مرض الانفلونزا .. وفيروس الانفلونزا الغائب الحاضر

 مرض الانفلونزا هو أكثر انتشارًا بين الأمراض المعدية الأخرى، فهو يستهدف جهاز التنفس، فيسبب الحمى وأعراضًا أخرى كثيرة، كما يصيب كل الناس ولا يقتصر على فئة معينة دون الأخرى، وقد يشكل خطرًا على بعض الأشخاص الذين أعمارهم تتجاوز الخامسة والستين عامًا، والمسبب الرئيسي له فيروس يهاجم جسم الإنسان.  

مرض الانفلونزا هو مرض وبائي كان فيما مضى يؤدي لوفاة المصابين به، إلّا أن التقدم الطبي والعلاج مكن العلماء من السيطرة عليه وغدا هذ المرض في أيامنا هذه مرض اعتيادي، يمكن علاجه والقضاء عليه بكل سهولة وبساطة، ومن دون أن يتسبب بأية مضاعفات قد تكون خطرة كما كان يحدث في الماضي.

أسباب المرض

اسباب المرض

الانفلونزا أو الخنان أو النزلة الوافدة أسماء ثلاثة لنفس المرض، سببه فيروس مخاطي القوام وهو على ثلاثة أنواع A,B,C والأول A هو الذي يصيب الإنسان ويمرضه، كما يصيب الحيوان أيضًا، ويحتوي هذا الفيروس على نوعين اثنين من الجسيمات البروتينية السامة التي هي المسبب الرئيسي للمرض وهما:

1 – الجسيمات البروتينية النورامينيديز (“N” Neuraminidas) ومنها عشرة أنواع يرمز لها (N1,N2 ,…N10).

2 – الجسيمات البروتينية الهيماغلوتينين (“H” Hemagglutinin) ومنها سبعة عشر نوعًا يرمز لها (H1, H2,…H17).

ونستخدم هذه الأحرف معًا لتسمية أنواع الانفلونزا (H1N1, H2N2,…H1N10).، وبإمكان هذه الفيروسات تغيير هذه البروتينات عند دخول جسم الإنسان إما تغيير جزئي ويبقيها ضمن الانفلونزا المعتادة، أو يصيبها تغيير يجعلها قادرة على إحداث جائحة وبائية من الانفلونزا كما حدث بسبب وباء انفلونزا الطيور أو الخنازير، حدث ذلك نتيجة التغيير في سمية هذه البروتينات التي تغيرت، لكن مناعة الإنسان تستطيع إنتاج أجسام مضادة تجاه هذه السموم إذا ما واجهتها في المستقبل، وهو ما يسمى بال (المقاومة أو المناعة الذاتية).

لكن الجسم لا يستطيع مواجهتها للوهلة الأولى فيجب أن يمرض أولّا حتى يستطيع إنتاج الأجسام المضادة، وهو الأمر الذي نستطيع من خلاله تفسير لماذا نصاب بالانفلونزا عدة مرات بالسنة الواحدة.

 ولكن أغلب الفيروسات لا تستطيع إحداث ذلك التغيير في بروتيناتها السامة لذا لا ينتج المرض عند الإصابة بها، وبالتالي لا يصاب الإنسان بها مرة أخرى لأنه شكل الأجسام التي تستطيع القضاء على تلك السموم وتبطل مفعولها، مثل الفيروسات التي تؤدي للأمراض التالية (الحصبة الالمانية وشلل الأطفال والحصبة العادية …).

ونتيجة لعدم استطاعة هذه الفيروسات تغير بروتيناتها لدى دخولها الجسم فإن العلماء استطاعوا أن يطوروا اللقاحات الخاصة بكل فيروس وبالتالي لا يؤدي مهاجمة هذه الفيروسات التي أخذ اللقاح الخاص بها من أن تصيب الإنسان مرة أخرى.

ولطبيعة تكوين فيروسات مرض الانفلونزا وقدرتها على التغيير فإنه لا يوجد لقاح دائم لها ولكن لها لقاح موسمي بالرغم من أن نسبة نجاح اللقاح لا تتجاوز 70%.

أعراض الانفلونزا

اعراض المرض

بعد الإصابة بمرض الانفلونزا تحتاج مدة يومين لتظهر الأعراض حيث تتكاثر فيروسات الانفلونزا على الأسطح الداخلية للأنف والحلق وفي الرئتين والشعب الهوائية، وتتمثل الأعراض بما يلي:

  1. تظهر الحمى وترتفع درجة الحرارة وتصل إلى 40 Co أو 38 Co.
  2. السعال والعطاس الشديدين.
  3. احتقان والتهاب في الحلق.
  4. عند بعض الأشخاص يحدث إسهال وإقياء وبشكل خاص عند الأطفال.
  5. الإحساس بالإعياء والتعب.
  6. التعب من الضوء الساطع وعدم وضوح الرؤيا.

وغالبًا ما تستمر هذه الأعراض لمدة أسبوع من الوقت، والإحساس بالتعب يستمر لمدة عدة أسابيع، علمًا بأن الحمى قد لا تظهر عند بعض الأشخاص المصابين بالانفلونزا.

كيفية انتشار المرض

 يقول خبراء الصحة أن انتشار مرض الانفلونزا يحث من جراء انتقال جزيئات رذاذ اثناء العطاس أو السعال، أو عند الكلام، ونتيجة استقرار هذا الرذاذ في أنف أو فم الأشخاص المجاورين للمصابين بالانفلونزا، وتحصل العدوى أحيانًا بسب لمس الأشياء الملوثة بالفيروسات وبعدها مس العيون أو الأنف.

متى تحصل العدوى بين الأشخاص؟

إن عدوى المرض قد تحصل بين الأشخاص فبل أن تظهر أعراض مرض الانفلونزا، وتحدث العدوى قبل ظهور الأعراض بيومين إلى سبعة أيام بعد وضوح الأعراض، وقد تطول هذه الفترة خاصة عند الأشخاص الذين لديهم عوز في المناعة أو المقاومة الذاتية للأمراض.

هل يمكن اعتبار الانفلونزا من الأمراض الخطرة

لا يمكننا معرفة مدى شدة مرض الانفلونزا لأنها تختلف من سنة إلى أخرى وذلك بحسب العوامل المختلفة وهي:

  1. من أي نوع هو الفيروس المسبب للانفلونزا.
  2. هل كمية اللقاح المتوفر كافية.
  3. كم من الأشخاص الذين أخذوا اللقاح.
  4. هل اللقاح الذي تم توفيره مطابق للفيروس القادم أم لا.
  5. متى وكم من الوقت ليكون اللقاح متواجد.

ما هي مضاعفات المرض

إن مرض الانفلونزا يتسبب بالمضاعفات التالية:

  1. التفاقم في حالة بعض الأمراض إذا كانت مزمنة مثل أمراض (القصور القلبي الاحتقاني ومرض داء السكري والربو …).
  2. التهاب الجيوب الأنفية.
  3. التهاب الأذن المختلف.
  4. جفاف الجسم أو يتسبب بفقدان السوائل من الجسم.
  5. الالتهابات الرئوية البكتيرية.

من هم الأشخاص الأكثر تعرضًا لمضاعفات المرض

  1. المرأة الحامل هي أكثر عرضة لمضاعفات الانفلونزا.
  2. إن الأطفال الذين هم بعمر صغير أكثر عرضة لمضاعفات المرض من سواهم الأكبر سنًا.
  3. الأشخاص الكبار في العمر كذلك هم أكر من غيرهم عرضة للمضاعفات مقارنًة بالأشخاص الأصغر عمرًا.
  4. الأشخاص الذين لديهم أمراضًا مزمنة مثل:
  • موض الربو ولو كانت حالته بسيطة او مستقرة
  • الأمراض الرئوية المزمنة مثل (الانسداد المزمن، مرض (التليف الكيسي(Systic fibrosis
  • أمراض وتشوه القلب الخلقي والقصور القلبي الاحتقاني.(Congestive Heart Failure)
  • مرض الأنيميا المنجلي (Sickle cell disease).
  • مرض الغدد الصماء كمرض الداء السكري.
  • مرض الكبد والكلية.
  • نقص المناعة الذاتية نتيجة تناول بعض الأدوية لعلاج مرض الإيدز.
  • الذين لديهم مؤشر الكتلة 30 أو أعلى.

إن الفيروس المسؤول عن مرض الانفلونزا في 2009 و2010 وهو H1N1، قد سبب جائحةً عالمية يومها لم تحدث منذ أكثر من أربعين عامًا، قد أودى بحياة الكثيرين وكان الذين توفوا عمرهم أقل من 65 عامًا، بلغت نسبته حوالي 90% من مجموع الوفيات.

الوقاية من المرض

 الوقاية من المرض

للوقاية طريقة واحدة من المرض تتمثل في أخذ لقاح مرض الانفلونزا في كل سنة، ويوجد نوعان للقاح الانفلونزا هما:

1 -اللقاح عن طريق الحقن

واللقاح يحتوي على فيروس مقتول (Inactivated vaccine) يؤخذ عن طريق الإبر وتمت الموافقة عليه ويعطى للأشخاص من عمر الستة أشهر فما فوق وللجميع بمن فيهم الحوامل وكبار السن سواء كانوا يعانون من أمراض مزمنة أم لا.

2 – لقاح يؤخذ بالأنف على شكل رذاذ (Nasal – sprau flu vaccine):

هذا اللقاح مصنع من فيروس حي لكنه مضعف أي لا يستطيع أن يسبب مرض الانفلونزا وتمت الموافقة بأن يعطى من السنتين وحتى السن التاسعة والأربعين، ويمنع إعطاؤه للنساء الحوامل.

بعد أخذ اللقاح يتم صناعة الأجسام المضادة في الجسم وخلال أسبوعين يصبح للجسم مناعة كافية للوقاية من الإصابة بالعدوى بالانفلونزا الموسمية لكنه لا يقي من الجراثيم التي تسبب المرض الذي يشبه الانفلونزا (Influenza like illness)، ويقي من الفيروس الذي تم تحضيره عام 2010 و2011 وهو (H1N1 2009) ويقي أيضًا من الفيروسين (H3N2 virus and influenza B virus).

متى يعطى اللقاح

   في العادة يتم أخذ لقاح مرض الانفلونزا عند توفره أو في شهر أيلول، ومن الممكن استمرار أخذه حتى نهاية موسم الشتاء، وفي العادة يبدأ الشتاء في شهر تشرين الأول ولكن نشاط الفيروس في شهر كانون الثاني يكون أكبر.

لمن يجب أن يعطى لقاح الانفلونزا

إن بعض الفئات من الناس يعتبر من الضروري أن يأخذوا اللقاح ضد مرض الانفلونزا وهم:

1 – من يعيش في دور الرعاية أو العجزة لمدة طويلة.

2 – من يعتني أو يعيش مع أشخاص أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات المرض.

3 – الأشخاص الذين يعملون في مجال الصحة العامة.

4 – الأشخاص الذين يخالطون الأطفال الذين أعمارهم أصغر من ستة أعوام، وبشكل خاص من يعتني بالأطفال أقل من ستة أشهر فأولئك الأطفال تكون مضاعفات الانفلونزا أكثر حدة من غيرهم ولا يمكن أن نعطيهم اللقاح لصغر أعمارهم.

من لا ينبغي له أخذ لقاح الانفلونزا

كذلك هناك فئات لا يمكن أن يأخذوا لقاح مرض الانفلونزا إلّا باستشارة الطبيب المعالج وهم:

  1. لمن يملك من الأشخاص حساسية عالية من البيض.
  2. من كان لديه حساسية سابقة من لقاح الانفلونزا.
  3. من كان عندهم متلازمة (غيان باري (GBS- (Guillian , Barre Syndrome).
  4. من يشعر بارتفاع الحرارة لكن يمكنه أخذ اللقاح بعد أن تستقر درجة الحرارة لديه.
  5. الرضع الذين تبلغ أعمارهم أقل من ستة أشهر إلّا بموافقة الطبيب واستشارته بعدها يقرر إعطاء اللقاح أم لا.

التشخيص والعلاج

التشخيص والعلاج

عن تشخيص المرض يكون من قبل الطبيب المختص حيث يقوم بالفحص السريري للمريض وفحص عينة من أنف المريض.

وبعد التأكد من الإصابة بالانفلونزا يكون العلاج باتباع التعليمات التي يعطيها الطبيب للمريض ويصف له السوائل التي من شأنها التخفيف من شدة الاحتقان الأنفي وبعض المسكنات من أجل تخفيف الآلام المصاحبة لمرض الانفلونزا، وأدوية لتهدئة نوبات السعال، ومن الممكن وصف المضادات الحيوية للقضاء على الفيروسات.

 علاج الانفلونزا منزليًّا

استعمال كمادات ساخنة

لعلاج مرض الانفلونزا منزليًا ينصح باتباع ما يلي:

  1. تعويض السوائل التي تنقص بفعل الانفلونزا التي سببت جفاف الحلق.
  2. تناول كميات من حساء ساخن يفيد جهاز التنفس أثناء المرض.
  3. يجب الخلود إلى الراحة لتدعيم الجهاز المناعي في الجسم.
  4. استعمال كمادات ساخنة لعلاج الصداع أو التخفيف منه.
  5. الغرغرة بالماء والملح من أجل التخلص من البلغم المتجمع في الحلق، وهو يسبب إزعاجًا كبيرًا للمريض، كما تساعد الغرغرة على فتح الأذنين.
  6. استخدام الغسول الجاهز للأنف أو يمكننا تحضيره في المنزل.
  7. استعمال بعض الأقراص التي ترطب الحلق من خلا مصها.
  8. استنشاق الأبخرة الحارة بعد غلي الماء وإضافة بعض الأعشاب له، مثل البابونج أو الزهورات وإذا تم إضافة القليل من زيت النعناع فإن الفائدة أكبر.
  9. من الأفضل الامتناع عن التدخين إذا كان المريض مدخنًا.

ما الفرق بين الانفلونزا والزكام

إن الكثير من الناس تخلط بين مرض الانفلونزا والزكام، مع أن هناك فرقًا كبيرًا بين الاثنين، فاستمرار الانفلونزا أطول مما يستمر الزكام، وترتفع حرارة المريض بالانفلونزا أكثر من ارتفاعها بسبب الزكام، والزكام لا يسبب آلامًا في العضلات، والزكام من أعراضه سيلان الأنف بينما الانفلونزا من أعراضها جفاف الحلق في أغلب الأحيان.

هكذا نكون قد أحطنا المرض في مقالنا هذا من كل جوانبه وبينا أنه مرض فيروسي السبب، وتعرفنا عليه وعلى أعراضه والمضاعفات التي تنشأ عن الإصابة به، والوقاية منه باللقاح وبيّنا أنواع اللقاح ولمن يعطى وكيف يؤخذ وبيّنا طرق العلاج كما بيّنا ما هو الفرق بين الانفلونزا والزكام.

سائلين الله عز وجل أن نكون وفقنا بتقديم معلومة موسوعية وأكاديمية، علمًا أن المقال لا يغني عن مراجعة الطبيب المختص.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله