نفق المانش – القناة التي تصل بريطانيا بالقارة الأوربية

من المعروف أن المملكة المتحدة هي الجزيرة والدولة التي ليست لديها حدود برية مع بقية القارة الاوربية حيث يفصل بحر المانش بينها وبين أقرب دولة وهي فرنسا.

وعلى مر العصور، كان الاتصال القاري مع القارة الأوربية الشغل الشاغل للسلطات البريطانية وحلم البريطانيين جميعًا حتى تم الانتهاء من بناء نفق المانش أو قناة المانش في غام 1994، والتي تمتد أسفل بحر المانش،

يربط نفق المانش بين جنوب المملكة المتحدة وشمال فرنسا ويتم عبره نقل البضائع وملايين الركاب يوميًا ذهابا وإيابا بالقاطرات. تعتبر قناة الماش أو القناة الأوربية Eurotunnel واحدة من أضخم المشاريع الهندسية في القرن العشرين حتى أن الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين صنفت نفق المانش على أنه أحد عجائب الدنيا في العصر الحديث.

نفق المانش

تاريخ نفق المانش

بدأت أعمال الحفر في نفق المانش عام 1987 واستمرت لمدة سبع سنوات، وتم الانتهاء من الأعمال في عام 1994 حيث أصبحت القناة جاهزة لعبور البضائع والركاب. والأن هذه القناة تصل فرنسا بالمملكة المتحدة ويمر فيه 600 قطار يوميًا من كل جانب.

نفق المانش بالأرقام

يبلغ طول نفق المانش حوالي 50 كيلو مترًا منها 39 كيلو مترًا تحت المياه البحرية وحوالي 11 كيلومترًا تحت اليابسة من الطرفين وهي تتألف من نفقين للنقل والعبور بعرض 7.6 متر ويضاف اليها نفق أخر مركزي لأغراض الصيانة والتهوية عرضه 4.8 متر.

في قناة المانش عدة ممرات متقاطعة تستخدمها القطارات لتبديل مساراتها إلى مسارات أخرى في حال الضرورة، ويكون متوسط عمق القناة 50 مترًا وأقرب موقع فيها يقع على عمق 75 متر تحت سطح البحر.

التجارب التي أجريت قبل حفر القناة

قبل البدء بحفر القناة جرت استعدادات ودراسات وتجارب جيولوجية وطوبوغرافية للموقع لتعين الطبقة المناسبة للحفر وتحديد التركيبة الحجرية للمنطقة، وقد بينت هذه الدراسات وجود كميات ضخمة من الحصى والرمال في الصفيحة العلوية، الأمر الذي يعني بأن المياه تستطيع اختراقها بسهولة، وكشفت الدراسات أيضًا بأنه تحت الصفيحة العلوية توجد طبقة من الكلس المترسب والتي تبين أنها الطبقة المثالية المطلوبة للحفر.

الآلات المستخدمة في الحفر

استخدمت في عملية الحفر 11 آلة مخصصة لحفر الانفاق من نوع Tunnel Boring Machine (TBM)  طول الواحدة من هذه الآلات يساوي طول ملعبي كرة القدم، ولها مسننات معدنية درجة القساوة فيها قوية جدًا مصنوعة بالأساس بواسطة تفاعل عنصر التنغستن مع عنصر الكربون في درجة حرارة عالية جدًا وبواسطة الأحزمة والسيور الناقلة تم حفر واستخراج كميات ضخمة من الصخور المفتتة تزيد عن ثمانية ملايين متر مكعب وقامت السلطات البريطانية برصف هذا المسحوق واستخدمت في توسيع مساحة أراضي الساحل البريطاني على حساب البحر بحوالي 300000 متر مربع تقريبًا.

تكلفة مشروع حفر القناة

بلغت الكلفة الإجمالية لمشروع حفر نفق المانش تسعة مليارات يورو، بما فيها قيمة حفر الأنفاق وقطارات النقل، وقد تم دفع التكلفة من أموال المساهمين من مؤسسة القناة الأوربية التي تقدر 3.5 مليار يورو، وقروض أخرى مصرفية تمت تقديمها من 206 بنك من بنوك العالم بما فيه بعض البنوك البريطانية.

إن الرقم تسعة مليارات يورو يعتبر ضعف الرأسمال الأولي المخصص عندما بدأ المشروع وذلك يعود إلى الكثير من المشاكل التقنية التي لم تكن في الحسبان من قبل المهندسين، وأيضًا بسبب التأخيرات المتعددة في الاعمال وشروط السلامة المهنية التي وضعتها كل من بريطانيا وفرنسا، وهذا الأمر هو الذي أدى إلى تراكم مديونة كبيرة ألقت بثقلها على الأحوال المالية للمؤسسة المالكة Eurotunnel على مدار سنوات متعددة بعد تدشين المشروع ودخوله في الاستثمار، وكما يقول المثل “حسابات الحقل والبيدر لا تتطابقان” فإن حسابات الجدوى الاقتصادية لمشروع القناة الأوربية لم تكن دقيقة بما فيه الكفاية حيث كان من المتوقع أن تساهم قناة المانش أخذ حصة مالية كبيرة من سوق النقل لتنافس شركات البواخر التي تعبر القناة والتي كانت تشكل وسيلة النقل الوحيدة بين فرنسا وبريطانيا. هذه التوقعات لم تكن نماما في محلها لأنها لم تحتسب إمكانية خفض الأسعار وتحسن الخدمة المقدمة من قبل البواخر لكي تحفظ بحصتها في سوق النقل والسفر، كما أنه لم يتم احتساب أن تلجأ شركات الطيران بدورها في تسيير رحلات جوية قصيرة ذات كلفة منخفضة بين الدولتين.

تدشين القناة وبدأ العمل

بعد التدشين تم تجهيز القناة بـ 38 قطار، كلمن هذه القطارات يتألف من قاطرتين إحداها يشكل المقدمة والأخر يشكل المؤخرة دون الحاجة إلى تغير القاطرات عند نهاية كل رحلة استغلالا للوقت، وذلك بهدف نقل رقم قياسي يبلغ 15.9 مليون راكب في عام 1995، لكن لم تستطع الشركة في العام المذكور تحقيق هدفها أو حتى الاقتراب منه، فقد تم نقل نقل 2.9 راكب فقط،

سجل عام 2000 زيادة كبيرة في عدد الركاب حيث بلغ عددهم 7.1 مليون راكب، وبعد ذلك انخفض عدد الركاب إلى 6.3 راكب في عام 2000. لكن عندما قامت بريطانيا بإكمال الخطوط ذات السرعة الفائقة، زاد عدد السافرين إلى 9 مليون مسافر سنة 2008 وذلك بعد مرور أكثر من عشر سنوات على افتتاح القناة.

المصاعب التي واجهت الشركة المالكة للقناة

أدى عدم تمكن الشركة من تحقيق هدفها في أن يصل عدد المسافرين على خطوط الشركة إلى 15.9 مليون راكب في عام 1995 إلى انخفاض سعر سهمها كثيرًا حيث كانت قيمة السهم الواحد تبلغ 3.5 جنيه استرليني في 9 ديسمبر1987، وهو تاريخ إصدار الأسهم، وبحلول منتصف عام 1989 وصل سعر السهم الواحد إلى 11 جنيه إسترليني ومع المشاكل التقنية التي ظهرت والتأخير في خطط العمل، قامت الشركة بتأجيل دفع الديون المترتبة عليها كي لا تتعرض الإفلاس.

في عام 2008، نشب حريق في النفق وتعطل السير جزئيًا لمدة تزيد عن ستة أشهر، إلا ان الشركة استطاعت أن تتغلب على الصعوبات التي واجهتها بعد ذلك.

في عام ،2013 بلغت إيرادات الشركة قيمة كبيرة وصلت إلى مليار جنيه إسترليني، وذلك بفضل نقل أكثر من 10 ملايين مسافر، واستطاعت أيضًا أن تحافظ على معدلات الأرباح الكبيرة في السنوات التالية، وبعد الاستفتاء الذي اختار فيه شعب بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوربي، أكد رئيس مجلس ادارة الشركة المالكة للقناة أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي لن يأثر سلبًا على أرباح القناة أو مستقبلها.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله