حرب الخليج الأولى: الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988

حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية، التي أطلق عليها في العراق بـ “قادسية صدام”، وفي إيران سمّيت بـ “الدفاع المقدس”.

قامت احرب الخليج الأولى بين العراق وإيران عام 1980 واستمرت ثمان أعوام حتى عام 1988م، وكغيرها من الحروب فقد تمخضت عن خسائر بشرية كبيرة من قبل الطرفين حيث أدت هذه الحرب إلى مقتل الملايين من المدنيين والعسكريين من الطرفين المتحاربين. بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الهائلة للطرفين بما يقدر ب 1.19 ترليون دولار أمريكي، فضلًا عن انهيار البنية التحتية لكل من الدولتين العراقية والإيرانية، والآثار والتغيرات في العلاقات السياسية والتغيرات الجغرافية في المنطقة التي نتجت عن هذه الحرب [1].

العوامل الممهدة لحرب الخليج الأولى

إن قدم الخلافات بين العراق وإيران يمتد إلى قرون من الزمن، وقد يرجع ذلك إلى تجاور الدولتين ومشاكل ترسيم الحدود الناتجة عن هذا التجاور، ونزاع الدولتين حول عدد من المناطق مثل منطقة الأحواز (الأهواز) الغنية بالنفط، وجزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى في الخليج العربي، ومنطقة شط العرب وقد تم الاتفاق على اقتسامها بموجب اتفاقية الجزائر عام 1975م مقابل وقف إيران مساعدة الأكراد في ثورتهم ضد الحكومة العراقية.

بداية حرب الخليج الأولى

وصل صدام حسين إلى حكم الدولة العراقية عام 1979م، وقام بمخالفة اتفاقية الجزائر ونقضها عام 1975م التي تم فيها تقسيم شط العرب بين العراق وإيران، وأعلن أن كامل شط العرب هو من المياه الإقليمية العراقية، وتم سحب السفراء من كلا البلدين وساءت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كثيرًا. ثم ادعى صدام حسين بأن القوات الإيرانية قامت بقصف منطقة المنذية الواقعة على الحدود مع إيران، والهجوم على منطقتي سيف سعد وزين القوس الحدوديتين.

فقام بالرد على ذلك بقصف المطارات العسكرية الإيرانية في عدة مدن إيرانية رئيسة، وبدأت القوات العسكرية العراقية التي بلغ عددها 190 ألف جندي بالهجوم على الأراضي الإيرانية وتمكنت من السيطرة على الشريط الحدودي بطول 800 كم وبعمق يقدر ب 20 إلى 60 كم داخل الأراضي الإيرانية. وبدأ الجيش الإيراني بالاستعداد للقتال، وتطوع عدد كبير من الإيرانيين (الباسيج) حيث استُخدموا كموجات بشرية لاقتحام حقول الألغام العراقية، وبذلك تمكنت إيران من استعادة مناطقها التي كانت تحت سيطرة العراق عام 1982م.

في تلك الأثناء أدرك الرئيس العراقي ضعفه وخاصة بعد أن بلغت ديون العراق بسبب الحرب ما يقدر ب 80 مليار دولار أمريكي، فعرض على الحكومة الإيرانية مبادرة لوقف إطلاق النار وحل الخلاف بين الدولتين. لكن سرعان ما قوبلت بالرفض من قبل الحكومة الإيرانية التي اشترطت لقبول المبادرة بأن تعوض العراق للحكومة الإيرانية مبلغ 150 مليار دولار عن الحرب، وإدانة الرئيس العراقي صدام حسين ومحاكمته.

الحرب البحرية

بالإضافة إلى القتال البري والجوي فقد شملت الحرب المجال البحري حيث تبادل الطرفان الهجوم على السفن البحرية التجارية وناقلات النفط للطرف الآخر وهو ما عُرف ب “حرب الناقلات”. باعتبار أن دولة الكويت والسعودية كانتا تدعمان العراق في هذه الحرب، فقامت السفن الحربية الإيرانية بالاعتداء على سفن كويتية وسعودية. وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها حامية للسفن الكويتية لكن ذلك لم يمنع السفن الحربية الإيرانية من الاعتداء عليها، مما دفع بالسفن الأمريكية إلى الاعتداء على السفن الإيرانية وتدمير اثنتين منها، واستمرت هذه الاعتداءات البحرية حتى نهاية الحرب عام 1988م.

نهاية حرب الخليج الأولى

بدأت مرحلة جديدة من الحرب قامت على قصف متبادل من قبل الطرفين المتحاربين، فقامت القوات العراقية بقصف العاصمة الإيرانية طهران وعدة مدن إيرانية أخرى قصفًا عشوائيًا راح ضحيته الآلاف. وردت القوات الإيرانية بقصف العاصمة العراقية بغداد، فقامت القوات العراقية باستخدام الأسلحة الكيماوية التي أودت بحياة ما يقارب 100000 شخص.

وبدأ الجيش الإيراني يضعف مقابل الدعم الدولي الكبير للعراق، وبدأت البنية التحتية للجانبين العراقي والإيراني بالانهيار، ما أدى إلى موافقة إيران على الهدنة التي اقترحتها الأمم المتحدة 20 آب 1988م والدخول في مفاوضات مع الحكومة العراقية.

وبذلك تنازلت إيران عن مطالبها في تقديم الحكومة العراقية الاعتذار للحكومة الإيرانية، وتقديم التعويضات لها.

وتضمن قرار مجلس الأمن رقم 598 الخاص بالمفاوضات بين العراق وإيران على ما يلي:

  • وقف إطلاق النار بين الطرفين.
  • انسحاب الطرفين التنازعين إلى الحدود الدولية.
  • إجراء عملية تبادل أسرى بين الطرفين.
  • عقد مفاوضات السلام بين الطرفين.
  • إعادة إعمار البلدين من خلال الجهود الدولية المبذولة.

إلا أن الحكومة الإيرانية اعترضت على بند (وقف إطلاق النار) بحرًا، وبقيت المفاوضات بين الطرفين مستمرة وظل حل النزاع معلقًا دون نتيجة، حتى آب 1990، حيث انتهى الأمر بانسحاب القوات العراقية من الأراضي الإيرانية، وتسليمهم جميع الأسرى الإيرانيين لديها.

الأسلحة المستخدمة في حرب الخليج الأولى

اعتمدت دولة العراق في شراء الأسلحة على كل من الاتحاد السوفيتي بما يقارب 19.2 مليار دولار أمريكي، وفرنسا بما يقارب 5.5 مليار دولار أمريكي، والصين بما يقارب 1.7 مليار دولار أمريكي، ومصر بما يقارب 1.1 مليار دولار أمريكي، ودول أخرى مثل ألمانيا واسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها بما يقارب 2.9 مليار دولار أمريكي.

أما دولة إيران فقد قامت بشراء الأسلحة من كل من سوريا وليبيا والصين وكوريا الشمالية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تزود إيران بالسلاح بسرية تامة لكن سرعان ما كشف الأمر فيما عرف ب فضيحة إيران – كونترا.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله