قصة حياة ديل كارنيجي .. دروس وعِبَر

تغيرت حياتي للأفضل كثيرًا بعد ما قرأت كتاب فن الخطابة للمؤلف المعروف ديل كارنيجي، والحقيقة أن ذلك نادرًا ما يحدث معي أن أتغير بكاتب، مما دفعني لأن أدرس قصة حياة ديل كارنيجي ذلك الكاتب ذو الأسلوب الساحر.

والحقيقة أن ديل كارنيجي ليس مجرد مؤلف لكتابات بل هو فعلًا عمدة التدريب وعلم التواصل وفن الخطابة وأي شيء آخر له علاقة بطريقة المعاملة مع الناس، وفي مقالتنا هذه سوف نعرض لقصة حياة ديل كارنيجي بكل صدق حتى تعم الفائدة.

قصة حياة ديل كارنيجي .. دروس وعِبَر

بداية قصة حياة ديل كارنيجي

الغريب أنه على لسان دوروثي كارنيجي زوجة ديل كارنيجي، ذُكر أن ديل كان خجولًا جدًا تحديدًا تجاه النساء وهذا من الغرائب بحق فكيف أن ذلك الرجل الذي كان خجولًا لهذا الحد أن يصبح أسطورة كسر حاجز الخجل لدى كثير من الناس.

ولد ديل كارنيجي عام 1888 في أسرة فقيرة للغاية وذُكر أنه لم يكن لديه حذاء لفترة طويلة وذلك على لسان زوجته، ونشأ في قرية ميزوري بمدينة نيويورك، وتدرج وظيفيًا من المدراس الليلية للخطابة حتى أسس معهد ديل كارنيجي للعلاقات الإنسانية وأصبح مديره بعد ذلك.

قصة حياة ديل كارنيجي .. دروس وعِبَر

ومن زمن بعيد تحديدًا عام 1912 وهو يعقد الدورات التدريبية لرجال الأعمال في العالم ليدربهم على المعاملة مع الناس وعلى تقديم الخطب الرنانة في اجتماعاتهم المهنية والترفيهية، وتوفي عام 1955 بسبب سرطان الدم على الأرجح إلا أن البعض قال إنه مات مُنتحرا ولكن هذا غير ثابت.

أشخاص تعلموا من قصة حياة ديل كارنيجي

وأكثر من فعل هذا هو الشيخ الغزالي رحمه الله والذي نقل وعرب الكثير من أفكار ديل كارنيجي تحديدًا بعد أن عرف أن تلك الأفكار أغلبها من وحي الإسلام والقرآن والسنة النبوية، وقد كتب الغزالي كتاب “جدد حياتك” وهو تصور للشيخ الغزالي عن كتاب دع القلق وابدأ الحياة لديل كارنيجي.

وأيضًا الشيخ عائض القرني فعل هذا ولكنه للأمانة لم ينقل نصًا ولكنه فعل أكثر وأصعب من هذا حيث قدم كل تلك القواعد الواردة في كتاب دع القلق وابدأ الحياة من سنتنا وقرآننا ولكن دون نقل أو اقتباس واضح.

دروس وعبر في قصة حياة ديل كارنيجي

ليس مهم أين أنت الآن

كثير من الناس تلهيهم تجاربهم السابقة والفاشلة والتي بكل تأكيد تلقي بظلالها على الواقع والحاضر لديهم لذلك تجدهم تعساء ولا يستطيعون مغادرة الماضي ولا الحاضر ويتطلعون للمستقبل وقلوبهم خائفة، فقط أقول لكم أن ديل كارنيجي كان خجولًا جدًا من النساء وانطلق ليصبح من يعالج الخجل لدى الكثيرين.

تعلم كيف تعطي دور للآخرين

في خلال نقاشك مع بعض الناس يحدث خطأ كبير لا يغتفر وهو أن تسفه من آرائهم وتعتبر أن كلامهم ليس جميلًا ومهمًا، لذلك تخسرهم وتكسب حقدهم وهنا ديل كارنيجي يقول تعاطف مع أفكار ورغبات الآخرين ودع الآخرين من حولك يشعرون أن الفكرة فكرتهم، ولو أردت أن تعدل سلوكياتهم فقط لَمِح.

قم بمناداة الشخص باسمه الشخصي

وقصة حياة ديل كارنيجي مليئة بهذه الدروس، حيث أوصى في تدريباته أنه عندما تنادي على شخص ما عليك أن تناديه باسمه لا بكنيته أو بلقبه أو باسم الشهرة لديه حيث أن كل شخص يحب أسمه جدًا، وبالطبع قد تستخدم هذا مع جمهورك لو كنت مدربًا.

قصة حياة ديل كارنيجي .. دروس وعِبَر

أقبل وامدح أي تحسن ولو قليل

وهذا يشبه كثيرًا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم “أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ” لذلك علينا أن نمدح في الآخرين أي تقدم يقومون به مهما كان طفيفًا، وبالطبع أي تقدم نحرزه نحن علينا أن نقبله وعلينا أن نتعامل معه على أنه خطوة للنجاح، مهما قل قدره.

تجنب النقاش الغير مفيد

وفي الغالب أكثر النقاش غير مفيد تحديدًا لو وصل إلى حد الجدال حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “أنا زعيم بيت لمن ترك الجدال” وبالطبع النقاش والجدال منهك للنفس ويستنزف الكثير من الطاقة النفسية لذلك علينا أن نقلل منه قدر المستطاع.

قصة حياة ديل كارنيجي .. دروس وعِبَر

أونصة من التلقائية توازي طنًا من القواعد

لا تحاول التصنع سواء كنت مذيعًا أو كنت معلمًا أو حتى شخص عادي، فالتلقائية توزن بالذهب على عكس القواعد أو الأنماط الثابتة والتي تكون في الغالب جامدة للغاية وتبدوا فيها متكلفًا لذلك عليك أن تكون أنت وليس غيرك وتذكر أن “أسلوبك خاص بك كفرشة أسنانك” كما قال كارنيجي.

تتحقق أفضل الأشياء عند المحاولة رغم عدم وجود أمل

فكل الناس تقريبًا وصلوا في لحظة ما لنهاية المطاف ولفقدان الأمل، هنا ينصح كارنيجي أن الوقت الأنسب لأن تبذل المجهود الأكبر هو عندما تظن أنه ليس هناك أمل ساعتها ستجد انفراجة مع أول محاولة، وفي الغالب تكافئ على ذلك المجهود الذي بذلته ولم يكن لديك دافع إلا المحاولة للنفس الأخير.

تذكر أن اليوم هو الغد الذي كنت قلق عليه بالأمس

لا تحمل هم غد قبل أن يأتيك غد، فقد يكون اليوم الأروع في حياتك وساعتها ستكون ضيعت ساعات من التفكير في ذلك اليوم لذلك الناجحون هم من يعيشون في يومهم وفي لحظتهم التي بين يديهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “عنده قوت يومه”، فلا تنشغل بغد.

ليس هناك ضعيف الذاكرة ولكن هناك ضعيف الملاحظة

فلو كنت عزيزي القارئ ممن يعتبرون أنفسهم ضعيفي الذاكرة فلتتوقف للحظة وتسأل نفسك سؤال، هل أنت فعلًا ضعيف الذاكرة أم ضعيف الملاحظة؟ والفكرة هنا أن كثيرًا جدًا ممن يشكون من ضعف الذاكرة هم في الغالب لا تقع أعينهم ولا أذهانهم على ما يريدون حفظه.

قصة حياة ديل كارنيجي .. دروس وعِبَر

لكي تتعامل مع الإنسان الخشن استخدم معلوماته وأفكاره

وكثيرًا ما نقابل أشخاص من الصعبِ المراس وفي الغالب نكون مجبرين على التعامل معهم لذلك القاعدة المثلى للتعامل مع أولئك الخشنون هي أن تتحدث عن أفكاره هو وليس أفكارك أنت هنا تعطيه دور ومكانة تجعله يحب الحوار معك، وبذلك ستتسع قاعدة تعاملاتك مع الناس.

اختلط بجميع أنواع البشر

لا تصنف الناس لأشخاص تستطيع المعاملة معهم وأشخاص آخرون لا تحب المعاملة معهم أو لا تقدر عليها فقط حاول أن تكون قدر المستطاع متناغم مع الكل ولو بشكل بسيط، ولكن لا تخسر أحدًا إلا لو دفعك هو لهذا.

عدد نعمك وليس متاعبك

لا تشكوا دومًا فالشكوى تفتح عليك باب الفتور والنوم والهروب من الأهداف ولكن عدد النعم التي تمتلكها وكن صادقًا في ذكر تلك النعم التي من الله عز وجل عليك بها، وأحضر ورقة وقلم وأكتب فيها ما تمتلكه ولو استمتاعك بشربة ماء عذبة، دون ألم يُذكر.

جُمّع المعلومات الكافية قبل أن تتخذ قرارًا

فقبل أن تتخذ قرار وتحديدًا لو كان مصيريًا لا تعتمد فقط على عواطفك أو ميولك الذاتية والغير موضوعية لذلك جمع معلومات قدر المستطاع واحذر أن تجمع معلومات غير صحيحة وصادقة لذلك جمعها من أكثر من مصدر كي تتضح الرؤية أكثر فأكثر، كي تصل للقرار السديد.

قصة حياة ديل كارنيجي .. دروس وعِبَر

لا تقفز للنتائج

لا تنهك نفسك بالبحث والقفز والتطلع للنتائج والتي قد تكون أفضل مما تتخيل أو أسوأ مما تتخيل ولكن ركز فيما لديك من أنشطة، ولو أحسنت فيها لأصبحت في مستقبل مبهر لا محالة لأن المستقبل نحن نصنعه بماضينا وبحاضرنا، لذلك توكل على الله وعش يومك فقط.

احذر الأصدقاء الذين يتملقونك

والكثير قال إنك ليس عليك أن تكره عدوك فهو صريح ولكن المشكلة تكمن في الذي يدعي أنه صديقك وهو قد يكون ألد أعدائك ويحمل إليك الكثير من مشاعر الغل والحقد، لذلك عليك الحذر دومًا ولا تعطي سرك لأحد مهما بلغت صداقتكما.

تذكر أن الناس تنتقدك بقدر قيمتك

وتذكر أن الناس تنتقدك لأنك في عيونهم في الغالب تستحق هذا النقد فأنت لست نكرة أو صفر على الشمال بل شخص وصلت لدرجة جيدة في الفكر والبحث واللباقة لذلك هم ينتقدونك.

لا تتكلم حتى تتأكد أن لديك ما تقوله

ليس من الوجاهة ولا من العبقرية أن تستطيع أن تقف أمام مجموعة من الناس وتسترسل في كلام كثير دون تخطيط فلو لم تخطط جيدًا لكل كلمة وحركة ستقوم بها في خطابك أو حوارك، ففي الغالب ستكون محاولتك استعراضية وسيئة للغاية وسينتهي الأمر بك لنفس المكان الذي أنت فيه.

كن أعقل الناس لكن لا تحدث الناس بذلك

لا تحاول ان تتحدث أمام الناس دومًا بصفة عقلانية ولكن تعلم ألا تُظهر هذا فالناس تكره مثل هذا النوع من الحوار لذلك لا تتحدث كثيرًا أصلًا فقط قم بالرد على قدر ما هو مطلوب منك من رد فعل، وتذكر “خير الكلام ما قل ودل”.

تَقَبُل ما حدث هو الخطوة الأولى للإصلاح

لا تتذمر ولا تعتبر أن ما حدث هو نهاية المطاف فقط ركز أن تقبل ما حدث بخيره وشره وتعامل معه على أنه أمر واقع، وهذا هو أول طريق الإصلاح والوصول للتغير الحقيقي والسريع وتذكر أننا نتعلم من التجارب الخاطئة أكثر من الناجحة.

مُؤلفات ديل كارنيجي

لديل كارنيجي العديد من المؤلفات وأغلبها مترجمة للعربية ومن ضمن تلك المؤلفات، كيف تكون قائدا ناجحًا ومبدعًا، دع القلق وابدأ الحياة، كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر في الناس، كن يقظا، فن الخطابة، فن التعامل مع الناس، فن إدارة الوقت، كيف تحقق هدفك وأخيرًا كتاب الخالدون.

ولكن ملحوظة هامة قبل أن تقرأ تلك المؤلفات، عليك أن تكون حذرًا بعض الشيء بالرغم من إعجابي المبالغ فيه بمحتوى وأسلوب تلك المؤلفات ولكني وأنا أتعامل مع الكتابات الغربية أتعامل بحذر لأنها مختلفة عن ثقافتنا.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله