مفهوم التسويق الأخضر والأنشطة التسويقية الخضراء (دليل كامل)

إذا أردنا التعرف إلى مفهوم التسويق الأخضر بشكل سريع فإنه يشير إلى العمليات والأنشطة التجارية التي تشتمل على بيع وشراء الخدمات أو المنتجات الصديقة للبيئة، أو تلك التي لا يشكل تصنيعها واستخدامها أية أثار سلبية أو أضرار على البيئة، أي تم إنتاجها وصناعتها بطريقة نظيفة دون إلحاق أية أضرار أو تلوث في البيئة المحيطة.

وبالتالي المجالات التي يتم فيها الاعتماد على التسويق الأخضر عادة ما تكون صناعات مستدامة وإعادة تدوير، لا تحتوي الصناعة ولا ينتج عن عملية التصنيع أية مواد سامة أو ملوثة للبيئة، يمكن إعادة صناعتها بعد الاستخدام، ومصنعة من مواد طبيعية وقابلة للتدوير.

تاريخ التسويق الأخضر

منذ منتصف القرن العشرين تقريبًا بدأت المجتمعات العلمية والأوساط الأكاديمية تبدي قلقًا متزايدًا تجاه التلوث الذي يلحق بالبيئة نتيجة الممارسات البشرية، مثل المخلفات الصناعية وقطع الأشجار والتلوث البيئي والإفراط في استهلاك مصادر الطاقة وغير ذلك من الممارسات التي تلحق الأذى بالبيئة والطبيعة من حولنا.

مفهوم التسويق الأخضر

وبدأ القلق من هذه الممارسات يتزايد شيئًا فشيئًا مع التقدم العلمي والتكنلوجي وتزايد التحذيرات من التدهور الذي تشهده البيئة وما ينتج عن ذلك من تغير مناخي وبيئي وانحسار المساحات الخضراء والتلف الذي لحق بطبقة الأوزون وتلوث الهواء وذوبان الجليد.

مع بروز هذه القضايا إلى السطح بدأت تظهر الدعوات إلى اتخاذ إجراءات جادة في سبيل الحد من الأضرار التي تلحق بالبيئة نتيجة الممارسات البشرية هذه، ومن ثم بدأت تتكاتف الجهود لنشر الوعي بالمخاطر التي تلحق بالبيئة وما يجب علينا فعله للحفاظ على الكوكب الذي نقطنه.

ولم يكن التسويق بمنأى عن هذه الجهود، إذ مع ثمانيات القرن الماضي ظهر مصطلح التسويق الأخضر، وبدأت الفعاليات التجارية تسعى لبذل جهود في سبيل الحفاظ على البيئة، ليشهد العالم في عام 1987 ظهور أول كتاب عن التسويق الأخضر بعنوان “التسويق الإيكولوجي”.

ومنذ ذلك الحين بدأ يستخدم هذا المفهوم للإشارة إلى أنشطة الفعاليات التجارية والخدمية والصناعية التي تأخذ في حسبانها المحافظة على البيئة والحد من إلحاق الأضرار بها من جراء صناعتها وأنشطتها التجارية.

التسويق الأخضر

ويعرف أيضًا باسم التسويق البيئي أو الـ Eco-Marketing ويسميه البعض الآخر بالتسويق المستدام، والذي يركز على ممارسة الأنشطة التجارية بما يحقق النفع للبيئة، وتجنب إلحاق الأضرار بها نتيجة المنتجات أو الخدمات التي يجري التسويق والترويج لها.

إذ من شأن الجهات من مؤسسات وشركات التي تعتمد على التسويق الأخضر أن تأخذ على عاتقها مسؤوليتها الإنسانية والاجتماعية تجاه البيئة، بحيث تفعل كل ما بوسعها من جهود للحد من الإضرار بالبيئة وضمان أن تكون صناعتها نظيفة وصديقة للبيئة سواء كانت تقدم منتجات صناعية أو خدمات أو مواد أولية لصناعات أخرى.

مفهوم التسويق الأخضر والأنشطة التسويقية الخضراء (دليل كامل)

وعادة ما تتصف منتجات من هذا النوع بالعديد من الصفات مثل:

  • تتم الصناعة بطرق مستدامة.
  • تجنب الانبعاثات الكربونية وكل ما يمكن أن يسبب الضرر للبيئة.
  • تجنب تلويث المياه، وإلقاء المخلفات فيها.
  • الاهتمام بإعادة التدوير سواء استخدام مواد أولية معاد تدويرها أو تكون المنتجات قابلة لإعادة التدوير.
  • ضمان تعبئة وتغليف صديق للبيئة.
  • الحد من استخدام المواد البلاستيكية أو تجنبها بشكل كلي.
  • يتم تصميم المنتجات بحيث تكون قابلة للتجديد والإصلاح وليس رميها بمجرد تلفها.

أضف إلى ذلك أن التسويق الأخضر يعتني بكل جوانب الصناعة أو النشاط التجاري ولا يقتصر على مجرد استخدام مواد أولية معاد تدويرها وإنتاج منتجات صديقة للبيئة. بل يشمل مراحل الصناعة والتعبئة والتغليف والتسويق والإعلان والترويج وحتى العلاقات العامة.

إذ يأخذ على عاتقه هذا النوع من التسويق توجيه كل الأنشطة واستراتيجيات التسويق للمؤسسة نحو هدف واحد هو خدمة البيئة والمحافظة عليها، وبالتأكيد إلى جانب الربح.

وعلى العكس مما هو شائع لا يعتني التسويق بهذا الشكل على صناعة منتجات صديقة للبيئة فقط، بل كذلك يركز على كيفية التسويق لهذه المنتجات وبيعها، كيفية إقناع المستهلكين باستخدام هذا النوع من المنتجات والعدول عن المنتجات الأخرى التي قد تضر بالبيئة أو مصنعة بطرق مضرة.

الأمر الذي أدى لظهور مفاهيم فرعية رديفة للتسويق الأخضر مثل

المستهلك الأخضر

وهو المستهلك أو الزبون أو أي شخص يمتلك وعي بالمفاهيم البيئية ولديه اطلاع كاف على المخاطر المتعلقة بالبيئة والأضرار التي تلحق بها جراء عدم اتباع مسارات الصناعة النظيفة والمستدامة والصديقة للبيئة.

المستهلك الأخضر يصر على استخدام المنتجات الصديقة للبيئة وتلك المصنعة بطرق صديقة للبيئة، ويتجنب التعامل أو استخدام منتجات أية شركات لا تتبع نهج الحفاظ على البيئة ولا تأخذ على عاتقها مسؤوليتها الاجتماعية والإنسانية والبيئية في الحفاظ على الوسط الطبيعي الذي نعيش فيه.

باختصار فأن المستهلكون من هذه الفئة لديهم مبادئهم وقيمهم المتمسكون بها فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة واتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع من استخدام منتجات صحية ودعم الجهات التي تتولى مسؤولية الحفاظ على البيئة كذلك.

المنتج الأخضر

المنتج الأخضر أيضًا واحد من المفاهيم التي تستخدم كرديف مع التسويق الأخضر، وتعرف المنتجات من هذا النوع بأنه ما يتم إنتاجه بطرق صديقة للبيئة بحيث لا يصدر عن عملية الإنتاج أي مواد أو أنشطة أو ممارسات قد تضر بالبيئة، كذلك يجب أن يكون هذا المنتج مصنع من مواد أولية صديقة للبيئة قابلة للتحلل ذاتيًا بمرور الوقت، بحيث لا تسبب أية أضرار بعد استخدامها ورميها مثلًا.

في الحقيقة هناك العديد من الصفات والخصائص التي يجب أن يتمتع بها منتج ما حتى نستطيع القول عنه بأنه منتج أخضر، مثلًا يجب ضمان أن هذا المنتج طيلة فترة استخدامه ومهما طالت لا يجب أن يسبب أو يلحق أضرار بالبيئة، بعد انتهاء صلاحية استخدامه كذلك وطريقة تحلله لاحقًا وأسلوب التغليف، كل ذلك يجب أن يتم أخذه بالحسبان حتى يكون ضمن الشروط البيئية السليمة.

الإعلان الأخضر

أما الإعلان الأخضر فهو ذلك النوع من الأنشطة التسويقية والترويجية التي تركز في مضمونها على نشر مبادئ الحفاظ على البيئة والتشجيع على استخدام المنتجات الصديقة للبيئة، تهدف الشركات التي تستخدم الإعلانات الخضراء إلى توصيل رسائل تسويقية مهمة عن فلسفتها البيئية وسعيها الدؤوب للحفاظ على البيئة وكيفية الدمج بين أهدافها التجارية ومبادئها في الحفاظ على البيئة.

أيضًا للإعلانات الخضراء صفات وخصائص خاصة بها مثلما الأمر مع المنتجات الخضراء والمستهلكين كذلك، فالإعلان الأخضر من شأنه أن يركز على العوامل الصحية النظيفة والصديقة للبيئة وتشجيع المستهلكين على تبني القيم التي تؤكد ذلك، بالإضافة إلى نشر التوعية بالمخاطر المحدقة بالبيئة من حولنا وكيفية الحد منها.

أبعاد التسويق الأخضر

يعتمد التسويق من هذا النوع على مبادئ رئيسية لا يحيد عنها في أي من الأنشطة التسويقية التي يمكن أن تقع تحت عنوان التسويق الأخضر تتمثل هذه المبادئ في التالي:

مفهوم التسويق الأخضر والأنشطة التسويقية الخضراء (دليل كامل)

  1. التقليل من النفايات، وفي سبيل ذلك تركز جهود التسويق الأخضر على استخدام المواد الأولية الطبيعية ذاتية التحلل، بحيث عند انتهاء صلاحية المنتج يتم تحلله بشكل طبيعي ودون الحاجة لبقائه على شكل نفايات، أيضًا في سبيل ذلك يشجع هذا التسويق على تصميم واستخدام المنتجات القابلة لإعادة التدوير وتلك التي يمكن إصلاحها وصيانتها وليس رميها كنفايات بمجرد تعطلها.
  2. المبدأ الثاني يرتكز على تصميم المنتجات التي يمكن استخدامها لفترات طويلة (المعمرة)، بحيث يساهم ذلك في التقليل من الاستخدام المفرط للمنتجات، والاعتماد على المنتجات ذاتها لفترات طويلة بالإضافة إلى أهمية إعادة التدوير والصيانة كما ذكرنا في البعد الأول.
  3. المبدأ الثالث يركز على التسعير، وهذا يعني أن المستهلك يجب أن يدفع السعر الذي يقابل المنتج وقيمته الحقيقة بصفته منتج أخضر، وبالتالي السعر يساوي القيمة التي قدمها هذا المنتج للمستهلك.
  4. المبدأ الرابع والأخير هو جعل التسويق الأخضر نموذج تجاري للمؤسسة أو الشركة، بحيث استخدام المزايا الخضراء في المنتجات وتوجه الشركة كميزة تنافسية في السوق والتشجيع على تبني هذا التوجه.

هذه هي المبادئ الأربعة الرئيسية التي يجب أن يرتكز عليها أي جهد تسويقي يدخل ضمن نطاق التسويق الأخضر.

المزيج التسويقي الأخضر

من يملك خلفية معرفية جيدة في التسويق بشكل عام يعرف ما الذي نقصده عندما نقول المزيج التسويقي، إذ أن التسويق بشكل عام يعتمد على عناصر رئيسية أي كان نوع أو شكل أو نمط الأنشطة التسويقية التي يقوم بها، يمكنك التعرف للمزيد عن المزيج التسويقي من مقالنا هنا.

التسويق الأخضر يمتلك مزيج خاص به يختلف بشكل ما عن ذلك النوع من المزيج في التسويق العادي، وينقسم المزيج التسويقي الأخضر نوعين الداخلي والخارجي

المزيج التسويقي الخارجي

المستهلكون الخضر

وهم الزبائن والعملاء الذين يكونون مقتنعون بتوجهات الشركة أو المؤسسة في حماية البيئة والحفاظ عليها من خلال المنتجات الخضراء الصديقة للبيئة.

الموردون

ويقصد بهم الفئة التي تأخذ على عاتقها تأمين المستلزمات لصناعة منتجات ومواد صديقة للبيئة، أي هم الفئة التي تأخذ على عاتقها الأمور اللوجستية في التسويق الأخضر.

السياسيون

وهم أصحاب القرار والجهات الحكومية التي يمكن لها أن تتبنى توجهات التسويق الأخضر للحفاظ على البيئة، بالتالي تصدر القرارات التي تتسق مع التوجه هذا.

جماعات الضغط

تشمل هذه الفئة ممثلو المجتمع المدني والمنظمات والهيئات التي تؤمن بالفكر الأخضر، وتمارس نفوذها في سبيل التشجيع على السلوك الأخضر.

المشاكل والقضايا

ويعني نشر الوعي بالقضايا البيئية والمخاطر والأضرار التي تلحق بالبيئة، وذلك من خلال الإعلانات الخضراء والرسائل التسويقية، ومن ثم ربط تلك القضايا بجهود المؤسسات.

التوقعات المستقبلية

ويعني القدرة على توقع أية مشاكل قد تواجه المؤسسة في توجهها نحو التسويق الأخضر، ووضع الخطط للتعامل مع المشكلات المتوقعة تلك.

الشركاء

استغلال الشركات والعلاقات العامة للمنظمة للتعزيز من توجه المجتمع والشركاء كذلك نحو الجهود التسويقية الخضراء.

أما عناصر المزيج التسويقي الداخلي

وتشمل ثمانية عناصر هي

المنتج

ويشمل توفير المنتجات الخضراء التي لا تسبب أي ضرر بالبيئة، وذلك في جميع مراحل حياة المنتج مثل المواد الأولية ومن اللحظة الأولى في التصنيع وحتى انتهاء صلاحية المنتج، يجب أن يكون بكل هذه المراحل منتج صديق للبيئة.

السعر

تسعير المنتجات بما يناسب المنتج والقيمة التي يقدمها هذا المنتج للمستهلك، مع الأخذ بالاعتبار أن المنتج أخضر وقد يتطلب مزيد من النفقات.

المكان

ويعني ترويج المنتجات الخضراء في الأماكن المناسبة والتي يمكن فيها التواصل والتفاعل مع المستهلكين الخضر. كذلك يجب تصنيع المنتجات في أماكن يمكن فيها العثور على مواد أولية طبيعية مناسبة لصناعة منتجات خضراء ولا تلحق الضرر بالبيئة.

الترويج

يعني الإعلان الأخضر كما ذكرنا أعلاه، أي الترويج للمنتجات بالطريقة التي تتلاءم مع التوجه العام للتسويق الأخضر ككل، ونشر الوعي بمفاهيم الحفاظ على البيئة واستخدام منتجات صديقة للبيئة.

المتابعة

ويعني متايعة جهود المؤسسة أو الشركة وأنشطتها وضمان التزامها بالنسق العام للتسويق الأخضر، من حيث تصنيع المنتجات وترويجها واستخدامها لاحقًا من قبل العملاء.

العمليات

شبيهة بالعنصر السابق ولكن هنا يتم التركيز على العمليات المتعلقة بالتصنيع والتشغيل ومخلفات عملية التصنيع والطاقة المستخدمة.

السياسات

يعني تبني السياسات التي من شأنها نشر الوعي البيئي على صعيد الأفراد والمؤسسات وتشجيع هذه السياسات.

 العنصر البشري

استقطاب الكفاءات البشرية المعروفة بتوجهها البيئي الإيجابي، بالإضافة إلى تثقيف الكوادر البشرية ضمن المؤسسة بمفاهيم حماية البيئة والحفاظ عليها لتشجيعهم على الالتزام بسياسة المؤسسة.

لنكون بذلك تعرفنا باختصار إلى عناصر المزيج التسويقي الأخضر الداخلية منها والخارجية، لنلقي نظرة الآن على أهم ما يمكن أن يقدمه هذا الشكل من التسويق للشركات.

أهمية التسويق الأخضر للشركات

  • يتيح التسويق الأخضر للشركات والمؤسسات الوصول إلى أسواق وفئات جديد من المستهلكين أنصار البيئة والذين يفضلون استخدام المنتجات صديقة للبيئة.
  • يمنح هذا النوع من التسويق المزيد من المزايا التنافسية للمؤسسات بفضل المسؤولية الاجتماعية التي تتبناها في المحافظة على البيئة.
  • العلامات التجارية التي تهتم بهذا النوع من الأنشطة تكون أكثر موثوقية لدى العملاء والمستهلكين، وتبني علاقات ولاء طويلة الأمد مع جمهورها.
  • تظهر هذه الأنشطة الشركات بصورة إيجابية في الأسواق، وبالتالي توفر عليها عناء الكثير من الجهود التسويقية الأخرى لإظهار هذه الصورة.

هذا أهم وأبرز ما يمكن أن يقدمه هذا النوع من التسويق للشركات والمؤسسات على صعيد التسويق والترويج والصورة العامة للشركة.

لنكون بذلك تعرفنا إلى مفهوم التسويق الأخضر، ماذا يعني ومما يتألف، وعناصر المزيج التسويقي فيه. يمكنك قراءة المزيد من مواضيعنا حول التسويق بمختلف أشكاله من خلال المقالات التالية

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله