أهمية زيادة عدد السكان في العالم واستثمار رأس المال البشري

لا تزال الكثير من دول العالم المتقدم تبحث عن الحلول لتحقيق التوازن في عدد سكان مجتمعاتها، فالكثير من دول أوروبا تعاني من نقص الشباب مقابل الزيادة المضطردة في أعداد المسنين، وهذا يعني نقصان الأيدي العاملة من جهة، وتضخم أعداد كبار السن العاجزين عن العمل من جهة أخرى، كما أن كبار السن عادةً ما يحتاجون للرعاية، ما يعني زيادة المصاعب والأعباء التي تواجه الدول.

ما المقصود برأس المال البشري؟

في الآونة الأخيرة برز مصطلحٌ جديدٌ يعرف برأس المال البشري، وهو أحد المصطلحات الاقتصادية الجديدة رغم أنها لا تمت بصلة لطبيعة الاقتصاد من أموالٍ أو تعاملات تجارية واقتصاديةٍ، إلا أن معظم المجتمعات المتقدمة صارت تهتم بشكلٍ متصاعد برأس المال البشري في محاولتها لخلق توازنٍ بين فئة الشباب وكبار السن، بحيث لا تصبح فئة كبار السن عبئًا على المجتمع، خاصةً أن الفئة الشبابية تمثل الشريحة الكبيرة التي تحتاجها البلاد لمواصلة عملية الإنتاج والنمو.

زيادة عدد السكان

واقع عدد السكان في بعض دول العالم

ألمانيا

وبسبب هذا الواقع الحاصل نتيجة نقص عنصر الشباب وازدياد أعداد كبار السن قامت الدول في سعيها لمواجهة هذه الظاهرة، تقوم بعمل استبيانات وتجميع المعلومات الدقيقة عن هذه المشكلة، ففي ألمانيا أصدر المكتب الاتحادي الألماني للإحصاء تقريرًا أظهر أن البلاد شهدت عام 2015 حالات ولادةٍ أكثر من أي سنة منذ العام 2000، وأشار التقرير في الوقت نفسه إلى أن نسبة الوفيات قد فاقت عدد المواليد، وهذا يعني أن أكبر اقتصادٍ في الاتحاد الأوربي يعاني من زيادة أعداد المسنين بين السكان. وقد وفرت الحكومة في المانجا مساعداتٍ سخيةٍ جدًا للآباء والأمهات في محاولةٍ لرفع معدل المواليد خلال السنوات العشر الأخيرة.

اليابان

في السياق ذاته، نجد أن ظاهرة زيادة أعداد المسنين دفع بالمسؤولين في اليابان إلى البحث واستكشاف طرق لجلب عمالٍ أجانب، محاولين تجنب تسمية (سياسة الهجرة) على مثل هذه الخطوة، حيث أن الهجرة تعتبر من المواضيع الحساسة جدًا في اليابان.

إيطاليا

أيضًا في إيطاليا ارتفعت في الأعوام الـ 15 الأخيرة أعداد كبار السن، ممن تجاوزوا عمر المئة عام بأكثر من 3 أضعاف، على الرغم من أن عام 2015 كان قد سجل ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الوفيات في البلاد

ووفقًا لتقرير رسمي، كان عدد الأشخاص الذين تجاوزوا سن 100 عام 5650 شخصًا عام 2002، وازدادت أعدادهم لتصل إلى 19 ألف شخص عام 2015 وفق مرصد الصحة الوطني، وبذلك تكون نسبة الذين تعدو سن الـ 100 عام قد ارتفعت الى 3 في كل 100.000 في عام 2015.

الصين

في نفس السياق وبحسب المعلومات وتقارير الاستبيان يتوقع أن يصل عدد السكان في الصين إلى أعلى مستوى في عام 2050، ويقدر بحوالي 1.45 مليار نسمة، حينها يصبح ثلث السكان فوق عمر الستين، مع حصول تناقص في عدد الأيدي العاملة.

وهكذا نجد أن الدول المتقدمة تسعى الى الوصول لحالة من التوازن بين الزيادة في عدد المسنين ونقص أعداد الشبان القادرين على العمل، وهذا الموضوع يتطلب اتخاذ إجراءات متعددة لمعالجة المشكلة وتشجيع المواطنين على التعاون في هذا المجال كما حدث في إيطاليا.

حل مشكلة تزايد أعداد كبار السن

التجربة الإيطالية: مكافأة الأزواج لتشجيعهم على الإنجاب

في العام 2015 تم تسجيل أقل المعدلات للمواليد الجدد في إيطاليا وقد كشفت بياتريس لورنزين وهي وزيرة الصحة في الحكومة الإيطالية عن وجود دراسة وخطط لزيادة معونات الأطفال من أجل مكافحة التراجع الكارثي في عدد الولادات في إيطاليا، وقالت الوزيرة أن الحكومة سوف تزيد بنسبة الضعف أجر المكافئة الشهرية للعائلات ذات الدخل المحدود والتي تقدر حاليا بـ 80 يورو، وطلبت الوزيرة أيضًا زيادة المعونات المخصصة للطفل الثاني والذي يليه لتشجيع الأزواج إنجاب المزيد من الأولاد، ففي عام 2015 ولد في إيطاليا 488 ألف مولود، وهو  أقل المعدلات التي تم تسجيلها في البلاد.

وتقدم الإعانات التي أقرت عام 2015 للأطفال المولودين ما بين 1 كانون الثاني عام 2015 و31 كانون الأول عام 2017، وتصبح مستحقة للدفع عندما يبلغ الطفل عمر الثلاث سنوات، وترغب وزيرة الصحة” لورنزين” وهي من الأعضاء البارزين في الحكومة الإيطالية بتوفير الإعانات لكافة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الثلاث سنوات.

وهذه التغييرات سوف تضيف 2.2 مليار يورو إلى ميزانية الإنفاق العام لمدة 6 سنوات، وهذا يمكن أن يتسبب بالسخط الشعبي في بلدٍ يتعرض من فترةٍ لضغوطاتٍ من الاتحاد الأوروبي.

الصين وعدد سكانها الذي بلغ 1.373 مليار نسمة

أعلن مكتب الإحصاء في الصين أن عدد السكان قد بلغ 1.373 مليار نسمة في تشرين الثاني 2015، حيث ازداد عدد السكان 33.77 مليون منذ الإحصاء الأخير في عام 2010، ويتوقع الخبراء أن يصل عدد سكان الصين إلى الذروة عام 2050 حيث يبلغ 1.45 مليار نسمة في حين يصبح ثلث السكان فوق عمر الـ 60 مع نقصٍ شديدٍ في الأيدي العاملة.

وأعلنت الصين أنها ستخفف من سياسة إنجاب الطفل الواحد التي أطلقت في سبعينيات القرن الماضي وأنها ستسمح بإنجاب طفلين لمحاولة إعادة التوازن بين الأعمار.

عدد السكان في الجزائر يتجاوز الـ 40 مليون نسمة

سجل عدد السكان في الجزائر في كانون الثاني 2016 أربعين مليون نسمة، وقد سجل العام الماضي ارتفاع بعدد المواليد تجاوز المليون مولود للعام الثاني على التوالي، وأفادت السلطات بحسب الديوان الوطني للإحصائيات انه سجل في عام 2015 زيادة 858 ألف شخص من إجمالي عدد السكان وبنسبة نمو طبيعية قدرت ب 2.15 %، وأضافت انه في شهر تموز عام 2015 كان عدد السكان 39.963.000 نسمة، منهم 20.235.000 ذكر و19.728.000 أنثى، وسجل عام 2015 ولادة 104 ذكور لقاء كل 100 أنثى.

وازداد معدل الإنجاب في العام الماضي من ثلاثة أطفالٍ لكل امرأةٍ عام 2014 الى 3.1 عام 2015، الجدير بالذكر أن عدد سكان الجزائر كان بعيد الاستقلال عام 1962 لا يتعدى 9 ملايين نسمة.

في إسبانيا الوفيات تتخطى الولادات

سجل في إسبانيا عام 2015 عدد وفياتٍ أكثر من عدد الولادات للمرة الأولى منذ الأربعينات، وبحسب الأرقام المؤقتة من المعهد الوطني للإحصاءات أن البلاد شهدت 419.109 حالة ولادة عام 2015 مقابل 422.276 وفاة، أي أن عدد الوفيات أكثر بـ 2753 حالة، وأكد المعهد أنها المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الأمر منذ القيام بتجميع بيانات سنوية عام 1946.

ولوحظ تراجع العمر المتوقع من 82.9 عامًا في عام 2014 إلى 82.7، رغم الارتفاع منذ عام 1975.

وقد ازداد متوسط عدد الأطفال في العائلة الإسبانية والذي يعتبر الأقل في أوروبا بشكل بسيط إلى 1.33، وتراجع عدد النساء في سن الإنجاب ما بين 15 و49 عام ليصبح 10.80 ملايين مقابل 10.98 ملايين عام 2014.

وعزا المعهد الوطني للإحصاءات ظهور هذه النتائج إلى انخفاض أعداد الولادات في الثمانينات وقلة عدد المهاجرين إلى البلاد واستمرار الهجرة لخارج البلاد، وارتفع متوسط سن الأمومة الى 31.9 عامًا، وتحتل إسبانيا بعدد سكانها البالغ عددهم 46.5 مليون نسمة المرتبة الخامسة بين دول الاتحاد الأوروبي وفق معطيات موقتة عام 2016، وفي العام 2012 بلغ عدد السكان اعلى المستويات بتعداد 46.8 مليون نسمة.

 قطاع غزة وتوقع زيادة سكانية كبيرة خلال 30 عامًا

قال مسؤولٌ في الأمم المتحدة أنه يتوقع زيادةً في عدد سكان قطاع غزة أكثر من الضعف خلال الـ 30 عامًا المقبلة، وهذا ينذر بحصول مشاكل اقتصادية أكثر خطورة لفلسطينيي القطاع في حال عدم وجود حل للصراع مع إسرائيل.

وقال اندرياس تومسن “من صندوق الأمم المتحدة للسكان” لوكالة رويترز: سيكون من الصعوبة تصور إمكانية تهيئة ظروف ملائمة لنمو اقتصادي يمكنه أن يلبي حاجات هذه الزيادة السكانية، وفي تعليقه على تقريرٍ جديدٍ يدرس التغيرات السكانية وفرص التنمية الاقتصادية في القطاع والضفة الغربية، يتوقع التقرير زيادة عدد السكان في غزة من 2 مليون إلى 4.2 مليون نسمة بحلول عام 2050، ليتجاوز عدد السكان في الضفة الغربية والمتوقع زيادة في عددهم من 2.9 مليون نسمة في الوقت الحالي إلى 4.7 مليون نسمة، وقال تومسن: بحلول العام 2030 سيكون هناك زيادة 1.3 مليون شخص على سكان قطاع غزة الذي تديره حركة حماس وسيكون تلبية احتياجات السكان تحديًا كبيرًا، إن غزة التي شهدت اندلاع حرب بين حماس وإسرائيل عام 2014 تحتاج لبناء الألاف من الوحدات السكنية والمئات من المدارس والمراكز الطبية، ويتابع التقرير: بدون اتفاق سلام مع إسرائيل سيظل الاحتلال و عدم الاستقرار من العقبات الرئيسية في وجه تحقيق مكاسب التنمية بمختلف وجوهها.

وقد أشار البنك الدولي إلى انخفاض المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية بنحو 50 % خلال السنوات الثلاثة الأخيرة ووصفها بأنها توقعات لوضع اقتصادي مقلق، والتوقعات أن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بمعدل 3.5% في السنين المقبلة بحسب وكالة رويترز.

وقال تومسن ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأراضي الفلسطينية: إنه مع معدل بطالة حوالي 43 % في غزة و18 % في الضفة الغربية يتوجب تامين وإتاحة حوالي مليون فرصة عمل جديدة في غزة والضفة الغربية بحلول العام 2030.

ويتعين تامين استثمارات توجه للشباب وللنساء في سوق العمل. وحصول حوار جاد مع إسرائيل والأطراف الدولية الأخرى لرفع الحصار الإسرائيلي بالتدريج.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله