جزيرة جرينلاند … موقعها وأهميتها ولماذا ترغب الولايات المتحدة في شراءها

لم تكن جزيرة جرينلاند مركز اهتمام وسائل الإعلام أبدًا، لكنها ظهرت في العام الماضي على الصفحات الأولى للصحف في جميع أنحاء العالم.

حدث ذلك بعد أن أكد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب التقارير الإخبارية التي قال فيها إنه يريد من حكومته شراء الجزيرة القطبية الشمالية الشاسعة التي تتبع لدنمارك.

ردت الحكومة الدنماركية على الفور بأن جزيرة جرينلاند ليست للبيع، مما تسبب في نزاع دبلوماسي. حيث وصف رئيس الوزراء الدنماركي “ميت فريدريكسن” رغبة ترامب بأنها “سخيفة”، فرد عليه الرئيس الأمريكي وقال إن تعليقاته كانت “مثيرة للاشمئزاز”.

بعد فترة من حدوث ذلك، حسم الجانبان خلافاتهما، وأعلنت الولايات المتحدة سياسة مختلفة لزيادة وجودها ونفوذها في جرينلاند، وقالت إنها ستفتح قنصلية في وقت لاحق من هذا العام.

جزيرة جرينلاند

ما سبب رغبة الأمريكيين في السيطرة على جرينلاند

تملك الولايات المتحدة منشأة عسكرية في شمال غرينلاند هي “قاعدة ثول الجوية”. ومؤخرا، أصبحت الصين مهتمة بإقامة علاقات اقتصادية أوثق مع جرينلاند.

فيما يلي الأسباب التي تجعل غرينلاند جذابة للولايات المتحدة والصين:

  • جرينلاند هي أرض شاسعة جدا، إنها أكبر جزيرة في العالم إذا اعتبرت أستراليا قارة.
  • تقع بشكل رئيسي ضمن الدائرة القطبية الشمالية، وحوالي ثلاثة أرباع أراضيها مغطاة بشكل دائم بطبقة من الجليد.
  • يبلغ عدد سكانها حوالي 56 ألف نسمة فقط، لذا تعتبر الدولة أو المنطقة الأقل كثافة سكانية على الأرض.
  • يعيش ثلث سكانها في العاصمة نوك، ولا توجد طرق إلى المدن الأخرى التي تقع على الساحل. بدلاً من ذلك، يجب عليك أن تطير أو تستقل قاربًا، وهو أمر غير ممكن غالبًا خلال فصل الشتاء.

تبعية جرينلاند للدنمارك

جرينلاند هي إقليم مستقل يتبع لدولة الدنمارك منذ عام 1814، لهذا الإقليم برلمانه الخاص الذي ينظم الشؤون الداخلية. في حين أن البرلمان الدنماركي الموجود في كوبنهاغن والذي يضم ممثلين عن إقليم جرينلاند هو المسؤول عن الشؤون الدولية.

اقتصاد جزيرة جرينلاند

يعتمد اقتصاد جرينلاند حاليًا على شيئين: الصيد، الذي يمثل 95٪ من صادراتها، والمنحة السنوية التي تقدمها الحكومة الدنماركية. يبلغ إجمالي هذه المنحة حوالي 3.9 مليار كرونة دانمركية (أي ما يعادل 600 مليون دولار أمريكي)، وهي توفر أكثر من نصف الميزانية السنوية لحكومة جرينلاند.

تمتلك جرينلاند بعض أكثر الرواسب الأرضية النادرة، مثل النيوديميوم والبراسيوديميوم والديسبروسيوم والتيربيوم. والتي يتم استخدامها بشكل متزايد في تصنيع الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والسيارات الكهربائية.

يسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة على الأرض في تسهيل استخراج هذه المعادن والتنقل عبر المحيط المتجمد الشمالي المحيط بها، إما على متن سفينة شحن أو على متن سفين عسكرية.

يقول عالم الجيولوجيا الدنماركي مينك روسنج Minik Rosing أن جرينلاند تملك العديد من الكنوز تحت سطحها. ويضيف قائلًا: “هناك أيضا خامات حديد، كما يوجد منجم ياقوت وذهب وبلاتين”. إن وتغير المناخ يجعل التنقل أسهل بكثير”.

استراتيجيا، تقع جزيرة غرينلاند بين أمريكا الشمالية وأوروبا وروسيا.

ومع ذلك، يحذر روسنج من أن الشتاء القطبي الشمالي الطويل لا يزال يحد بشدة من نشاط التعدين في جرينلاند، فلا يمكن لأي شركة العمل في منجم لمدة 12 شهرًا في السنة، يمكن العمل فقط لمدة ثلاثة أشهر في السنة أو نحو ذلك.

هذا يعني أن أي استثمار تقوم به الدول في مناجم جرينلاند سيكون متوقفا لشهور عديدة، وهذا سيجعل الأمور صعبة. هذا يعني أننا سنحتاج إلى حوالي 50 عامًا قبل للاستفادة من أي منجم بالكامل.

لذلك، وبدلًا من الأسباب الاقتصادية، يعتقد روسنج أن الولايات المتحدة تنظر إلى جرينلاند بسبب أهميتها الاستراتيجية المتزايدة وموقعها أكثر من أهميتها الاقتصادية.

ويضيف: “أعتقد أن مصلحة الولايات المتحدة لها أسباب إستراتيجية، هم يريدون فقط أن يكونوا هناك، فيما تلعب المعادن دورًا ثانويًا في ذلك”.

ما هو موقف سكان الجزيرة؟

بينما رفضت الحكومة الدنماركية التعليق على موضوع افتتاح قنصلية أمريكية في جزيرة جرينلاند، قالت عضو البرلمان الدنماركي “سورين إسبرسن” إنها تشعر بالقلق من أن القنصلية الأمريكية في جرينلاند تزيد من دعوات الاستقلال في تلك المنطقة.

ففي الوقت الحالي، ما تزال الاستطلاعات حول هذا موضوع الاستقلال غير حاسمة، حيث يشير البعض إلى أن ما يصل إلى 64 ٪ من سكان الجزيرة يريدون أن تنفصل البلاد عن الدنمارك، بينما تشير استطلاعات أخرى إلى أن 38 ٪ فقط من السكان يدعمون فكرة الاستقلال.

تقول إسبرسن أن الأميركيين يزيدون من رغبة سكان جرينلاند في الاستقلال عن الدنمارك. وإنها تريد أن ترى المزيد من مشاركة الحكومة الدنماركية مع شؤون جرينلاند. وتأمل في أن تبذل الحكومة الدنماركية المزيد للحفاظ على جرينلاند كجزء من الدنمارك وأن يكون الدنماركيون أكثر جدية.

لا تريد إسبرسن أيضًا رؤية الصين تزيد من نفوذها أو وجودها في جرينلاند. ويبدو أن الحكومة الدنماركية توافقها في ذلك، ففي عام 2017، وافقت الحكومة على بناء مطارين جديدين في جرينلاند ولم تلجأ لأي شركة صينية.

تقول “آيا كيمنتس لارسن” هي أحد ممثلي جزيرة جرينلاند في البرلمان الدنماركي في كوبنهاغن. وهي من حزب يدعم استقلال الجزيرة عن الدنمارك: “من الجيد أن يكون هناك تعاون جيد مع الأمريكيين لكنها قلقة من أن الوجود الأمريكي يمكن أن يصبح مهيمنًا للغاية”.

وتضيف: “لا أعتقد أننا يجب أن نبيع أنفسنا لأولئك الذين يدفعون أكثر، سواء كانت الولايات المتحدة أو الصين، للخروج من الوحدة مع المملكة الدنماركية. هذا لا يعتبر استقلالًا”.

يوافق الاقتصادي الدنماركي “أوفي بالودان” على أن سكان جزيرة جرينلاند يجب أن يكونوا قلقين بشأن السماح بالكثير من الاستثمارات الأمريكية أو الصينية في بلادهم. وحذر من أن ذلك سيكون له تأثير كبير مزعزع للاستقرار على مجتمع جرينلاند.

معلومات عن جزيرة جرينلاند

إنها أكبر جزيرة على كوكب الأرض، 80٪ من سطحها مغطى بطبقة جليدية يمكن أن يصل سمكها في بعض الأماكن إلى ثلاث كيلومترات. إذا ذابت الكتل الجليدية فيها، سيرتفع مستوى المحيطات بشكل مثير للقلق. على الرغم من أن ذلك سيسمح باستغلال النفط والمعادن والعناصر النادرة التي تحتاجها الدول العظمى في صناعاتها الاستراتيجية.

جرينلاند هي منطقة بعيد ونائية للغاية. يمكن العيش فيها فقط من خلال الاعتماد على البنوك. فلا توجد فيها طرق ولا أشجار ولا خراف ولا أبقار ولا قطط. الكلاب موجودة ولكن ليست كحيوانات أليفة، فهي حيوانات عاملة، لكن حاليا، يتم استبدال زلاجات الكلاب بزلاجات آلية.

المدن والكثافة السكانية

العاصمة هي مدينة نوك، ولا يوجد سوى أربع أو خمس مدن أخرى، وكل منها يبلغ عدد السكان فيها أقل من 5 آلاف نسمة، بالإضافة إلى عشرات البلدات ومئات المستوطنات. في المجموع، لا يتعدى عدد سكان الجزيرة 60 ألف نسمة. الأمر الذي يجعل استقلالها عن الدنمارك الذي تدعو إليه بعض الأحزاب المحلية غير عملي.

متى أصبحت جرينلاند تابعة للدنمارك؟

خلال الفترة الزمنية 1728 – 1953، كانت جرينلاند مستعمرة دنماركية. وفي عام 1979، حصلت على مخطط عام للحكم الذاتي، والذي تم توسيع صلاحياته في عام 2009، الآن تعتمد الجزيرة على الدنمارك في الشؤون العسكرية والسياسة الخارجية والمسائل الاقتصادية فقط، وتعد الأموال التي تتلقاها من مملكة الدنمارك مصدر دخل حيوي، وهو يعادل الأرباح التي يجنيها السكان من صيد الروبيان أو سمك الهلبوت.

بصرف النظر عن برلمانهم الإقليمي في مدينة نوك، لدى الجزيرة ممثلان في البرلمان الدنماركي. ويزداد استخدام اللغة الدنماركية بشكل متزايد على حساب اللغة الغرينلاندية،

يحتاج أي شخص إلى قضاء أكثر من أربع ساعات في الطائرة للوصول من كوبنهاغن إلى مطار كانجيرلوسواك، والذي يعتبر أكبر مطار في الجزيرة.

تقوم شركة طيران جرينلاند برحلات مباشرة من كوبنهاغن. تبلغ تكلفة رحلة الذهاب والعودة حوالي 690 يورو، وتستغرق الرحلة أربع ساعات وعشرين دقيقة.

المصادر

bbc.com

elpais.com

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله