موضوع تعبير عن الصديق والحفاظ عليه

الصداقة هي كلمة أكبر من أن تحيط بها الكلمات، وأعظم من أن تصفها العبارات، فهي علاقة إنسانية من أنبل العلاقات، إن بنيت على أسس المحبة الحقيقية، لا على المصالح المادية، أو الأغراض الدنيوية، ولا يقوم هذا البناء العظيم إلا على ركن قوي متين، طوبه الوفاء، وطينته الإيثار، وحصاه الإخلاص، وإن اختلت هذه الموازين، انهار البناء في أي حين، وستكون من انهياره أول المتضررين.

موضوع تعبير عن الصديق

فإياك أن تسيء الاختيار، وانتقي الأصحاب الأخيار، فليس الصديق من شابهك في الطباع، ثمّ نهش لحمك مثل السباع، وليس الصديق من شاركك الطريق، وأبدى لك في عينيه البريق، فكم من ذئب لبس جلد خروف، وانقض على فريسته ونسي المعروف، فإن أردت انتقاء الصديق، فالتزم بهذه الخطوات بشكل دقيق:

  • فإياك والصداقات المؤقتة، فخيرها ضائع وشرها ذائع، لأنها ستكون قائمة على مصلحة.
  • وابتعد عن الشخص الشحيح، فأنت بنظره كنز ثمين، أو عجل سمين، يلازم في غناك، ويتبرأ منك عند فقرك.
  • أما رفيق السوء، فآخرتك معه تسوء، ففي الدنيا لهو وتسلية، وفي الآخرة نار متلظية.
  • واحذر من شخص تعددت وجوهه، فإن أبدى لك طيبة في وجهك، أخفى لك خبثًا في ظهرك.
  • أما المنّان، فلا تتخذه صديقًا مهما كان، وإياك أن تقبل منه الإحسان، فجميله سينخر في الأبدان.
  • وحذار من المستغل، وإياك أن تتخذ منه خل، فإن كان لك شجرة وظل، فاعلم بأن قلبه ينطوي على الغل، فسيظلك ببرده، ويمتطيك كما يمتطي بغله.
  • أما المجادل فأنت معه دائمًا خاسر، ويجعل منك أبلهًا وسط المحافل، ولن تنال منه إلا هدر الوقت، وتبديد الجهد.
  • وإن تعثرت بصديق سيئ الخلق، فاعلم بأن الصاحب ساحب، وهو مرآتك في الغالب.
  • والزم من كان ذا دين، فهو خير صديق وقرين، وخير مرشد إلى الطريق القويم.
  • وإياك والصديق المتشائم، فسيطفئ اتقاد آمالك، ويحول دون تحقيق أحلامك.
  • وإياك ممن يغتاب، فكما كان غيرك فريسة، ستكون يومًا ما أنت في الشباك.
  • واحذر الأحمق، فإن نصحك قادك للهلاك، وإن أراد لك الخير من غير قصد آذاك.

حافظ على صديقك

فإن وجدت هذا الصديق، فحافظ عليه كما تحافظ على العقيق، وكن بئرًا عميقًا لأسراره، وقلبًا يحتضن كل أحزانه، وعينًا تبكي لآلامه، وعونًا له في نوائب أيامه، دواءً يشفيه من أسقامه، ومحامٍ يدافع عنه في غيابه، وأمًا تغفر له زلاته، وتلتمس له الأعذار عند هفواته، وتبذل له النصح عند احتياره، وتشاركه أفراحه وأتراحه، ولا تنتظر مقابل عند قضاء حاجاته، تذكر محاسنه وتتغاضى عن سيئاته، تسأل عنه في غيابه، وتدعو له أن يحقق آماله.

وأفضل الصداقات ما كان لله وبالله وفي الله، فهي الصداقة الحقيقية التي لا ينتظر صاحبها مقابل، إلا رضا الرحمن والفوز بالجنان، ولذلك أعد الله عز وجل لهم منزلة عظيمة، جاء ذكرها في حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عندما قال: ” قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ “.

كما وعد المتحابين في الله بأن يظلهم تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله، عندما قال في الحديث الشريف: “وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ” فانظر إلى عظم هذه المنزلة، وخذ بحسبانك ادخار هذا الصديق ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

فإن تقطعت بك السبل، ولم تجد ضالتك بين البشر، فعليك بخير جليس، وليكن لك الصديق والأنيس، فكم من كتاب أخلص لك النصيحة، وأسدى لك الرأي السديد.

وإن لم تجد ضالتك في البشر أو غيرهم، فانظر إلى نفسك، فربما يبدأ الخطأ من عندك، فأصلح نفسك تلقَ نصفك، وإلا ستدخل في دوامة الأمراض النفسية، فالإنسان مجبول على حب الاجتماع واتخاذ الخلان، ومن غير الصديق الصدوق ستحيي في وحدة، ولن تجد لها من دواء سوى صديق ينتشلك من هذه العزلة.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله