العفو والتسامح سبيل للإصلاح لكن لماذا وكيف أسامح؟

بعيدًا عن رتابة وملل المواضيع التي تتحدث حول العفو وأهميته بشكل عام، فما نتحدث عنه هو أن العفو والتسامح سبيل للإصلاح بالنسبة لك ولحياتك أنت، ولتخطي كل العقبات، ولا يوجد أهم من القيام بما هو جيد بالنسبة لك، وما قد يضمن لك الراحة والسعادة.

العفو والتسامح سبيل للإصلاح لكن لماذا وكيف أسامح؟

يمكن أن تتساءل في كل مرة يخطئ فيها شخص ما في حقك: لماذا أسامح وأعفو؟ لماذا لا أنتقم لنفسي؟ لماذا لا أستطيع أن أخطئ بحقه كما فعل هو بي؟ أو يكون السؤال: كيف يمكن أن أسامح وأنسى؟ كيف يمكن أن تُمحى كل مشاعر الكره التي أشعر بها؟ كيف يمكنني نسيان الماضي والمضي للمستقبل؟

هذه الأسئلة جميعنا نود أن نعرف الإجابة عنها، والحقيقة أن الجواب يكمن في داخل كل شخص منا، لكن يمكن الاقتراب منه وتحديده من خلال هذا المقال الذي يسلط الضوء على جانبك أنت عندما تسامح.

العفو والتسامح سبيل للإصلاح لكن لماذا أسامح؟

العفو والتسامح سبيل للإصلاح لكن لماذا أسامح؟

للأسف في كل مرة يدور حديث حول التسامح لا يتم تركيز الضوء حول الفوائد التي سيحصل عليها الشخص المسامح، وليس فقط مجرد لقب “المسامح كريم!”، ولا يتم الحديث عن الأضرار والآلام التي يعاني منها الشخص في حال احتفظ بحقده. وفيما يلي الأخطار التي يسببها الحقد والتي ستدفعك للتسامح.

1 – الأمراض والآلام العضوية

في حال رفضت التسامح والعفو، فأنت من المؤكد تعاني من الألم، وجرح المشاعر، ولهذه المشاعر أثر مباشر على حال جسدك العضوية، فكم من وجع في المعدة أو في العضلات كان بسبب الحزن، وكم من مشكلة في العيون كانت بسبب البكاء، وكم من ألم في القلب رغم أن التحاليل تكون سليمة، ويكون بسبب صدمة أو اكتئاب، وهذا بالضبط ما ينطبق على الحقد، بل يكون بأضعاف مضاعفة، لذا فمن الآن حاول تخطي هذا الأمر.

2 – فقدان الثقة في النفس

فقدان الثقة في النفس

عدم القدرة على المسامحة والعفو تعني الحقد، والحقد يبدأ صغير ومن ثم يكبر، وبعد مدة قصيرة يصل إلى درجة الحقد على الجميع، ويبقى الشخص وحيد، ويبدأ بتذكر السبب فلا يجد إلا أن تصرفه ومشاعره وشخصيته هي السبب، فيفقد الثقة التي كان يتمتع بها ويشك بالكاريزما الخاصة به، ويعيد النظر بطرق التواصل الاجتماعي التي يتبعها ولكنه لن يجد البديل، ففي الحقيقة السبب كان مختلف، لقد كان عجزه عن النسيان، بالإضافة إلى تضخيم الأمور وتهويلها.

3 – تدهور الأمور والنشاطات

تخيل معي لو أنك شعرت بالرغبة في الانتقام، ولم تكن قادر على التحكم بمشاعرك، وأقدمت على اقتراف خطأ ما يسبب الضرر للشخص الأخر، وزادت الأمور سوء، النتائج عندئذ ستكون سلبية عليك وعلى من حولك، أو بعبارة أخرى تتدهور الأمور.

أما في حال كان الشخص الذي لا تريد مسامحته شخص متواجد معك في مكان العمل، أو أي مكان أخر، وأنت حينها تود تجنب لقائه، فهذا من شأنه أن يحد من نشاطاتك ويؤخرك عن إنجاز أعمالك.

4 – الشعور بالذنب والأسى

الوقت يحل المشكلات … هذا خطأ! فالوقت لا يحل شيء، كل ما يقوم به هو السماح لنا بالنظر على المشكلة ذاتها من مختلف الجوانب والزوايا، ومن مسافة أبعد تجعلنا نغير رأينا بحجم المشكلة ونراها أصغر بكثير، والنتيجة ستكون الشعور بالذنب بسبب رفض العفو والتسامح رغم أن الفرصة كانت تسمح بذلك، فالأوان قد فات ولم يبقى إلا الندم.

لكن في حال شعرت بهذا فلا تتردد في اتخاذ من العفو والتسامح سبيل للإصلاح وإعادة بناء العلاقة بينك وبين الأخرين فالحقيقة أن كل وقت مناسب لذلك.

5 – فقدان التركيز والقدرة على النجاح

فقدان التركيز والقدرة على النجاح

شعورك بالغضب والحقد، ومن ثم شعورك بالندم والرغبة بالعودة في الزمن للتسامح، كل هذا سيأخذ من وقتك ومن تفكيريك الكثير، فيفقدك القدرة على التركيز كما كنت قبلًا، والنتيجة ستكون غير مُرضية بالنسبة لفرصتك في النجاح والتقدم، وهنا سيزداد الحزن، وسيعود ليظهر بشكل أعراض عضوية وفقدان الثقة وكأننا في دائرة لا نهاية لها إلا بالتسامح.

كيف يمكنني أن أسامح وأعفو؟

كيف يمكنني أن أسامح وأعفو؟

طبعًا كثيرة هي الأخطار التي قد تترتب عن الحقد وعدم المسامحة، ومن الضروري حقًا البحث عن سبيل لتجنب تلك المشكلات، فما يشعر به الشخص مع الحقد كما لو كان لن ينسى أو لن يتمكن من تخطي الأمر مهما طالت المدة، لكن يمكن للطرق التالية أن تكون فعالة.

5 – ضع نفسك مكان الشخص المقابل

كانت جدتي دائمًا ما تخبرني أنه عليّ أن أسامح من يعتذر فيكفيه أنه اعتذر! فالاعتذار والشعور بالذنب ليس بهذه السهولة، وإن كان يدل على شيء فهو يدل على الندم والرغبة في الإصلاح، بالإضافة إلى أنها كانت توصيني بأن أضع نفسي مكان المخطئ، فالجميع يمكن أن يتصرف بشكل غير صحيح، والجميع يمكن أن يؤذي ويجرح ولهذا يوجد “العفو”.

بالنسبة لعلم النفس كان كلام الجدة صحيح 100%، فعندما تضع نفسك مكان الشخص المقابل سيكون من السهل عليك فهم أسباب الأشياء التي يفعلها، وتصرفاته التي كانت غريبة بالنسبة لك، وعندما تضع له الأعذار يكون من السهل مسامحته، ورؤية ما قام به أمر بسيط ولا يستحق التفكير. فلم يكون المثل “الغائب عذره معه” بدون أساس حقيقي!

4 – عليك أن تكون أكبر من المشكلة

عليك أن تكون أكبر من المشكلة

كما الحال مع أي مشكلة قد تواجهك، وأي عقبة تعترض طريقك، في حال تركتها موجودة، أو نظرت إليها على أنها صخرة ضخمة لا يمكن زحزحتها فإنها ستمنعك من متابعة الطريق والوصول إلى الهدف، أما بالنسبة للعفو والتسامح ففي حال نظرت إلى سبب المشكلة وجعلته نصب عينك وفي تفكيرك فأنت سمحت له أن يكون أكبر منك، وهنا سيكون من الصعب عيك المسامحة أو النسيان.

لذا فمن الأن تعلم فن تجاهل المشكلات، وتعلم من الصخور التي لا تقاوم ولا تواجه أمواج البحر، بل تسمح لها بالمرور، فلو قاومت لتحطمت أمام قوة الماء، لكنها بقيت سليمة لأنها كانت أكبر من المشكلة، وأنت قد تحتاج بعض الوقت لتعتاد على الأمر، لكنك ستشعر بالراحة الكبيرة.

3 – التحدث أو الكتابة والتعبير

هل سبق لك أن كنت تعتقد أن همومك كبيرة جدًا وحزنك هائل، ومن ثم اختفى فقط عند الحديث عنها لشخص ما؟ هل سبق وشعرت أن غضبك من فعلة شخص يمكن وصفه على أنه حبل يلف حول عنقك على وشك خنقك، ومن ثم شعرت بالراحة عندما واجهته وتحدثت إليه وأخبرته بالأمر ومن ثم سامحته وعدت أنت وهو إلى سابق عهدكما؟ وغيرها من المواقف التي يكون التعبير عما داخلك هو علاجها.

وطرق التعبير كثيرة جدًا، فيمكنك التحدث إلى شخص ترتاح بصحبته، ويمكنك التحدث إلى شخص حكيم، ويمكنك تسجيل صوتك والتحدث عما يجول في خاطرك ومن ثم الاستماع إلى التسجيل، ويمكن للكتابة أن تشكل فرق وخاصة في حال كتبت كل ما يزعجك، ومن ثم أحرقت الورقة وسامحت.

2 – تفريغ الطاقة السلبية

الطاقة السلبية المرافقة للحقد والكره طاقة ضخمة هائلة، وهي من يقف في وجه التسامح، وهي سبب رفضنا لفكرة أن العفو والتسامح سبيل للإصلاح فنحن تحت وطأتها واقعين في الحزن وغارقين في دور الضحية والتلذذ في لعب دور المظلوم، بالإضافة إلى ما يرفق ذلك من شعور مبرر بالغضب العارم لمجرد تذكر الشخص المعني، أو الموقف السيء أو المشكلة وفي مثل هذه الحالة يكون تفريغ الطاقة السلبية هو أول خطوات التسامح.

يبقى السؤال كيف يمكن تفريغ الطاقة السلبية؟ الإجابة بسيطة فوفقًا لعلوم الطاقة إن ممارسة الهوايات من رسم أو عزف أو رقص أو رياضة وغيرها كلها طرق فعالة وسريعة في تخليصك من الطاقة السلبية، بالإضافة إلى شحنك بقدر ضخم من الطاقة الإيجابية وطاقة السعادة التي تلزمك في النجاح والراحة والمسامحة.

1 – قطع الحبال الأثيرية

قطع الحبال الأثيرية

إن الحبل الأثيري هو حبل ينقل الطاقة الكونية بينك وبين الشخص المقابل، مهما كانت المسافات بينكما، ومهما كانت المشاعر التي تجمعكما، فيكفي اللقاء بينكما ولو لبضع لحظات على أرض الواقع حتى يتشكل، ويستمر معكما إلى الأبد، ولكن للأسف ما ينقله ليس الطاقة الإيجابية فقط، فهو ينقل الطاقة بكل حالاتها، ومن ضمنها السلبية، بالإضافة إلى سحب الطاقة منك وخاصة في حال كنت تكن الكره لذلك الشخص وتفكر به وبما قد فعله معك، وما يمكن أن يترتب على ذلك هو نقصان في طافتك الإيجابية، وارتفاع في السلبية والتأثر به، ومن جهة أخرى سيتوقف تفكريك به، وشعورك اتجاهه محبة كان أو كره بمجرد قطع الحبل الذي يربطكما.

كيف يمكن قطع الحبل الأثيري؟

يمكنك من خلال الخطوات التالية التخلص من كم الطاقة السلبية التي تأتي إليك من الأخرين، والحد من الكم المفقود من طاقتك، بالإضافة إلى أهمية تطبيقها بين الحين والأخر حتى مع أشخاص عاديين، فهذا يمكن أن يضمن لك استقرار في الطاقة.

  • الجلوس أو الاستلقاء في مكان هادئ بعيدًا عن أي إزعاج أو مقاطعات، ويفضل أن يتم إقفال الهاتف أيضًا، ويمكن الاستماع إلى الموسيقى.
  • إغماض العينين والتنفس بعمق، وتصفية الذهن وعدم التفكير بأي شيء، والتركيز على التنفس ومعدله، والاستمرار هكذا إلى أن تشعر بأن كل خلية من خلايا جسمك تشعر بالاسترخاء والراحة.
  • تخيل الشخص المقابل، وتخيل أن حبل بلون أزرق يخرج من قلبك ويصل إلى قلبه، تخيله واستشعر الطاقة التي تخرج منه.
  • الآن تخيل أنك قمت بقطع الحبل، وعاد مكانه كما في السابق، واختفى تمامًا.
  • الآن أخبر الشخص المقابل في خيالك أنك سامحته واطلب منه أن يسامحك هو أيضًا، واستشعر الراحة في ذلك.
  • الأن تخيله وهو يدير بظهره ويسير مبتعدًا عنك إلى أن يختفي ولا يعود له أثر.
  • يمكنك الأن فتح عينيك.

كيف يمكن التأكد من نجاح قطع الحبل الأثيري؟

يمكن التأكد من نجاح التمرين والشعور بنتائجه بشكل جليّ من خلال النقاط التالية:

  • الشعور بالراحة وكأن جبل قد رحل عن صدرك.
  • عدم الشعور بأي مشاعر عند تذكر ذلك الشخص، أو الحديث عنه.
  • اختفاء الألم والحزن الذي كان يرافق ما فعله بحقك.
  • نسيان الحقد أو الكره له.
  • الشعور بمشاعر حيادية اتجاه المشاكل المختلفة التي قد تمر معك بشكل عام، أو التي تمر معك ومع أشخاص قمت بقطع الأحبال الأثيرية معهم.

لا يمكن الاستمرار مع مشاعر الحزن أو الكره، ومع مشاعر الغضب والحقد، فعندها ستختفي ألوان الحياة، وستتحول إلى الأسود حتى بدون الأبيض! لكن من الآن يمكن إعادة تلوين الحياة بكل الألوان المُفرحة وذلك بعد العفو فـ العفو والتسامح سبيل للإصلاح والراحة والنجاح.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله