الرؤية المزدوجة – ما هي الأسباب وطرق العلاج

ملاحظة هامة

لا يهدف هذا المقال بأي حال من الأحوال إلى استبدال رأي الأطباء أو غيرهم من المهنيين الصحيين المسؤولين عن التفسير الصحيح للأعراض، إذا كنت تواجه أي مشكلة صحية، فيرجى استشارة طبيب مختص للحصول على التشخيص والعلاج المناسب.

تعتبر الرؤية المزدوجة من الأعراض البصرية التي تتجلى بالإدراك المتزامن لصورتين لجسم واحد. هذه الرؤية المزدوجة يمكن أن تكون حالة عابرة أو ثابتة أو متقطعة.

الرؤية المزدوجة

الرؤية الطبيعية

تعتمد القدرة على إدراك الصور بشكلٍ صحيح على تنسيق نظام الرؤية. حيث تتفاعل العديد من البنى لتقوم بتفسير مصدر الضوء، بما في ذلك:

  • القرنية والجسم البلوري: يقعان في الجزء الأمامي من العين، وهما بمثابة عدسة التصوير ويساعدان على تركيز الضوء الداخل للعين.
  • شبكية العين: هي طبقة حساسة للضوء تبطن الجزء الخلفي من العين، وهي تحتوي على خلايا عصبية متخصصة قادرة على تحويل الإشارات الضوئية إلى سيالات عصبية يستطيع الدماغ تفسيرها.
  • العصب البصري: يتكون من مجموعة من الألياف العصبية التي تنقل السيالات العصبية من الشبكية في العين إلى مركز الرؤية في الدماغ، وهناك تتم عملية معالجة الصور وفهمها.

إن كل عين ترى صورة كاملة مستقلة عن العين الأخرى. ومع ذلك، يتم تجسيد صورة ثلاثية الأبعاد واحدة فقط لأن المخ قادر على التحكم في عضلات العين بحيث تركز كلا العينين بدقة على الجسم نفسه، ثم تتم معالجة المعلومات التي ترسلها كل عين وتدمج في صورة واحدة. يمكن أن تؤدي المشكلات البنيوية أو الوظيفية على مستوى أي مكون من مكونات نظام الرؤية إلى مشاكل من بينها الرؤية المزدوجة.

الأسباب

الرؤية المزدوجة يمكن أن تحدث نتيجة عدة أسباب. بعض الأسباب بسيطة تتعلق بنقص التروية الدموية التي يمكن علاجها بسهولة، في حين أن بعض الأسباب بحاجة إلى عناية طبية عاجلة.

الرؤية المزدوجة في عين واحدة

تحدث الرؤية المزدوجة في عين واحدة عندما تكون العين الأخرى سليمة تمامًا. لذلك، عندما يقوم الشخص بتغطية تلك العين التي تظهر الأعراض عليها، عادة ما تختفي الرؤية المزدوجة ويكون الشخص قادرًا على الرؤية بشكلٍ طبيعي. غالبًا ما تكون الصورتان منفصلتين قليلًا حيث تظهر إحداها طبيعية (من حيث السطوع والتباين والحدة)، بينما تكون الصورة الأخرى منخفضة الجودة.

عادةً ما يكون سبب الرؤية المزدوجة في عين واحدة مشكلة هيكلية داخل العين نفسها يسبب تشوه انتقال المعلومات المرئية، ومن الأسباب التي تؤدي إلى ذلك:

  • متلازمة العين الجافة: يمكن أن تسبب الرؤية المزدوجة بسبب عيب قد يؤثر على كرة العين.
  • تلف الأربطة: هذه الأربطة العضلية هي التي تحافظ على بقاء العين في الوضع الصحيح، يحدث تلف الأربطة بسبب الصدمة أو تأثير أمراض الجهازية مثل متلازمة مارفان.
  • كيسات الجفن والتورم: كلتا الحالتين يمكن أن تمارس الضغط على مقدمة مقلة العين، مما يؤدي إلى انفصال الصورة مؤقتًا. إن وجود كيس أو ذمة في الجفن يمكن أن يغير شكل مقدمة العين، مما يؤدي إلى حدوث تحول طفيف في مسار أشعة الضوء التي تدخل العين، وبالتالي تباين في النقاط التي يتم التركيز فيها على الشبكية.
  • انحراف القرنية: خطأ انكساري سببه انحناء غير منتظم للقرنية.
  • القرنية المخروطية: هذا المرض يسبب تشوه القرنية، والتي تصبح تدريجيًا أرق ومخروطية الشكل.
  • مشكلات أخرى تصيب القرنية: (ضمور القرنية – العدوى – الندبات – إلخ).
  • إعتام عدسة العين.
  • تشوهات الشبكية: مثل الضمور البقعي.

الرؤية المزدوجة التي تصيب عين واحدة دون الأخرى هي الحالة الأقل شيوعًا من حالات الرؤية المزدوجة.

الرؤية المزدوجة في كلتا العينين

تحدث هذه الحالة عندما لا تتحرك كلتا العينين بشكلٍ متناسق ومتزامن، مما يسبب عدم القدرة على التركيز في نفس المكان من المجال البصري. في هذه الحالة، تكون الرؤية المزدوجة نتيجة اختلال بصري. فكل عين تكون في اتجاه مختلف قليلًا، مما يؤدي إلى إرسال معلومات بصرية مختلفة. لذلك، لا تتشابه الصور القادمة من كل عين ويصبح الدماغ عاجزًا على إنشاء صورة واضحة واحدة، والنتيجة هي رؤية صورة مزدوجة (صورتان متداخلتان بنفس الجودة). عادة ما تعود الرؤية إلى طبيعتها إذا كانت إحدى العينين مغطاة.

في كثير من الأحيان، تحدث الرؤية المزدوجة في كلتا العينين نتيجةً لخلل في العضلات الخارجية. تتضمن الأسباب الأخرى أي تداخل مع حركة العين، أو اضطراب عام في الانتقال العصبي العضلي أو مرض يصيب الأعصاب القحفية التي تعصب عضلات العين (على سبيل المثال: شلل العصب القحفي الثالث أو الرابع أو السادس).

الحول (Strabismus): هو عيب في الرؤية سببه عدم التنسيق بين العضلات الخارجية، المسؤولة عن حركة مقلتي العينين، هذا يمنع توجيه كلتا العينين نحو الهدف نفسه، مما يعيق الرؤية بشكلٍ طبيعي. لكن ليست كل حالات الحول تسبب الرؤية المزدوجة.

خلل في الأعصاب التي تتحكم في العضلات الخارجية: يمكن أن تتلف الأعصاب التي نتيجة العدوى أو التصلب المتعدد أو السكتة الدماغية أو التعرض لإصابة في الرأس أو ورم في المخ، وخاصة عندما تكون الإصابات في الجزء الخلفي السفلي من الدماغ حيث يوجد مركز الرؤية. يمكن أن تتسبب الصدمة المباشرة في تلف الأعصاب.

الأمراض الدماغية الوعائية: تؤثر على الأوعية الدموية مما يعيق إمداد الدم لبنى وأجزاء العين أو الدماغ، يحدث هذا نتيجة تمدد الأوعية الدموية أو السكتة الدماغية أو نوبة نقص تروية عابرة.

مرض السكري: يمكن أن يتلف الأوعية الدموية التي تغذي العين ويسبب مشاكل عصبية تؤثر في حركات العضلات في العين.

الوهن العضلي: هو مرض مناعي ذاتي يمنع التحفيز العصبي للعضلات. غالبًا ما تكون العلامات الأولى لهذا الاضطراب العصبي العضلي هي الرؤية المزدوجة وتدلي الجفون.

جحوظ العينين بسبب خلل في الغدد الصماء: يمكن أن يعاني الشخص من بروز مقلة العين نتيجة لاضطراب هرموني. في مرض جريفز الناجم على الأغلب عن فرط نشاط الغدة الدرقية.

الانضغاط: يمكن أن تحدث الرؤية المزدوجة بسبب ورم في المخ أو جلطة دموية خلف العين، قد يمنع هذا الورم حركة مقلة العين الطبيعية. حتى أن وجود كتلة ورمية بالقرب من قاعدة الجمجمة يمكن أن تسبب نفس التأثير.

الالتهابات أو العدوى: مثل التهاب العضلات والخراجات والجلطة من فتحتي الجيوب الأنفية.

الصدمة (الكسر – الورم الدموي): يمكن أن تسبب الإصابة في الرأس أضرارًا في العضلات أو الأعصاب التي تنسق حركات العين، خاصةً في حالة حدوث كسر في العظام.

الرؤية المزدوجة المؤقتة

يمكن أن تحدث الرؤية المزدوجة المؤقتة بسبب حدث صادم مثل الارتجاج أو الإرهاق البدني المفرط أو التسمم من مادة ما، مثل الكحول أو بعض الأدوية. وعند حدوث ذلك، تكون الحالة عابرة وتشير فقط إلى “استرخاء” مؤقت لآلية التعامل مع المحفزات البصرية من قبل الجهاز العصبي المركزي.

الأعراض

يمكن أن تكون الرؤية المزدوجة ثابتة أو متقطعة أو تحدث فقط عندما تركز البصر عن شيء في اتجاه معين (يسار أو يمين)، هذه الحالة الأخيرة تحدث على الأرجح في حالة ضعف عضلات العين.

علاوة على ذلك، فإن الرؤية المزدوجة يمكن أن تكون:

  • أفقية: حيث تتوضع الصورتين بجانب بعضهما البعض.
  • عمودية: حيث تتوضع إحدى الصورتين فوق الأخرى.
  • قطرية: يكون هناك ميلان، حيث يتم إزاحة الصور رأسيًا وأفقيًا عن بعضها البعض.

في بعض الأحيان، يتم الخلط بين الصورتين مما يسبب عدم وضوح الرؤية. في هذه الحالة، تظهر صورة واحدة أقل حدة وغير واضحة وغير محددة التفاصيل.

يمكن أن تحدث الرؤية المزدوجة لوحدها دون أن تترافق مع أي أعراض أو قد تكون مصحوبة بأعراض أخرى. يمكن أن تشمل هذه الأعراض ما يلي:

  • خلل في إحدى أو كلتا العينين (حول).
  • ألم بدون أو مع حركات العين، في إحدى أو كلتا العينين.
  • ألم حول العينين.
  • صداع.
  • غثيان.
  • تدلي الجفون.
  • دوار.

بالنسبة للبالغين، إذا حدثت الرؤية المزدوجة فجأة فقد يكون ذلك علامة على وجود حالة طبية خطيرة لها تأثيرات على العينين أو العضلات أو الأعصاب أو المخ. لذا يجب استشارة الصبيب المختص على الفور.

الرؤية المزدوجة عند الأطفال

في معظم الحالات، يسهل تشخيص وتحديد الرؤية المزدوجة عند البالغين، حيث يمكنهم وصف ما يرونه. لكن يصعب اكتشاف الأعراض لدى الأطفال، مما قد لا يفسر ويُظن أنه ضعف في الرؤية.

إذا كانت الرؤية المزدوجة تؤثر على عينٍ واحدة أو كلتا العينين، فإنها ستؤثر على تفسير المعلومات المرئية. ومع ذلك، في مرحلة الطفولة، يستطيع الدماغ أن يتكيف بسرعة مع المشكلة، فيتجاهل أ يلغي إحدى الصورتين ويعتمد أكثر فأكثر على الإشارات التي تتلقاها العين المهيمنة، لهذا، يمكن أن يؤدي ذلك مع الزمن إلى إضعاف الرؤية بشكل دائم في العين المصابة.

إذا كان الطفل يعاني من الرؤية المزدوجة، فقد يضيّق عينيه في محاولة للرؤية بشكلٍ أفضل، أو يدير رأسه بشكل غير عادي أو ينظر إلى الجوانب بدلًا من النظر إلى الأمام. يتم علاج معظم الأطفال بنجاح إذا تم اكتشاف الحالة وعلاجها مبكرًا.

التشخيص

تتمثل الخطوة الأولى للتشخيص تحديد ما إذا كانت الرؤية المزدوجة تشتمل على عين واحدة أو كلا العينين، وما إذا كانت الصور منفصلة عن المستوى العمودي أو الأفقي أو المائل.

يجب أن يقوم الطبيب بإجراء تقييم كامل لحالة المريض بدراسة تاريخ ظهور الأعراض أولًا، وتحديد إجابة عن أسئلة هامة مثل، هل بدأت الأعراض بالظهور بشكلٍ مفاجئ أم تدريجيًا، وما هي مدة ظهورها وترددها، هل هي حالة متقطعة أو دائمة، وهل هناك أي أعراض مصاحبة (مثل الألم، الصداع، فقدان الوزن)، ما هي حالة المريض الصحية، هل يعاني من أي أمراض (ارتفاع ضغط الدم والسكري وتصلب الشرايين، هل يتعاطى الكحول أو الأدوية أو يخضع لأي من العلاجات الطبية. يجب أن يبحث التقييم الطبي أيضًا عن الأعراض العصبية واختلالات الأعصاب القحفية، مثل التغيرات في الرؤية، والخدر أو التنميل في الجبهة والخد، وضعف عضلات الوجه الدوار فقدان السمع وصعوبة في التحدث والنطق وغيرها من الحالات الشاذة الحسية. يجب أيضًا تقييم الأعراض غير العصبية المتعلقة بالحالة هذه مثل الغثيان والتقيؤ والإسهال (التسمم)، والخفقان والحساسية للحرارة وفقدان الوزن (مرض جريفز) وصعوبة السيطرة على المثانة (التصلب المتعدد).

يبدأ الفحص البدني بمراجعة العلامات الحيوية للحمى والمظهر العام لعلامات التسمم. يكتشف فحص العين الموضع الأولي للعينين ويقيم حدة البصر (مع إمكانية تصحيح العيوب الانكسارية). يجب على طبيب العيون تحديد وجود أ عدم تورم في العين أو تدلي الجفون أو تشوهات في الحدقة.

في تشخيص الرؤية المزدوجة، يولي الطبيب اهتمامًا خاصًا لكيفية تركيز العينين والتحرك معًا للتركيز على مكان النظر (المحاذاة والتقارب والتركيز). يجب أن يقيس الاختبار حركة العين (كاملة أو محدودة)، ويحدد أي حركة غير متوازنة للعيون أو رجفان. هذا التقييم مهم جدًا، لأن أي ملاحظة قد تشير إلى اضطراب قد يكون المسؤول عن حدوث المشكلة.

يمكن تقييم أي إصابة للعين أو الجفن باستخدام مصباح خاص، هذا يساعد في الكشف عن أي تشوهات في العدسة البلورية وشبكية العين.

يجب أن يشمل الفحص العام المزيد من الاختبارات للتأكيد من أي أسباب أخرى. على سبيل المثال، في حالة الاشتباه بأن المريض يعاني فرط نشاط الغدة الدرقية، يخضع المريض لاختبارات لقياس وظائف الغدة الدرقية (مستويات هرمون الغدة الدرقية في الدم. بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الرؤية المزدوجة المؤقتة، ينبغي إجراء اختبارات الوهن العضلي والتصلب المتعدد والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي (CT) للرأس بهدف الكشف عن أي علامات للصدمة أو النزيف أو الأورام أو التغيرات المرضية الأخرى (سواء في الأوعية الدموية أو الجمجمة أو الجهاز العصبي المركزي).

العلاج

يتضمن العلاج إدارة الاضطراب الأساسي. تشمل خيارات العلاج تمارين العين، واستخدام النظارات، وفي حالات أكثر تطرفًا، يمكن اللجوء إلى الحقن الجراحي. في بعض الحالات، يمكن تحسين الرؤية المزدوجة عن طريق تصحيح السبب الأساسي.

إذا كان من غير الممكن عكس الأعراض البصرية، فإن بعض العلاجات يمكن أن تساعد المرضى على التغلب على الرؤية المزدوجة. في بعض الأحيان، يتطلب ذلك ارتداء رقعة على إحدى العينين أو نظارات الخاصة لتقليل تأثير الرؤية المزدوجة.

المصدر

https://www.my-personaltrainer.it

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله