العوامل النفسية قد تكون أحد مسببات آلام الجسم المزمنة

آلام الجسم المزمنة هي تلك الآلام التي تدوم لفترات طويلة تتجاوز العشرة أسابيع دون أسباب واضحة أو أمراض معروفة في الجسم، ورغم ذلك يبقى الشخص يشعر بآلام عامة في المفاصل والعظام والعضلات. ومن المحتمل أن يكون هناك أسباب لهذه الألآم مثل الروماتيزم أو حوادث معينة كان قد تعرض لها الشخص أو نتيجة مرض معين يعاني منه، وفي حالات أخرى قد لا يكون هناك أي أسباب واضحة يمكن إرجاع مثل هذه الآلام إليها.

هناك اضطرابات أخرى من المحتمل أن تصاحب هذه الآلام مثل اضطرابات في النوم وتعب وإعياء عام وفقدان للشهية وتغييرات مزاجية، إضافة إلى إمكانية هذه الآلام على الحد من قدرة الشخص على الحركة أو ممارسة أعماله ونشاطاته وحياته الطبيعية كما كان.

العوامل النفسية قد تكون أحد مسببات آلام الجسم المزمنة

الشيء الصعب فيما يخص آلام الجسم المزمنة هو صعوبة تشخيصها وتحديد وتوصيف حالة الشخص من قبل الطبيب، وإنما يعتمد التشخيص على خبرة المريض وشعوره وقدرته على توصيف الحالة التي يعاني منها للطبيب، ومقدار الألم الذي يشعر به وأماكنه، وماهي الأوقات التي يزيد فيها هذا الألم والأوقات التي يتقلص فيها. وهذا ما يدعي بالتاريخ الصحي للمريض ويلعب الدور الأساسي في قدرة الطبيب على تشخيص حالة المريض وأسباب الألآم المزمنة التي يشعر بها.

أسباب آلام الجسم المزمنة

كما أسلفنا فأن أسباب مثل هذه الآلام قد لا تكون معروفة دومًا، إضافة إلى الكثير من العوامل الأخرى التي من الممكن أن تقف خلف هذه الآلام أو تتداخل مع بعضها مؤدية إليها، ونستعرض هنا بعض الأمراض التي تسبب آلام مزمنة في الجسم.

متلازمة التعب المزمن

كما يوحي اسمها فأن هذه المتلازمة تكون على شكل إحساس تعب وإعياء ينتاب الشخص مترافق مع خمول وكسل واضطرابات في النوم وآلام في مناطق مختلفة من الجسم تزداد وتتقلص على فترات مختلفة خلال اليوم. ولا يوجد حتى الآن أسباب واضحة لإصابة الشخص بمتلازمة التعب المزمن وقد يبقى الشخص يعاني منها إلى سنة حتى سنتين وقد تزداد الفترة أكثر من ذلك. يلجأ بعض الأطباء إلى محاولة الحد من تأثير المتلازمة على الشخص عبر إعطاءه بعض المحفزات والمنشطات ونصحه بممارسة الرياضة بشكل يومي.

متلازمة الألم العضلي الليفي

أو تدعى “الفيبروميالغيا” أيضًا تسبب آلام مزمنة في الجسم وفي مواضع مختلفة، لا يوجد طريقة مباشرة لمعالجة هذه الحالة ولكن يسعى الأطباء عادةً إلى تشجيع المريض على التكيف مع الحالة ويحاولون التخفيف من آثارها قدر الإمكان عبر بعض المنشطات والتمارين الرياضية.

اضطرابات الغدد

الاضطرابات الصحية التي تحصل للغدد كثيرًا ما تسبب تعب وضعف عام وآلام في الجسم نتيجة اضطراب إفراز الهرمونات المسؤولة عن هذه الغدد وخاصة اضطراب الغدد الصماء والدرقية.

الأمراض العضلية

من يعانون من هذه الأمراض تظهر عليهم أعراض التعب والإرهاق وآلام في العضلات حتى دون بذل أي جهد، ودائمًا ما يشتكون من الوهن والضعف العام وعدم الراحة وسوء الحالة المزاجية، أما الآلام فغالبًا ما تكون في الأطراف والعضلات والمفاصل.

اعتلال الأعصاب الطرفية

وهو خلل يحدث للأعصاب المسؤولة عن أطراف الجسم، القدمين والذراعين بشكل خاص، التي تنقل الأوامر من مراكز العصب في الدماغ إلى الأطراف تلك لتتحرك، وبالتالي أي خلل أو اضطراب في هذه الأعصاب قد يؤدي إلى اعتلال يظهر على شكل آلام في مناطق مختلفة من الجسم مترافق مع صعوبة في استخدام تلك الأطراف وشعور بالخدر فيها.

العوامل النفسية

في حالات أخرى قد يعاني الشخص من آلام الجسم المزمنة دون وجود أي من الأمراض السابقة، وفي هذه الحالة من الممكن أن يكون للعوامل النفسية دور في ذلك، فالضغوط التي يتعرض لها الشخص وحالات القلق والتوتر التي تنتابه بين الحين والآخر لأسباب مختلفة من الممكن أن تسبب شعور بآلام واضطرابات عضوية في الجسم. إضافة إلى دور المشاعر السلبية ومشاعر الحزن التي من الممكن أن تأجج أي حالة صحية قد يعاني منها الشخص في الأساس حتى ولو كانت بسيطة مما يظهر ذلك على شكل آلام مزمنة في الجسم.

العوامل النفسية قد تكون أحد مسببات آلام الجسم المزمنة

ومن الجدير بالذكر إن المشاعر السلبية كما أنها من الممكن أن تكون من أسباب آلام الجسم، أيضًا من الممكن أن تكون من نتائج الآلام؛ حيث أن الأشخاص الذين يشعرون بآلام في أجسامهم على مدى فترات طويلة من الطبيعي أن تنتابهم مشاعر سلبية.

الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم العمل لساعات طويلة، أو الذين يعملون بظروف غير صحية كالذين يضطرون للجلوس لساعات طويلة خلف مكاتبهم، والذين يعملون في وظائف لا يحبونها يكونون أكثر عرضة لظهور مثل هذه الآلام عليهم.

كيف يمكن معالجة هذه الآلام؟

من الجدير بالذكر إن محاولة علاج هذه الآلام ليس بتلك السهولة وفي الغالب لا تتوفر طريقة يمكن من خلالها معالجة هذه الآلام بشكل مباشر، وإنما يلجأ الأطباء لمحاولة تكييف المريض مع هذه الآلام والحد من تأثيرها على حياته ونشاطاته المعتادة قدر الإمكان. لذلك يلجأ الأطباء عادةً إلى مسكنات الألم والمنشطات في محاولة العلاج، الكثير من هذه المنشطات والمسكنات يمكن تناولها دون وصفة طبية ولكن ننصح دائمًا بتجنب تعاطي أي أدوية دون استشارة الطبيب لتجنب أي مشاكل صحية محتملة.

مضادات الاكتئاب أيضًا كثيرًا ما تستخدم في هذه الحالات كونها تساعد في التخفيف من الآلام الحاصلة وتمنح شعور بالراحة والاسترخاء وتحسن الحالة المزاجية للمريض. تناول هذه العقاقير يعتبر أمن من الناحية الصحية عندما يتم تناول الجرعة وفق تعليمات الطبيب دون تفريط.

الأدوية الأفيونية تستخدم للحد من تأثيرات آلام الجسم المزمنة، ولكن الكثير من الأطباء يتجنبون وصف هذه الأدوية لمرضاهم خوفًا من إمكانية إدمان المريض على تعاطيها، وخاصة المرضى الذين لديهم تاريخ إدماني على عقاقير ما، حيث تكون لديهم قابلية الإدمان أكثر من غيرهم. ولكن من المعروف إن هذه الأدوية تكون فوائدها على المرضى أكثر من مخاطر إدمانها.

العلاج بالطب البديل

هناك قائمة من العلاجات البديلة غير العقاقير الطبية يمكن أن تساعد في علاج آلام الجسم المزمنة، وكثير من الأطباء يثق بهذا النوع من العلاج على الرغم من عدم قدرة العلم على تحديد كيف تعمل هذه الأنواع من العلاجات.

ويشمل العلاج بالطب البديل الوخز بالأبر والذي له دور كبير في التخفيف من الآلام بحسب الكثير من التجارب، إضافة إلى المساج واليوغا وتمارين تقويم العمود الفقري يدويًا والرياضة، وكثيرًا ما ينصح الأطباء مرضاهم بالاشتراك ببرامج تمارين رياضية جماعية حيث يساعدهم على ذلك على مزيد من النشاط والحيوية.

المعالجة الفيزيائية أيضًا يمكن اعتبارها كأحد أشكال الطب البديل، وخاصة إنها تعلم الأشخاص كيفية تجنب الحركات غير الصحيحة فيما يخص المفاصل والعظام والتي تسبب لهم المزيد من الألم. في بعض الأحيان يتم منع الأعصاب من إثارة مسببات آلام الجسم المزمنة عبر صعقات كهربائية خفيفة تتم عبر الجلد بأجهزة مخصصة لهذه الغاية.

أما العلاج النفسي فهو له دور مهم في معالجة آلام الجسم المزمنة وخاصة لأولئك الذين يكشف الفحص الطبي عليهم إنه ليس لديهم أي اضطرابات أو مشاكل صحية، والذين يكون عليهم الكثير من الضغط النفسي سواء بسبب أعمالهم أو لأي أسباب أخرى.

العوامل النفسية قد تكون أحد مسببات آلام الجسم المزمنة

أما فيما يخص اختيار طريقة العلاج المناسبة، لا يوجد طريقة أو منهج محدد يمكن من خلاله للمريض معرفة أي نوع من العلاج مناسب له، وهذا يمكن أن يحصل بعد إجراء الفحوصات اللازمة والتأكد من خلو الشخص من أي أمراض أو مشاكل صحية قد تكون مسؤولة عن ظهور آلام الجسم المزمنة وكذلك بعد الحديث مع المريض وفهم الحالة التي يعاني منها بالشكل الصحيح ومعرفة التاريخ الطبي وعلى أساس ذلك يتم نصح المريض لنوع العلاج المناسب.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله