لا تفرق بين أبنائك وتورث الحقد والكره بينهم

غيرة من الأخ أو محبة كبيرة، نجاح وفرح أو تراجع وفشل، صداقة بين الأخوة وروح التعاون أو حقد وأذى وإلحاق الضرر، إن ما يحدد أي من الخيارات السابقة هو طريقة تعامل الأهل مع الأبناء، لذا يجب أخذ هذا قاعدة دائمة: لا تفرق بين أبنائك وتورث الحقد والكره بينهم

لا تفرق بين أبناء وتورث الحقد والكره بينهم

الطفل بعمر شهر أو سنة، أو الابن في المدرسة، أو على أبواب التخرج من الجامعة، الابن المتزوج ولديه الأولاد، وأنت والجميع، لا يمكن لنا تحمل أن يتم التفريق بيننا وبين أشقائنا، فالأهل بالنسبة لكل شخص هم أساس بنائه وبناء شخصيته ونفسيته، وهم سبب نجاحه ومصيره.

ولكن تظهر في الطريق مشكلة التفريق بين الأبناء، وقد تكون واضحة بإرادة الأهل، وقد تكون خفية يشعر بها الأب أو الأم دون إظهارها، لذا كان لا بد من تسليط الضوء على الأسباب الكامنة خلفها، والحل المناسب لكل سبب، بالإضافة إلى ما يمكن أن يترتب عليها من أضرار، وأخيرًا خطوات فعالة للتخلص منها.

لماذا قد يفرق الأهل بين الأبناء؟

لماذا قد يفرق الأهل بين الأبناء؟

لا يوجد مشكلة بدون أسباب، وفيما يخص التفريق بين الأبناء، فالأسباب بشكل عام تنقسم إلى قسمين: الأول هو ما يتعلق بالأهل ويؤدي إلى التفريق بين أبنائهم، والثاني هو دور الأبناء في ذلك.

ما هو دور الأهل في التمييز بين الأبناء؟

ما هو دور الأهل في التميز بين الأبناء؟

هنا يكون التأثير مباشر على الأهل وموجه لهم بشكل خاص، وقد تكون النتيجة واضحة إلى حد كبير وسريعة.

1 – المجتمع وتأثيره على الأهل

إلى حد كبير يكون للمجتمع تأثير على الأهل ودفعهم لتمييز ابن على أخر من أبنائهم، وهذا يتوقف على المكان وطريقة التفكير السائدة بين أفراد المجتمع، فمثلًا في بعض المجتمعات يتم تمييز الأبناء الإناث على الذكور وذلك من منطلق أنهن الأضعف والأكثر حاجة للرعاية والاهتمام، بينما في مجتمعات أخرى يتم النظر إلى الإناث على أنهن ثقل، ويميل التميز إلى الذكور، على اعتبارهم الأقوى ومن سيتوجب عليهم القيام بالأعمال ومساعدة الأهل، والحفاظ على ذكرى الأسرة والأبوين.

ولكن على البيئة السليمة ألا تميز بين ابن على أخر، وخاصة في حين أننا وصلنا إلى القرن 21، وبالتزامن مع كل التقدم والتطور، فعلى الأهل المساواة بين أبنائهم الإناث والذكور على حد سواء، فلكل منهم دوره المهم في الحياة وبناء المجتمع وتقدمه.

2 – تأثيرات خارجية على الأهل

تأثيرات خارجية على الأهل

يمكن أن يكون تمييز الأهل لأحد أبناهم بسبب تأثر الأهل بأشخاص من خارج الأسرة، وذلك يضاف إلى دور المجتمع، فعلى سبيل المثال تفضل الأم الابن الناجح، والذي يملك شهادة دراسية عالية على من لديه عمل بسيط أو مهنة، وذلك لأنه من يقدم لها الفخر عندما تكون بين صديقاتها أو قريباتها، فيكون التمييز نابع من إعجاب الأشخاص الأخرين بأحد الأبناء دون غيره، والغاية هي تغذية كبرياء الأهل والتفاخر أمام الناس.

والحل في هذه الحالة يكون من خلال تذكر هذا: لا تفرق بين أبنائك وتورث الحقد والكره بينهم وأنه على محبتك لهم أن تكون صادقة نابعة من قلبك ومتسامية عن أي غايات شخصية، وبدون أي تأثر بأشخاص غريبين ليس لهم أدنى علاقة بالأسرة الواحدة، أو أدنى علم بما قد يتميز به الأبناء جميعهم وبشكل مختلف عن بعضهم.

3 – أسلوب الأهل في التعامل مع الأبناء

قد يتبع الأهل أسلوب خاطئ في تربية الأبناء، وقد يكون عن جهل منهم، أو فهم خاطئ للأساليب التربوية السليمة والحديثة، فمثلًا يلجأ الأب لأسلوب “الثواب والعقاب” وينفذه بشكل غير صحيح، فيعاقب الابن المخطئ وفي الوقت ذاته يميز ويكرم الابن الناجح، بحيث يخلق الحقد بينهم، وقد يلجأ الأهل لأسلوب الضرب مع الأبناء الذكور، والكلام مع الإناث على اعتبار أنهم قادرين على تحمل ذلك، أما عن الجهل بأساليب التربية فهنا قد يتخذ الأب من تميز طفل على أخر طريقة يعتقد أنه من خلالها سيحفز بقية الأطفال، لكن لا يجد إلا العكس.

والحل هو بالبحث المستمر عن الطرق الصحيحة في التربية، فمثلًا في أسلوب الثواب والعقاب يجب عدم المبالغة في الأمرين، وخاصة في حال كانت المواقف متقاربة، فالطبيعة البشرية تميل إلى مقارنة النفس وما يحصل معها بالأخرين وما يحصل معهم.

4 – تعلق الأهل بأحد الأبناء

لسبب من الأسباب قد يتعلق الأهل بأحد الأبناء، كأن يكون الولد الأول بعد طول انتظار، أو يحمل اسم الجد أو الجدة، أو يشبه شخص عزيز وقد مات أو ابتعد، أو قد يكون هذا الابن يشبه أمه المتعلقة به أو أباه إلى حد كبير، وهنا وبدون إرادة من الأبوين سيجد الأبناء نفسهم واقعين في حالة من العدوانية اتجاه ذلك الأخ، كما أنهم قد يتخذوه وسيلة للحصول على ما يريدون فالأهل لن يواجهوا أي طلب منه إلا بالموافقة والتنفيذ.

والحل هنا من خلال تعلم طريقة إنهاء التعلق بالأشخاص من خلال الخضوع للبرامج والدورات التدريبية المخصصة لذلك، كما يمكن للحد من مظاهر هذا التعلق أن تشكل فارق كبير في نفسية الأبناء وطريقتهم، ومع الوقت سيعتاد الأهل على معاملة هذا الابن كأخوته.

5 – الحالة النفسية للآباء والخلفية التربوية

الحالة النفسية للآباء والخلفية التربوية

قد يعاني الأهل من حالة نفسية سيئة أو وضع خاص يسبب لهم عدم القدرة على العدل بين أبنائهم، كأن يعاني الأهل من الاكتئاب وعدم الاتزان النفسي بالإضافة إلى قلة الوعي، وفي أغلب الأحيان تكون هذه الحالة مرافقة لفقدان أحد الأبناء.

أما عن دور الخلفية التربوية فهي ترافق الجهل بطرق التربية، فتجد الأب والأم كل منهما يطبق ما تربى عليه، وقد يكون أحدهما قد تعلم طريقة التمييز أو نشأ وهو يجد أن أحد أخوته هو المفضل عند أبيه، فيصبح غير قادر على التصرف بطريقة مختلفة مع أبنائه هو.

والحل في كل من الحالتين يكون من خلال اللجوء إلى الأخصائيين والأطباء النفسيين، فهم الأقدر على علاج الخلفية الشخصية للإنسان ومساعدته في تخطي المشكلات والصدمات، والخروج من الاكتئاب.

6 – المستوى التعليمي للأهل

من الطبيعي أن تجد حالة التمييز بين الأبناء عند الأشخاص الغير واصلين إلى المراحل المتقدمة من التعلم، ويكون هذا الجهل مترافق مع التأثر بطريقة تربيته، بالإضافة إلى رأي المجتمع والأشخاص الأخرين، كما قد يكون التمييز نتيجة اعتقاد الأهل أن الطفل المميز هو من سيحقق ما لم يقدر على تحقيقه كل من الأب والأم، والحل هنا من خلال زيادة الوعي، والحد من الجهل، مع أهمية دور التعلم وزيادة المدارك الثقافية.

ما هو دور الأبناء في التمييز بينهم؟

ما هو دور الأبناء في التميز بينهم؟

إلى جانب دور الأهل فدور الأبناء مهم لكن تأثيره لا يكون بالحدة ذاتها أو بالسرعة نفسها، فيمكن اعتباره من الأسباب الثانوية.

1 – قدرات الأبناء وميزاتهم

قد يتميز ابن عن أخر بصفات معينة، ويفضلها الأهل، بينما لا تكون واضحة تلك الصفات التي يتميز بها الأخرون، وهنا تجد الأهل يهتمون بالطفل المميز، فمثلًا لو كان يجيد الغناء سوف يتم صب كل الاهتمام في صوته وتحسين قدرته على الأداء.

والحل يكون من خلال الإيمان بقدرة كل الأبناء، والتأكد من امتلاكهم جميعًا لصفات ومواهب تميزهم، وعلى الأهل اكتشافها والبحث عنها وتنميتها.

2 – الطريقة التي تناسب كل طفل

الطريقة التي تناسب كل طفل

بين الأخوة في الأسرة الواحدة قد تختلف الطبائع، فابن يسري معه أسلوب اللين والحكمة، ويمكن له أن يستجيب بالكلمات اللطيفة بينما أخر من صفاته العند، ولا يمكن ترويضه، ويمكن أن يصل الحال بالأهل إلى استخدام الصراخ، أو حتى تمييز أخوته عنه لعله يتأثر! لكن هذا ما يزيد الأمر سوء فتجده يزيد عناد وطيش.

والحل في هذه الحالة يكون من خلال معرفة مفتاح هذا الابن، فلكل شخص طريقة يفضلها في التعامل وتجدي معه نفعًا، فجرب أن تلعب معه، أو جرب أن تتحدث إليه كأنه شخص كببر وواعي، وستلاحظ تغير ملحوظ.

3 – ظرف خاص عند ابن معين

قد يكون عدم تمييز ابن معين هو بسبب ارتباطه بحدث أو ظرف أو ذكريات سيئة بالنسبة للأهل، كأن تكون ولادة الابن هي سبب وفاة الأم، أو التعرض لحادث مثلًا فهنا سيكون التمييز سلبي، ومن جهة أخرى يمكن أن يكون التمييز إيجابي كأن تكون ولادة هذا الابن مترافقة مع حدث مفرح وسعيد بالنسبة للعائلة ككل.

والحل هنا من خلال فصل الأحداث، وتجاوز الماضي، وعدم ربط الذكريات بأشخاص معينين، والإيمان بالقضاء والقدر فلا ذنب لابن، وليس هو إشارة شر أو خير، كما يمكن الحصول على مساعدة من المختصين والأطباء النفسيين في بعض الحالات الصعبة.

ما نتائج التفريق بين الأبناء؟

ما نتائج التفريق بين الأبناء؟

لا تفرق بين أبنائك وتورث الحقد والكره بينهم لأن نتائج ذلك لن تكون بسيطة لذا كان أمر الرسول صلى الله عليه والسلم في العدل بينهم، ومن النتائج التي قد تظهر:

  • الكره والحقد بين الأبناء، وقد يصل الأمر إلى محاولة أحدهم إيذاء الأخر أو جره إلى الخسارة حتى لا يبقى المتميز.
  • كره الأهل والشعور بالظلم نتيجة تمييز أحد الأبناء على الأخر.
  • محاولة الابن لفت انتباه أهله بأي طريقة كانت حتى ولو تعرض هو للأذى المهم أن يحصل على الاهتمام!
  • تراجع على الصعيد النفسي والاجتماعي وفقدان ثقة الأبناء بنفسهم.
  • الغرور والتكبر عند الابن المميز.

لا تفرق بين أبنائك وتورث الحقد والكره بينهم – كيف ذلك؟

لا تفرق بين أبنائك وتورث الحقد والكره بينهم – كيف ذلك؟

لا يوجد أب أو أم يتمنى توريث الحقد والكره بين الأبناء لذا لا بد من معرفة الطريقة الصحيحة والخطوات الفعالة في التخلص من مشكلة التفريق هذه، وفيما يلي الطريقة البسيطة لذلك:

1 – إخفاء التفريق بين الأبناء

على الأهل العمل والتدرب والوعي في إخفاء التفريق بين الأبناء، وعدم إظهار ذلك مهما كانت المواقف والأمور، وفي حال كان لا بد من التمييز يجب أن يكون موضوعي وضمن الحدود الطبيعية عند وجود الأبناء الأخرين، وبعد ذلك يمكن التعبير عن الاهتمام بشكل خاص. في البداية سيكون الأمر صعب على الأهل، لكن مع مرور الوقت سيصبح أسهل، وسينشأ القدر نفسه من المحبة والاهتمام لكل الأبناء.

2 – الاهتمام بالأبناء بشكل منفصل

يجب على الأهل تمضية وقت مع الأبناء كل منهم بشكل منفرد، ومعرفة كل ما يخصه، وما يميزه، وبأي الأشياء هو مبدع، ومن ثم تنمية هذه القدرات، وبعدها سيكون كل الأبناء مدعاة للفخر. ومن خلال هذا الاهتمام المنفصل سيكون من السهل الكشف عن أي مشكلة نفسية أو شخصية قد يعاني منها الأبناء، وسيكون علاجها هو الخطوة التالية.

3 – الاهتمام بالأبناء معًا

إلى جانب الاهتمام بكل ابن لوحده يجب على الأهل الاهتمام بكل الأبناء معًا وتربيتهم على أنهم أسرة واحدة، وأن كل شخص منهم مهم إلى حد كبير وأنه جزء أساسي ولا يمكن الاستغناء عن أي أحد.

4 – التحدث والاستماع بينك وبين أبنائك

التحدث والاستماع بينك وبين أبنائك

قد يتم التفريق بين الأبناء، وذلك بدون أي قصد من الأهل، ولكن الحوار والتحدث بينهم وبكل صدق وعفوية سيعمل على توضيح الأمور، فعلى كل شخص التعبير عما يزعجه، وما الذي يراه أفضل في طريقة تعامل أهله معه.

5 – زيادة وعي الأبناء

يتم استثناء بعض الحالات من هذه المشكلة، كالابن المريض أو المسافر إلى أن يعود أو غيرها من حالات خاصة، وهنا على الأهل توعية أبنائهم بأن التمييز ليس بسبب اختلاف درجة المحبة لكن لسبب منطقي، وستجد اهتمام الأبناء بهذا الشخص يزداد.

وظيفة الأهل وظيفة مهمة ودائمة وبدون أي أيام للإجازة، ومع هذا لا يوجد أي مجال للخطأ أو للإهمال وهذا ما يميز الآباء لذا من الضروري أن تتذكر دائمًا: لا تفرق بين أبنائك وتورث الحقد والكره بينهم

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله