كيف يعمل الجسم البشري.. كل شيء عن متلازمة القولون العصبي

كيف يعمل الجسم البشري.. كل شيء عن متلازمة القولون العصبي مقال صحي من سلسلة المقالات الطبية المعنونة باسم (كيف يعمل الجسم البشري).

متلازمة القولون العصبي أو القولون المتهيج (Irritable Bowel Syndrome) بالتعريف هو خلل يحدث في عمل الأمعاء الغليظة (القولون).

مما يؤدي لظهور أعراض في الجهاز الهضمي كسوء الهضم وانتفاخ البطن وهذا المرض ليس خطرًا على الحياة إلّا أنه مزعج للغاية، وهو اضطراب وظائفي في عمل الأمعاء والمعدة، ولا سبب معروف له.

ما هو القولون

ما هو القولون

هو المعروف بالأمعاء الغليظة(Large Intenestine)  وهو الجزء من الأمعاء التي تصل بين الأمعاء الدقيقة (Small Intestine) والمستقيم ومن ثم الشرج (Anal)، أمّا طوله فيبلغ حوالي خمسة أقدام، ومهمته الأساسية هي امتصاص الغذاء والأملاح والماء من الطعام المهضوم بشكل جزئي في الأمعاء الدقيقة.

وإخراج البراز عن طريق تقلصات منتظمة في جداره والمتحكم بها عن طريق الهرمونات والأعصاب، والاستجابة الذاتية لمحتويات القولون، وهذه العملية بسيطة تتم بتناغم بين التقلصات في القولون مع عضلات الحوض فإذا كانت هذه التقلصات قوية أو ضعيفة فعندها تسبب خللًا في عملها يدعى مرض (متلازمة القولون العصبي) مما ينتج عنها الألم وتلك الأعراض التي يعاني منها المريض.

إن نسبة انتشار هذا المرض تبلغ (20%) من الناس، لكن نصفهم من يراجع الأطباء لاستشارتهم في الحالة التي يعانون منها، وفي ندوة أقيمت في المملكة العربية السعودية في العام 2009 عن هذا المرض بينت أنه لا يوجد أي شخص لديه المناعة ضد هذا المرض والجميع معرضون للإصابة به، وبالأخص في مرحلة المراهقة والشباب من العمر وأن النساء معرضات للإصابة به بنسبة تزيد عن ثلاثة أضعاف عن النسبة التي يصاب بها الرجال بهذا المرض.

أسباب مرض متلازمة القولون العصبي

لم يتوصل العلم إلى الآن لمعرفة أسباب الإصابة بهذا المرض وتحديد سبب رئيسي له، لكن من المؤكد أن النظرية التي تقول بأن الضغط النفسي وأنواع معينة من الأغذية عندما يكون القولون حساسًا لها فإن عمله يختل ويعاني الأشخاص من أعراض المرض المزعجة.

والذي يحدث أنه عندما تكون حركة وتقلصات الأمعاء غير سلسة ومنتظمة أي تكون بشكل تشنجات تؤدي لدفع الطعام خارجًا بسرعة تسبب الألم، أو عندما تكزن الحركة ساكنة تؤدي إلى تخمر الطعام مما يعني انتاج الغازات وانتفاخ البطن، أمّا كمية السوائل فيتحكم بها غشاء الأمعاء فإذا كانت حركة الطعام سريعة أدت إلى عدم امتصاص السوائل مما يؤدي للإسهالات، وعلى العكس إذا كانت حركة الطعام في القولون بطيئة أدى ذلك إلى الإمساك

وقد وجد العلماء علاقة بين مادة (السيروتونين (Serotinin وهي ناقل عصبي يتم إفرازه في المشابك العصبية تؤدي للتناغم بين الخلايا العصبية فيما بينها وتعمل على جعل الوظيفة التي يقوم بها القولون سلسة وطبيعية، أمّا في حال الخلل في إفراز هذه المادة يؤدي إلى اضطراب في عمل القولون كون أكثر من (95%) من هذه المادة (السيروتونين) تتواجد في الأمعاء بينما الباقي في الدماغ.

كما وجدت الأبحاث أن بعض الأشخاص الذين لديهم مشكلة (متلازمة القولون العصبي) يعانون من نوع من الحساسية تجاه بعض الأغذية مثل القمح ومشتقاته، أي يعانون من مرض (سيلياك (Celiac.

المثيرات المباشرة لمتلازمة القولون العصبي

هناك مثيرات كثيرة تهيج القولون العصبي وتختلف استجابتها من شخص لآخر، ومثل هذه المثيرات:

  • الإجهاد والتعب النفسي والغضب والقلق من أكثر المثيرات لتهييج القولون العصبي.
  • تناول الثوم والبصل النيء الغير مطبوخ.
  • الإكثار من المشروبات الغازية.
  • تناول بعض الأدوية والعقاقير الطبية قد تثير القولون العصبي.
  • تناول الشاي والقهوة بكميات كبيرة.
  • تناول البهارات والتوابل بكثرة والأطعمة المقلية.
  • تناول بعض أنواع الخضراوات مثل (الملفوف والكرنب والباذنجان والملوخية…).
  • التعرض للتيارات الهوائية الباردة.
  • تناول وجبة كبيرة عن الحد وعلى غير المعتاد.
  • تناول البندورة (الطماطم) بدون تقشير، أمّات إذا تم تناولها مقشرة فلا تثير نوبات القولون العصبي.
  • تناول الحليب واللبن.
  • تناول البقوليات مثل (الفول والعدس والحمص واللوبياء…).
  • إن الإجهاد النفسي والضغط لا تتسبب مباشرة بمتلازمة القولون العصبي، لكن تراكم الضغوطات وعدم القدرة على تحمل الأعباء والضيق ومشاعر الغضب تثير تقلصات وتشنجات القولون عند من يعانون من متلازمة القولون العصبي مسبقًا، وقد بينت الدراسات أن ما نسبته (70%) من عامة الناس قد عانوا من تقلبان في الجهاز الهضمي نتيجة للضغوطات النفسية، وأن ما نسبته (45%)ممن يتناولون الملينات هم ممن يعانون من الضغوط النفسية.
  • إن التكاثر المفرط (للبكتيريا (Bactrria في الأمعاء الدقيقة يحدث عند الذين يعانون من هذه المتلازمة إذا ما تمت مقارنتهم بالأصحاء من البشر، حيث أن فرط تكاثر البكتيريا ونموها في الأمعاء الدقيقة أكثر عند مرضى القولون الذين لديهم إسهالات مزمنة، من الذين لديهم حالات إمساك.

أمّا أعراض نمو البكتيريا في الأمعاء فهي (انتفاخ في البطن من تأثير الغازات، والإمساك أو الإسهال)، ومن الممكن أن يحدث القولون العصبي نتيجة لتفاعلات الجهاز المناعي في الجسم وذلك عن طريق هرمون (السيتوكينSytokin ).

  • إن وجود الفطريات في الأمعاء يؤدي لتغيرات في الخلايا الدقيقة (الميكروبية Microbial) التي لها دور في الأعراض الهضمية المرافقة لمتلازمة القولون العصبي،

سير الحالة المرضية لمتلازمة القولون العصبي

ليس كل الأيام التي تمر على المريض تكون كلها نوبات تشنجات يعاني منها المريض ولكن تمر أيام هكذا وأيام هكذا، مع أن المريض قد يتغيب عن عمله أو عن واجباته الاجتماعية، وذلك بسبب القولون وما يسببه له من الإحراج، غير أن المرض ليس له عواقب خطرة على حياة المريض على المدى البعيد.

أعراض المرض

أعراض المرض

تتناوب على المريض ثلاثة أعراض هي (الألم والإسهال والإمساك)، إلّا أنها من الممكن أن لا تظهر كلها لدى المرضى:

  • ألم في القولون ومغص شديد في البطن يذهب مع الذهاب إلى الحمام.
  • إسهال مزمن.
  • إمساك مزمن.
  • انتفاخ البطن من الغازات.
  • التغير في عادات التغوط لدى المريض، والرغبة الكاذبة في الذهاب إلى الحمام.
  • الأصوات التي تصدر من البطن، (قرقرة الأمعاء).
  • تعب وخمول وكسل قلق واضطراب في النوم وتزيد حدة هذه الأعراض في حال شدة الضغط النفسي أو أثناء حضور المناسبات الاجتماعية والعامة، والسفر، أو نتيجة لتغير النمط الحياتي اليومي للشخص.

أعراض مرض متلازمة القولون العصبي عند النساء

  • خروج الغازات وانتفاخ في المعدة والبطن.
  • امتزاج البراز مع المخاط.
  • الذهاب المتعدد إلى الحمام مع الإحساس بعدم خروج كل الفضلات.
  • تقلصات وألم شديد في البطن ترافقها أصوات غريبة ناتجة من الطن.

تشخيص مرض متلازمة القولون العصبي

تشخيص متلازمة القولون العصبي

طبعًا يتم التشخيص من قبل الطبيب، حيث يتعرف على القصة المرضية للمريض وإجراء الفحص السريري الكامل للمريض، ومن الجدير ذكره بعدم وجود تحليل أو فحص مخبري، أو إشعاعي يمكن أن يتم تشخيص المرض من خلاله.

ولكن فحوص البراز والدم واستخدام منظار القولون إجراءات ضرورية كي نستبعد الأمراض العضوية التي يمكن أن يصاب القولون بها, أمّا التشخيص فيتم بالطريقة التالية:

  • ظهور آلام بطنية متكررة لأكثر من ثلاثة أيام على مدار الشهر ولثلاثة أشهر سابقة.
  • إن الآلام والضيق يوسم بصفات ثلاث هي:

الأولى أنه تخف حدته بعد الذهاب إلى الحمام والتبرز.

الصفة الثانية أنه تتغير عدد مرات التبرز في بداية الإصابة بالمرض.

الصفة الثالثة وهي تتغير صفات وشكل البراز عن المعتاد في بداية الإصابة بالمرض أيضًا.

علامات الخطورة في المرض

بالرغم من أن المرض سليم إلّا أنه يجب علينا الانتباه في حالات معينة وذلك لإجراء المزيد من الاستقصاءات:

  • إذا كان عمر المريض يتجاوز الخامسة والأربعين من العمر.
  • إذا كان هناك انخفاض في الوزن الغير مبرر.
  • إذا كانت هناك قصة سرطانية سابقة في عائلة المريض.
  • إذا استمر المرض ولم تتحسن الأعراض رغم العلاج.

إساءة تشخيص المرض

تشمل إساءة التشخيص بعض الأمراض مثل (الداء البطني –سيلياك- أو الأمراض المعدية أو جرثومة المعدة Helicobacter pylori) وأكثر الأمراض التي تشخص على أنها (متلازمة القولون العصبي) خطًأ مرض الداء البطني (سيلياك).

الفحوصات التي تؤكد المرض

  • تحليل وفحص البراز كي تستبعد الأمراض المعدية.
  • إجراء فحوصات الدم وتشمل (اختبار وظائف الكبد، والعد الدموي الشامل، وفحص سرعة التثفل، واختبار المصالة للتأكد من عدم وجود الداء البطني سيلياك).
  • استخدام (الأمواج الفوق صوتية (Ultrasonic waves لفحص وجود حصيات في المرارة أو لا.
  • استخدام (منظار القناة الهضمية Gastrointestinal endoscopy) وذلك لفحص النسج ودراستها كي نستبعد أمراض (القرحة الهضمية، وداء الأمعاء الالتهابي، والأورام السرطانية).
  • اختبار الزفير للهيدروجين وذلك لنتأكد من عدم وجود سوء هضم (سكر اللاكتوز Lctose أو سكر الفركتوز (Fructose.

علاج متلازمة القولون العصبي

إن هذا المرض مرض مزمن وعلى المصاب به أن يتعايش معه، عوضًا عن إضاعة الوقت في البحث عن علاجات شافية له، فالبعض قد يكتفي حين يعلم أن المرض ليست له أية خطورة مستقبلية على حياة المريض، فيهدأ البحث ويستكين لمعرفته ذلك.

بعد كشف المرض واستمرار الأعراض علينا اتباع التالي:

فإذا اكتشفنا أن القولون لديه حساسية تجاه بعض الأطعمة علينا أن نخفف منها أو لا نتناولها إطلاقًا، أمّا في حالة لم نتعرف على تلك الأطعمة علينا مراجعة أحد المختصين بالأغذية لمعرفة ذلك، وقد تحسن الكثير ممن كانوا يعانون من القولون العصبي عند امتناعهم عن التدخين، وممارسة التمارين الرياضية، والتعامل الجيد مع التعب والإجهاد والضغوط النفسية.

العلاج الدوائي

يجب تناول الأدوية التي تخفف من الأعرض المزعجة للمرض ومن هذه الأدوية التي يمكن أن نتناولها دواء (اللوبراميد (Lopramide كمضاد للإسهال، أو مركبات الألياف لعلاج الإمساك، ويجب أن نتجنب تناول الأدوية عند استثارة عضلات القولون مثل (Senna Compounds) وذلك أنها تسبب الإمساك على المدى الطويل، ويعتبر أفضل دواء هو الخلطة الدوائية التالية لمدة أسبوعين:

  • العقار (ميبيفرين (Mbererin واسمه التجاري (دوسبالين (Dospalin وذلك بواقع ثلاث مرات قبل الطعام بعشرين دقيقة.
  • العقار (دوغاماتيل (Dogmatil 50 mg بواقع ثلاث مرات في اليوم أيضًا.

العلاج بالحمية الغذائية

لقد وجد أن اتباع الحمية المعروفة باسم (حمية فودماب (Fodmap قد تساعد ما نسبته (70%) من المرضى، والأعراض التي تتحسن تشمل (النفاخ وانتفاخ البطن وخروج البراز).

العلاج باستعمال الألياف

إن المكملات الغذائية الحاوية على كميات كبيرة من الألياف الذوّابة تعتبر علاج ناجع لمرض (متلازمة القولون العصبي) مثل (بزر القطونة)، وذلك لعلاج الإسهال، والإمساك على حد سواء، أمّا استعمال المكملات الغذائية التي تحتوي على الألياف الغير ذوّابة فلم تجد نفعًا لذا عدم استعمالها أفضل لأن استعمالها يفاقم الأعراض.

علاج الاكتئاب والضغط النفسي

إن مضادات الاكتئاب (ثلاثية الحلقات (Tricyclic Antidepressants مفيدة وفعّالة في حالة القولون العصبي إلّا أنها ليست آمنة تمامًا مثل استخدام (مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (Selective Serotonin Reuptake Inhibtors.

التعايش مع المرض

من الأساليب المتبعة للتعايش مع المرض:

  • العمل على تناول وجبات متوازن ومنتظمة مع تجنب الوجبات الغذائية الدسمة.
  • التعود على شرب كميات وافرة من الماء.
  • الاستمرار في ممارسة التمارين الرياضية والالتزام بها بشكل دائم، فالرياضة تحافظ على وزن ثابت للجسم وتساعد على المحافظة على توازن القولون، ومن التمارين المفيدة المشي لمدة نصف ساعة يوميًا من الأمور الجيدة، وتمارين البطن المساعدة على إخراج الغازات من البطن من المهم إجراؤها بشكل يومي ومستمر.
  • تعلم على كيفية التعامل مع التعب والإجهاد والضغط النفسي.
  • حاول اجتناب الإمساك وذلك باستعمال الملينات التي تعتمد على الألياف الذوّابة.
  • عليك مراجعة الطبيب في حال ظهرت أعراض أخرى غير الأعراض المعروفة تلك،
  • احرص على عدم تناول أي دواء أو عقار طبي دون استشارة الطبيب، وإجراء الفحص الشامل لاستبعاد أية أمراض أخرى.
  • احرص على تناول البابونج أو الشاي الأخضر.
  • تعّود على شرب كمية من الكمون في كأس من الماء يوميًا قبيل الذهاب إلى العمل.
  • تعلم واعتمد التنفس العميق ويكون بالشهيق من الأنف والزفير من الفم وببطء شديد.

دراسات علاجية جديدة لمرض متلازمة القولون العصبي

لقد طورت الشركات الدوائية مؤخرًا عددًا من العقاقير الطبية لعلاج القولون العصبي ومنها عقار (البروبيوتك (Probiotic ويعتمد على استخدام سلالات معينة من (البكتيريا (Bacteria، حيث تتوقف نوعية وتركيب العقار على نوع أعراض المرض، فإذا كان الإمساك فإن البكتريا (الإشريكية (Escherichia تساعد في الحد من هذا العرض.

هكذا تكون هذه البكتيريا هي الأمل لعلاج حالات القولون العصبي.

بعض المفاهيم المغلوطة عن متلازمة القولون العصبي

  • يظن البعض أنه توجد وصفة غذائية واحدة صالحة لعلاج جميع الأشخاص.
  • يظن البعض أن المرض يمكن تشخيصه بواسطة التحليل المخبري أو التنظير.
  • يظن البعض أن اضطراب القولون العصبي يسبب القلق والأرق والخوف.
  • من أعراض المرض التجشؤ وآلام المعدة.
  • إن خروج البراز الدامي أحد أعراض القولون العصبي.

أمراض تشبه مرض متلازمة القولون العصبي في الأعراض

بعض الأمراض التي يمكن أن تشخص على أنها القولون العصبي خطأً:

  • الديدان والزحار وانتانات المعدة، وهذه الأمراض يمكن التأكد منها بسهولة.
  • مرض القولون التقرحي: وأعراضه (التعب وألم المفاصل وقلة الشهية وفقر الدم بسبب نزف الدم مع البراز).
  • الأورام السرطانية في القولون وأعراضها (نقص الوزن الحاد، وخروج البراز المدمّى).

الخاتمة

كان هذا مقالًا توعويًا عن مرض القولون العصبي أو (متلازمة القولون العصبي)أسبابه وأعراضه والعلاج منه مع طريقة تشخيصه والأمراض التي يظن أنها مرض القولون العصبي وكيفية تشخيصها، مع العلم بأن هذا المرض مزمن ولا علاج شاف له، فالتعايش معه أحد العلاجات خاصة أن هذا المرض ليس له أية عواقب سيئة على حياة المريض مستقبلًا سوى الإحراج الذي يتسبب به للمصابين به.

المراجع

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله