السكري والحمل … داء السكري بين الأم والجنين

داء السكري مرض منتشر بشكل كبير، وهو الزيادة في نسبة السكر الموجودة في الدم وإذا ما أصيبت المرأة به وهي حامل صار اسمه سكر الحمل (Gestational Diabetes)، ومرض السكري ينتج عن ازدياد مستوى الجلوكوز في الدم بسبب نقص إفراز مادة الأنسولين لعدم استجابة الخلايا لتأثيره بسبب الحمل.

ولداء السكري نوعان اثنان يصاب بهما 95% من حالات المرض و5% فقط تصاب النساء الحوامل بمرض سكر الحمل، ما هو التأثير بين السكري والحمل هذا ما سنتحدث عنه في هذه المقالة بشيء من التفصيل.

أنواع الداء السكري

إن للمرض نوعان رئيسيان هما داء السكري من النوع الأول وداء السكري من النوع الثاني وهما يختلفان عن داء سكري الحمل، ويجب التمييز بينهما وذلك لنجاح العلاج، إن سكر الحمل من اسمه نتبين أنه يصيب المرأة الحامل أثناء الحمل، وينتج عن خلل هرموني حيث يؤدي الحمل إلى زيادة انتاج هرمون الأستروجين وهرمون البروجسترون، ويختفي بعد الولادة مباشرة.

أما النوعين الآخرين فيمكن أن تحدث الإصابة بهما قبل أو بعد الحمل، ولكن سكر الحمل يعرض نصف النساء اللواتي يصبن به إلى إصابة بمرض السكري من النوع الثاني فيما بعد، وفي الحالات النادرة يمكن أن تصاب بالنوع الأول من داء السكري خلال الحمل، ويشخص على أنه سكر حمل لكنه لا يزول بعد الولادة بل يحتاج إلى الأنسولين للسيطرة على المرض.

ما هو سكر الحمل؟

هو مرض السكر الذي يصيب المرأة الحامل للمرة الأولى ويتم اكتشافه أثناء الحمل، ونسبة الإصابة به من 1% إلى 14% من حالات الإصابة بداء السكري، وهو الزيادة في كمية السكر في دم الحامل عن المعدل الطبيعي، ومن النادر أن تصاب الأمهات بسكر الدم في الحالات التالية:

  • عند الأعمار التي لا تتجاوز الخامسة والعشرين من العمر.
  • عندما يكون وزن الأم في المعدل الطبيعي.
  • عند عدم وجود قصة عائلية لمرض السكري.
  • إذا كانت الولادات السابق طبيعية حدثت دون مشاكل.

أثر مرض داء السكري على الجنين والحمل

لنعلم بديةً أن هناك تأثير متبادل بين مرض السكر على الحمل وبين تأثير الحمل على مرض السكري:

1 – تأثير مرض السكري على الحمل

يشمل التأثير الجنين والأم الحامل بنفس الوقت:

  • أما على الجنين فيزداد وزن الجنين مما يؤثر على عملية الولادة، وتزيد من نسبة التشوهات والعيوب الخلقية، ويؤدي لنقص السكر عند الطفل الوليد، وزيادة في نسبة الإجهاض والولادة المبكرة وموت الجنين لا سمح الله.
  • أما الأم الحامل فتكون عرضة لتسمم الحمل وازدياد في حجم السائل في المشيمة ولنزف حاد عقب الولادة، ونسبة إصابة عالية جدًا بحمى النفاس.

ولكي نتفادى هذا التأثير لمرض السكري على الحمل والجنين يجب الحفاظ على نسب السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية وتناول جرعات محددة من الأنسولين أثناء الحمل لأنه لا يسمح بإعطاء أي أدوية لعلاج السكر أثناء الحمل، والغذاء السليم هو أنجح السبل للوقاية من أخطار مرض السكر على الأم الحامل وعلى الجنين.

2 – تأثير الحمل على مرض السكري

إن الحمل يخفف من استجابة خلايا الجسم لتأثير الأنسولين، وبالتالي يزيد من احتمال ظهور المضاعفات وتشكيل مادة الأسيتون (Acetone) في الجسم، وهي مادة سامة تنتج بسبب قلة إنتاج الأنسولين أو الصوم الطويل عن الطعام، ووجود الأسيتون في البول حالة مرضية يجب علاجها.

الداء السكري والحمل

في الماضي كانت النساء المصابات بدء السكري يمتنعن عن الحمل والإنجاب، وإذا حدث الحمل فلا يستمر، حتى في عشرينيات القرن الماضي كانت حالات الحمل عند مريضات السكر الناجحة قليلة جدًا حتى مع توفر مادة الأنسولين، والآن أصبحت فرص الحمل عندهن موازية تمامًا للنساء الغير مصابات بالداء السكري، وهذا بسبب قدرة الطب الحديث على السيطرة على معدلات السكر الطبيعية في الدم أثناء الحمل وقبله.

صحة الجنين وداء السكر

من المهم جدًا السيطرة على كمية السكر في الدم لصحة الجنين وبشكل خاص خلال أول ثمانية أسابيع من الحمل أي في مرحلة تشكل الدماغ والرئتين والقلب والكليتين، حيث أن الجنين في هذه المرحلة تكون نسبة الإجهاض عالية بسبب ارتفاع السكر في الدم، وفي المراحل اللاحقة للحمل يمكن أن يؤدي للولادة والجنين ميتًا أو ولادة مبكرة، ارتفاع نسبة السكر في الدم تؤدي لنمو في حجم الجنين مما يسبب ولادات متعسرة.

التخطيط من أجل الحمل عند النساء المصبات بداء السكري

كي لا تتعرض الأم والجنين لمخاطر مضاعفات مرض الداء السكري يجب وضع برنامج مع الطبيب المعالج وذلك للسيطرة على المرض وتحضير الجسم لحمل يكون صحي وآمن ويتضمن البرنامج على الخطوات التالية:

1 – استخدام أساليب منع الحمل

يؤمن ذلك اختيار الوقت المناسب والأكثر سلامةً وملاءمةً للإنجاب، عندما يصل مستوى السكر (الهيموغلوبين A-1C) إلى المعدل القريب من الطبيعي يمكن إيقاف موانع الحمل.

2 – الفحص الجسدي الشامل

يساهم في معرقة أخطار مضاعفات مرض السكري والحمل، كالفحوصات التالية: الأعصاب والعينين والكليتين وضغط الدم وعلاج آثار السكري قبل الحمل.

3 – المراقبة المستمرة لسكري الدم

المراقبة المستمرة لسكري الدم

إن مراقبة سكر الدم من الأمور الهامة التي على المريضة اتباعها بشكل دائم ومستمر لتقليل نسب المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها المريضة وابنها الجنين والناتجة عن السكري والحمل وتكون المراقبة على شكل اختبار السكر قبل الطعام وبعده بساعتين، وتناول الأنسولين وتعديله حسب الاختبار، وقد يصبح الاختبار في مٍنتصف الليل وعند النوم والاستيقاظ منه.

4 – النظام الغذائي للمريضة

إن وضع برنامج للأكل الصحي يساهم في تثبيت السكر في المستوى شبه الطبيعي، وذلك يتم بالتعاون مع الاختصاصي في التغذية لتصميم الوجبات التي تواجه مخاطر السكري على الحمل، كالغثيان والإمساك والقيء.

5 – التمارين الرياضية المنتظمة

التمارين الرياضية المنتظمة

فيما مضى كانت المرأة الحامل والمصابة بداء السكري لا تنصح بممارسة الرياضة، أم الآن فكل الأطباء ينصحون بذلك، ولكن يجب قياس مستوى السكر في الدم قبل التمارين وبعدها لنتفادى خطر نقص السكر في الجسم.

عملية ولادة الطفل عند الأم المصابة بالسكري

إن الطبيب المعالج والمتابع لحالة الأم الحامل هو الذي يحدد طريقة الولادة الآمنة للطفل ووقتها، بما أن السكر في معدلاته الطبيعية فالولادة الطبيعية ممكنة، ومراقبة السكر تتم بشكل متواصل أثناء المخاض للتحكم بطريقة الولادة الصحية، وتقل الحاجة إلى الأنسولين بعد الولادة ولكن لا بد من مرور بعض الوقت لعودة نظام الأنسولين الذي كان عليه قبل الحمل، إن معظم الأمهات اللواتي حافظن على مراقبة مستمرة للسكر وعلى السيطرة على مستويات السكر حصلن على أطفالًا أصحاء سليمي البنية.

العلاج المكثف بالأنسولين يقلل من عيوب الولادة

تشير الدراسات التي أجرتها الجمعيات الأمريكية لداء السكري أن نسبة الأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية لأمهات مصابات بداء السكري من النوع الأول، وقمن بالسيطرة على السكر كانت النسبة لا تزيد عن 1%، والعلاج المكثف يتضمن تعديلات متعددة على الجرعة التي يجب أن تعطى للحامل، والتغيرات التي تحصل في الجسم تجعل التحكم في سكر الدم أكثر تعقيد وصعوبة.

الرضاعة وداء السكري

إن الإرضاع الوالدي يؤمن العديد من الفوائد العظيمة للطفل، والمستويات لسكر الدم تنخفض أثناء الارضاع لذا يجب الانتباه لعدم استنفاذ مخزون الأم من السكر هنا يجب تعديل جرعات الأنسولين المطلوبة.

نصائح عامة لمرضى السكري

  1. تخفيف الوزن والحفاظ عليه ضمن المعدلات الصحية.
  2. إجراء اختبار للسكر خلال ستة أسابيع من الولادة فإذا كان المستوى طبيعيًا فالاختبار يعاد مرة في السنة.
  3. الالتزام بممارسة التمرينات الرياضية وتطبيق نظام غذائي صحي.
  4. الحفاظ على المستوى التالي للسكر في الدم كي لا تكون هناك آثارًا سلبية: عند الصوم إن مستوى السكر المثالي هو أقل من 95 مللي غرام، وبعد الطعام بساعتين يجب ألّا يزيد عن 130 ميللي غرام.

النظام الغذائي للنساء المصابات بالسكري

النظام الغذائي للمريضة

لا فرق في النظام الغذائي لسكر الحمل أو الأنواع الأخرى من السكري ولكت يجب التأكيد على الملاحظات التالية:

  • تعدد الوجبات إلى ثلاث وجبات رئيسية واثنتان خفيفتان.
  • يجب التقليل من السعرات الحرارية إذا كانت المريضة تعاني من السمنة.
  • يجب تناول كمية قليلة من حمض الفوليك لا تتجاوز النصف ميللي غرام.
  • الاهتمام بالنظام الغذائي يمكن أن يكون كافيًا للحفاظ على مستوى السكر في الدم بشكل طبيعي.

كنا تحدثنا في هذا المقال عن مرض داء السكري والحمل وأثره على كل من الأم الحامل والجنين وتعرضنا للمخاطر من مضاعفات المرض وكيفية العناية بمريضات الداء السكري للحصول على أطفال أصحاء وولادات طبيعية أرجو أن أكون قد وفقت بتقديم المعلومة الطبية المفيدة والتي تغني الثقافة الطبية اللازمة للجميع لمعرفة التعامل مع كل الظروف القاهرة والطارئة والله الموفق.

سيهمك أيضًا قراءة: مريضة السكري هل يمكنها الحمل وما خطورة السكري على الجنين؟!

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله