حول ارتفاع الكوليسترول وعلاجه والمعدلات الطبيعية منه

يوصف الكوليسترول بأنه مادة شمعية تتواجد في الدهون، وهي ضرورية لكل جزء من أجزاء الجسم لبناء خلايا جديدة وصحية، ولكن ارتفاع الكوليسترول في الدم يزيد من تراكم الدهون في الشرايين، مما ينذر بحدوث ذبحة قلبية نتيجة انسداد تلك الشرايين.

حيث إنه عندما يعاني الشخص من مستويات مرتفعة من الكوليسترول في جسمه، يؤدي ذلك إلى ترسبات دهنية في الأوعية الدموية، وهذا بدوره يعيق جريان الدم بشكل طبيعي بين الخلايا والقلب الذي يضخ الدم.

بالإضافة إلى إن القلب قد لا يحصل على ما يحتاجه من الدماء المحملة بالأوكسجين وهذا يزيد من خطر الذبحة القلبية. أما في حال لم يحصل الدماغ على ما يحتاجه من الدماء فأن ذلك قد يسبب السكتة الدماغية. وهذا كله بفعل ارتفاع الكوليسترول، وبالتالي ترسب الدهون في الشرايين التي تنقل الدم.

حول ارتفاع الكوليسترول وعلاجه والمعدلات الطبيعية منه

سنتعرف في هذا التقرير إلى أسباب ارتفاع الكوليسترول في الدم وأعراض ذلك بالإضافة إلى العلاج وطرق الوقاية الممكنة.

أعراض ارتفاع الكوليسترول

في الحقيقة الكثيرين يتسألون عن أعراض ارتفاع الكوليسترول في الدم وكيف يمكن لهم معرفة إن كانوا يعانون من مستويات مرتفعة من الكوليسترول. الإجابة على هذا التساؤل تكمن في إنه لا يوجد أية أعراض تظهر على من يعانون من ارتفاع الكوليسترول في أجسامهم. وإنما الطريقة الوحيدة التي يمكن عبرها التحقق من الكوليسترول هي عبر تحليل الدم والفحص المخبري.

وإنما السؤال يكمن في إنه متى نلجأ إلى تحليل الدم، من الأفضل الاستفسار من الطبيب عن هذا السؤال لأنه تختلف الإجابة من شخص لأخر وبناءً على عدة عوامل منها العمر وأي حالة مرضية أو مشاكل صحية يعاني منها الشخص. في الحالات الطبيعية ينصح الأطباء بإجراء اختبار تحليل الدم للكوليسترول كل خمسة سنوات.

وفي حال كان الشخص يملك مستوى من الكوليسترول في الدم غير طبيعي فأنه ينصح الطبيب المريض بإجراء تحليل الدم في فترات متقاربة أكثر من ذلك. كذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الذين لديهم في عوائلهم حالات مرضية على صلة بارتفاع الكوليسترول، والمدخنين ومرضى السكري ومرضى ضغط الدم، حيث ينصح هؤلاء الأشخاص بأجراء اختبار الدم للكوليسترول أكثر من غيرهم وعلى فترات متقاربة.

الأسباب

يقترن وجود الكوليسترول في الدم بالبروتين، وبالتالي هذا الخليط من البروتين والكوليسترول يسمى البروتينات الدهنية، ويتواجد من البروتينات الدهنية نوعين، الاختلافات بينهما بناءً على نوع الكوليسترول الموجود فيها، وهي

  • البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (LDL) ويعرف هذا النوع أيضًا بالكوليسترول الضار، حيث يتوزع الكوليسترول بواسطة هذا النوع إلى جميع أنحاء الجسم عبر الأوعية الدموية متراكمًا على جدران هذه الأوعية مسببًا لها الضيق، وبالتالي صعوبة نقل الدم عبرها.
  • النوع الثاني هو البروتينات الدهنية عالية الكثافة (HDL) وهو الكوليسترول الغير ضار والذي يساعد الجسم في التخلص من الكوليسترول الفائض وينقله إلى الكبد.

وعند الحديث عن ارتفاع الكوليسترول فأن المقصود هو ارتفاع مستوى الكوليسترول الضار (LDL) وانخفاض مستوى الكوليسترول الغير ضار (HDL)، هناك عدة عوامل تتسبب بهذا الشكل من التغييرات في الجسم، منها قلة الحركة والنشاط البدني والسمنة المفرطة والروتين الغذائي الغير صحي الذي يحتوي على كميات عالية من الدسم، بالإضافة إلى العوامل الوراثية أحيانًا التي تلعب دور لدى بعض الأشخاص في ارتفاع مستوى الكوليسترول.

حول ارتفاع الكوليسترول وعلاجه والمعدلات الطبيعية منه

أما بالنسبة للعوامل التي من الممكن أن تزيد من احتمالية ارتفاع الكوليسترول في الدم فهي التالي:

  • مرضى السكري، ارتفاع السكر في الدم يؤدي إلى ارتفاع مستوى الكوليسترول الضار وانخفاض مستوى الغير ضار، فضلًا عن إن السكر يسبب الكثير من الضرر لبطانة الأوعية الدموية.
  • النظام الغذائي من أهم العوامل التي تساهم في زيادة الكوليسترول فالأطعمة الدسمة مثل اللحوم والأطعمة المشبعة بالدهون المهدرجة مثل الأطعمة المصنعة والمعلبة والحلويات والمقرمشات كلها تؤدي لارتفاع الكوليسترول.
  • البدانة، فالأشخاص الذين يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة لارتفاع الكوليسترول من غيرهم، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يعانون من تراكم الدهون في منطقة البطن والخصر عمومًا.
  • الأشخاص الذين يمارسون الرياضة يكون لديهم معدلات أعلى من الكوليسترول الجيد أو الغير ضار وأقل من الكوليسترول الضار.
  • التدخين يسبب الكثير من الأضرار لجدران الأوعية الدموية المسؤولة عن نقل الدم إلى أجزاء الجسم المختلفة ومنها إلى القلب، ويجعل تلك الأوعية أكثر قابلية لتراكم الدهون فيها وهذا يؤدي إلى ارتفاع الكوليسترول في الدم.

المضاعفات

عدة مشاكل يمكن أن تظهر على من يعانون من ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، منها تصلب الشرايين بالإضافة إلى تراكم الدهون في الأوعية الدموية، وبالتالي عدم وصول الكميات الكافية من الدماء إلى أجزاء الجسم المختلفة، وهذا بدوره قد يؤدي إلى

  • آلام صدرية نتيجة الأضرار التي قد تلحق بالأوعية الدموية التي تصل بالدم إلى القلب، وقد يصل الأمر حد مرض الشريان التاجي.
  • الذبحة القلبية حيث إن الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول في الجسم يكون معرضين أكثر من غيرهم للذبحة القلبية، نتيجة تراكم الدهون في الأوعية والشرايين وهذا قد يعيق وصول الدم إلى القلب بالتالي تحصل الذبحة القلبية.
  • السكتة الدماغية أيضًا من مضاعفات ارتفاع الكوليسترول في الدم، وهي شبيهة إلى حد ما بالذبحة القلبية، حيث إنه نتيجة تراكم الدهون في الأوعية التي تنقل الدم إلى الدماغ يمنع هذا وصول ما يكفي من الدم إلى الدماغ، وبالتالي تحصل السكتة الدماغية.

التشخيص

حول ارتفاع الكوليسترول وعلاجه والمعدلات الطبيعية منه

كما ذكرنا فأن تحليل الدم هو الطريقة الوحيدة لمعرفة مستوى الكوليسترول ولا تظهر على من يعاني من ارتفاعه أي أعراض يمكن ملاحظتها دون اختبار الدم. أما المستويات الطبيعية التي يجب أن يكون عليها الكوليسترول سنتعرف عليها هنا. ولكن أولًا لنعرف ما هي الوحدات المستخدمة في قياس الكوليسترول.

هناك وحدتي قياس يتم استخدامهما في العالم لقياس مستوى الكوليسترول، الوحدة الأولى هي “الميلغرام” (Mg) لكل ديسلتر (DL) من الدم، وهذه الوحدة تستخدم في أمريكا وبعض الدول الأوربية والدول العربية. أما وحدة القياس الثانية فهي “الميليمولز” (mmol) لكل لتر من الدم وتستخدم في كندا ومعظم الدول الأوربية.

وبالتالي تكون المستويات الطبيعية للكوليسترول في الدم كما التالي:

  • بالنسبة لمستوى الكوليسترول الكلي فأن الحد الطبيعي والذي يجب أن يكون عليه هو تحت 200 ميليغرام/dL.
  • أما الحد الأعلى منه فيجب ألا يزيد عن 200 – 239 ميليغرام/dL.
  • وفي حال كانت الزيادة منه فوق 240 ميليغرام/dL فأن ذلك يعني إن الشخص يعاني من ارتفاع الكوليسترول في الدم.

اكتفينا هنا بذكر المعدلات الطبيعية للكوليسترول الكلي على وحدة القياس المستخدمة في الدول العربية وهي الميليغرام، في حين تختلف هذه المعدلات على الوحدة الأخرى والتي لا تستخدم في دولنا وبالتالي لا داعي لذكرها.

وفي التحاليل المخبرية التي تجرى تظهر تفاصيل كاملة عن معدل الكوليسترول الكلي في الجسم وأنواع الكوليسترول الأخرى وهي الضار والغير ضار ومعدلات كل منها في الدم.

أما فيما يخص الأطفال، فينصح عادةً بإجراء اختبار لمستوى الكوليسترول في الدم بين عمر 9 إلى 11 عام، ثم اختبار أخر بين عمر 17 حتى 21 عام، أما الاختبارات التي تجري بين عمر 12 إلى 16 عام فلا يؤخذ بنتائجها عادة؛ لأن مستويات الكوليسترول في هذه الفترة من العمر لا تكون واضحة في الاختبارات وعلى الأغلب تظهر نتائج غير صحيحة، لذلك لا ينصح باختبار الكوليسترول في هذه المرحلة.

العلاج

علاج ارتفاع الكوليسترول يعتمد بشكل رئيسي على نمط الحياة المتبع من قبل الشخص والروتين الغذائي عمومًا، بالإضافة إلى التمارين الرياضية التي ينصح بها كعلاج لارتفاع الكوليسترول.

التغييرات في نمط الحياة تشمل ممارسة الرياضة والتقليل من الأطعمة الدسمة وتلك التي تحتوي على أي من الدهون بالإضافة إلى تجنب التدخين. أما في حال لم تنفع مثل هذه التغيرات في الحد من ارتفاع الكوليسترول فيمكن اللجوء إلى الأدوية الطبية التي يحددها الطبيب.

الأدوية التي يمكن أن توصف لخفض مستوى الكوليسترول تختلف بناءً على عدة عوامل منها مستوى الكوليسترول في الجسم والعمر وأي اضطرابات صحية أخرى يعاني منها الشخص، وهذه قائمة الأدوية الشائعة التي تستخدم لمرضى ارتفاع الكوليسترول:

  • مثبطات الكوليسترول: ويقوم مبدأ عملها على تخفيض قدرة الأمعاء على امتصاص الكوليسترول إلى الحد الأدنى، وبالتالي تقل كمية الكوليسترول التي تمتصها الأمعاء من الغذاء وتطرحها في الجسم.
  • عقاقير مخفضات الكوليسترول، هذه الأدوية تحد من قدرة الكبد على إنتاج الكوليسترول وبالتالي يقوم الكبد بامتصاص الكوليسترول اللازم من الدم، وكذلك من الممكن أن تساعد هذه الأدوية على إعادة امتصاص الكوليسترول الذي يتراكم على جدران الأوعية الدموية.
  • أدوية الحمض الصفراوي، هذه الأدوية تمنع الكبد من إنتاج الكوليسترول والذي يستخدمه لإنتاج الحمض الصفراوي اللازم لعملية الهضم، وعلى أثر ذلك يقوم الكبد بامتصاص الكوليسترول الموجود في الدم لإنتاج الحمض الصفراوي. حيث يقوم الكبد بامتصاص الكوليسترول الفائض في الجسم لإنتاج الحمض الصفراوي اللازم لعملية الهضم.
  • الحقن وهي شكل جديد من أدوية علاج ارتفاع الكوليسترول، وتستخدم في الغالب للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول لأسباب وراثية. ويعتمد هذا الشكل من الأدوية على تحفيز الكبد لامتصاص المزيد من الكوليسترول من الدم.

الوقاية

كما أشرنا فأن نمط الحياة عمومًا هو أحد أكثر الأمور التي تؤثر على مستويات الكوليسترول في الجسم، لذلك وفي سبيل الوقاية من ارتفاعه من الضروري اتباع نمط صحي وتجنب العادات المضرة من تدخين وأطعمة غير صحية كالوجبات السريعة والأطعمة المعلبة التي تكون مشبعة بالدهون المهدرجة.

في مقابل ذلك ينصح بالتركيز على الفواكه والخضار وكل ما هو طبيعي، والحرص على تواجد العناصر الغذائية الضرورية في نظامنا الغذائي من ألياف وفيتامينات مختلفة وبروتين.

التمارين الرياضية أيضًا ضرورية وخاصة لمن تخلو حياتهم من الأنشطة البدنية أو أي أعمال تتطلب جهد بدني، لأن قلة النشاط والحركة تساهم في تراكم المزيد من الدهون والكوليسترول في الجسم.

من الوسائل الأخرى التي ينصح بها الأطباء عادة للوقاية من ارتفاع الكوليسترول هو تخفيض الوزن لمن يعانون من الوزن الزائد في أجسامهم، وتجنب القلق والتوتر قد الإمكان والحد من إفراز الكورتيزول في الجسم.

هذه كانت أهم الطرق التي يمكن اتباعها للوقاية من ارتفاع الكوليسترول والمحافظة على مستوياته الطبيعية. وبذلك نكون تعرفنا إلى كل ما قد يلزمنا معرفته عن الكوليسترول وارتفاع مستوياته في الجسم، إضافة إلى المستويات الطبيعية منه والأدوية التي تستخدم لعلاج ارتفاعه.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله