دعاء للمريض بالشفاء وحكم وآداب زيارة المريض

جاء الإسلام حاملاً معه أخلاقًا كريمة، وصفاتٍ نبيلة، وأفعالًا وسلوكيات عظيمة ترفع قدر المسلم عند ربه، ويزكي بها نفسه، وتزرع التراحم والمودة والمحبة بين المسلمين، فكيف إذا كان المسلم بأضعف حالته يحتاج من يؤنس ضعفه ويصبّره ويقوي عزيمته وثقته بالله تعالى؟

ومن هنا جعل الله تعالى في زيارة المريض والوقوف إلى جانبه في ضعفه وتخفيف ألمه وإزالة وحشته، حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم، وعملٌ يتقرب به المسلم إلى الله تعالى.

أفضل دعاء للمريض وفوائد زيارة المريض

زيارة المريض

أو عيادة المريض، والمقصود بها زيارة المريض الذي يمنعه مرضه من الخروج من منزله ورؤية الناس، أما إذا استطاع الخروج من المنزل والاختلاط بالناس فلا يدخل بحكم المريض الواجب زيارته.

حكم زيارة المريض

اختلف العلماء في حكم زيارة المريض، فبعضهم قال، أن عيادة المريض سنة مؤكدة، وآخرون (مثل ابن تيمية) ذهبوا إلى أن عيادة المريض فرض كفاية، ودللوا على ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أن هناك خمس واجبات وفي روايات أخرى حقوق على المسلم لأخيه المسلم، وذكر من هذه الحقوق عيادة المريض.

فوائد زيارة المريض

جاء في فضل زيارة المريض أحاديث كثيرة، ومنها للترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداهُ منادٍ: أن طِبتَ وطاب ممشاك وتبوأتَ من الجنةِ منزلًا”. وقوله صلى الله عليه وسلم: “إنّ المسلمَ إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع”. خرفة الجنة: أي جناها. وروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا).

وفي زيارة المسلم لأخيه المريض تماسك المجتمع وتعاضده وتكاتفه، وتقوية أواصر المحبة والمودة والأخوّة بين أبنائه، ونشر الرحمة بينهم، وزوال الحقد والضغينة من قلوبهم، حيث يقف كل منهم بجانب الآخر في السراء والضراء، فيكونوا كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. كما أن المسلم عند زيارته للمريض يتذكر نعمة الله عليه بالصحة والعافية التي مَنَّ الله عليه بها فيحمد الله تعالى ويشكره على ما هو به.

 وفي زيارة المريض أيضاً اقتداءٌ بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأداء حقٍ من حقوق أخيه المسلم عليه، فيخفف عنه مرضه ويؤنس قلبه ويطيّب خاطره ويدعو له بالشفاء.

وقت زيارة المريض

لم تُشر الأحاديث إلى وقت محدد لزيارة المريض، أو تخصصه بفترة معينة، إلا أنه ورد عن السلف قيامهم بزيارة المريض أول النهار أو أول المساء حتى تصلي عليهم الملائكة وقتًا أطول، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ”. وهذا يعود إلى لباقة الزائر وأدبه في اختيار الوقت المناسب للمريض وأهل بيته، وأن يراعي أن للمريض حاجاتٌ خاصة به، فلا تكون زيارته سبب في إحراج المريض وأهله.

آداب زيارة المريض

  • ملاطفة المريض وسؤاله عن حاله، ومحاولة تهوين المرض عليه، وبث الأمل والتفاؤل في نفسه، وذلك بالحديث عن أناس أصابهم مثل ما أصاب المريض فشافاهم الله، لعلَّ ذلك يقوي عزيمة المريض ويصبره على مرضه.
  • عدم إطالة الزيارة والحديث، وعدم الحديث فيما يحزن المريض أو يزيد وجعه. فقد ذُكِرَ أن رجلًا زار عمرًا بن عبد العزيز يعوده، فسأل الرجل عمرًا عن علته، ولما أخبره عمر، أحزنه الرجل بكلماته الموجعة أن فلانًا مات من هذه العلة، وبأنه لم يشفَ منها أحدٌ، فما كان من عمر بن عبد العزيز إلا أن طلب من الرجل ألا ينعى الموتى عند زيارة المريض، وألا يعود مجددًا إليه عندما يخرج.

وقد يكون الزائر من الأشخاص الذين يأنس المريض بزيارتهم، فلا مانع عندها من تكرارهم الزيارة فقد يكون ذلك سببًا في تسريع شفاء المريض وإدخال السعادة إلى قلبه.

  • تذكير المريض بالله تعالى، وحُسن الظنّ به، وأن الأمر كله بيده تعالى وهو الشافي المعافي، والحديث عما يترتب على المرض من أجر كبير وغفران للذنوب، وأنه ابتلاء من الله تعالى لعباده المؤمنين كي يحتسبوا ويصبروا، وذكر ثواب الصبر وجزاء الصابرين عند الله تعالى، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغيرِ حساب) وقال تعالى: (وبشِّر الصابرين).
  • الدعاء مستجاب عند المريض، فعلى الزائر الإكثار من الدعاء للمريض بالشفاء، كما من الممكن أن يدعو هو لنفسه أيضًا، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا حضرتم المريض فقولوا خيرًا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون”.

وقوله عليه الصلاة والسلام: “مَن عاد مريضاً لم يحضره أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض”.

كما يُسنّ للزائر أن يضع يده على مكان الألم عند المريض ويقول: “لا بأس طهور إن شاء الله”.

الدعاء للمريض

وردت في السنة المطهرة مجموعة من الأحاديث التي يستحب الدعاء بها للمريض، ومنها:

  • ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم عادَ سعد بن أبي وقاص وقال: “اللهم اشفِ سعداً، ثلاثاً”.
  • وما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح بيده اليمنى على المريض ويقول: “أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا”.
  • وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جاء الرجل يعود مريضًا فليقل: اللهم اشفِ عبدك ينكأ لك عدوًا، أو يمشي لك إلى جنازة”.
  • كما روى مسلم من حديث أبي سعيد أن جبريل عاد النبي صلى الله عليه وسلم وقال: “بسم الله أرقيك، من كل شيءٍ يؤذيك، من شر كل نفسٍ أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك”.
  • وقد ذكر عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبه وجع فقال له النبي “اجعل يدك اليمنى عليه وقل: بسم الله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات” وعندما قال ذلك شفاه الله.

 وفي حديث قدسي يقول الله تعالى يوم القيامة: (يا بن آدم مرضت فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟)

فما أنبله وأعظمه من عملٍ، نرضي به ربنا، ونقتدي بفعله بسنة نبينا، ونُسعِد به قلب مسلمٍ، ونبني به مجتمعًا فاضلًا يقوم على أسسٍ من التراحم والعطف والإنسانية.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله