دليلك الشامل حول تشخيص الاكتئاب وطرق علاجه

يعتبر الاكتئاب حالة نفسية تصيب عددًا كبيرًا من الأشخاص، مما يؤثر على مزاجهم، وأفكارهم، وتصرفاتهم اليومية، وصحتهم، وذلك نتيجة الشعور بالحزن الدائم من دون سبب، والرغبة في الانعزال عن الآخرين، وعدم ممارسة أية نشاطات حياتية، والشعور بالعصبية، الأمر الذي يفقدهم الأمل ويزرع لديهم الرغبة بالانتحار.

يختلف الاكتئاب عن التقلبات المزاجية والانفعالات العاطفية التي لا تدوم طويلًا، فالأشخاص المصابين بالاكتئاب يفقدون القدرة على التركيز، وتذكر الأشياء، واتخاذ القرارات السليمة، مما يجعلهم يفقدون الكثير من علاقاتهم الاجتماعية. وعلى الرغم من وجود طرق علاج فعالة للاكتئاب، إلا أنه تتوقف طريقة العلاج الصحيحة على كيفية تشخيص الاكتئاب، وذلك من خلال التحديد الدقيق للأعراض وإجراء الاختبارات الطبية.

أعراض الاكتئاب

إن أعراض الاكتئاب متعددة ومتنوعة كثيرًا، لأن الاكتئاب يظهر بعدة أشكال عند الأشخاص، فعلى سبيل المثال: قد تكون أعراض الاكتئاب لدى شخص عمره 20 سنة مختلفة عن تلك التي تظهر عند شخص عمره 60 سنة.

تتدرج أعراض الاكتئاب ما بين الطفيفة والحادة، حيث قد يصاب بعض الأشخاص بأعراض حادة إلى درجة تشير بأن الشخص ليس على طبيعته، ويشعرون بأنهم غير سعداء وراضيين دون معرفة السبب لذلك، ويعتبر تحديد الأعراض أمرًا مهمًا للتمكن من الخضوع للعلاج النفسي والدوائي المناسب، ويشترط أن تكون هذه الأعراض مستمرة لمدة أسبوعين على الأقل، وتؤثر في حياة الإنسان اليومية، تشمل الأعراض ما يلي:

  • الشعور بالعصبية وعدم الرغبة بممارسة النشاطات الجماعية، حيث يشعر مريض الاكتئاب بالرغبة الدائمة بالانعزال.
  • الشعور بالفراغ.
  • الإصابة بالكآبة.
  • انطفاء الرغبة بالحياة وفقدان الأمل، حيث يفقد مريض الاكتئاب القدرة على الاستمتاع في أغلب الأمور التي كان يجد فيها المتعة، واستمرار ذلك لأيام عديدة.
  • البكاء من غير سبب.
  • القلق وعدم القدرة على النوم بشكل كافي، أو الإفراط في النوم.
  • فقدان القدرة على التركيز.
  • عدم القدرة على اتخاذ القرارات بسبب التردد المستمر.

أعراض أخرى للاكتئاب


ما هو الفرق بين الاكتئاب والحزن؟

أعراض الاكتئاب

إن الحزن شعور طبيعي يمر به جميع الأشخاص على مختلف أعمارهم وأجناسهم وظروفهم، ويكون للحزن سبب محدد وواضح يدركه الشخص الحزين، فقد يكون الحزن نتيجة فقدان شخص عزيز، أو فشل علاقة عاطفية، أو خسارة عمل، أما الاكتئاب فلا يشترط وجود سبب محدد للشعور بالحزن، حيث يفقد مريض الاكتئاب متعة القيام بأي شيء، ويشعر بالحزن وعدم الراحة من غير سبب، ولكن لابد من الإشارة إلى أن الحزن وحده ليس دليل على الاكتئاب، لكن عندما يبدأ هذا الحزن بالتأثير على حياة وقرارات الشخص بشكل سلبي، وانعدام الأمل لديه، ورغبته في الانعزال، بالإضافة إلى ضرورة أخذ الفترة الزمنية بعين الاعتبار والأعراض الأخرى.

كما أن الشخص الحزين يمكنه أن يستمتع بالوقت الذي يقضيه مع الأصدقاء والعائلة، وكذلك عند تناول الطعام، ولديه القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة والتخطيط لأجل الغد، على عكس الشخص المصاب بالاكتئاب، والذي يفقد القدرة على التركيز واتخاذ القرارات، بسبب التردد المستمر الذي يعاني منه.


أسباب مرض الاكتئاب

أسباب الاكتئاب

لم يتم الوصول إلى حد الآن إلى السبب الدقيق لمرض الاكتئاب، إلا أن بعض الدراسات بينت مجموعة من العوامل البيئية، أو الوراثية، أو البيوكيميائية، التي يمكن أن تكون المسبب لمرض الاكتئاب، منها:

العوامل البيئية

تعتبر البيئة المحيطة بالشخص مسببة إلى حدٍ ما لمرض الاكتئاب، والتي تتضمن الظروف المعيشية، والصعاب التي يواجهها الشخص وكيفية التعايش معها، مثل: الضغوطات المالية، فقدان شخص عزيز، الأزمات العاطفية، التعرض للتنمر، العمل في أماكن تعرض الشخص للتوتر الحاد.

العوامل الوراثية

بينت الدراسات أن معظم الأشخاص المصابون بمرض الاكتئاب، يوجد لديهم أقرباء بيولوجيون مصابون بالاكتئاب، ولكن لم يتوصل الباحثون إلى حد الآن إلى الجينات المتعلقة بالإصابة بمرض الاكتئاب.

العوامل البيوكيميائية

إن التغيرات الكيميائية التي تحدث في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الاكتئاب، نتيجة التعرض لأجهزة التصوير الحديثة والمتطورة، غير معروفة السبب والأهمية إلى حد الآن، إلا أن الدراسات الحديثة مازالت تبحث بهذا الخصوص، لأن استيضاح هذا الأمر من شأنه أن يساعد في معرفة وتحديد أسباب الاكتئاب، فمن المحتمل أن تكون الناقلات العصبية الموجودة في دماغ الإنسان لها علاقة بتقلبات المزاج، وتلعب دورًا أساسيًا في التسبب بمرض الاكتئاب، كذلك حدوث خلل في التوازن الهرموني في الجسم قد يكون سببًا في حدوث الاكتئاب.

أسباب أخرى قد تؤدي إلى الاكتئاب


مضاعفات مرض الاكتئاب           

إن الاكتئاب مرض صعب ويحتاج لفترة زمنية طويلة للعلاج منه، كما أن العلاج يتطلب قابلية الشخص المصاب بالاكتئاب للقبول والتسليم لحالته، حتى يتمكن من تلقي العلاج النفسي والدوائي بشكل جيد، لأن الاكتئاب الذي لاتتم معالجته قد يتفاقم إلى درجة العجز وحتى الانتحار، وذلك بسبب السلوكيات العاطفية، والصحية، والاقتصادية الحادة التي يقوم بها مريض الاكتئاب، مما يجعله مرفوضًا ومسببًا للمتاعب للأشخاص المحيطين به، الأمر الذي يؤثر على كافة مجالاته الحياتية، وتشمل مضاعفات الاكتئاب:

  • الإدمان على المشروبات الكحولية، أو تعاطي المخدرات.
  • الانتحار.
  • الإصابة بالتوتر والقلق الدائم من غير سبب.
  • الإصابة بأمراض القلب.
  • عزلة اجتماعية.
  • التعرض لمشكلات كبيرة داخل العمل، أو مواجهات مع العائلة.
  • صعوبات زوجية نتيجة فقدان الرغبة الجنسية.

تشخيص الاكتئاب                     

تشخيص الاكتئاب

يطلب الأطباء والمعالجون النفسيون من المرضى الإجابة على مجموعة من الأسئلة، أو القيام بتعبئة استمارة تتضمن أسئلة حول الأفكار والسلوكيات التي يقومون بها، والأوقات التي يكون مزاجهم سيء فيها، حتى يتمكنوا من الكشف عن الأعراض وتحديد درجة حدة الاكتئاب التي وصل إليها المريض، حيث يشترط ظهور 5 أعراض على الأقل على المصاب.

كما يشترط أن تكون أعراض الاكتئاب غير ناجمة عن الإصابة بأمراض أخرى مثل: قصور الغدة الدرقية، أو تناول بعض الأدوية، إضافة إلى شرط عدم قدرة المريض على القيام بأعماله اليومية، وعدم معاناته من حالات الحزن التي تترتب على فقد الأحباب.

فحين يشك الأطباء بإصابة المريض بمرض الاكتئاب، يقومون بإجراء مجموعة من الفحوصات النفسية والطبية، التي تساعد في نفي وجود أمراض أخرى مسببة لنفس أعراض الاكتئاب، وتشمل هذه الفحوصات على مايلي:

فحوصات لتشخيص مرض الاكتئاب

تشمل الفحوصات مايلي:

  • فحوصات جسدية، من خلال إجراء محادثات مطولة بين الطبيب والشخص المكتئب، حيث يتمكن الطبيب من خلالها من تحديد شدة الاكتئاب.
  • فحوصات مخبرية، وذلك لاستثناء وجود سبب فيزيائي أدى إلى حدوث الأعراض التي ذكرناها سابقًا، ومن هذه الفحوصات: فحص الدم، فحص الهرمون المنبه للدرقية، فحص الكهارل، فحص حمض الفوليك، وفحص فيتامين ب12.
  • التقييم النفسي.

معايير تشخيص الاكتئاب

معايير تشخيص الاكتئاب

يقوم المعالج النفسي بإجراء تقييم للحالة حسب معايير معينة، وذلك لتحديد ما إذا كان المريض يعاني من الاكتئاب الحاد أو من أمراض أخرى تتشابه بالأعراض مع مرض الاكتئاب الحاد، منها:

  • الاضطراب ثنائي القطب: وهو اضطراب كان يطلق عليه سابقًا الذهان الهوسي الاكتئابي، يتصف هذا الاضطراب بالمزاج المتقلب، والحساسية المفرطة.
  • اكتئاب ما بعد الولادة: يظهر هذا الاكتئاب عند بعض النساء في الشهر الأول من الولادة.
  • اكتئاب المراهقين: ويكون نتيجة التغيرات الهرمونية والجسدية التي تطرأ عليهم، وعدم تقبلهم للفترة الانتقالية مابين فترة الطفولة إلى فترة المراهقة، وتلعب العائلة دورًا مهمًا في ذلك.
  • اضطراب الأحكام: يحدث نتيجة التعرض لأزمة عاطفية حادة، وهو مرض نفسي يرتبط بالتوتر النفسي، مما يؤثر على السلوكيات، والأفكار، والعواطف، ويصبح الشخص غير قادر على اتخاذ القرارات، وضبط الأحكام.
  • الاكتئاب الذهاني: وهو اكتئاب حاد ويصعب علاجه، حيث تظهر على مريض الاكتئاب الذهاني أعراض الهلوسة.
  • اكتئاب فصل الشتاء أو الخريف: يتعرض بعض الأشخاص نتيجة التعرض الغير كافي للشمس لهذا النوع من الاكتئاب فهو مرتبط بتغير الفصول، لذلك نجد انتشار هذا النوع من الاكتئاب في البلدان الباردة.
  • الاضطراب الفُصامي: وهو اضطراب يؤثر بشكل مباشر على تقلبات المزاج.
  • اضطراب المزاج الدوري: وهو نوع من أنواع اضطراب الأحكام.

طرق علاج مرض الاكتئاب

كما ذكرنا سابقًا هناك حالات من الاكتئاب صعبة العلاج بشكل يحتم على الطبيب متابعة علاج الاكتئاب عن كثب، وتكثيف الجلسات العلاجية، حتى يصل المريض إلى وضع يسمح له في المشاركة بالفعاليات واتخاذ القرارات، ومن أبرز طرق علاج مرض الاكتئاب:

التعامل الصحيح مع الاكتئاب

حيث يتعامل الأطباء والأخصائيين النفسيين مع مرض الاكتئاب على أنه مرض مزمن، ويحتاج لفترة زمنية طويلة للتعافي، وذلك لأن بعض المصابين بمرض الاكتئاب يتعرضون له لمرة واحدة في حياتهم، لكن الغالبية العظمى من الأشخاص تتكرر لديهم أعراض المرض وتستمر مدى الحياة.

التشخيص السليم لمرض الاكتئاب

فكما ذكرنا سابقًا أن أعراض مرض الاكتئاب تتشابه إلى حد كبير مع أمراض أخرى، لذلك فإن التشخيص والعلاج السليم يلعب دورًا هامًا في التحسين من حالة مريض الاكتئاب في غضون أسابيع معدودة، ويُمكِنَهم من العودة إلى ممارسة نشاطاتهم الطبيعية بشكل سليم، ويُنصح بالاستعانة بطبيب نفسي مؤهل لعلاج الاكتئاب، فهو جزء مهم من العلاج، لأن التعاون والعمل المشترك بين المريض والطبيب، يساعد الطبيب في تحديد نوع العلاج الأكثر ملائمة لحالة المريض.

العلاج النفسي

يتضمن العلاج النفسي إجراء محادثات وجلسات مطولة بين المرض وطبيبه، وتتميز هذه الجلسات بالسرية التامة، مما يساعد المريض على التحدث بوضوح والشعور بالأمان والراحة، حيث يقوم المريض بإخبار المعالج النفسي بالمشاعر التي يشعر بها، والاضطرابات التي يعاني منها، الأمر الذي يساعد الطبيب على تحديد العلاج النفسي والدوائي المناسب.

التخليج الكهربائي

يقوم هذا العلاج على تمرير تيار كهربائي عن طريق الدماغ، لإحداث فيضان في المشاعر والأحاسيس، مما يساعد مريض الاكتئاب على استعادة الشعور بشكل سليم بالبيئة المحيطة.

العلاج بالأدوية

عادة ما يتم الدمج بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي، حيث يوجد عشرات الأدوية التي تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب وعلاجها، ولكن يجب الانتباه إلى الآثار الجانبية التي تسببها هذه الأدوية، لذلك لابد من تناولها تحت إشراف طبيب مختص، لإمكانية تحديد نوع وكمية الجرعة التي يجب أن يتناولها المريض، وتشمل مراحل العلاج الدوائي للاكتئاب مايلي:

  • الاختيار النموذي الأولي: حيث يكون العلاج عن طريق مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الاختيارية، وهي أدوية مضادة للاكتئاب، يلجأ إليها الأطباء عادة في بداية العلاج.
  • الاختيار النموذجي الثاني: وهي مجموعة معروفة باسم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
  • الاختيار النموذجي الأخير: وهي مجموعة من مضادات الاكتئاب، تُعرف باسم مثبطات أُكسيدات أُحادي الأمين.

العلاجات البديلة

يرغب بعض الأشخاص المصابين بمرض الاكتئاب باللجوء إلى الطب البديل، الذي يتضمن استخدام بعض الأعشاب أو طرق علاج بديلة أخرى، لكن لابد من استشارة الطبيب المختص قبل البدء بهذا النوع من العلاج، للتأكد من عدم وجود تعارض بينه وبين طرق العلاج الأساسية، ومن هذه الطرق:


كيف يتم معرفة أن المريض شُفي من مرض الاكتئاب؟

هناك علامات تدل على أن المريض قد شُفي من الاكتئاب، منها:

  • سينتهي لدى المريض الشعور المستمر بالحزن من دون سبب، وستعود رغبته بالمستقبل الجميل وبأن غدًا أفضل.
  • ستعود رغبته ومتعته بالطعام، ويتخلص من الشعور بفقدان الشهية.
  • سوف يستعيد علاقاته الاجتماعية السابقة، وتعود إليه الرغبة بالاندماج مع الآخرين.
  • يبتعد عن التفكير بالانتحار بشكل كامل.
  • يصبح قادر على النوم بشكل طبيعي، فلن ينام بشكل مفرط كما في السابق، ولن يشعر بأرق مزمن يعيقه من النوم الكافي.

طرق الوقاية من الاكتئاب

لايوجد طرق محددة للوقاية من مرض الاكتئاب، لكن يمكنك اتباع بعض الإرشادات والنصائح التي تخفف من حدة بعض الأعراض أو منع حدوثها، منها:

  • القيام بنشاطات تساعد في السيطرة على التوتر، ورفع مستوى السعادة والتقدير الذاتي.
  • اختيار البقاء مع الأصدقاء والعائلة والأشخاص، الذين تشعر معهم بالسعادة والدعم النفسي، مما يساعد في التغلب على الشعور بالاكتئاب.
  • الابتعاد عن الأشخاص المحبطين والذين يمدوك بالطاقة السلبية، لأن هذا الأمر قد يزيد الوضع سوء.
  • مواجهة المخاوف التي يجد المريض الصعوبة بالتعامل معها.
  • الإقدام على دعم الآخرين وممارسة النشاطات الخيرية، مما يجعل المريض يشعر بالقيمة الذاتية، وأنه شخص فعال في المجتمع.
  • إدراك المريض لحالته النفسية الغير سليمة، والسرعة بالعلاج عند ملاحظة الأعراض الأولى للاكتئاب، لأن العلاج المبكر يمنع تفاقم الحالة.
  • الاستمرار في اتخاذ التدابير والعلاجات الوقائية حتى بعد الشفاء من الاكتئاب، الأمر الذي يمنع تكرار الإصابة بالمرض مرة أخرى.
  • الحرص على ممارسة التمارين الرياضية، والعمل على ملء الوقت بالنشاطات التي تشعرك بالراحة.
  • الابتعاد عن العزلة والجلوس بمفردك لوقت طويل.

المصادر:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله