تأثير المشاكل الأسرية على الطفل

بالطبع لا يوجد منزل يخلو من المشاكل الأسرية، ولكن مهمتنا كآباء وأمهات أن نحاول إبعاد أطفالنا عن تلك المشكلات حتى لا تؤثر على شخصياتهم ومستواهم الدراسي ومن ثم نخرج للمجتمع جيلًا كاملًا مشوه نفسيًا وغير قادر على التواصل، لذا سنقوم بعرض أثر المشاكل الأسرية على الأطفال مع تقديم الحلول لها من خلال هذا الموضوع.

مفهوم الأسرة

تأثير المشاكل الأسرية على الطفل

الأسرة ليست مُسمى فقط أو هم عدد من الأفراد يتشاركون في منزل واحد أو في صفات وراثية، فمفهوم الأسرة أكبر من تلك المفاهيم التي يفهمها البعض بالخطأ، على العائلة أن تكون مصدر الدعم الأساسي على التشجيع للأبناء، والتمتع بالاستقرار والدفء العائلي والأسري يولد الاستقرار النفسي والشخصيات المتزنة.

لكن لا أقول إنه لا بد أن يظل أفراد الأسرة على وفاقٍ مُستمر، فالاختلافات في وجهات النظر واختلاف الشخصيات من طبيعة البشرية، وعلى أثر الاختلافات في وجهات النظر تنشأ الخلافات والمشاكل الأسرية الكثيرة.

وتنشأ المشاكل الأسرية أيضًا نتيجة ضغوط عصبية يتعرض لها أحد الزوجان من المرض أو الضائقة المادية أو المشاكل بالعمل أو غير ذلك من الضغوطات التي من الممكن أن تُصادفنا في حيات كلًا منا اليومية فتؤدي إلى توتر عصبي فيؤثر سلبًا على كل أفراد الأسرة خاصةً إذا كانت مشاكل ذات طابع عنيف وتستمر لفترة طويلة.

ومن أكثر ما يؤثر على الأطفال هي المشاكل التي تنشأ بين الوالد والوالدة، لشعور الأطفال بانهيار وتوتر علاقة الأبوين فينتج عنه شعور الطفل بعدم الأمان، فتتأثر سلوكياته وطريقة تعامله مع من حوله، بل ويظل تأثير تلك المشكلات على الطفل حتى الكبر ويكون أسرة مستقلة.

أبحاث ودراسات

وقد أُجريت عدة أبحاث ودراسات دقيقة على بعض العائلات لتقييم أثر التفاعل الأسري الإيجابي بين الأفراد في العائلة، وأجريت هذه الأبحاث على خمسة من المحاور وهم: ثقة كل واحد من أفراد الأسرة بنفسه، واستجابة المستمع، والسلوكيات الاجتماعية الإيجابية، وتواصله الفعال، والدعم والدفء.

وكانت نتيجة البحث أن العائلة التي تمتاز بالمشاركة والتواصل تحصل على الدرجات الأعلى في تلك المحاور السابق ذكرها، وحتى في بناء أسر مستقلة للأبناء بعد بلوغهم يقومون بالبحث عمن يتناسب مع صفاتهم الإيجابية، فأثبت ذلك أن الاحتواء والدفء الأسري ومشاركة المشكلات للتوصل لحلول سليمة نتج عنه أسرة مستقلة وسعيدة ومستقرة.

لذا كانت مسؤولية الوالدين من أهم المسؤوليات لأن مصير ومستقبل بنيان ونشأة الأسر القادمة هو الحمل الثقيل الذي يقع على عاتقهم فهو ليس بمهمة سهلة أبدًا أو بسيطة، فعلى الأم مسؤولية أم غرس المبادئ والقيم في شخصية أطفالها لتُخرج للمجتمع فردًا سويًا قادرًا على إفادة أسرته ومجتمعه، وعلى الأُم والأب محاولة حفاظهما على هدوء بيتهما وتصديهما للمشاكل التي قد تُهدد كيان الأسرة نفسيًا.

شاهد تأثير المشاكل الزوجية على الأطفال

أثر المشاكل الأسرية على الطفل

أغلب الأسر تُعاني في بعض الأحيان من المشاكل الأسرية المختلفة والتي تنشأ لأسباب مختلفة أو مشاحنات بين الزوج والزوجة، وأيًا كان السبب في تلك المُشكلات يكون في الغالب صعب إخفاءها عن الأطفال، حتى وإن كان الطفل داخل غرفته عادة ما يستمع لتلك الخلافات والمشاحنات.

ومع الأسف فتلك المشاكل الأسرية بمختلف أسبابها تؤثر على الطفل سلبًا، بينما من الممكن أن يظل ذلك التأثير السلبي ملازمًا للطفل طيلة حياته، وفيما يلي سنُلقي نظرة على هذه تأثيرات المشاكل الأسرية السلبية على الأطفال وكيفية تجنبها:

نفسية مُعقدة

تأثير المشاكل الأسرية على الطفل

الخلافات المستمرة بين الأبوين وبعضهم أو الأبوين والطفل أو بين الطفل وأخوته كالصراخ والمعارك الكلامية وتحقير أحدهما للآخر ينتج عنها مشاكل نفسية عدة، فالطفل إن لم يجد الراحة والهدوء في منزلة يتجه إلى العنف أو إلى الانطواء والعزلة وغيرهم مما ينتج عنه عقد نفسية ومشاكل اجتماعية ونفسية كالاكتئاب والقلق تحتاج للعلاج.

شاهد أيضًا كيف يتحمل الأطفال ضريبة الطلاق والمشاكل الأسرية .. نصائح من استشارية الأمراض النفسية للدكتورة سمراء منصور

تأخر دراسي

تأثير المشاكل الأسرية على الطفل

التوتر الذي يشعر به الطفل نتيجة المشاكل الأسرية يجعله مُشتت الذهن والانتباه غير قادرين على التركيز لعدم قدرته على حل المشكلات التي تواجهه بالمنزل، وقد أثبتت الدراسات أن 90 بالمائة من المتأخرون دراسيًا يعانون من المشاكل الأسرية، بالإضافة إلى انخفاض درجاتهم في المواد الدراسية خاصةً الرياضيات والقراءة، فهم أيضًا أكثر عدوانية ومثيرون الشغب والعنف لينتج عنه ارتفاع مستوى المشكلات التأديبية للطفل، وتباطؤ وظائفه الإدراكية.

اضطراب عاطفي وتوتر

قد لا يعتقد الكبار بأن للمشاكل الأسرية أثر نفسي على الأطفال كما يحدث للكبار من توترات وضغوط نفسية!! ولكن الطفل الذي يعيش في بيئة مضطربة غير مغلفة بالحب والود يلجأ إلى تفريغ الضغوط النفسية التي يشعر بها من خلال نوبات غصب أو صراخ أو تبول لا إرادي، ومن الممكن أن يصلوا إلى إيذاء أنفسهم أو من حولهم.

أقرأ أيضًا: الطريقة الإيجابية في تربية الطفل صحح مفهُومك عنها وإلا ستندم

تأثيرات على المدى البعيد

قد يظهر في بادئ الأمر أن المشاكل الأسرية تأثيرها وقتي ولكنها في الواقع تؤثر على المدى البعيد، فالأطفال الذين عاشوا طفولة مليئة بالمشاكل الأسرية هم الأكثر عُرضة لإدمان المُخدرات والكحوليات وفعل الجرائم، وإن لم يحدث هذا ولا ذاك فإنهم غالبًا ما يفشلون في حياتهم الاجتماعية والعاطفية.

أقرأ أيضًا: هم النصائح نحو زواج سعيد لتساهم في نجاح زواجك

وهذا الفيديو يوضح كيف تؤثر الخلافات الزوجية على تربية الأطفال

نصائح لتجنب المشاكل الأسرية أمام الطفل

تأثير المشاكل الأسرية على الطفل

  • محاولة إخفاء الخلافات والمشاكل أمام الطفل قدر الإمكان.
  • احترام كلًا من الزوجين للآخر خاصةً أمام الأطفال بالتالي سيحترمهم الأطفال بالإضافة إلى ترسيخ قواعد سليمة بداخل الطفل ونشأة طفل غير مُعقد نفسيًا.
  • عدم إظهار علامات الغضب والتعصب بين الكبار وبعضهم في حضور الطفل.
  • تجنب استخدام الضرب والألفاظ النابية من كلا الأبوين لبعضهم أو للأطفال.
  • الحرص على تبسيط الأمور وحل المشاكل الأسرية بهدوء وبدون ضغوط.
  • الترفيه وتغيير الجو من فترة لأخرى مع الأسرة كاملة حتى يشعُر الطفل بالحب والألفة.
  • يجب أن يشرك الأبوان الطفل في الحوار والرأي خاصة إذا كان في موضوع يخصه حتى يشعر بالاهتمام.
  • محاولة الأبوين فعل ما يمكنهما ليحظى أطفالهما بالمناخ الأسرى الدافئ والاستقرار النفسي.

وهذا الفيديو يشرح أن لا مفر من خلافات الزوجين ..لكن كيف نتجنب أثارها السلبية على الأطفال

  • منح طفلك الإحساس بالأمان كالتحدث معه عن مشاكله ومخاوفه ودعيه يعلم أنك موجود لحمايته دائمًا.
  • حاول دائمًا إظهار ودك وحبك لأطفالك بالاحتضان وحدثهم عن مدى أهميتهم بالنسبة لك، وقم بتخصيص بعض الوقت للاستماع الجيد والتحدث ومُشاركتهم بعض أنشطتهم.
  • قم بضع نظام وقواعد ليلتزم بها طفلك خارج المنزل وداخل ليتعلم الانضباط والتغلب على أهوائه.
  • كن قدوة حسنة لأطفالك لأنه دائمًا ما يرى الطفل في الوالدين المثل الأعلى فيسير على خطاهم في كل شيء.

أقرأ أيضًا: أهم فنون التربية الضرورية في عصرنا الحالي لأبنائنا

إذا اضطرتك ظروفك لإقامة شجار مع الشريك وكان ذلك في حضور أطفالك فاجعل هذا الوقت فرصة لتعليمهم كيف يكون التواصل الصحيح، لتكون مثالًا حي يحتذى به من خلال التجارب الواقعية والعملية في كيفية النقاش بأن تكون هادئ الطباع في حديثك، تقوم بالتعامل مع المشاكل وتوجيه العبارات في منتهى الاحترام وبالشكل الحضاري اللائق.

ولا تتكبر من الاعتذار إذا وضح الأمر بأنك على خطأ، وهذا الكلام ينطبق على كلًا من الزوج والزوجة لأن طفلك أمانة لديك، يتأثر بكل ما يراه حوله وخاصةً في منزله، لذا حافظ على منزل مستقر وهادئ قدر الإمكان، ولا تجعل المشاكل الأسرية مع الشريك ظاهرة أمام أي أحدٍ أيًا كان، لتكن باستمرار خلف بابٍ مُغلق للحرص على نفسية طفلك ولاستمرارية حياتكما في هدوء.

مقالات أخرى ستنال إعجابك:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله