ظاهرة التصحر وانحسار الغطاء النباتي

يشهد العالم انخفاضًا أو تدهورًا في كمية النباتات، تعرف هذه الظاهرة باسم التصحر، وهي تعني تعرض الأرض للتدهور في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة وشبهُ الرطبة، مما يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي التذ يوجد بفضلها، وهو تدهور وانخفاض خصوبة الأراضي الزراعية المنتجة وتحولها إلى مناطق رعوية، وفقدانها لجزء كبير من الغطاء النباتي، وأيضًا تحول النباتات التي لها قيمة غذائية إلى نباتات ليس لها قيمة، وبالتالي تصبحُ غير صالحة للزراعة والاستخدام.

انتشار ظاهرة التصحر في العالم

بلغ مجموع المساحات المتصحرة في العالم حوالي 46 مليون كيلومتر مربع، يخص الوطن العربي منها حوالي 13 مليون كيلومتر مربع، أي حوالي 28 بالمئة من كل المناطق المتصحرة في العالم، مع العلم أن حوالي 4 بالمئة من الأراضي المزروعة في العالم تتعرضُ إلى الجفاف سنويًا.

سيؤدي كل ذلك إلى جفاف 18 بالمئة من الأراضي المزروعة سنويًا في العالم بحلول نهاية القرن الحالي، كما تشيرُ البيانات الصادرة عن المنظمةِ الأممية إلى أن التصحر طال 168 دولة في عام 2019، مقارنةً بـ 110 دولٍ فقط في تسعينيات القرن الماضي، بينما يقدرُ عدد الأشخاص الذين يعانون من العواقب بشكلٍ مباشر بنحو 850 مليون شخص.

كما انعكست نتائج التصحرِ على البشر حيثُ يعيشُ قرابة مليارا شخصٍ في المناطق الجافة 90 بالمئة منهم يعيشون في البلدان النامية، وتفقد البلدان النامية نحو 16 مليار دولار سنويًا بسبب التصحر، وعلى سبيل المثال فإن 70 بالمئة من أراضي دولة العراق يسودُها المناخْ الصحراويّ الجاف.

32 بالمئة من أراضي العالم الجافة موجودة بالقارة الإفريقية والسبب هو ظاهرة التصحر، ويشكلُ زحفَ الرمال أبرز تجليات التصحر خصوصًا في المناطق الجنوبية والشرقية للمغرب، حيثُ يهددُ 95 بالمئة من مساحة البلاد.

يؤثّر التصحر تأثيرًا مفجعًا على الحالة الاقتصادية للبلاد، حيث يؤدي إلى خسارة تصل إلى 40 مليون دولار سنويًا في المحاصيل الزراعية وزيادة أسعارها، في كل سنة يفقد العالم حوالي 691 كيلو متر مربع من الأراضي الزراعية نتيجة لعملية التصحر.

ما هي أسباب التصحر في العالم؟

أسباب التصحر هي أسباب طبيعية وأسباب بشرية، بالإضافة إلى تأثير عوامل الطقس على عملية التصحر، فإن الكثير من العوامل البشرية أيضًا تؤدي إليها وتصل نسبتها إلى حوالي 87 بالمئة عوامل بشرية و 13 بالمئة عوامل طبيعية.

أهم العوامل الطبيعية المسببة لظاهرة التصحر

من الأسباب الطبيعية تحدث نتيجة إلى حدوث تغيرات في المناخ مثل، قلة الأمطار، تكرار ظاهرة الجفاف، ارتفاع في درجات الحرارة، الانجراف المائي وهبوب الرياح، جرف التربة، انتشار تضاريس ذات طابع صحراوي كالكُثبان الرملية، وهيمنة المناخ الصحراوي على معظم مساحة العالم العربي، التعرية، توالي سنوات الجفاف.

أهم العوامل البشرية المسببة لظاهرة التصحر

تعتبر الأنشطة البشرية الجائرة من الأسباب الرئيسية وذلك من خلال تعارض العناصر البيولوجية في الأراضي الجافة التي تغطي أكثر من ثلثِ مساحة العالم في الاستغلال المفرط والزائد أو غير مناسب للأراضي، و الذي يؤدي إلى استنزاف التربة  الإفراط الرعوي والإفراط في الزراعة و تملح التربة وتغدقها، وقطع الأخشاب وإزالة الغابات التي تعمل على تماسك تربة الأرض، الرعي الجائر يؤدي إلى حرمان الأراضي من حشائشها، وهو الرعي الغير منتظم المتمثل في زيادة أعداد الحيوانات عن طاقة المراعي، أساليب الري الرديئة بالاعتماد على مياه الآبار في الرّي.

الضغط السكاني على البيئة، ويرجعُ الإنسان لذلك بسبب تزايد الكثافة السكانية، وتَعدي الإنسان على النباتات باجتثاثهِ لها، والتعدي على الأراضي بتحويلها إلى منشآت سكنية وصناعية وغيرها، أساليب استخدام الأراضي الزراعية الخاطئة، الاستغلال السيئ للموارد الطبيعية.

آثار التصحر على العالم العربي

للتصحرِ آثارٌ كبيرة على سطح الكرة الأرضية ومن هذه الآثار:

  • الآثار البيئية: وتتمثل في فقدان التنوع الحيوي وتدهور التربة، وبذلك يؤدي إلى قلّة الإنتاج البيئي.
  • الآثار الاقتصادية: وتتمثل في ضعف الإنتاج وقلة فرص العمل مما يؤدي إلى تدني مستوى الدخل الفردي والوطني.
  • الآثار الصحية: وتتمثل في انتشار الأوبئة والأمراض وخاصةً أمراض الجهاز التنفسي.
  • الآثار الاجتماعية: وتتمثل في الفقر والهجرة من القرى والبوادي إلى المدن، وما يترتب على ذلك من مشاكل حضارية في زيادة عدد السكان وارتفاع نسبة الجريمة وغيرها.

مخاطر ظاهرة التصحر

من مخاطر التصحر:

تدهور التنوع البيولوجي

من أهم مخاطر التصحر تدهور التنوع البيولوجي النباتي والحيواني، ومن هنا نستخلص مفهوم طب الأعشاب وهي عبارة عن النباتات التي تشكل عنصرًا مهمًا في صناعة الأدوية.

تدهور الدورة الهيدرولوجية

تدهور الدورة الهيدرولوجية هي عبارة عن دورة المياه في الطبيعة، حيثُ تعتبر المسطحات المائية المصدر الرئيسي لبخار الماء في الجو على شكل غيوم، أما الغابات والمناطق الزراعية مصدر آخر لبخار الماء.

انخفاض القدرة الإنتاجية للتربة

التصحر هو أحد أسباب فقدان الأمن الغذائي هو، لأن التصحر يؤثر سلبًا على القدرة البيولوجية للتربة، فينعكس ذلك على الإنتاج الزراعي وعلى الأمن الغذائي.

فقدان الأمن الغذائي

تتكبد الدول العربية الكثير من الخسائر المادية في علاج ظاهرة التصحر من حيث إزالة الأتربة والرمال على الطرقات وحول المنشآت الصناعية والنفطية والمزارع مبالغ مالية كبيرة التكلفة العالية لاستصلاح الأراضي المتدهورة وإزالة تربة موانئ الأنهار.

الخسائر الاقتصادية

فإن خسارة الجناح الأسيوي تصل إلى 1,6 مليون دولار، أما الجناح الأفريقي تصل إلى 1.4 مليون دولار.

أنواع التصحر

الحت _ Erosion هو مصطلح من أصل لاتيني يعني (التآكل) ويمكن أن يسمى الانجراف:

  • الانجراف المائي _ Water Erosion وهي عواصف مطرية بصورة انجراف مائي شديد، والتي لا تتمكن التربة من امتصاص هذه الأمطار الغزيرة فتتشكل هذه السيول.
  • الحت الريحي _ wind erosion وهو تعرض جميع الأراضي للحَت الريحي بدرجات متفاوتة، وقد يشكل هذا الحت في بعض الحالات خطورة، وينتج عنه العواصف والغبار وتقدر سرعة الرياح من 15 إلى 20 متر في الثانية وأكثر.

طرق مكافحة ظاهرة التصحر

تعمل دول العالم على مكافحة ظاهرة التصحر من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات وأهمها :

التدابير التقنية: القيام بعمليات التشجير، حماية التربة من التعرية، تثبيت الرمال المتحركة، الزراعة حسب خطوط التسوية، تدابير اقتصادية، وضع خطط وطنية لمحاربة التصحر، مكافحة الأمية والجهل، نشر التوعية بخطورة التصحر والتخلي عن السلوكيات التي تزيد من حدته، إقامة مصدات للرياح، التوقف عن قطع الأشجار، الحفاظ على الغطاء النباتي في المناطق الزراعية، إعادة النظر في وسائل الري، إقامة السدود الزراعية للتقليل من قوة السيول، والابتعاد عن الرّعي الجائر

تستند استراتيجية مكافحة التصحر إلى معالجة ثلاث محاور رئيسية:

  1. صيانة التربة والمياه
  2. المحافظة على الغطاء الحراجي وتحسينه
  3. المحافظة على المراعي الطبيعية وتحسينها

ومن أجل مكافحة التصحر يجب علينا أن:

  • نمنع تردي الأراضي أو الحد منه
  • نعيد تأهيل الأراضي التي تردت جزئيًا
  • استصلاح الأراضي التي تصحرت

إن عملية تكوين التربة بطيئة جدًا، فقد يستغرق تكون طبقة من التربة سمكها (18سم) ما بين 1400 – 7000 سنة.

إن لم تتكاتف جهود العالم لمكافحة هذه الظاهرة والحد من انتشارها، فإنه سوف يأتي اليوم الذي نرى فيه حشودًا من البشر مهاجرة من المناطق الزراعية المتصحرة إلى المدن الكبيرة تأمينًا للقمة العيش، ويصبح ضربًا من الخيال أن تعثر على مكان مزدان بالخضرة ناطق بالجمال نريح به أنفسنا من تبعات الحياة.

في سنة 1994 نظمت الأمم المتحدة مؤتمرًا دوليًا لمكافحة التصحر، وأوصت بإيجاد تعاون دولي لمكافحته، كما أوصت الدول المتعرضة للتصحر والجفاف بإعداد برامج تكون أهدافها التعرف على العوامل المساهمة في عملية التصحر واتخاذ الإجراءات المناسبة لمكافحته والوقاية منه، ومن أهداف هذا البرنامج:

  • أساليب لتحسين مستوى قدرات البلاد من حيث علوم الأرصاد والطقس والمياه ومن حيث التنبؤ بجفاف قادم
  • برامج لتقوية استعداد البلاد لمواجهة وإدارة إصابة البلاد بالجفاف
  • تأسيس نظم لتأمين الغذاء بما في ذلك التخزين والتسويق
  • استصلاح الأراضي الزراعية وتشجيرها للحد من مشكلة التصحر
  • ضرورة ترشيد استخدام الموارد الطبيعية واستخدام الأراضي الزراعية بشكلٍ سليم، والإكثار من زراعة النباتات والأشجار وعدم الإفراط في تقطيع أشجار الغابات
  • تدريب المختصين من أجل مكافحة ظاهرة التصحر والحد من انتشارها

تؤكد الأمم المتحدة أن التصحر هو أكبرُ تحدٍ بيئيّ في العصر الحالي، محذرةً أن استمرار هذه الظاهرة قد يشرد ملايين الأشخاص في السنوات القادمة، لا توجد أي طريقة للقضاء على التصحر، ولكن يمكن إبطائهُ عن طريق زراعة الأشجار والحفاظ على الطاقة المعنية.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله