غادة السمان ياسمينة الشام.. مرشحة العرب الأولى لجائزة نوبل

غادة السمان ياسمينة الشام.. مرشحة العرب الأولى لجائزة نوبل، مقال مختلف لأنها شخصية جدلية جريئة ومختلفة، فأدبها ثروة لا تقدر بثمن.

ياسمينة الشام غادة السمان: دمشق عشقي وأكثر…! مسقط رأسي دمغتني بكل ذكرى عشتها فيها، تعلمت فيها وأنا طفلة، غادرتها في العشرينات من عمرها، بعد شجار مجنون من (شجارات) العشاق، ولم تعد لكن دمشق بقيت في قلبها.

هي الأديبة غادة السمان مختلفة ومتميزة بكل شيء، بحبها بشعرها بعواطفها، هي ياسمينة الشام.

من هي غادة السمان ياسمينة الشام

غادة السمان ياسمينة الشامزز مرشحة العرب الأولى لجائزة نوبل

من مواليد دمشق لعام 1942 تنتمي لأسرة ميسورة الحال، ماتت أمها وهي صغيرة فتعلقت بوالدها وتأثرت به لدرجة كبيرة، فهو أحمد السمان الدمشقي الحاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي(PhD in Political Economy)  ووزيرًا سابقًا للتعليم، ورئيسًا لجامعة دمشق، غرس في ابنته حب القلم والكتابة، تلقت تعليمها الأول في مدرسة (الليسية) فكانت ثقافتها فرنسية، بعدها انتقلت إلى المدرسة الحكومية ومن ثمّ حصلت على درجة (الليسانس) من جامعة دمشق في العام 1963  ونالت شهادة (الماجستير (Master في (مسرح اللامعقول (Theater of the Irrational من الجامعة الأمريكية في بيروت.

أصدرت أولى مجموعاتها القصصية في العام 1962 وكانت بعنوان (عيناك قدري)، وعنما أصدرت روايتيها (كوابيس بيروت وليلة المليار) في عام 1973 اعتبرها النقاد من الرواد في كتابة الرواية العربية.

تنقلت في الكثير من العواصم والبلدان الأجنبية والأوربية، رفقة زوجها (بشير الداعوق) الناشر المعروف ومالك (دار الطليعة للنشر) في فرنسا، إلّا أنها وفي منتصف الثمانينات اعتكفت في منزلها الباريسي وتوقفت عن الكتابة.

الأعوام لم تغير غادة السمان

لم تستطع السنوات والأعوام أن تغير من (غادة السمان ياسمينة الشام)، فبقيت تلك الأنثى الأديبة المشاغبة، تتمسك بإيمانها بالحرف، الوطن تغير، الزمن تغير، والأمل تغير، لكن غادة بقيت صامدة كما هي.

تعيش أديبتنا (ياسمينة الشام غادة السمان) في (باريس) منذ نيف وثلاثين سنة، استطاعت أن تكتب عن بيروت ودمشق وكأنها ما تزال فيها، وتقول لقد عانيت أفظع وأقسى أشكال الغربة، غربة المواطن في وطنه، وتقول أيضًا أنها تكتب عن مدن تركتها بعد أن زارتها كما لو أنها ما تزال تعيش فيها، فهي تنتمي إلى عالمها العربي انتماءًا حقيقيًا فالبعد المكاني لم يعد له أهمية كبرى في عصرنا فالعالم غدا قريًة صغيرة.

وتقول أيضًا أنها عندما استمرت إقامتها في مدينة (جنيف (Geneva العاصمة السويسرية لمدة سنتين، استوحت فكرة روايتها المسماة (ليلة المليار (The Billionth Night والتي كانت قد صدرت ترجمتها للغة الإنكليزية عن دار (منشورات جامعة سيراكيوز(University of Syracuse Publications ونشرت الطبعة الثانية عن دار (منشورات الجامعة الأمريكية (Publications of the USA University) وتتابع قولها ولأنها تعود إلى بيروت باستمرار ولا تنقطع عن زيارتها فقد كتبت الرواية المعنونة باسم (سهرة تنكرية للموتى).

ولكونها مقيمة في باريس العاصمة الفرنسية مما سهل عليها التواصل مع الذين قاموا بترجمة أعمالها إلى أكثر من عشرين لغة حية في العالم منها (الروسية Russian، والألمانية German، والبولونية Polish، والفرنسية French، والإسبانية Spanich، والإنكليزية Englich، والكورية Korean، والإيطالية Italian، والهولندية Dutch، واليوغوسلافية Yugoslavian، والهندية Indian، والفارسية Persian، والصينية Chinese، والبلغارية Bulgarian، والسويدية Swedian، والرومانية Romanian، والأرمنيةArmenian )، وكان اللقاء على نطاق تجاري كبير واستشراقي أدبي صغير.

وتقول أيضًا أنها عندما تكتب عن مدن عرفتها في فترات سابقة أن ذلك لا يعني أنها تعيش في الماضي، أو أنها تستحضر صور الماضي في تلك المدن وتعيش فيه، فهي ليست معجونة في أوهام الماضي، فالماضي بالنسبة إليها، إلى ياسمينة الشام عبارة عن (شيك) لا رصيد له، لكنها تتعلم من تجارب الماضي وأخطائه.

كذلك فالحاضر لم تتفاجأ به مطلقًا ذلك أنها توقعته كثيرًا وصدق توقعها له، ففي روايتها (بيروت 75) تتوقع العرافة فيها أن العنف في بيروت سينفجر حين تقول لنائب لبناني جاء لاستشارتها (أنها ترى دمًا، كثيرًا من الدم…)، لاحظ رجال السياسة يعتمدون على العرّافين…!

صدمات الماضي تكسب ياسمينة الشام (غادة السمان) المناعة ضد صدمات الحاضر

لم يصدمني شيء من الأوهام منذ زمن طويل، منذ الهزيمة في الخامس من حزيران عام سبعة وستين وتسعمائة وألف، حيث كانت في بداياتها ككاتبة أصدرت الرواية المعنونة باسم (رحيل المرافئ القديمة) ونالت عليها جائزة رئيس الجمهورية اللبنانية مناصفة مع الشاعر (يوسف الخال)، تقول في روايتها أننا لا نقدر على البعد عن السياسة فالسياسة لقمتنا واستقرارنا ورحيلنا، وليس بإمكان أي أحد أن يبتعد عن تأثيرها في حياته، لقد عرفت الندم فالندم بالنسبة إلى ياسمينة الشام عقرب يسكن ذاكرتها، كي لا تكرر الأخطاء التي مرت بها، وأنها تملك الكثير من الغفران لسواها قبل نفسها.

وقت طويل على اعتناق غادة السمان (ياسمينة الشام) الكتابة

نعم لقد مر وقت طويل فهل تغيرت لديها أهدافها من وراء الكتابة ومعناها بعد مرور الوقت والتجارب المتطورة التي مرت بها؟ تقول عندما حاولت أن أصحح أول كتاب أصدرته وكان بعنوان (عيناك قدري) كي أعيد إصداره في طبعة ثانية أدركت بأنه لم يعد باستطاعتي كتابة سطور كالتي كنت قد كتبتها، ولم أستطع أن أكتب كتابي الأخير الذي هو عبارة عن رواية تحمل اسم (وداعًا يا دمشق) وقتذاك، إلّا أنه صدر مؤخرًا مترجمًا إلى اللغة الإنكليزية عن دار النشر (بابليشرز (House Bablishers، نعم إننا نتبدل أو نتغير ولكننا لا نعترف بذلك وننكره، فقد ينطلق الخيال من عقاله، أو يستكين، وتوجد دائمًا فروقات شخصية بين الناس، والحكم هو القارئ والزمن.

أهداف الكتابة عند غادة السمان

تكشف لنا (ياسمينة الشام) عن أهداف الكتابة عندها فتقول إن مواجهة الإقصاء والنضال ضد محاولات تهميش وإقصاء دور المرأة في الحياة أحد أهم أهدافها من الكتابة، وتتابع القول بأنها ومنذ زمن بعيد ترى أن التهميش والإقصاء يطال الرجل العربي أيضًا (الإقصاء عن الحرية)، فهي مأساة عالمنا العربي، وتلك معضلة مشتركة بين النساء والرجال على حد سواء، لكن النساء أي المرأة تبقى مظلومة المظاليم، فهي تعاني من التهميش والإقصاء مرتين أكثر كمواطنة وأنثى بآن معًا.

أنا لست كاتبة مثالية لكني مليئة بالتناقضات والثقوب

لقد تغيرت وسائل الإتصال في الزمن الحاضر وأصبح لها دورًا كبيرًا في حياتنا سواء كان سلبيًا أم إيجابيًا، حيث أصبح بإمكان شخص مثل (كيم كارداشيان مثلًا أن تقابل ترامب Donald Trump الرئيس الأمريكي وتتوسط لديه كي يعفو عن محكومة بالسجن وهي نادمة عن المتاجرة بالمخدرات، تقول أديبتنا غادة السمان ثمة الكثير من التغيرات العصرية تتم لكن السؤال هو إلى أين تتجه هذه التغيرات؟ إلى المجهول! لكن الإجابة عليه ستتم بعد خمسين عامًا من الآن وحينئذ لن تكون موجودة في هذه الحياة.

الجرأة التي عرفت بها غادة السمان

هل تبدلت وتغيرت تلك الجرأة التي عرفت بها غادة السمان (ياسمينة الشام) مع مرور الأيام؟ لا.. فقد ازدادت إيمانًا وانتماءًا للحرية، تغار من حرية الكتّاب في بلاد الغرب، وكيلا تهرب زعمت غادتنا أنها أصبحت فرنسية الجنسية (فإبداعاتها صامدة في وجه كل المغريات..) وكل ما قامت به أنها فتحت باب القفص وغادرته بأجنحة الحقيقة والحقيقة فقط، إن الجرأة عند غادة السمان ليست مواقف مسرحية، بل هي سلوك داخلي عند الكاتب يتضح من خلال أفعاله وكتاباته، والجرأة عندها ليست (ديكورًا) بل حقيقة والكاتب الذي لا يعرف فن الكذب لتزوير الحقائق قد يتهم بأنه جريء.

نعم مازالت غادة تكتب حين يحلو لها ما يحلو لها، فعندها الأيام لا تتشابه ولا تحب العادات الروتينية، ولو كانت تمارس بعضها مرغمة كرياضة المشي يوميًا على ضفاف نهر (السين(Seine ، أو التسكع في مكتبات باريس العامرة أو حتى زيارة قبر زوجها حيث يوجد قبره في مقبرة (مونبارناس(The cemetery of Montparnasse  حيث تقوم بذلك مرة في الأسبوع.

وتقول عن نفسها بأنها لا تدعي الكمال فأنا مملوءة بالثقوب والتناقضات حتى الجمام.

ياسمينة الشام في فمها بطاقة سفر

تقول غادتنا ياسمينة الشام في العادة يمكن أن يولد الإنسان وفي فمه ملعقة من ذهب، إلّا أنها ولدت هي وفي فمها بطاقة سفر!

حيث تقول أنها زارت معظم أرجاء العالم وأن باستطاعتها أن تكتب عن كل مدينة زارتها فكانت المدن ملهمة لها، إلى جانب دمشق وبيروت، وتقول عن الكتابة بأن أجمل ما فيها كونها رسالة حب قادرة على اختراق الزمان والمكان.

وتقول أيضًا أن كثرة المندسين في غابات الشعر والكتابة وبلا أي رصيد أو قيمة إبداعية جعلت الكثير من الناس يعزفون عنه، ذلك أن هؤلاء المندسين هدفهم الشهرة والرواج وليس حبًا بالشعر أو الرواية.

غادة السمان وجائزة نوبل

في عام 2013 تم ترشيح الأديبة غادة السمان (ياسمينة الشام) لجائزة نوبل للآداب (Nobel Prize FOR Literature) ولم يكن فوزها بالجائزة متوقعًا، إلّا أن مجرد ترشيحها للجائزة يعطيها كأديبة عربية أهمية خاصة بين الكاتبات العربيات خاصة والعالميات عامة وهو شرف كبير لها.

تقول لقد كانت حياتي كلها حربًا بطريقة أو أخرى، فقد تعرضت للقصف الاجتماعي نتيجة جرأتي في طرح أفكاري، بهذه الكلمات علقت على ترشيحها لجائزة نوبل للآداب.

الدراسات حول أدبها

لقد أغنت تجربة غادة السمان الكتابية الحركة الأدبية العربية واستطاعت أن تصنع مدرسة أدبية روائية وشعرية خاصة بها، كما أضافت للمكتبة العربية روايات وكتبًا يحوي كل منها عالم خاص بها، ومن الدراسات التي أجريت حولها وحول أدبها الدراسة التي أعدها الناقد الأدبي السوري (عبد اللطيف الأرناؤوط) وكانت تحت عنوان (غادة السمان ومسيرتها الإبداعية والثقافية).

انتاجها غزير ومتنوع إذ كان في شكل قصيدة النثر والقصة القصيرة والرواية، وكانت تكتب خارج البيئة الشامية مما سمح لها بحرية أكبر في التعبير حيث كانت مساحة الحرية للكاتبة أوسع، ولكن هل استطاعت أن تهرب فعلًا خارج مدينتها دمشق؟ وعن هذا أجابت مرة “أي هرب هذا ما دامت الأشياء تسكننا؟ وما دمنا حين الرحيل هربًا منها، نجد أنفسنا معها وحيدين ووجهًا لوجه”.

من أشهر أقوال ياسمينة الشام

من أشهر أقوالها

  • عمرًا واحدًا لا يكفيني كله لكي أقول كم أحبك، لأنه أقصر من أن يتسع للرحلة معك، وهو أطول من أن نمضيه في الفراق.
  • ألبس نفس القميص الذي لبسته أمس، وأضع يدي في المكان الذي وضعت رأسك عليه، أرتديك معي.
  • كان الكبرياء خطيئتي، وكانت القسوة خطيئتك، وحين التحمت الخطيئتان معًا كان الفراق مولودهما.
  • لم يعد الفراق مخيفًا، بعد أن أصبح اللقاء مؤلمًا هكذا.
  • من لا يحب لا يعرف الكتابة ولا القراءة ولا الفرح ولا العطاء ولا الصلاة.
  • أفهمك رغم الصمت، بل أفهمك عبر الصمت، كأننا اكتشفنا لغة تخصنا وحدنا.

من أشهر أعمالها

من أشهر أعمالها

نعم لقد تعددت الأنواع الأدبية التي كتبت فيها وإليكم بعضًا من أشهر كتبها:

(الرواية المستحيلة، وبيروت 75، وليلة المليار، وعيناك قدري، رحيل المرافئ القديمة، وأعلنت عليك الحب).

وهذا نموذج من شعرها من ديوان (أعلنت عليك الحب):

”إني أعلنت عليك الحب..

إني أعلنت عليك السلام..

إني أعلنت عليك الشوق..

إني أعلنت عليك الغفران..

ولست بنادمة.

أيها القريب على مرمى صرخة

البعيد على مرمى عمر

أعلنت عليك الحب..”.

الخاتمة

تلك كانت الأديبة غادة السمان (ياسمينة الشام)، أديبة تتمتع بخصوصية نادرة وفذة، لا تقارن بأحد، لأنها لا تشبه أحد ولا يشبهها أحد، إنها نسيج وحدها وذاتها فقط، تلك المرأة الجريئة التي استطاعت أن تخط طريقًا لها في عالم الأدب العربي في جميع أشكاله قصة قصيرة قصيدة نثر والرواية الأدبية، نعم إنها ابنة دمشق، إنها غادة السمان (ياسمينة الشام).

المراجع

قد يهمك أيضًا:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله