تشمع الكبد … عندما يتطور تلف الكبد بصمت إلى أن يحدث التشمع

تشمع الكبد هو السبب الرئيسي الثاني عشر للوفاة في الولايات المتحدة، والذي يتطور بهدوء بدون أعراض إلى أن يكون التشمع بالفعل مشكلة حقيقة.

السبب الثاني عشر الأهم لحالات الوفاة في الولايات المتحدة، يتطور بصمت بدون أعراض لأن الكبد قادر على التحمل ومواصلة قيامه بوظائفه إلى جانب تعويض التلف الذي يصيب أجزاء منه، ولكن عندما تخرج الحالة عن السيطرة تكون مشكلة تشمع الكبد بالفعل مشكلة كبيرة.

فما هو تشمع الكبد وما مراحله وآلية تطوره؟ وما هي الأسباب التي تكمن خلفه؟ ماذا عن الأعراض التي تميزه المبكر منها ومتقدمة والخطيرة؟ وكيف يمكن علاجه والتعامل معه؟ … إليك كل ذلك فيما يلي.

ما هو تشمع الكبد ؟

ما هو تشمع الكبد ؟

تشمع الكبد هو حالة متقدمة من تلف الكبد وهي حالة يتم فيها استبدال الخلايا الصحية السليمة بخلايا متندبة تالفة، وهذا التلف يتطور بشكل تدريجي وببطء على فترة طويلة لعدة سنوات وذلك في حال استمرار العامل المسبب، لأن الكبد يعمل على ترميم نفسه بنفسه ولكن في المراحل المتقدمة يفقد هذه الخاصية.

يعتبر تشمع الكبد السبب الرئيسي ذو الترتيب الثاني عشر الأكثر للوفاة فيموت حوالي 4000 شخص نتيجة التشمع ويحتاج 700 شخص لزراعة الكبد كل عام وذلك وفق تقارير المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية، في معظم الأحيان يحدث التشمع نتيجة التعرض طويل الأمد للسموم أهمها الكحول أو التعرض للعدوى الفيروسية.

الكبد عضو يقع في الجانب العلوي اليميني من البطن تحت الأضلاع، يكون عادةً يحجم كرة القدم، ويقوم الكبد بمهام في غاية الأهمية وهي:

  • إنتاج عصارة الصفراء التي تساعد الجسم في امتصاص الدهون من الغذاء والكولسترول وتخزين السكريات والمغذيات الأخرى بالإضافة إلى الفيتامينات.
  • تصفية الدم من الفضلات والسموم الموجودة فيه وأهمها الكحول – البكتيريا – المركبات الكيميائية.
  • إنتاج البروتينات التي يحتاجها الجسم لتخثر الدم.

قد يهمك: أهم الأطعمة لصحة الكبد .. دليل مبسط للحفاظ على صحة الكبد

آلية تطور تليف الكبد وحدوث التشمع

يتميز الكبد بأنه العضو الأكثر قدرة على التحمل بالإضافة إلى أنه يحتفظ بشكل دائم بالقدرة على التجدد والنمو فالشخص السليم يمكن أن يتبرع بجزء من كبده والجزء الذي يبقى لديه أكثر من قادر على القيام بالوظائف الموكلة له.

ولكن عندما يستمر وجود العوامل التي تؤدي إلى تليف الكبد لفترة طويلة من الزمن عندها تصبح خلايا الكبد المتندبة الصلبة أكثر من المعدل الذي يحتمله الكبد عندها لا يكون قادر على التعامل معها وإصلاح التلف ولا على القيام بالمهام التي يحتاجها الجسم.

التشمع يجعل الكبد أقل حجمًا وأكثر صلابة ما يسبب صعوبة في وصول الدم المحمل بالمغذيات الآتي من الجهاز الهضمي عن طريق الوريد البابي إلى الكبد، وهكذا يزداد الضغط على الوريد عندما لا يصل الدم بالمعدل الصحيح إلى الكبد، ونتيجة لارتفاع الضغط على الوريد البابي يحدث الارتداد ومن ثم يؤدي إلى حدوث دوالي في أجزاء من الجهاز الهضمي (أهمها المريء) ويمكن أن يحصل كذلك انفجار لتلك الدوالي ونزيف.

مراحل تشمع الكبد

في كثير من الأحيان يُشار إلى تشمع الكبد بـ مرض الكبد في المرحلة النهائية، وهذا لأن التشمع يأتي في المرحلة الأخيرة من التلف الذي يصيب الكبد أو الالتهاب أو تراكم الرواسب الدهنية وغيرها.

فالمصابين بتليف الكبد في المراحل الأولى يمكن لهم أن يعيشوا حياة طبيعية بدون أن يدركوا أنهم يعانون بالفعل من مشكلة في الكبد ودون الحاجة لأي علاج وذلك لأن الكبد يعمل على تعويض نفسه إلى جانب أن الأجزاء السليمة يمكن لها أن تقوم بالوظائف الحيوية بالشكل المطلوب، وبالتالي فالأعراض الأولية يمكن أن تكون غير ملحوظة.

هكذا إلى أن تتطور الحالة إلى المرحلة التي لا يكون فيها الكبد قادر على القيام بوظائفه ولا على تعويض التلف، وتكون هذه المرحلة الأخيرة من المرض.

قد يهمك: هل تليف الكبد يسبب الوفاة وما هي مدة حياة مريض تليف الكبد

تصنيفات تليف الكبد

يمكن تصنيف تليف الكبد إلى: تليف الكبد التعويضي وتليف الكبد اللا تعويضي، ففي النوع التعويضي وهو المرحلة الأولى من التليف ويكون الكبد قادر على أداء وظائفه أما النوع اللا تعويضي فهو المرحلة المتقدمة من التليف والتي يكون فيها الكبد غير قادر على أداء وظائفه بشكل كافي، وفي هذه الحالة تظهر مضاعفات خطيرة كارتفاع ضغط الدم البابي والدوالي والنزف والاستسقاء والاعتلال الدماغي الكبدي.

قد يهمك: تجمع السوائل في البطن … يمكن أن يشير إلى أمراض أكثر خطوة من مجرد انتفاخ


الأسباب التي تؤدي إلى تشمع الكبد

الأسباب التي تؤدي إلى تشمع الكبد

توجد مجموعة من الأسباب الأكثر شيوعًا في تشمع الكبد وهي:

الإصابة بالالتهاب الكبد طويل الأمد

الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي تعتبر من أهم الأسباب خلف تشمع الكبد وهذه الإصابة تحدث عادةً بسبب التعرض لدم الشخص المصاب أو الحقن بإبر ملوثة أو خلال عمليات نقل الدم أو عند الحصول على الوشوم أو ثقب الآذان بأدوات تحمل المرض.

بالإضافة إلى التهاب الكبد الفيروسي من النوع C طويل الأمد، أيضًا يحدث التليف مع الإصابة بالالتهاب من النوع B والذي من الممكن أن يتطور إلى الالتهاب من النوع D.

فضلًا عن التهابات الكبد الناتجة عن الأمراض المناعية الذاتية بحيث يقوم الجسم بمهاجمة خلاياه واعتبارها أجسام غريبة، وعادةً ما تكون هذه الأمراض وراثية، وما يصل إلى 70% من المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد المناعي الذاتي هم نساء.

قد يهمك: أعراض التهاب الكبد وأنواعه وطرق الوقاية والعلاج

إدمان الكحول

يمكن أن تتطور حالة تليف الكبد عند النساء اللاتي يتناولن الكحول أكثر من مشروبين في اليوم وذلك لسنوات عدة، بينما بالنسبة للرجال فيتطور التليف مع تناول أكثر من ثلاثة مشروبات في اليوم، أي أن عامل الخطر يهدد الأشخاص الذين يتناولون الكحول بشكل عام والمدمنين بشكل خاص الذين يتناولن الكثير منه وعلى مدى سنوات كثيرة.

قد يهمك: علاج إدمان الكحول والاستراتيجيات المتبعة لتجنبه

أسباب أخرى تؤدي إلى تليف الكلد

  • إصابة القنوات الصفراوية بالتلف ما يؤدي إلى استنزاف العصارة الصفراء وفي هذه الحالة يطلق على التليف تليف الكبد الصفراوي الأولي.
  • الاضطرابات التي تؤثر على قدرات الجسم للتعامل مع المعادن (الحديد والنحاس) ومن أهم الأمثلة عليها: مرض ترسب الأصبغة الدموية – مرض ويلسون.
  • السمنة المفرطة وما ينتج عنها من حالات صحية خطيرة تهدد الحياة ومن ضمنها اضطرابات الكبد بحيث تتراكم الدهون عليه ويصبح غير قادر على القيام بوظائفه.
  • سوء استخدام الأدوية وتناولها بدون وصفة طبية وبشكل مفرط ومن أهم تلك الأدوية التي تؤدي إلى تلف خلايا الكلد هي: المضادات الحيوية – مضادات الاكتئاب – الاسيتامينوفين…

قد يهمك: أسباب وأضرار السمنة .. دليلك المبسط عن السمنة


أعراض تشمع الكبد

أعراض تشمع الكبد

غالبًا لا يشعر المريض في المراحل الأولى من تليف الكبد بأي أعراض، وفي كثير من الأحيان يتم اكتشاف التليف خلال إجراء فحوص وتحاليل لاختبار أمراض أخرى ليس لها علاقة بالكبد، وبشكل عام يمكن تمييز الأعراض التالية:

الأعراض الأولية – أعراض تشمع الكبد المبكرة

وهي الأعراض التي يمكن أن تظهر في بداية تلف الكبد ولكنه يكون قادر على أداء مهامه.

  • الشعور المستمر بالتعب والإرهاق والإعياء وصعوبة القيام بالمهام العادية وذلك بدون سبب واضح أو مبرر.
  • فقدان الشهية وعدم الرغبة بتناول الطعام.
  • فقدان الوزن غير المخطط له.
  • ضعف عضلي بشكل عام.
  • الشعور بالغثيان والقيء.
  • ألم في البطن (منطقة الكبد).
  • ظهور أورام العنكبوت، وهي عبارة عن ظهور الشعيرات الدموية على الجلد في منطقة البطن وبشكل خاص عند الخصر.
  • اضطرابات ومشاكل في النوم.

الأعراض المتقدمة – أعراض تشمع الكبد

وهي الأعراض التي تظهر في مرحلة متقدمة من تليف الكبد ومعها غالبًا يكون الكبد غير قادر على أداء وظائف بالكفاءة المطلوبة أو أنه يكافح لأجل ذلك.

  • الشعور الشديد بالحكة في أماكن مختلفة من الجلد.
  • اليرقان: أي اصفرار كل من الجلد وبياض العين.
  • تحول الأظافر إلى اللون الأبيض.
  • زيادة حجم أطراف الأصابع.
  • الاستسقاء (تراكم السوائل في البطن) ما يؤدي إلى تورم وانتفاخ تحت الجلد.
  • لون البول الداكن.
  • تحول لون البراز إلى لون شاحب أو قطراني داكن (أي شديد السواد).
  • رعاف متكرر ونزيف اللثة بشكل شبه دائم.
  • صعوبة وقف النزيف عند التعرض لجرح أو خدش صغير.
  • تقيؤ الدم.
  • تشنج عضلي متكرر.
  • آلام الكتف الأيمن.
  • التثدي عند الرجال.
  • عدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء.
  • العجز الجنسي.
  • الدوار والتعب الشديد.
  • فقر الدم.
  • زيادة معدل ضربات القلب (تسرع ضربات القلب).
  • الحمى والتي يمكن أن تترافق مع الرعشة.
  • النسيان المتكرر وفقدان الذاكرة.
  • الشعور شبه المستمر بالنعاس.
  • تغيرات في الشخصية والمزاج.
  • ارتعاش الأيدي.
  • المعاناة من صعوبة في الكتابة.
  • صعوبة في المشي.
  • فقدان التوازن.
  • ارتفاع مستوى حساسية الجسم اتجاه الأدوية.
  • ارتفاع مستوى حساسية الجسم اتجاه أطعمة ومشروبات مختلفة.

أعراض تشمع الكبد الأكثر خطورة

في حال ظهرت الأعراض التالية فمن الضروري الحصول على الرعاية الطبية وزيادة الطبيب على الفور وبشكل أكثر ضرورة في حال قد تم بالفعل تشخيص حالة تليف الكبد عند المريض.

  • الحمى مع الرعشة.
  • ضيق التنفس.
  • تقيؤ الدم.
  • براز أسود داكن.
  • الارتباك العقلي.

تشخيص تشمع الكبد

تشخيص

إن التشخيص لا يكون سهل دائمًا، وعادةً ما يحتاج الطبيب لإجراء فحوص طبية دقيقة ووضع مخطط منظم للمزيد من الاختبارات والتحاليل، وأهمها:

1 – تحليل الدم

ويقوم عادةً الطبيب بطلب تحاليل الدم للتحقق واكتشاف فإما إذا كان هناك أي علامات تشير إلى وجودة خلل في عمل الكبد، مثل: ارتفاع البيليروبين، أيضًا هناك مجموعة من الأنزيمات التي تشير إلى التلف، إلى جانب التأكد من وظائف الكلى.

2 – اختبار التصوير

قد يوصي الطبيب بالتصوير بالرنين المغناطيسي للتحقق من وجود تصلب وتليف الكبد وأيضًا يمكن أن يطلب المزيد من اختبارات التصوير مثل: الصور المقطعية والتصوير بالموجات فوق الصوتية.

3 – الخزعة الكبدية

الخزعة الكبدية ويتم فيها آخذ عينة من الكبد حتى يتم فحصها تحت المجهر، وذلك عن طريق تمرير إبرة دقيقة مجوفة عبر الجلد إلى الكبد ويتم استخلاص عينة صغيرة الحجم، وعادةً ما يتم آخذ الخزعة تحت التخدير الموضعي.

4 – التنظير الداخلي

التنظير الداخلي يتم بعد التخدير وعن طريق إدخال أنبوب مرن مع كاميرا صغيرة في نهايته ويتم ذلك للتحقق من وجود دوالي المريء أو المعدة أو وجود أي تمزق.


علاج تشمع الكبد

علاج

يعتمد العلاج على السبب والمرحلة التي تم الكشف خلالها على حالة تشمع الكبد فيمكن للشخص التعايش مع المرض والحد من تطوره وعلاجه، وأما عن العلاجات فهي:

1 – الحد من تطور المرض

من أهم الإجراءات التي يمكن لها أن تحد من تطور وتقدم تشمع الكبد هي تغيير نمط الحياة، وأهمها هو التوقف تمامًا عن شرب الكحول والتدخين وغيرها من العادات غير الصحية إلى جانب اعتماد نظام غذائي صحية متكامل، رفع قدرة الجهاز المناعي.

قد يهمك: إذا كنت مدخن أو تود البدء به إليك فوائد التدخين المذهلة

2 – علاج تشمع الكبد

حتى وقت قريب كان الاعتقاد السائد أنه لا علاج لتشمع الكبد ولكن الأبحاث أبينت أنه من الممكن علاج الندوب على الكبد وحتى التشمع، إلى جانب علاج آثار تليف الكبد والتعامل معها، وذلك عن طريق أدوية يتم وصفها من قبل الطبيب.

3 – زراعة الكبد

في حال كان الكبد يعاني من الكثير من التلف فعندها يكون من الضروري زرعة الكبد وذلك يتم من خلال إزالة الكبد المصاب واستبداله بكبد سليم من متبرع في عملية جراحية طويلة.


اعتن بنفسك وولي لهذا الأمر قدر كبير من الاهتمام، فمعظم أعضاء الجسم يمكن استبدالها بأجهزة تقوم بعملها إلا الكبد لا يوجد أي جهاز يمكن أن يقوم بالوظائف التي يقدمها للجسم.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله