أحدث علاج للسكر قام العلماء بتطويره

يسعى العلماء من خلال تجاربهم العلمية والسريرية التي يجرونها على الحيوانات والمرضى من البشر، إلى البحث باستمرار عن علاجاتٍ للأمراض المختلفة، ومنها مرض السكري الذي يؤثر على مئات الملايين من المرضى حول العالم.

وبفضل هذه التجارب والجهد الكبير الذي تقوم به المراكز الطبية العلمية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، تم تطوير علاجاتٍ جديدة يمكن استخدامها لعلاج المرضى الذين يعانون من مرض السكري بنوعيه الأول والثاني.

أحدث علاج للسكر من النوع الأول

هناك دواء جديد تم اختباره بنجاح على الفئران والخلايا البشرية، وهو قادر على عكس أعراض وأسباب مرض السكري من النوع الأول، وإذا ثبت أنه فعال وآمن في التجارب السريرية، فقد يكون علاجًا للمرض. هذا الإنجاز، الذي تم تفصيله اليوم في مجلة Nature Communications، هو نتاج عمل فريق دولي من العلماء بقيادة باحثين من المركز الأندلسي للبيولوجيا الجزيئية والطب التجديدي (Cabimer) في مدينة إشبيلية الإسبانية. لقد استغرق الأمر عدة سنوات لتحديد مستقبل جزيئي مناسب يمكن تنشيطه باستخدام دواء. والآن بعد أن وصفوه، سيكون من الممكن تصميم العديد من الجزيئات الاصطناعية للعثور على الدواء المناسب.

إذا كان العلماء قادرين حقًا على نقل هذا الدواء إلى البشر، وسيكون ذلك في المستقبل القريب، فإن له تطبيقات ليس فقط في الوقاية ولكن في العلاج أيضًا. وهذا يفتح الباب لعلاج مرض السكري من النوع الأول، وقد قال الباحث رامون جوميس، الأستاذ الفخري في جامعة برشلونة والمدير السابق لمعهد أبحاث الطب الحيوي أيديبابس، الذي لا يشارك في الدراسة:

“داء السكري من النوع الأول هو مرض من أمراض المناعة الذاتية التي تظهر عادة في مرحلة الطفولة. حيث أن 21 مليون مريض يعانون من هذا النوع، وفيه تدمر الخلايا الليمفاوية خلايا بيتا في البنكرياس المسؤولة عن تخزين وإفراز الأنسولين، مما يؤدي إلى اعتماد المريض مدى الحياة على حقن هذا الهرمون. لكن الدواء الجديد يقوم بعمليتين: إنه يقلل من هجوم الخلايا المناعية ويغذي خلايا بيتا المدمرة.

 المركب الكيميائي الجديد (BL001) في هذا العلاج محمي ببراءة اختراع من مؤسسة الصحة العامة الأندلسية. ويسمح تصميمه بتنشيط مستقبل جزيئي يقع على سطح بعض الخلايا المناعية وخلايا البنكرياس، وكما توضح أول مؤلفة لهذه الدراسة وهي نادية كوبو فيوليمير: “يقلل هذا التفاعل الاستجابة الالتهابية ويحمي خلايا بيتا”.

كما يوجد نفس المستقبل في خلايا ألفا في جزر لانغرهانس، المسؤولة عن تخزين وإفراز هرمون الجلوكاجون. يتسبب الدواء في تحويل خلايا ألفا إلى خلايا بيتا. هذه الظاهرة غير العادية، والمعروفة باسم التعددية، تحل مشكلة رئيسية تواجهها العلاجات الخلوية، والتي تتمثل في تجديد خلايا بيتا من عينة غير موجودة أو تضررت بشدة.

متى سيصبح الدواء متاحًا للمرضى

إن تطوير هذا الدواء في المختبر وتحويله لعقار علاجي يمكن إعطاؤه للمريض يكلف حوالي 20 مليون يورو.

وقد نجح هذا الدواء في منع وعلاج مرض السكري عند الفئران المعدلة وراثيا وفي مزارع الأنسجة البنكرياسية التي تبرعت بها عائلات المرضى المتوفين. ويود العلماء الحصول على دواء قابل للتطبيق “في أقرب وقت ممكن”، لكنهم يقولون إنه من المستحيل معرفة متى سيحصلون عليه. إذ يكلف تطوير دواء من المختبر إلى المريض حوالي 20 مليون يورو. وقد صرف حتى الأن ثلاثة ملايين يورو بعلى الأبحاث. ويقول العلماء أنه إذا تم إعطاؤهم 17 مليونًا غدًا، ففي غضون بضع سنوات، وإذا سار كل شيء على ما يرام، سيكون الدواء في السوق”.

بالإضافة إلى التمويل العام، يتلقى هذا البحث مساهمات من رابطات مؤسسة أبحاث السكري في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية وDiabetesCERO في إسبانيا.

المادة الفعالة

المركب الحاصل على براءة اختراع هو واحد من عدة مركبات سيتم تركيبها الآن من أجل تحديد تلك التي لها عتبات فعالية أقل وعتبات سمية أعلى. وعلى الرغم من أن الفئران أعطيت هذا الجزيء عن طريق الحقن، فإن الهدف النهائي هو إنتاج الدواء بشكل حبوب. ويأمل العلماء في أن يتمكن هذا الدواء من خلق تسامح مناعي دائم. ويضيف الباحثون: “تفضل شركات الأدوية تطوير علاجات وأدوية يجب على المرضى الاستمرار في أخذها مدى الحياة ضامان أرباح دائمة، لكننا نتمنى أن نتمكن من تطوير علاج قادر على إعادة تأهيل جهاز المناعة”.

فريق دولي من العلماء بقيادة باحثين من المركز الأندلسي للبيولوجيا الجزيئية والطب التجديدي (Cabimer)

الصور تظهر الباحثين الذين قامو بالدراسة في مركز كابيمير في إشبيلية يجلسون على الأريكة، وهم من اليسار إلى اليمين: بينوا غوتييه (رئيس المختبر)، نادية كوبو فيوليمير (المؤلفة الرئيسية للبحث) وبيرنات سوريا (مديرة القسم). في الخلف، من اليسار إلى اليمين: إستير دي لا فوينتي مارتن، خوسيه مانويل ملادو جيل، بترا إي لورينزو، أليخاندرو مارتن مونتالفو.

أحدث علاج للسكر من النوع الثاني

تمكنت مجموعة من العلماء من معهد سولك في لا جولا بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، من إجراء اختبار على الفئران على علاج جديد لوقف مرض السكري من النوع الثاني. وقد تم نشر مقال في مجلة “نيتشر” المرموقة عن ذلك. إنه علاج جديد يمكن أن يؤدي بدوره إلى إنتاج جيل جديد من الأدوية الآمنة والأكثر فعالية لمرض السكري.

وجد الفريق العلاج الجديد أن بروتين FGF1 لا يقتصر على إبقاء السكر في الدم تحت السيطرة فحسب، ولكنه أيضًا يعيد الحساسية للأنسولين إلى الخلايا، وهو السبب الفيزيولوجي الأساسي لمرض السكري من النوع الثاني. ولكن بنفس القدر من الأهمية، فإن العلاج الجديد بحسب قول رونالد إيفانز (مدير مختبرات سالك للتعابير الجينية ومؤلف الدراسة): “لا يتسبب في حدوث آثار جانبية شائعة كما يحدث مع معظم العلاجات الحالية لمرض السكري”. ويضيف هذا الخبير: “يقدم FGF1 طريقة جديدة للتحكم في الجلوكوز بطريقة قوية وغير متوقعة”.

مرض السكري من النوع الثاني، الذي يمكن أن يكون سببه زيادة الوزن وعدم النشاط، قد ازداد في العقود الأخيرة في الولايات المتحدة وحول العالم. وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 30 مليون أمريكي يعانون من هذا المرض، حيث يتراكم الغلوكوز في مجرى الدم بسبب عدم وجود الأنسولين الكافي للتحكم في السكر أو لأن الخلايا أصبحت مقاومة للأنسولين، متجاهلة الإشارات لاستيعاب السكر.

وكونه مرض مزمن، يمكن أن يسبب مرض السكري مشاكل صحية خطيرة وليس له علاج محدد، ولكن يمكن التحكم فيه بمستويات مختلفة من النجاح، من خلال الجمع بين العلاج القائم على النظام الغذائي وممارسة الرياضة والأدوية. في الوقت الحالي، تركز أدوية هذا المرض على زيادة مستويات الأنسولين وعكس مقاومة الأنسولين من خلال التغييرات في مستويات التعبير الجيني للحصول على مستويات أقل من الجلوكوز في الدم.

كيف تم اكتشاف هذا العلاج

إن الأدوية، مثل “بييتا”، التي تزيد من إنتاج الأنسولين في الجسم، يمكن أن تؤدي إلى انخفاض مستويات الجلوكوز في الدم بدرجة كبيرة وتسبب هبوط سكر الدم، بالإضافة إلى تأثيرات جانبية أخرى. في عام 2012، اكتشف إيفانز وزملاؤه أن عامل النمو الذي يدعى FGF1 كان له وظيفة خفية، وهي مساعدة الجسم على الاستجابة للأنسولين.

وبشكل غير متوقع، تصاب الفئران التي تفتقر إلى عامل النمو FGF1 بسرعة بالسكري عندما تتناول أطعمة غنية بالدهون، وهذا الاكتشاف وضح بأن FGF1 يلعب دورًا رئيسيًا في إدارة مستويات السكر في الدم. وهذا ما دفع الباحثين إلى إعطاء كمية إضافية من FGF1 للفئران المصابة بالسكري مما أثر على أعراض المرض.

وهكذا كان العلاج الجديد الذي طوره فريق إيفانز عبارة من حقن من جرعة FGF1 للقوارض البدينة المصابة بمرض السكري بهدف تقييم التأثير المحتمل للبروتين على عملية التمثيل الغذائي، وفوجئ الباحثون عند رؤية ما حدث: فبعد إعطاء جرعة واحدة، تم خفض مستويات السكر في الدم بسرعة إلى مستويات طبيعية عند جميع الفئران المصابة بداء السكري.

ويقول مايكل داونز، كبير الموظفين العلميين والمؤلف المشارك للدراسة: “العديد من الدراسات السابقة التي شملت حقن مادة FGF1 لم تظهر أي تأثير في الفئران الأصحاء”، ويضيف: “ومع ذلك، عندما تم حقن هذه المادة في جسم الفئران المصابة بداء السكري، لاحظنا تحسنًا كبيرًا في مستويات الجلوكوز”.

الأثار الجانبية للعلاج الجديد

ورأى العلماء أن علاج FGF1 الجديد له العديد من المزايا التي تميزه على علاجات مرض السكري المتاحة حاليًا، والتي ترتبط بتأثيرات جانبية تتراوح من زيادة الوزن إلى مشكلات خطيرة في القلب والكبد.

والأهم من ذلك، أن مادة FGF1، حتى عند تناولها بجرعات عالية، لا تسبب حدوث هذه الآثار الجانبية كما أنها لا تتسبب في انخفاض مستويات الجلوكوز إلى نسبة منخفضة بشكلٍ خطير، وهو عامل خطر مرتبط بالعديد من أدوية السكري الحالية. وبدلًا من ذلك، فإنه يعيد قدرة الجسم الذاتية على تنظيم مستويات الأنسولين وسكر الدم بشكل طبيعي، والحفاظ على مستويات الجلوكوز في نطاق آمن، وعكس الأعراض الرئيسية لمرض السكري بشكلٍ فعال.

وحتى الأن، لا تزال آلية عمل وتأثير FGF1 غير مفهومة، لكن مجموعة الخبراء الذين يعملون مع إيفانز وجدوا أن قدرة البروتين على تحفيز النمو مستقلة عن تأثيره على الجلوكوز، وبذلك يصبح البروتين أقرب إلى الاستخدام العلاجي.

باحثون من مختبر الجينات طوروا علاج جديد لمرض السكري من النوع الأول

الصورة للباحثين الذين أجروا الدراسة في مختبر الجينات وهم من اليمين إلى اليسار: جاي ميونغ سوه، أنيت أتكينز، مايكل داونز، مريم أحمديان، رونالد إيفانز، روث يو.

معلومات عن مرض السكري

مرض السكري هو المرض الأكثر انتشارًا في العالم، فهو يصيب 430 مليون شخص. من هؤلاء، حوالي 95 ٪ يعانون السكري من النوع الثاني و 5 ٪ فقط يعانون من النوع الأول. وفي حين أن النوع الثاني من مرض السكري عادة ما يصيب البالغين الذين يعانون من السمنة ويمكن السيطرة عليه من خلال فقدان الوزن، فإن النوع الأول هو من أمراض المناعة الذاتية التي ليس لها علاج وتتطلب الحقن الدوري للأنسولين. لا تظهر هذه الحالة دائمًا في مرحلة الطفولة، حيث أنها يمكن أن تظهر عند البالغين بعد حدوث تفاعل مناعي قوي.

في إسبانيا على سبيل المثال، يوجد ما يقرب من أربعة ملايين شخص مصاب بالسكري وهناك حوالي 3.5 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بهذا المرض. وهذا الأمر يفترض تكلفة مباشرة قدرها 10٪ من ميزانية الصحة الإسبانية. في عام 2015، بلغ الإنفاق على مرض السكري في إسبانيا حوالي 6000 مليون يورو. ويقول وزير الصحة السابق بيرنات سوريا الذي شارك في هذه الدراسة: “إن أي جهد في البحث أو التعليم حول مرض السكري، وأي إجراء نتخذه لخفض هذه الأرقام، سيزيد من استدامة نظام الرعاية الصحية”.

المصادر

https://www.elpais.com

https://www.canaldiabetes.com

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله