عن التجارة الدولية وأهميتها للمجتمعات والاقتصاد ككل

تحدثنا في موضوع سابق عن أنواع التجارة الرئيسية وما يتضمنه كل نوع منها، يمكنك قراءة الموضوع من هنا، وقلنا إن التجارة الدولية أو التجارة الخارجية كما يسميها البعض واحدة من هذه الأنواع، وهي قديمة قدم عمليات المبادلة التجارية ذاتها.

في هذا الموضوع سنتعرف على التجارة الدولية بمفهومها الأوسع، ونطلع على تفاصيل وإجراءات العمليات التجارية الدولية، وأهمية هذا النوع من التجارة بالنسبة للمجتمعات والدول والأنظمة الاقتصادية ككل.

ما هي التجارة الدولية؟

التجارة الدولية

إن أردنا تعريف التجارية الدولية باختصار، فيمكننا القول إنها مجموعة سلوكيات دولية تعتمد على تبادل المنتجات والبضائع أو الخدمات بين الدول المختلفة وعلى نطاق دولي عابر للحدود، في سبيل تأمين احتياجات الفئات المختلفة من المجتمعات في تلك الدول عبر استثمار الفائض من منتجات الدول وتصديره إلى دول أخرى بحاجة لهذا الفائض، وهكذا يتم تبادل الفائض وفق نظام التجارة الدولية.

تشكل التجارة الدولية نسبة لا بأس بها من عائد غالبية الدول حول العالم، وتمكن تلك الدول من استغلال مواردها بشكل أفضل عبر الاستفادة من الفائض من منتجاتها ومواردها المختلفة، حيث تقوم بتصديرها إلى دول أخرى لديها نقص من هذه المنتجات أو البضائع أو الموارد، ويكون العائد مالي أو بضائع ومنتجات أخرى تفتقدها الدولة الأولى وتمتلكها الدولة الثانية. أي باختصار يمكن القول إن التجارة الدولية شكل من أشكال التبادل بين الدول.

وكانت التجارة الدولية موجودة في حياة المجتمعات والحضارات المختلفة منذ القديم، وازدادت أهميتها بشكل كبير مع تطور الأنظمة الاقتصادية والمعيشية والحياتية للمجتمعات، وصار للتجارة الدولية أهمية كبيرة في السنوات الأخيرة وظهرت بأشكال وأنماط وأساليب ومختلفة.

التجارة الدولية والتجارة المحلية

نظريًا لا يوجد الكثير من الاختلافات بين التجارة الدولية والتجارة المحلية، ولكن عمليًا دائمًا ما تكون التجارة الدولية أكثر تعقيدًا وتشتمل على الكثير من التفاصيل غير الموجودة في التجارة عندما تتم بصورة محلية ضمن البلد الواحد.

التجارة على الصعيد الدولي تتطلب المزيد من الوقت والمزيد من التكاليف والمزيد من الإجراءات عندما يتم مقارنتها مع التجارة المحلية. إذ تحتاج إلى نقل وتوزيع المنتجات إلى بلدان أخرى وهذا يعني مزيد من التكاليف للنقل وشحن البضائع، بالإضافة إلى الضرائب والرسوم التي تكون على نقل المنتجات خارج الحدود وهذا يعني المزيد من التكاليف ومزيد من الإجراءات التي تحتاج إلى مزيد من الوقت.

كيف تعمل التجارة الدولية؟

التجارة الدولية ولماذا هي مهمة للمجتمعات والاقتصاد

كما ذكرنا أعلاه فإن التجارة الدولية يمكن أن تكون بالعديد من الأشكال والأساليب، قد تكون العمليات التجارية على المستوى الحكومي، أي بين الحكومات ذاتها، أو قد تكون على مستوى أدنى بين الشركات والمؤسسات الخاصة، أو حتى على مستوى فردي.

فحتى تتمكن من تصدير منتج إلى الخارج أو استيراد منتج من الخارج عليك معرفة الاتفاقيات التجارية المبرمة بين البلدين، على سبيل المثال قد يكون أحيانًا هناك اتفاقيات بين بلدين متقاربين جغرافيًا، تسمح هذه الاتفاقيات بتبادل البضائع والمنتجات بحرية تامة ودون أية رسوم أو غرامات.

وعلى العكس، يحصل أحيانًا أن تكون هناك خلافات بين بلدين ما بالتالي لا يسمح باستيراد منتجات وبضائع من بلد محدد وكذلك لا يسمح بتصدير البضائع إليه، وهذا ينطبق حتى على الشركات ومؤسسات القطاع الخاص وليس فقط على المستوى الحكومي.

في كل الأحوال دائمًا ما تكون الجهات الحكومية هي المتحكم الأول بكافة عمليات الاستيراد والتصدير، وتحدد ما هي المنتجات التي يمكن استيرادها وإدخالها إلى البلاد وما هي التي يمنع استيرادها، وكذلك الأمر بالنسبة لما يتم تصديره.

أي عملية تجارة دولية تمر بعدد من المراحل أبرزها:

  1. تحديد البضائع والمنتجات المراد استيرادها أو تصديرها.
  2. التواصل مع الجهات المسؤولة، المصنع في البلد الأجنبي في حال الاستيراد، أو مع الموزع في البلد الأجنبي والذي سيتسلم البضائع في حال التصدير.
  3. تأمين المستلزمات اللوجستية للعملية، مثل أمور النقل والشحن، واستخراج الوثائق الرسمية والتخليص الجمركي، وتأمين أماكن التخزين للمنتجات.
  4. ثم إيصال المنتجات إلى الوجهة الأخيرة، سواء من حيث الاستيراد أو التصدير.

اقرأ أيضًا: إنشاء شركة استيراد وتصدير في 6 خطوات متكاملة

مزايا التجارة الدولية

الدول والمجتمعات التي تمتلك نظام تجارة دولية قوي دائمًا ما ينعكس ذلك على اقتصادها وبالتالي تمتلك أنظمة اقتصادية قوية كذلك، وتظهر نتائج هذا الأمر في التالي:

  • توفر التجارة الدولية مختلف البضائع والمنتجات للمستهلكين وحتى في حال كانت الدولة خاصتهم لا تملك هذه المنتجات لديها بشكل مباشر، وذلك عبر استيرادها من الخارج. وبالتالي إتاحة مختلف البضائع والمنتجات والخدمات للمستهلكين في الأسواق المحلية.
  • تحقق التجارة الدولية الكفاءة في توزيع وتسويق المنتجات والبضائع، وكذلك تلعب دورًا في تحسين جودة تلك المنتجات نظرًا لازدياد المنافسة عند توافر المنتجات في الأسواق بصورة وافرة.
  • تحسن الكفاءة الاقتصادية في المجتمع، حيث ترتفع عوائد المؤسسات من التجارة الدولية وتزداد الأرباح ويزيد الإنفاق على تطوير تلك المؤسسات وكذلك المنتجات والخدمات المقدمة، وحتى ابتكار أصناف جديدة.
  • التجارة الدولية تجعل المؤسسات التجارية أقل عرضة للمخاطر والأزمات المالية والاقتصادية، نظرًا لأنها تعمل في أكثر من سوق وبلد، وبالتالي حدث ما في أحد البلدان أو الأسواق سيكون ذات تأثير محدود على المؤسسة واسعة الانتشار.
  • تتيح التجارة الدولية قدر عال من المنافسة بين المؤسسات والشركات والعلامات التجارية المختلفة التي تتنافس فيما بينها في أسواق وبلدان مختلفة للحصول على الحصة الأكبر في السوق، وبالتالي تؤدي هذه المنافسة لتسابق تلك الجهات لتقديم أفضل شكل من المنتجات، حيث يتم التنافس على الجودة والأسعار وخصائص أخرى كثيرة، الأمر الذي ينعكس إيجابيًا على المستهلك.
  • تساهم التجارة الدولية في تحسين اقتصاديات الدول والمجتمعات، عبر خلق المزيد من فرص العمل، وتأمين أسواق جديدة لتصدير الفائض من الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى العائد المادي الكبير.

هذه بعض أبرز وأهم الفوائد من التجارة الدولية وما يمكن أن ينتج عنها من منافع للدول والمجتمعات وكذلك المؤسسات والجهات التجارية التي تقوم بأنشطة التجارة الدولية بين البلدان والأسواق المختلفة.

التجارة الإلكترونية والتجارة الدولية

عن التجارة الدولية ولماذا هي مهمة للمجتمعات والاقتصاد ككل؟

مع تطور التجارة الدولية وازدياد أهميتها في حياة المجتمعات والدول وبالنسبة للأنظمة الاقتصادية ككل، ظهر إلى جانبها نوع جديد من التجارة وهو التجارة الإلكترونية التي ظهرت مع ظهور الإنترنت وتطور التقنيات المستخدمة فيه.

لا يوجد الكثير من عوامل التشابه بين التجارة الإلكترونية والتجارة الدولية، إذ أن التجارة الإلكترونية في الغالب تتضمن كل أشكال التجارة الأخرى مثل التجارة المحلية والداخلية والخارجية، في حين أن التجارة الدولية هي جزء من التجارة الإلكترونية.

في الآونة الأخيرة ازدادت أهمية التجارة الإلكترونية على حساب التجارة الدولية وصارت الكثير من أنشطة التجارة تتم بشكل إلكتروني عوضًا عن الأساليب التقليدية للتجارة. ولكن هذا لم يؤثر بالسلب على التجارة الدولية بل على العكس ازدادت أرقام المبيعات والعوائد من التجارة بشكل عام، وسهلت – وسائل التجارة الإلكترونية – الكثير من التعقيدات التي كانت تتضمنها التجارة الدولية، مثل أمور الدفع وتوزيع وتسويق المنتجات والبضائع، ومدى إتاحتها في البلدان المختلفة.

وبالتالي، فإن التقنية بصورها المختلفة سهلت من إجراءات العمليات التجارية المختلفة سواء التجارة الدولية أو المحلية، وجعلت الإجراءات أكثر سهولة وبساطة مما كانت عليه سابقًا قبل ظهور التجارة الإلكترونية.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله