كيف تسيطر وتتحكم على غضبك ؟

” لا تغضب ” .. هي عبارة صغيرة في حجمها، عظيمة في معانيها ومدلولاتها. ففي عبارة النهي هذه التي وجهها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه تجنبًا وتحذيرًا من الاتصاف بصفة سيئة ومضرة وغير محمودة، ألا وهي الغضب.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: “ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” دليل على أن القدرة على السيطرة على الغضب والتحكم فيه هي مهارة راقية تمنح من يتقنها السلام والطمأنينة النفسية، وتقيه من آثار الغضب المدمرة على الروح والجسد.

كيف تسيطر على غضبك؟

كما تعج حياتنا بأحاديث كثيرة ومشكلات عديدة متنوعة، كان سببها حالة الغضب التي اعترت مسببها وقت حدوثها، مثل الكثير من حالات الطلاق، وجرائم القتل، والخلافات القديمة بين الأقارب والأصدقاء وغيرها الكثير. ولذلك السبب كان لابد من التعرف على معنى الغضب ومسبباته وآثاره الضارة والأهم من ذلك هو طريقة علاجه والتخلص منه، وهذا ما سنقوم بعرضه في المقال التالي – كيف تسيطر على غضبك

تعريف الغضب

يعد الغضب من الانفعالات الهامة في حياة الإنسان والشائعة أيضًا في الحياة اليومية والتي تنشأ من مواجهة الإنسان للضغوطات الحياتية والإحباطات المتكررة والصراعات ولكنها عندما تتراكم داخل النفس قد ينتج عنها بعض الأمراض والاضطرابات النفسية المختلفة.

والغضب انفعال غير سار ينتاب الإنسان وينشأ بسبب التوتر وتصحبه تغيرات جسدية ومظاهر تعبر عنه، ويؤثر على الجسم سلبًا أو إيجابًا حسب نوع الغضب ودرجة حدته. والغضب قد يكون علامة قوة، وقد يكون علامة ضعف عندما لا يتناسب مع الموقف أو عندما لا يوجه نحو مصدر التهديد ويؤدي بالإنسان إلى ارتكاب أفعال يندم عليها لاحقًا. ويكون علامة قوة عندما يزيد نشاط الإنسان ويدفعه في بعض المناسبات إلى القيام بالأعمال العنيفة لإزالة العوائق التي تعترض سبيله، والتي تهدده بالخطر.

والغضب أمر طبيعي فهو رد فعل غريزي للإحباط أو الهجوم أو عدم تلبية توقعاتنا، فقد أشار العلماء إلى أن الأحداث والمواقف في ذاتها ليست هي السبب في الشعور بالغضب ولكن الكيفية التي يدرك بها الفرد الأحداث والاستفزازات التي تواجهه.

أسباب الغضب

ونعرض هنا العديد من المواقف والأحداث التي تسبب للإنسان الشعور بالغضب، وهي:

  • التعرض للعنف وتهديد الأمن من قبل الآخرين.
  • الشعور بالأذى والضرر من قبل الآخرين نتيجة معلومات تصل إلى الإنسان عن طريق الوشاية والنميمة.
  • الشعور بالخذلان ونكران المعروف من قبل الآخرين.
  • الشعور بالظلم والذل والاستغلال وسلب الحقوق من قبل الآخرين.
  • مواجهة العوائق والعقبات والعراقيل في سبيل تحقيق الأهداف والطموحات على الصعيد المهني.
  • الشعور بالإرهاق الجسدي والتعب والألم الشديد، أو الإصابة بأحد الأمراض.
  • وصول النساء لسن اليأس وانقطاع الدورة الشهرية يسبب لهن الاضطرابات النفسية وبالتالي الغضب.

آثار الغضب

يُحدِث الغضب العديد من الآثار الضارة على الإنسان نفسيًا وجسديًا واجتماعيًا، ونذكر منها:

  • يؤثر الغضب على التفكير فيمنعه من الاستمرار ويجعله غير واضح ويجعل الإنسان أكثر استعدادًا للاعتداء البدني.
  • يقلل الغضب من قدرة الشخص على النقد وإخضاع التصرفات لرقابة الإدارة مما يؤدي إلى تصرفات عشوائية.
  • يساعد الغضب على تفكك المعلومات الدقيقة والمكتسبة حديثًا فتغلب المعلومات الغريزية على التفكير والسلوك مما يؤدي إلى سلوك غير مهذب.
  • إذا استمرت دائرة الانفعالات دون أن تنتهي استمرت التغيرات الفيزيولوجية المرافقة لها مما يؤدي في النهاية إلى تغيرات عضوية في الأنسجة ينشأ عنها الأمراض النفسية.
  • يوثر الغضب على قلب الإنسان فتتسارع دقاته وقد يؤدي به إلى الإصابة بأمراض القلب والجلطات القلبية.
  • يؤدي الغضب إلى ارتفاع ضغط الدم في الجسم وحدوث الجلطات الدماغية التي قد تودي بالشخص إلى الموت.
  • يضعف الغضب جهاز المناعة لدى الإنسان ويتركه عرضة للإصابة بالأمراض.
  • من الممكن أن يتسبب الغضب في العمى المفاجئ بسبب تأثيره على الأوعية الدموية في العين.
  • من الممكن أيضًا أن يؤدي الغضب إلى اضطرابات في المعدة والأمعاء وبالتالي حدوث الإمساك الشديد وقرحة المعدة.
  • يسبب الغضب التعب والإرهاق الشديد للجسم ويبقى الشخص الغاضب في حالة قلق وتوتر ويعاني من اضطرابات في النوم.

وجهة نظر البيرت اليس في الغضب

يرى اليس أن الإنسان يشعر بالغضب نتيجة ما يواجه من منغصات ومشكلات يومية صعبة تشكل له عقبة في تحقيق أهدافه، وقد يتبنى الشخص أفكارًا لا عقلانية عامة تؤدي إلى الاضطرابات الانفعالية ومنها انفعال الغضب. وقد يتبنى أفكارًا لا عقلانية خاصة مرتبطة بالغضب، أو يتبنى أساليب تفكير خاطئة مثل (يجب، ينبغي، لابد) ونتيجة لذلك يصبح الشخص أكثر اضطرابًا انفعاليًا وأكثر شعورًا بالقصور والنقص، وعندما يزداد الغضب تمتد آثاره إلى مجالات أخرى غير المجال الذي يحدث فيه ونتيجة لذلك يحدث سوء توافق الشخص مع نفسه ومع الآخرين.

ويرى اليس أن الإنسان يستطيع التعامل مع الغضب إذا تمسك بالأفكار العقلانية، أما إذا سمح للأفكار اللاعقلانية أن تسيطر عليه فإنه لا يستطيع توجيه الانتباه الكامل للموقف المثير للغضب أو ضبط انفعالات الغضب أو مواجهة المشكلات المرتبطة بالغضب والنتيجة أن الإنسان يبدأ يفكر بطريقة مدمرة للذات.

أفكار لاعقلانية يتمسك بها الإنسان الغامض

ويرى اليس أن الأفكار اللاعقلانية الأساسية التي يتمسك بها الإنسان الغاضب هي:

  • كم كان فظيعًا أن تعاملني بمثل هذه الطريقة.
  • لا أستطيع أن أتحمل معاملتك لي بأسلوب الاستهانة غير العادل.
  • لا ينبغي أن تعاملني بهذه الطريقة.
  • لأنك تعاملني بهذه الطريقة، أجد أنك الشخص المرعب الذي لا يستحق أي شيء طيب في الحياة، ولا بد من عقابك.

وبالتالي يمكن تفسير كيفية حدوث الغضب كالآتي:

  • خبرة أو تجربة محركة منشطة.
  • نسق معتقدات لا عقلانية مرتبطة بالغضب.
  • نتيجة انفعالية.
  • دحض ومناقشة الأفكار اللاعقلانية.
  • الأثر (الصحة النفسية).

وهكذا يصبح لدى الإنسان ثلاثة بدائل كي يعبر عن غضبه وهي:

  • التعبير عن الغضب بحرية غير مقيدة: وهذا يجعل الآخرين ينعزلون عن الشخص الذي يظهر غضبه بدون قيود، وربما يستجيبون له بشكل عدواني.
  • قمع وكبت الغضب: وفيه يكون الشخص عرضة لسيطرة الآخرين، وهو يقوم يقمع الغضب بدافع الطيبة، وهذا النوع من الغضب يسبب الكثير من الاضطرابات الجسمية مثل ضغط الدم والاضطرابات الانفعالية كالقلق والاكتئاب.
  • التعبير عن الغضب بحرية منضبطة: وهذا السلوك يمكن أن يؤثر إيجابًا في الآخرين ويجعلهم يتفاعلون مع الشخص ويستمعون له ويغيروا من اتجاهاتهم نحوه بإيجابية وهذا أفضل بديل.

مكونات الغضب

للغضب ثلاثة مكونات نذكرها هنا:

  • ترجمة خاطئة وتفسير سلبي لسلوك خارجي على أنه يمثل خطرًا واقعًا أو على وشك الحدوث.
  • استجابة عضوية وتكون على شكل: توتر عضلي وتسارع في دقات القلب بسبب تزايد النشاط الهرموني ومشاكل في التنفس وارتفاع ضغط الدم.
  • الاستجابة بسلوك خارجي يتراوح بين الهجوم اللفظي بالشتائم والكلام والصراخ، والعنف الجسدي والهجوم بالضرب وقد يصل إلى درجة القتل.

السيطرة والتحكم على الغضب

إن السيطرة على الغضب تعتبر مهارة تحتاج إلى الكثير من التدريب والتمرين كغيرها من المهارات. وهناك العديد من الوسائل والطرق التي ينصح بها للتحكم بالغضب والسيطرة عليه ومن الممكن تطبيق أحدها أو أكثر من واحدة للحصول على أفضل نتيجة.

  • تحكم في تحدثك إلى نفسك: حيث إن التحدث السلبي والعبارات السلبية التي يوجهها الإنسان إلى نفسه تسبب الغضب (كأن يقول الإنسان بينه وبين نفسه: أنا متأكد أنه تعمد مضايقتي)، لذلك على الإنسان أن يعرف كيف يتحدث إلى نفسه بإيجابية تمنعه من الغضب في المواقف التي يتعرض لها.
  • خذ فترة صمت في موقف الغضب قبل أن تظهر ردة فعلك، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا غضب أحدكم فليسكت”.
  • غيّر من وضعيتك وتحرك ولا تبقى في نفس المكان.
  • تعلم كيف تحافظ على حقوقك: فقد يكون سبب الغضب هو الظلم الذي تعرض له الشخص بسلبه بعض حقوقه، عندها يكون علاج الغضب بمدافعة الإنسان عن حقه باستخدام مهارات الاتصال المؤثرة مع الآخرين.
  • ابتعد عن الأشخاص والمواقف والأماكن التي قد تثير غضبك.
  • اغسل وجهك: حيث أن الماء يطفئ الغضب، لذلك عندما يغضب الإنسان ينصح بالغسل بالماء لتخفيف حدة الغضب، ونجد ما يؤكد هذا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ”.
  • الاسترخاء: حيث يعمل الاسترخاء على الشعور بالهدوء والراحة ويخفف الانفعالات الحادة وخاصة الغضب.
  • تحكم في مشاعرك: فالإنسان عندما يعود نفسه على التحكم بانفعالاته والتخفيف من حدتها سوف يتجنب الغضب.
  • تجنّب معاملة الشخص الغاضب بالمثل، ومسامحته والعفو عنه.
  • مارس التمرينات الرياضية: حيث أن ممارسة الرياضة تساعد على الاسترخاء وتصريف الطاقة في أمور مفيدة ونافعة.
  • سلّم بحقيقة أن الحياة ليست مثالية ولا بد من وجود المشاكل والمنغصات التي يجب أن تتكيف معها أو تعمل على حلها وأن الغضب دليل ضعف وليس دليل قوة.
  • اصبر كثيرًا وسامح الآخرين ولا تحمل حقدًا في قلبك على أحد.
  • بدلّ الأفكار السلبية المشحونة بالغضب بأفكار أخرى إيجابية ومحتملة (فعندما تغضب من القيادة المسرعة لأحد السائقين وأنت تعبر الشارع من الممكن التخلص من الغضب بالتفكير بأفكار إيجابية كأن تعتقد بأنه مسرع لأن أحد أقربائه في المشفى وهو ذاهب إليه).
  • حاول أن تعبر عن مشاعرك بهدوء قدر المستطاع.
  • تعلم مهارة التفاوض مع الآخرين للوصول إلى الحلول المُرضية.
  • حاول أن تضع نفسك قليلًا مكان الآخرين وأن تفكر بأفكارهم ومشاعرهم.
  • كن متأكدًا بأنه ليس من الضروري والمهم أن تكون أنت المنتصر في كل المواقف وفي كل الأوقات ومع جميع الأشخاص.
  • حاور نفسك بهدوء وردد العبارات التالية في المواقف التي من الممكن أن تغضبك:

لن أسمح لهذا الموقف أو هذا الشخص أن يثير غضبي.

لن أسمح لهذا الأمر أن يفلت من يدي وأفقد أعصابي.

ليس من المطلوب مني أن أنفعل أو أغضب.

الغضب في الدين الإسلامي

حض الإسلام على التحلي بمكارم الأخلاق، وذلك على شكل أوامر إلهية أو أحاديث نبوية أو من خلال سلوكيات الرسول صلى الله عليه وسلم لاتباعها كقدوة للمسلمين.

وقد كثرت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تنهى عن الغضب وتوجهنا وترشدنا إلى كيفية التخلص منه وعلاجه.

وهنا سوف نقوم بتوضيحها وعرضها كعلاج ناجح وفعال للغضب، ومنها النهي المباشر عن الاتصاف بصفة الغضب في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء بنهيه عن الغضب، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: “قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة” قال: “لا تغضب”. وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قل لي قولًا وأقلل لعلي أعقله، قال: “لا تغضب”، فأعدت عليه مرتين كل ذلك يرجع إليّ “لا تغضب”.

كما جاء في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ترغيبًا لكظم الغضب والتحلي بالصبر من خلال ذكر ثواب الإنسان الذي يتصف بذلك، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: “من ذكرني حين يغضب ذكرته حين أغضب ولا أمحقه فيمن أمحق”. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا في ثواب كبح الغضب: “ومن كظم غيظًا ولو شاء أمضاه، ملأ الله قلبه رضًا يوم القيامة”. وقوله صلى الله عليه وسلم: “من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين فيزوجه منها ما شاء”. وقوله لأبي الدرداء رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: “قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة” قال: “لا تغضب ولك الجنة”.

وقد وصف الله تعالى أصحاب الجنة بقوله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى عليه وسلم: “ثلاثة من كنّ فيه آواه الله في كنفه وستر عليه برحمته وأدخله في محبته قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: من إذا أعطي شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر”.

وفي حديث آخر ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم معاوية عن الغضب من خلال الترهيب منه وذكر عاقبته الوخيمة فيقول له: “يا معاوية إياك والغضب، فإن الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل”.

أما عن علاج الغضب فنجده في الآيات والأحاديث التالية:

عن سلمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”. وقال صلى الله عليه وسلم: “إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله، سكن غضبه”.

وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع” وفي هذا تأكيد على الطريقة التي أوردناها سابقًا بأن يغير الغاضب حركته ولا يبقى في نفس المكان. وقوله أيضًا: “إذا غضب أحدكم فليسكت”. فالشخص الغاضب لا يستطيع السيطرة على سلوكه وكلامه وانفعالاته غالبًا لذلك من أفضل الطرق لكظم الغيظ والغضب هو الصمت لتجنب ردود الأفعال والتصرفات السريعة الخاطئة التي قد يندم عليها صاحبها فيما بعد. وقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا غضب أحدكم فليتوضأ فإنما الغضب من النار”.

وسبب ذلك أن الغضب يؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم لذلك فإن الماء يعمل على تبريده، ويفضل أن يكون هذا الغسل بالوضوء لأن الوضوء يصل إلى عدد من أجزاء الجسم مثل القدمين حيث يؤدي فرك القدمين بالماء إلى الشعور بالهدوء حيث يوجد في القدمين منعكسات لأجهزة الجسم كله.

ومن طرق علاج الغضب أيضًا ما ورد في حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فمن وجد من ذلك شيئًا فليلصق خده بالأرض”. وفي ذلك إشارة إلى الصلاة وتمكين السجود فيها لما تولده الصلاة في قلب المؤمن ونفسه من سكينة وطمأنينة وراحة كبيرة، كما كان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “وجعلت قرة عيني في الصلاة”.

وأفضل طرق التخلص من الغضب على الإطلاق هي المغفرة ومسامحة الآخرين والصبر ورد السيئة بالحسنة، حيث جعلها الله تعالى إحدى صفات المتقين فقال تعالى: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).

كما نجد في القرآن الكريم توجيهًا وإرشادًا للنظر إلى الأمور بإيجابية وتوقع الخير دائمًا للتخلص من حالة الغضب فيقول الله تعالى في محكم آياته: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

وفي سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم وتصرفاته واستجاباته وردود أفعاله في المواقف خير قدوة بالحلم والصبر وكظم الغيظ والغضب والسيطرة والتحكم فيه، ومنها قول أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد، ثم قال: يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم فضحك، ثم أمر له بعطاء.

ومن طرق علاج الغضب أيضًا الدعاء إلى الله تعالى بأن يخلصه من الأخلاق السيئة ومنها الغضب ويجمله بالخلق الحسن، ونذكر هنا دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحييني ما علمت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيمًا لا ينفذ، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين).

دراسات حول الغضب

  • وجد الأطباء أن هناك ارتباطًا قويًا بين الغضب الشديد وبين الإصابة بأمراض القلب والسرطان والجلطات.
  • تشير الدراسات الحديثة إلى أن المراهقين الذين يعانون من مشكلات في التحكم في غضبهم يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن.
  • توصلت نتائج الدراسات إلى أن الشباب الذكور الذين ينتابهم الغضب عند التعرض للتعب والإرهاق العصبي أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من غيرهم بنسبة تبلغ ثلاث مرات.
شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله