة.

العلامة التجارية

لم يبقى التسويق على حاله منذ ذلك الوقت، بل أخذ يتغير ويتشكل مفهوم التسويق من جديد في كل وقت وفترة بما يتناسب مع معطيات وظروف تلك الفترة، ومنذ نهاية القرن العشرين تقريبًا وبفضل المنافسة القوية في الأسواق، صارت الشركات والمؤسسات تركز على صناعة منتجات أكثر جودة لضمان ولاء المستهلكين لهذا النوع من المنتجات، وبالتالي استمرار شرائهم لها، أي مزيد من المبيعات ومزيد من الأرباح.

هذا الأمر عزز من وجود بعض الشركات في السوق ومن سمعتها بفضل جودة ما تقدمه من منتجات أو خدمات، وصارت تمتلك سمعة عالية في السوق سواء بين المنافسين أو بين المستهلكين، وهو ما صار يسمى ببناء العلامة التجارية أو البراند، وصار في كل مجال صناعي أو تجاري يوجد شركات أو جهات ذات سمعة عالية وعلامة تجارية مرموقة. ظهر مصطلح بناء العلامة التجارية في التسويق.

التسويق عبر الإنترنت

تاريخ علم التسويق من بداياته حتى وصوله لما هو عليه اليوم

مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين ظهر الإنترنت وبدأ يدخل في العديد من مناحي الحياة، ولم يكن التسويق حتمًا بمنأى عن ذلك، أول ما ظهرت المواقع الإلكترونية صارت تستخدمها الشركات في أغراضها التسويقية، كانت المواقع ما زالت بشكلها البدائي تعتمد على النصوص والصور لا أكثر.

فبدأت الشركات التجارية تستخدم المواقع الإلكترونية للتعريف بنفسها وما تقدمه من خدمات ومنتجات، تطور الأمر لاحقًا شيئًا فشيء فظهرت مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت تستخدم في التسويق كذلك، بدأت التجارة الإلكترونية تظهر، صار بإمكان المؤسسات البيع مباشرةً من مواقعها الإلكترونية، وصار يمكنها التفاعل مع جمهورها من خلال تلك المنصات سواء المواقع أو وسائل التواصل الاجتماعي، التي أدى لظهور ما بات اليوم يعرف بالتسويق الإلكتروني.

علم التسويق

هكذا وصل التسويق إلى ما هو عليه اليوم، إذ تعرفنا إلى تاريخه من بداياته الأولى حتى تطوره إلى شكله الحالي وكل المراحل التي مر فيها.

أما فيما إذا كان التسويق علم أم لا، فأن هذا أمر من الصعب الجزم فيه تمامًا، على مدى التطور والمراحل التي شهدها التسويق منذ بداياته وحتى اليوم كما قرأت أعلاه، خضع هذا الموضوع للكثير من المناقشة والشد والجذب فيما إذا كان التسويق علم أم لا، ولا يبدو إن هذا الجدال سينتهي أو يحسم عما قريب.

تاريخ علم التسويق من بداياته حتى وصوله لما هو عليه اليوم

لعل ما يدفع الكثيرين إلى الاقتناع بأن التسويق علم هو التطور الكبير الذي وصل له مؤخرًا ومدى اعتماده بشكل كبير على البيانات والمعلومات الهائلة المتاحة لدراسة حاجات المستهلكين ودوافعهم بغرض دفعهم للشراء.

إذ صارت الكثير من المؤسسات والجهات اليوم تعتمد على علماء نفس وخبراء سلوكيات بغرض دراسة البيانات المتوفرة عن المستهلكين والعملاء وحتى غير العملاء، ومن ثم تحديد استراتيجيات التسويق الأنسب بناء على تلك البيانات بغرض تحقيق أكبر قدر ممكن من المبيعات.

وبالتالي نتيجة ذلك يرى البعض إنه تحول إلى علم تمامًا، قائم على مقدمات ونتائج، ويحوي دراسات ودراسات حالة ونتائج قائمة على بيانات ومعلومات استخدمت في المقدمات.

في حين إن أخرين يقولون عن التسويق بأنه فن، ويقولون فن التسويق عوضًا عن علم التسويق. ولعل ما يدفع أصحاب هذا الرأي لقولهم هذا هو الجوانب الفنية الموجودة في التسويق، مثل كتابة المحتوى، في العموم هي شكل من أشكال الفنون، حيث يفترض بالمسوقين استخدام الكلمات بأكثر الطرق إبداعًا وابتكار بهدف جذب الانتباه ولفت أنظار المستهلكين.

أضف إلى ذلك إن التسويق بحاجة إلى التصاميم والمصممين وهو واحد من جوانب الفنون بالتأكيد، الأمر الذي يعزز من قوة الرأي القائل بفن التسويق.

نفهم من ذلك إن لكل رأي ما يدعمه، سواء من يقول بعلم التسويق أو فن التسويق، ومن الصعب الحسم بالأمر كما قلنا.

لنكون بذلك تعرفنا لتاريخ التسويق سواء كان علم التسويق أو فن التسويق، والمراحل التي شهدها حتى تطوره ووصوله إلى ما هو عليه اليوم.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله